إن المواصفات التى اتصف بها نبي الرحمة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) لا مثيل لها في الخلق و ذلك لما أثبته لنا التاريخ و الروايات و كذلك لما نص عليه القرآن الكريم(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) و ما استفاض لنا من الروايات بأشكالها و قصصها المتنوعة التي تصب في الرحمة و السلام و الخلق الرفيع، و كان مع عظمته و مركزه العالي يتواضع لدرجة أنه لا يميزه الغريب عن أصحابه، فعن أبي ذر الغفاري قال :( كان يجلس بين ظهرانيّ أصحابه فيجيءُ الغريبُ فلا يدري أيُّهم هو حتى يسأل ، فطلبنا إلى النبي أن يجعل مجلساً يعرفُه الغريبُ إذا أتاه فبنينا له دكاناً من طين فكان يجلس عليها ، ونجلس بجانبيه . ( مكارم الأخلاق للطبرسي ) .
كان للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أسلوبه الخاص في معاملة الناس من حوله و ممن هم يبعدون عنه و من أقاربه فالكل يثني عليه مما رأوه من طيبة في تعامله و مداراته للناس و ذلك باعتراف أعدائه و الفضل ما شهده الأعداء ، فكان (صلى الله عليه وآله وسلم ) مسامحاً كريماً يعفو عند الاستطاعة ويكرم حتى يغني ، ومما شهد له الأعداء في (معركة بدر) حين أحكم قبضته على مجموعة من أسرى كفار قريش و أمر بعدم إيذائهم و عفا عنهم بشرط أن يعلم كل فرد منهم عشرة من أفراد المسلمين القراءة و الكتابة ، فمن هو يضاهي هذه الشخصية التاريخية على مدى القرون من الفكر الرصين في كل محتويات الحياة الإنسانية .
لم يشهد التأريخ على مدى العصور شخصية برزت مثل شخصية النبي الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فهو إعجاز إلهي بحت من حيث العقلية التي جمعت العلوم بأشكالها و الإنسانية و تحمله أعباء الرسالة الإلهية التي لم يؤذ نبي مثل ما أوذي في إيصال رسالته فقد تحمل صعاب المحن من أجل أن يوفي بإيصال أمانة و يالها من أمانة و من هو المأمون بها هي أمانة الرسالة الإسلامية و محمد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم) هو المأمون بها و صدق في أداء أمانته و هو الصادق الأمين.
لا يمكن لنا أن نحصي فضل نبينا(صلوات الله عليه وآله ) أو نجزيه بمديح يناسب قدره الشريف فما الذي يجازي قدر هذه الشخصية التي كرست عمرها من أجل إحياء كلمة التوحيد و نبذ الشرك و الجاهلية فكيف نجازي من كان كل همه قضاء حوائج الناس و رفع الظلم عن المظلوم ، هذا ما رأيناه من رسول الرحمة و السلام و الإنسانية ،الذي ولد في أرض تعج بالأفكار الجاهلية و مجوفة العقول و إذا بها تنبت لنا ريحانة ملأ عطرها السماوات و الأرض ، فسلام على بيت الحكمة و الموعظة .
الكاتب / قيس العامري
اترك تعليق