الإمامة في القرآن والسنة_الحلقة الرابعة_

  كما في الحلقات السابقة التي تناولت الإمامة في القرآن والسنة، نكمل تسلسل البحث في تسلسل الآيات القرآنية الكريمة التي دلت على الامامة بنصوص اهل العامة.

الآية الاولى :قوله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا}(1).

 روى ابن عبد البر من العامة ان النبي لما اسري به جمع الله بينه وبين الاشياء ثم قال لهم سلهم يا محمد على مذا بعثتم، قالوا :بعثنا على شهادة ان لا الاه الا الله وعلى الاقرار بنبوتك والولاية لعلي بن ابي طالب(عليه السلام).وفي تفسير النيسابوري(2) عن الثعلبي عن ابن مسعود ان النبي(صلى الله عليه وآله)قال ((اتاني ملك فقال :يا محمد سل من ارسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا قالوا : على ولايتك وولاية علي بن ابي طالب )).

الآية الثانية:قوله تعالى:{ وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}(3).

 وروى الجمهور(4) ومنهم الناصبي(5) الفضل بن روزبهان انها نزلت في علي وانه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)لعلي(عليه السلام) ((سألت الله ان يجعلها اذنك)).قال علي (عليه السلام): فما نسيت بعد هذا شيئاً.وهذا يدل على اختصاصه بهذه الفضيلة التي لم يشاركه فيها غيره فيكون هو الامام.

الآية الثالثة:سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}، روى جمهور المخالفين(6) ان الحسن والحسين(عليهم السلام)مرضا فعادهما رسول الله(صلى الله عليه وآله)وعامة العرب ، فنذر علي (عليه السلام)صوم ثلاثة ايام وكذا امهما فاطمة الزهراء (عليها السلام)وخادمتهما فضة لئن برئا ،فبرئا وليس عند آل محمد قليل ولا كثير ،فاستقرض امير المؤمنين(عليه السلام)ثلاثة اصوع من شعيروطحنت فاطمة منها صاعا فخبزته خمسة اقراص لكل واحد قرص ،وصلى علي(عليه السلام)المغرب فلما اتى المنزل فوضع الطعام بين يديه للافطاراتاهم مسكين وسالهم فاعطاه كل منهم قوته ومكثو يومهم وليلتهم لم لم يذوقوا شيئا، ثم صامو اليوم الثاني فخبزت فاطمة(عليها السلام)صاعا فلما قدم بين ايديهم اتاهم يتيم وسالهم القوت فاعطاه كل واحد منهم قوته، فلما كان اليوم الثالث من صومهم وقدم الطعام للافطار اتاهم اسير وسالهم القوت فاعطاه كل واحد منهم قوته ولم يذوقوا في الايام الثلاثة سوى الماء ، فرآهم النبي(صلى الله عليه وآله)في اليوم الرابع وهم يرتعشون من الجوع وفاطمة(عليها السلام قد التصقت بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فقال: واغوثاه يا الله اهل بيت محمد يموتون جوعا، فهبط جبرائيل(عليه السلام) فقال: خذ ما هنأك الله به في اهل بيتك،  فقال:وما آخذ يا جبرائيل ،فأقراه هل اتى ،وهذه فضيلة لم يشاركهم فيها احد قد انزل الله فيها قرآنا يتلى ليلا ونهارا فكيف يكون غيرهم اولى بالامامة منهم.

الآية الرابعة:قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}(7).

 روى الجمهور(8) ومنهم الفضل بن روزبهان(9) عن ابي هريرة قال:مكتوب على العرش لا الاه الا الله وحده لا شريك له محمد عبدي ورسولي ايدته بعلي بن ابي طالب(عليه السلام).

وهذه الفضيلة المكتوبة على العرش الاعظم من ازل الآزال يحيل العقل والنقل ان يكون صاحبها متبعا ورعية لمن صرف اكثر عمره في عبادة الاصنام.

الآية الخامسة:قوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(10).

وروى الجمهور انها نزلت في علي(عليه السلام).

الآية السادسة:قوله تعالى:{ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}(11).

روى الثعلبي انها نزلت في علي(عليه السلام)(12)وتقريب الاستدلال فيهما ما تقدم.

الآية السابعة: قوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}(13).

 روى جملة من المخالفين(14) ومنهم صاحب الصواعق(15) وصاحب كشف الغمة(16) عن الحافظ بن مودويه عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):هم انت يا علي وشيعتك تأتي انت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين وياتي اعداؤك غضبانا مقمحين.

الآية الثامنة:قوله تعالى:{ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}(17).

 فقد روى العامة(18) ان المراد بصالح المؤمنين امير المؤمنين(عليه السلام)،وان الخطاب لعائشة وحفصة وتقريب الاستدلال ما تقدم.وممن روى ذلك صاحب كشف الغمة(19) وابو يوسف النسوي والسدي والثعلبي في تفسيرهما وغيرهم. ولو رمنا الاتيان بجميع الآيات الواردة في علي(عليه السلام)واهل بيته مما يدل على اولويته بالخلافة وافضليته لخرجنا عن المقصود، وفيما ذكرنا كفاية، ومن اراد استقصاء ذلك فعليه بمطالعة كتب آية الله في العالمين(20) في الرد على المخالفين وغيره من علمائنا رضوان الله عليهم اجمعين في الامامة.

المصدر/حق اليقين في معرفة اصول الدين/للسيد عبد الله شبر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1):سورة الزخرف،الآية:45.

(2):انظر تفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري ج25،ص58.

(3):سورة الحاقة،الآية:12.

(4):انظر الدر المنثور ج6،ص260.وتفسيرالفخرج8،ص282.وتفسير الطبري ج29،ص31.وروح البيان ج6،ص427..والنيسابوري ج3 سورة الحاقة.وكنز العمال ج6،ص398،ونور الابصار ص69.

(5):انظر احقاق الحق للعلامة الآية السابع عشر.

(6):انظر روح البيان ج6،ص546.وتفسير الفخر ج8،ص392.والنيسابوري ج3 سورة الدهر .وينابيع المودة ج1،ص93وص94.

(7):سورة الانفال ،الآية :62.

(8):انظر الدر المنثور ج3،ص199.وينابيع المودةج1،ص94.

(9):انظر في احقاق الحق للعلامة آية عشرين.

(10):سورة الانفال ،الآية:64.

(11):سورة المائدة ،الآية54.

(12):انظر النيسابوري ج2،ص28. وتفسير الرازي ج3،ص612.

(13):سورة البينة ،الآية:7.

(14):انظر الدر المنثور ج6،ص379.والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي في فضائل علي(عليه السلام)ط ايران سنة 1303.

(15):انظر الصواعق ص96.

(16):ص 92 ط ايران سنة 1294.

(17):سورة التحريم، الآية :4.

(18):انظر الدر المنثور ج6،ص244. وينابيع المودة ج1،ص93.

(19):ص91.

(20):هو العلامة الحلي.

المرفقات