يستدل القائلون بمشروعية التوسل برسول الله (صلى الله عليه وآله) والاستشفاع به في كل زمان بأن ذلك وقع برضا من الله قبل ان يخلق النبي وفي حياته وبعد وفاته (صلى الله عليه وآله) ، وكذلك يقع يوم القيامة وفي ما يأتي الدليل على ذلك : 1 - التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن يخلق : روى جماعة منهم الحاكم في المستدرك من حديث عمر بن الخطاب أن آدم لما اقترف الخطيئة قال : "يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال الله وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت قوائم العرش مكتوب عليها " لا اله الا الله محمد رسول الله " فعرفت لم تضف إلى اسمك الا أحب الخلق اليك فقال الله تبارك وتعالى صدقت يا آدم انه لاحب الخلق الي إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) . .. [1] . وأخرج المحدثون والمفسرون في تفسير الآية { وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة/89]. إن اليهود من اهل المدينة وخيبر إذا قاتلوا من يليهم من مشركي العرب من الاوس والخزرج وغيرهما قبل أن يبعث النبي كانوا يستنصرون به عليهم ويستفتحون لما يجدون ذكره في التوراة فيدعون على الذين كفروا ويقولون : " اللهم انا نستنصرك بحق النبي الامي الا نصرتنا عليهم " أو يقولون " اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك . .[2] فينصرون فلما جاءهم كتاب من عند الله وهو القرآن مصدق لما معهم وهو التوراة والانجيل وجاءهم ما عرفوا وهو محمد (صلى الله عليه وآله) ولم يشكوا فيه كفروا به لانه لم يكن من بني اسرائيل .[3] 2 - التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) في حياته روى احمد بن حنبل والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن عثمان بن حنيف ان رجلا ضرير البصر أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال ادع الله ان يعافيني، قال : "ان شئت دعوت وان شئت صبرت فهو خير لك"، قال فادعه ، قال فأمره ان يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء : " اللهم اني أسألك واتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي ، اللهم شفعه في " [4] صححه البيهقي والترمذي . 3- التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته . روى الطبراني في معجمه الكبير من حديث عثمان بن حنيف. ان رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي ابن حنيف فشكا إليه ذلك، فقال عثمان بن حنيف ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين ثم قل : اللهم اني اسألك وأتوجه اليك بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) نبي الرحمة ، يا محمد اني اتوجه بك إلى ربي فتقضي حاجتي وتذكر حاجتك . فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاءه البواب فأخذ بيده ، فادخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة فقال : ما حاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له ما ذكرت حاجتك حتى كانت الساعة وقال ما كان لك من حاجة فاذكرها [5]. الاستشفاع بالعباس عم النبي (صلى الله عليه وآله) [جاء] في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم انا كنا نتوسل بنبينا فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا ، قال فيسقون[6]. كان الاستشفاع بالعباس لانه عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس لصفة أخرى فيه . مع وجود هذه الاحاديث من سنة الرسول (صلى الله عليه وآله) لا ينبغي أن يكون ثمة خلاف في مسألة صفات الانبياء وخاصة خاتم الرسل المذكورة وما فضلهم الله بها ، وخصهم على سائر الناس ، وفي ما يأتي سنذكر بعض ما نراه سببا للخلاف في صفات خاتم الرسل خاصة . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] مستدرك الحاكم كتاب التاريخ في اخر كتاب البعث، ج 2 / 615 . [2] يظهر من الروايات أنهم كانوا يدعون بأمثال هذه الادعية مما فيه التوسل بالنبي إلى الله جل اسمه . [3] تواترت الروايات بالمضمون الذي أوردناه في كل من : دلائل النبوة للبيهقي ص 343 - 345 وتفسير الاية 89 من سورة البقرة وتفسير محمد بن جرير الطبري ج 1 / 324 - 328 وتفسير النيسابوري بهامشه ج 1 / 333 . والحاكم بتفسير الاية 89 بسورة البقرة من كتاب التفسير بمستدركه ج 4 / 263 وتفسير السيوطي عن دلائل النبوة لابي نعيم وتفسير محمد بن عبد حميد وتفسير ابي محمد عبد الرحمن بن أبي خاتم بن ادريس الرازي وتفسير أبو بكر محمد بن ابراهيم المنذر النيسابوري. [4] مسند أحمد 4 / 138 . وسنن الترمذي ، كتاب الدعوات ج 13 / 80 - 81 وسنن ابن ماجة ، كتاب اقامة الصلاة والسنة فيها ، باب ما جاء في صلاة الحاجة الحديث 1385 ص 441 وابن الاثير بسنده بترجمة عثمان بن حنيف من اسد الغابة والبيهقي برواية صاحب تحقيق النصرة عنه . تحقيق النصرة / 114 . وأوردنا لفظ امام الحنابلة أحمد لان المنكرين للشفاعة من أتباع الشيخين ابن تيمية وابن عبد الوهاب من أتباع ابن حنبل . [5] تحقيق النصرة ص 114 - 115 . رواه عن الطبراني في معجمه الكبير . [6] صحيح البخاري ، كتاب الاستسقاء ، باب سؤال الناس الامام الاستسقاء إذا قحطوا . وكتاب فضائل أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، باب مناقب العباس. صحيح البخاري 1 / 124 و 2 / 200 .
اترك تعليق