القرآن الكريم هو كتاب الله تعالى انزله على عبده و رسوله النبي محمد(صلى الله عليه وآله) الى جميع خلقه من دون تمييز بين فئة و أخرى بل نزل رحمة على العالمين و إظهارا للحق فمن إتبعه و اهتدى به كان على خير و من تركه وضل عنه فإنما ضرره على نفسه { إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} الزمر(41).
و على ذلك كثيرا ما نرى ان الاسلوب الخطابي الذي اتصف به القرآن الكريم لم يخصص كلامه الى جهة معينة من الجهات او قوم دون قوم آخر ،أو عصراًَ دون عصر، كان كلامه عام للجميع من دون تمييز جهة عن جهة او عالم عن عالم او المتعلم و الغير متعلم او المسلم و الغير مسلم، بل رأيناه يخاطب جميع الاقوام و الطوائف و الديانات و جميع طبقات العقول ،حيث كل من قرأ القرآن الكريم نال شيئا من العلم بقدر استيعابه و طبقته العلميه لان القرآن الكريم فيه آيات ظاهرة المعنى ولهذه الآيات بطون من المعاني الأخرى التي يستوعبها كل من حاز على نصيبه العلمي.
والقرآن الكريم بالإضافة الى انه كلام الله تعالى هو كتاب العصور و اثر تاريخي لم يمسه التحريف أبدا، وهذه الميزة التي تعطي نسبة من الثقة لغير المعتقد بالقرآن الكريم على المبادرة لقراءته و النظر في آياته الشريفة مما يعطي للقارئ الاندفاع في البحث عن تفاسيره و التعمق في محتوياته او بطونه التفسيرية، و لذا القرآن الكريم هو لكل العصور و لكل الناس و لكن يكون مستوى معرفته و الاستفادة منه على حسب الشخص المتلقي من مستواه العلمي و سعة الاناء العلمي لديه ،كما ان الغيث ينزل من السماء و لكن لا تستطيع احتوائه كله بالاناء الذي بين يديك حيث إنك ستاخذ مقدار امتلاء إنائك فقط ،فالقرآن يعتمد على سعة الاناء العلمي لديك.
وللمتلقي لكلام القرآن الكريم فان القرآن الكريم يفتح لقارئه آفاق الفكر و يجعل له توسع في مداركه العقلية سواء كان القارئ من ملة الاسلام ام من غيرها و سواء كان على مستوى علمي عالي او غير عالي فكلٌ يفهمه على مستواه العلمي لما للقرآن القابلية على مخاطبة جميع الطبقات و العصور كما سلف.
ولذلك لا يجوز أن يدعي الكثير من الناس ان القرآن الكريم صعب الفهم و لا يستطيعون ان يتسايروا معه او الاستنباط منه الا في القراءة السطحية ؛أي من دون فهم اغلب معانيه و مطالبه مع تيقنهم ان القرآن الكريم فيه الهدى و الخير لهم ،هذا الإدعاء هو بصراحة من تسويلات الشيطان الرجيم الذي بكل الوسائل يحاول ابعادنا عن مجالسة القرآن الكريم ، فيجيبهم القرآن الكريم بالآية التالية{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } فصلت (44)، يمكن حل هذه القضية بطريقة او طريقتان و هما : الاولى المداومة على قراءة القرآن الكريم و مراجعة معانيه في التفاسير او ما يتوفر من المعاجم القرآنية ، و الثانية هي حفظ آيات القرآن الكريم و هو مساعد جدا في فهم القرآن الكريم.
الكاتب / قيس العامري
اترك تعليق