ولد النبي (صلَّى الله عليه وآله) وترعرع في عائلة تدين بالتوحيد وتتمتع بسمو الأخلاق وعلو المنزلة. فإيمان جدّه عبد المطلب نلمسه من كلامه ودعائه عند هجوم أبرهة الحبشي لهدم الكعبة إذ لم يلتجئ إلى الأصنام بل توكل على الله لحماية الكعبة (3) . بل يمكن أن نقول إن عبد المطلب كان عارفاً بشأن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) ومستقبله المرتبط بالسماء من خلال الأخبار التي أكدت ذلك . وتجلّت اهتماماته به في الاستسقاء بالنبي(صلَّى الله عليه وآله) وهو رضيع، وما ذلك إلاّ لما كان يعلمه من مكانته عند الله المنعم الرازق (4) ، والشاهد الآخر هو تحذيره لأُم أيمن من الغفلة عنه عندما كان صغيراً (5) .
وكذلك حال عمه أبي طالب الذي استمر في رعاية النبي (صلَّى الله عليه وآله) ودعمه لأجل تبليغ الرسالة والصدع بها حتى آخر لحظات عمره المبارك متحملاً في ذلك أذى قريش وقطيعتهم وحصارهم له في الشعب. ونلمس هذا في ما روي عن أبي طالب(عليه السلام) في عدة مواقف ترتبط بحرصه على سلامة حياة النبي(صلَّى الله عليه وآله) (6) .
وأما والدا النبي (صلَّى الله عليه وآله) فالروايات دالّة على نبذهما للشرك والأوثان ويكفي دليلاً قول الرسول (صلَّى الله عليه وآله): (لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات) وفيه إيعاز إلى طهارة آبائه وأمهاته من كل دنس وشرك (7).
فليس هناك ما يدعو الى ان آباء النبي(صلى الله عليه واله) كانوا مشركين او ما شابه ذلك الا اذا كان القصد من ذلك هو الاستنقاص من شان النبي (صلى الله عليه واله) والعياذ بالله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1): راجع السيرة النبوية: 1/225.(2): بحار الأنوار: 15/231، وراجع السيرة النبوية: 1/211، البقرة: 2/89.(3): السيرة النبوية: 1 / 43 ـ 62 ، الكامل في التأريخ: 1 / 260 ، بحار الأنوار: 5 / 130.(4): السيرة الحلبية : 1 / 182 ، الملل والنحل للشهرستاني: 2 / 248.(5): سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: 1 / 64، وراجع تاريخ اليعقوبي: 2 / 10.(6) السيرة النبوية : 1 / 979 ، تاريخ ابن عساكر: 1 / 69 ، مجمع البيان: 7 / 37 ، مستدرك الحاكم: 2 / 623 ، الطبقات الكبرى: 1 / 168، السيرة الحلبية: 1 / 189 ، اصول الكافي: 1 / 448 ، الغدير: 7 / 345.(7): سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: 1 / 58 ، وراجع أوائل المقالات للشيخ المفيد: 12 و13.
اترك تعليق