(مسلسل الحسن والحسين) .. التشويه المتعمّد للحقائق التاريخية

إطلالة

لقد دخل التمثيل التلفزيوني والسينمائي في الآونة الأخيرة على خط الخلاف المذهبي، والصراع الطائفي المحتدم بين المذاهب والطوائف الإسلاميّة؛ لما تتمتّع به هذه الآليّة من قدرة على الوصول إلى عدد أكبر من طبقات المجتمع وفئاته؛ لاستخدامها دور العرض السينمائي المنتشرة في كلّ مكان، وجهاز التلفاز الذي لا يخلو منه بيت الآن، لا سيما بعد انتشار الفضائيّات والمحطات التلفزيونية التي تبثّ عِبْرَ الأقمار الاصطناعية، وكذلك لتفاعل الناس مع التجسيد الحي للقصّة والحدث، علاوة على أنّ هناك مساحة أوسع في التمثيل لإيضاح الفكرة وتبيان المراد؛ نظراً لما يتطلّبه العمل التمثيلي من سيناريو وحوار، مع وجود المؤثرات الصوتية والتصويرية والإيحاءات الأُخرى.

لكن العيب ليس في استخدام هذه الوسيلة أو تلك في إيصال ما يراد إيصاله، وإنّما المشكلة في غياب الإنصاف والموضوعيّة وطمس الحقائق في استخدام هذه الوسيلة أو تلك؛ خدمةً للمطامع الضيّقة والأغراض الشخصيّة، ومن مظاهر هذه المشكلة التي تحدَّثنا عنها ما تمّ عرضه في الآونة الأخيرة من مسلسل تاريخي ديني بعنوان الحسن والحسين يتناول حقبة حساسة وخطرة من تاريخ الأُمّة الإسلاميّة الممتدة من سنة 35هـ إلى سنة 61هـ، وهي التي شهدت أحداثاً مهمّة، ووقائع كان لها تأثير على حاضر الأُمّة ومستقبلها؛ ففيها ثار المسلمون على الخليفة عثمان بسبب سوء إدارته للدولة الإسلاميّة، وتسليمه مقدَّرات المسلمين إلى أقاربه من بني أُميّة الذين اشتُهروا بفسادهم وظلمهم، ولم يسمع الخليفة لمطالبات الناس باستبدالهم أو الحدّ من تعسُّفهم؛ فآل الأمر إلى مقتله على يد عدد من الصحابة والتابعين. وكذا شهدت هذه المدّة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام  وما رافقها من حروب وأحداث مؤلمة خُتمت باستشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ؛ لينفتح بذلك عهد من الاضطرابات والحوادث بوصول بني أُميّة إلى سدّة الحكم ليرتكبوا أفضع جريمة عرفها التاريخ، ألا وهي فاجعة كربلاء سنة 61 للهجرة.

إنّ في هذا المسلسل ـ مع شديد الأسف ـ زُيِّف التاريخُ على نطاق واسع جداً، وذُبحت فيه الحقيقةُ على نصب التعصُّب المذهبي والطائفي، ورُصدت له ميزانية ضخمة، واشتركت في إنتاجه وتصويره وتهيئته كوادر فنيّة متقدِّمة، وقام بأداء شخصياته ممثلون على مستوى عالٍ من الموهبة الفنيّة والأداء المهني، وكانوا من جنسيات عربية متعددة، وأُجيز تصوير المسلسل في الأردن، ومنحت نقابة الفنانين الأردنية تصاريح لفريق العمل لتصوير أحداث المسلسل في الأردن، كما صُوِّرت مشاهد منه في سوريا والمغرب ولبنان والإمارات العربية المتحدة.

وقد عارض الأزهر وبعض الهيئات العلمية والنقابية عرض المسلسل، ليس لما فيه من تزويرٍ لحقائق التاريخ وهضم لحقّ الإمام عليّ والحسن والحسين عليهم السلام ، وبسبب ما جرى عبر حلقاته من تلميع لصورة معاوية ويزيد ومروان وأشباههم؛ بل بسبب تجسيد شخصيات الصحابة والحسنين عليهما السلام  أمام الجمهور ليس إلاّ!!

وعَرَض القائمون على المسلسل قائمةً بعددٍ من علماء السنّة ممّن أجازوا عرض المسلسل، وكان من بينهم بعضُ الشيعة أيضاً؛ من باب ذرّ الرماد في العيون وإيهام المشاهد البسيط بأنّ علماء الفريقين موافقون على ما يقدِّمه هذا المسلسل من مادّة تاريخيّة له.

وفي الواقع إنّ أرباب هذا العمل أجادوا في كلّ شيء إلاّ في تقديم الحقيقة التاريخيّة للمتلقّي؛ فجاؤوا بواقع تاريخي معكوس ومنكوس في أغلب مشاهد المسلسل، فلو ارتأينا أن نقف عند كلّ مفردة ونُجيب عنها إجابة وافية لاحتاج ذلك ربما إلى مجلدات عديدة، ولكن سنشير إلى أبرز المحاور العامّة التي أراد أصحاب هذا العمل إيصالها إلى الجمهور، وسنعلّق على هذه المحاور أو الأهداف بما يسمح به المقام؛ لتحصين المشاهد المسلم ممّا قد تنتجه مستقبلاً المؤسسات السلفيّة وغيرها من أفلام ومسلسلات قد تصبّ في خدمة المنظومة الأُموية، سعياً لغسل أدمغة المسلمين؛ ليتوافقوا عقيدةً وسلوكاً مع هوى بني أُميّة.

فيقع الكلام في محاور:

المحور الأول: تسويق أسطورة عبد الله بن سبأ

لعلّ من أهمّ الأهداف والغايات التي كان يرمي إليها مَن يقف وراء هذا المشروع تقديم أُحدوثة ابن سبأ اليهودي من جديد، وجعله هو المحرِّك الأساس لخيوط الفتنة ومهندس الانقلاب على الخليفة الثالث، وهذا ما بدا واضحاً من خلال أحداث المسلسل؛ ففي المشهد الثالث من الحلقة الأُولى يظهر أحد كهنة اليهود مع ابن سبأ وهو يرشّحه للقيام بمهمته، ويقول له: ((لقد حان الوقت يا بن سبأ))، وفي المقابل يرحِّب ابن سبأ بهذا الاختيار ويقول: ((إنّي انتظر هذه اللحظة طويلاً)).

فيبدأ عمله بوتيرة قويّة وينجح في جمع الأنصار والأتباع، ويدبِّر المؤامرات ويلقّح الفتن، فيتسبب في حريق هائل في كيان الإسلام.

من الواضح أنّ في تسويقهم لأُسطورة ابن سبأ من جديد أرادوا أن يحققوا ثلاث غايات مهمّة:

الغاية الأُولى: هي التغطية على الثورة الشعبيّة على الخليفة الثالث مع ما لها من مبررات واقعية، والتي قادها عدد من الصحابة وأبنائهم وكبار التابعين، وتصويرها على أنّها مؤامرة دبّرها يهودي مندسّ بين المسلمين فألّب الأوضاع على الخليفة انتقاماً من الدين الإسلامي ونبيه صلى الله عليه وآله الذي هزمهم في معاركه معهم، وكذلك للحدّ من انتشار هذا الدين الجديد.

وأمّا الغاية الثانية: فهي جعل ابن سبأ الشمّاعة التي يعلّقون عليها كلّ الخلافات والصراعات الحاصلة بين الصحابة، فيكون بذلك كبش الفداء الأُسطوري الذي يحفظ بدمه الصور الناصعة التي رسموها للصحابة في مخيلتهم، يقول الدكتور أحمد محمود صبحي ـ مؤكّداً هذا المعنى ـ: ((ويبدو أنّ مبالغة المؤرّخين وكتّاب الفرَق في حقيقة الدور الذي قام به ابن سبأ يرجع إلى سبب آخر غير ما ذهب إليه الدكتور طه حسين، فلقد حدثت في الإسلام أحداث سياسية ضخمة، كمقتل عثمان، ثُمّ حرب الجمل، وقد شارك فيها كبار الصحابة وزوجة الرسول، وكلّهم يتفرَّقون ويتحاربون، وكلّ هذه الأحداث تصدم وجدان المسلم المتتبّع لتاريخه السياسي، أن يبتلي تاريخ الإسلام هذه الابتلاءات، ويشارك فيها كبار الصحابة الذين حاربوا مع رسول الله عليهما السلام ، وشاركوا في وضع أُسس الإسلام، كان لا بدّ أن تُلقى مسؤولية هذه الأحداث الجسام على كاهل أحد، ولم يكن من المعقول أن يحتمل وزر ذلك كلّه صحابة أجلاّء أبلوا مع رسول الله عليهما السلام  بلاءً حسناً؛ فكان لا بدّ أن يقع عبء ذلك كلّه على ابن سبأ، فهو الذي أثار الفتنة التي أدّت لقتل عثمان، وهو الذي حرّض الجيشين يوم الجمل على الالتحام على حين غفلة من عليّ وطلحة والزبير!))[1].

وأمّا الغاية الثالثة: فهي بيان أنّ مذهب الشيعة اخترعه رجل يهودي يريد الكيد بالإسلام، فلا ربط لعقائدهم بالدين الإسلامي، كالقول بالإمامة والوصية لعلي عليه السلام ، قال الدكتور طه حسين: (( إنّ أمر السبئية وصاحبهم ابن السوداء إنّما كان متكلّفاً منحولاً قد اختُرع بآخرة حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفرق الإسلاميّة، أراد خصوم الشيعة أن يدخلوا في أُصول هذا المذهب عنصراً يهودياً إمعاناً في الكيد لهم والنيل منهم))[2].

عبد الله بن سبأ.. تكرار واجترار

لقد كثر العزف على هذا الوتر حدّ الملالة والسآمة، وما عاد لمَن له أدنى وعي وإدراك أن يستمع لهذه الأُسطوانة المشروخة، ولكن مَن لا يحترم مهنته وعمله ويروم الوصول إلى غاياته بأيّ وسيلة لا يلتفت إلى هذه المعطيات، بل غايته الإيقاع بالمتلقّي البسيط الذي لا يملك قدراً كافياً من المعرفة والاطّلاع، وإلاّ فموضوع ابن سبأ أُشبع بحثاً ودراسة، وثبت أنّ شخصاً بهذه الصفات المذكورة في بعض كتب التاريخ لا يملك قدراً من الواقعية، وهذه النتيجة لم يخلص إليها علماء الشيعة وباحثوهم فحسب، بل يشاطرهم العديد من الكتّاب والمفكّرين السنّة، والقائمة في ذلك تطول، بل ظهرت من داخل المؤسسات التعليمية السلفيّة أصوات تُثبت أنّ ابن سبأ شخصيّة خرافيّة وهميّة.

ومن هذه الأصوات صوت البروفسور عبد العزيز صالح الهلابي، الأُستاذ في قسم التاريخ بجامعة الملك سعود في الرياض بالسعودية؛ حيث توصّل إلى أنّ ابن سبأ شخصيّة وهميّة، وذلك في كتابه عبد الله ابن سبأ دراسة للروايات التاريخيّة عن دوره في الفتنة، فقال: ((والذي نخلص إليه في بحثنا هذا أنّ ابن سبأ شخصيّة وهميّة لم يكن لها وجود، فإن وُجِد شخص بهذا الاسم، فمِن المؤكّد أنّه لم يقم بالدور الذي أسنده إليه سيف وأصحاب كتُب الفِرق، لا من الناحية السياسية، ولا من ناحية العقيدة)).

وأضاف أيضاً بعد أن لم يجد لابن سبأ ذكراً في كلام الرواة والمؤرِّخين المتقدّمين، فقال: ((إنّ إغفال هؤلاء المؤرِّخين لهذا الرجل الذي كان له هذا الدور الكبير في أحداث الفتنة، وفي تغيير وجه التاريخ الإسلامي، دليلٌ على أنّ الرجل مكذوب مُختلَق من عصر متأخّر من عصر أُولئك المؤرّخين المذكورين وغيرهم))[3].

وهذا هو الإنصاف والموضوعيّة، وإلاّ فكيف يتمكّن شخص مجهول ليس له تاريخ أن يتظاهر بالإسلام، ويزلزل أركان الدولة الإسلاميّة، ويقود معارضة شعبية يشترك فيها من مختلف الأعمار، وفيهم الصحابة والتابعون من ذوي الدين والتقوى والعقل، ومن مناطق متعددة من العالم الإسلامي، فتنتهي بمقتل الخليفة!!

نعم، إنّ هذه الأُسطورة لا توجد إلاّ في مُخيّلة مَن يرمي إلى تحقيق أغراضه الطائفيّة ولو على حساب الموضوعيّة والبحث العلمي، من أمثال أصحاب هذا المسلسل، ولعل ما يؤيد توجهاتهم هو إخراج شخصيّة ابن سبأ في المسلسل بهيئة وزيّ قريب من زي بعض علماء الشيعة، فيظهر بعمامة سوداء تُشبه في هيئتها عمامة مَن ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من علماء الشيعة؛ ليوجدوا حالة من الربط بين الأمرين، ولو في اللاوعي في ذهن المشاهد.

المحور الثاني: الوئام والانسجام بين أهل البيت وأعدائهم

من الحقائق التي أراد أصحاب هذا المسلسل القفز عليها وتغييرها وطمسها هي سوء العلاقة، بل العداء الواضح بين أهل البيت عليهم السلام  وعدد من الصحابة في تلك الحقبة من التاريخ، والذي هو في الحقيقة ليس عداء شخصيّاً له دوافعه الذاتية أو المادّية، بل كان الواجب الشرعي والأخلاقي يحتّم على أهل البيت عليهم السلام  اتّخاذ المواقف الصحيحة التي لا تروق لبعض الصحابة؛ فتحمل نفوسهم الحقد والضغينة والعداء لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله، وقد سجّل التاريخ الإسلامي بعض تلك المواقف ودوّنته مصادر المسلمين، ولكن أصحاب المسلسل عمدوا إلى إخفاء هذه الحقائق وعدم عرْض ما هو مدوّن في مصادرهم الكثيرة من عداء واضح كان يواجه به الصحابةُ المشاهير أهلَ البيت عليهم السلام ، ومن ظلم لا محدود لهم، وهو ما يعارض صريح قوله تعالى:  ((قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ))[4]؛ الأمر الذي اضطرّ الوعّاظ ـ كما فعلوا في حلقات المسلسل ـ إلى الترقيع والتزوير والتلفيق والتبرير؛ لذرّ الرماد في عيون ملايين المشاهدين المسلمين من المذاهب المختلفة، لإيهامهم بأنّ الحبّ والوئام كانا عامريَن بين الصحابة من جهة، وبين علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام  من جهة أُخرى، وهذه بعض محاولاتهم:

1ـ معاوية يعشق علياً عليه السلام  ويدعو لنجاته!!

في إحدى مشاهد الحلقة السابعة عشرة يظهر فيه معاوية بعد أن ينجو من محاولة الاغتيال خائفاً على الإمام علي عليه السلام  من أن يكون قد اغتاله الغادرون، فيقول لمَن حوله ـ وهو على الفراش ممدّداً ـ: ((ننتظر الأخبار تأتينا من الكوفة ومصر على أحرّ من الجمر. فيقول مَن يجلس إلى جانبه من أعوانه: نسأل الله أن يحمي أبا الحسن)).

فيضيف معاوية: ((أسأل الله أن لا يتمّ لهم ذلك، وأن يحمي أبا الحسن، وأبا عبد الله عمرو بن العاص)).

 ما شاء الله!! حبٌّ ووئام .. وأُلفة وانسجام.. بين معاوية وعلي!! إذن؛ لماذا كلّ هذه الجيوش والدماء والحروب التي وقعت بينهما على صفحات التأريخ... بل في حلقات المسلسل نفسه؟! وهل المشاهد المسلم ساذج إلى هذه الدرجة، أم يُراد له أن يكون ساذجاً؛ ليستطيع هضم تاريخ وعّاظ السلاطين؟!

وفي مشهد آخر من الحلقة السابعة عشرة أيضاً نرى معاوية بعد أن سمع بمقتل الإمام علي عليه السلام  قال متألّماً: ((آه.. لقد ذهب الفضل والفقه والعلم مع أبي الحسن))، فتسأله زوجته فاختة باستغراب: ((أتبكي أبا الحسن وقد كنت تقاتله؟!)). فيقول: ((أنا أبكي على أخي في الله! وعلى ابن عمي! وابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره! أتعلمين ـ يا فاختة ـ أنّ الأقرب من قريش لبني أُميّة هم بنو هاشم! لن أختلفَ يوماً على أفضليته علينا جميعاً، إنّه أفضل مَن بقي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله منذ وفاة أبي بكر وعمر وعثمان)).

الحمد لله على ما صدر منهم من اعتراف على لسان فاختة، وهو أنّ معاوية قاتل علياً مباشرة، لا أنّه قاتل قتلة عثمان فقط، كما حاولوا زعم ذلك في مواضع أُخرى من المسلسل.

ومن حقّنا أن نقول لمعاوية: ولماذا تقاتل مَن هو أفضل الناس باعترافك؟!! فما هو عذرك غداً أمام الله تعالى القائل: ((نَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا))[5]، وأمام رسوله صلى الله عليه وآله الذي قال: ((مَن كنت مولاه فعلي مولاه))[6]؟! الحمد لله الذي فضح أرباب المسلسل وكشف للواعين زيفَهم.

ثمّ انظروا إلى اللفّ والدوران على لسان معاوية، فإنّه يقول: ((أنا أبكي على أخي في الله وعلى ابن عمّي وابن عمّ رسول الله))!! وهذا يعني أنّ معاوية صار ابن عمّ رسول الله!! فما دام هو ابن عمّ علي، وعلي ابن عمّ رسول الله؛ فهو ابن عمّ رسول الله بلا تردد!! وأيُّ جناية هذه؟! أليس معاوية هو الطليق الغادر الذي قاد الفئة الباغية وقاتل علياً إمام المتقين، وقتل الأخيار والصالحين، وفرض ولَده يزيد خليفة على الناس بالحديد والنار؟! أليس هو الذي ذاقت شيعة الإمام عليّ منه الويلات والمحن، وخصوصاً أهل الكوفة؟! فقد استعمل عليهم زياد ابن أبيه بعد هلاك المغيرة بن شعبة، فأشاع فيهم الفتك والإعدام، وقتلهم تحت كل حجر ومدر، وقطع أيديهم وأرجلهم وسمّل أعينهم، وصلبهم على جذوع النخل وشرّدهم وطاردهم، ونفاهم من أرضهم وديارهم. ورفع مذكّرةً إلى جميع عمّاله وولاته جاء فيها:((انظروا إلى مَن قامت عليه البيّنة أنّه يحب علياً وأهل بيته؛ فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه، ثمّ شفع ذلك بنسخة أُخرى جاء فيها: ومَن اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم؛ فنكِّلوا به واهدموا داره))[7].

فكيف صار معاوية في مشهد مفبرك ابن عمّ خاتم النبيين ومن عشّاق سيد الموحدين؟!

2 ـ عائشة وأهل البيت عليهم السلام

في أحد مشاهد الحلقة السابعة عشرة يقول الحسن عليه السلام  لمحمد بن طلحة:((حدِّثني عن أُمّي عائشة)).

إنّه مشهد مفبرك؛ ليسقط بذلك ما يدعيه الشيعةُ اليوم من أنّ عائشة كانت تكره علياً والحسن والحسين عليهم السلام ، وأنّها كانت تشنّ الحرب لسحقهم وإبادتهم. وبين أيدينا مسند أحمد وفيه: ((جاء رجل فوقع في علي وعمّار ـ أي شتمهما ـ عند عائشة. فقالت: أمّا علي فلست قائلة لك فيه شيئاً, وأما عمّار فإني سمعت النبي يقول فيه: لو خُيِّر بين أمرين إلاّ اختار أرشدهما))[8].

وإليك ـ أيها القارئ ـ ما حصل أثناء دفن الإمام الحسن السبط من فاجعة، فبعد أن رأينا مواقف عائشة من آل محمد أثناء حياتهم، فها هو موقفها في مماتهم، وبالتحديد في ساعة دفن الإمام الحسن بن علي سبط رسول الله وريحانته وسيد شباب أهل الجنّة، كما جاء ذلك في مصادر مختلفة[9].

فقد جاء في كتب السير والتاريخ: ((فلما توجه به الحسين بن علي عليهما السلام  إلى قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله ليجدد به عهداً أقبلوا إليهم في جمعهم، ولحقتهم عائشة على بغل، وهي تقول: ما لي ولكم؟! تريدون أن تُدخلوا بيتي مَن لا أحبّ. وجعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة، أيُدفن عثمان في أقصى المدينة، ويُدفن الحسن مع النبي؟! لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف. وكادت الفتنة تقع بين بني هاشم وبني أُميّة؛ فبادر ابن عباس إلى مروان، فقال له: ارجع يا مروان من حيث جئت، فإنّا ما نريد أن ندفن صاحبنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله، لكنّا نريد أن نُجدِّد به عهداً بزيارته، ثمّ نردّه إلى جدته فاطمة فندفنه عندها بوصيته بذلك، ولو كان وصّى بدفنه مع النبي صلى الله عليه وآله لعلمت أنّك أقصر باعاً من ردنا عن ذلك، لكنه عليه السلام  كان أعلم بالله ورسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدماً، كما طرق ذلك غيره، ودخل بيته بغير إذنه. ثمّ أقبل على عائشة، فقال لها: وا سوأتاه! يوماً على بغل ويوماً على جمل، تريدين أن تُطفئي نور الله، وتقاتلين أولياء الله، ارجعي؛ فقد كُفيتِ الذي تخافين وبلغت ما تُحبين، والله تعالى منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين))[10].

المحور الثالث: تلميع الأبطال وتبرير الأفعال

وهذا هو المحور الثالث الذي أُنشئ المسلسل من أجله، وهو إلقاء أكبر قدر من الألوان والأصباغ لإخفاء عيوب الذين نصبوا العداء لأهل البيت عليهم السلام  وتزيين صورهم؛ عسى أن تكون لهم منازل ومقامات تضاهي منازل أهل البيت عليهم السلام ، وإليكم بعض الشواهد:

أ - تبرير خروج أُم المؤمنين عائشة للبصرة

من أهمّ الإحراجات التي واجهت وعّاظ السلاطين ـ وهم يمرّون بالتاريخ الإسلامي ـ هو الموقف الذي وقفته عائشة زوج النبي تجاه الخليفة الشرعي والإمام المنّصب من قِبل الله ورسوله عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، والذي أجمعت الأُمّة على انتخابه بعد أن جرّبت مَن سبقه ممّن تصدّى للخلافة.

فحاول الوعّاظ جاهدين حذف بعض مواقف عائشة، وتلفيق البعض الآخر، والتلاعب بما لا يمكن حذفه أو إنكار وقوعه من فضائح التاريخ، فتصرّفوا في بعض المضامين، وادّعوا أنّ ما وقع من أحداث كان لغايات نبيلة ونوايا شريفة، وهذه الوسيلة الرخيصة في تزوير الحقائق، طفحت بوضوح عبر حلقات المسلسل، وهذه بعض الشواهد:

* في أحداث الحلقة السابعة أحد الصحابة يقول: ((لقد أشاع المفسدون أنّه بخروج أُمِّ المؤمنين عائشة من المدينة إلى البصرة؛ فإنّها عارضت قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ[11]، في حين أنّ الأمر الإلهي في استقرار النسوة في البيوت لا يتنافى مع خروجها للحجّ، أو خروجها في السفر مع وجود المحرم، فأيُّ بأس في خروج أُمّنا للبصرة؟!)).

هذا تدليس على المسلمين ومغالطة؛ فإنّ الخروج للحجّ واجب شرعي على المرأة، ولو حصل وكان الزوج ممانعاً لخروج زوجته؛ فإنّه يجب عليها أن تضرب رفضه عرض الجدار وتذهب لبيت ربها وتحجّ وإن رُغِمَ أنفه، كما عبّرت الروايات[12]، وأما خروجها للسفر فليس بحرام أيضاً، إن لم تكن متزوجة، وأمّا لو كانت متزوجة، فإن سمح لها الزوج بالسفر فقد جاز، وإن كان ميتاً ملكتْ زمام أمرها.

إذن؛ موضوع خروج المرأة أجنبي عن الجناية العظمى التي ارتكبتها عائشة بخروجها من خِدْرها المصون في المدينة المنورة، ومجيئها مع آلاف الرجال إلى البصرة في العراق، وتحشيدها مَن استطاعت من الصحابة ومن المرتزقة والمنافقين وغيرهم لمقاتلة علي عليه السلام  أمير المؤمنين وخليفة المسلمين.

وإنما عبَّرنا بقولنا: خليفة المسلمين وأمير المؤمنين بحسب مقاييسهم في المسلسل. وإلاّ فإننا نعتقد أنّه معصوم، وأنّه خليفة رسول الله الأول، وأنّه مُنَصَّب من الله في بيعة عظيمة هي بيعة يوم الغدير، وهو خليفة المسلمين الفعلي في زمن عائشة، والذي انتخبه الناس بملء إرادتهم، وبايعه حتى أنصار عائشة، كطلحة والزبير، فله الحقّ في أن يحصل على الامتيازات التي حصل عليها الخلفاء الذين كانوا قبله والذين جاءوا من بعده، من جهة وجوب الطاعة له، كما يعتقد علماء السنّة لمَن تسنّم منصب الخلافة.

كما أنّ مجرّد القعود عن مبايعة الخليفة ـ برأيهم ـ ولو كان هذا الخليفة هو يزيد مثلاً، فإنّه يعدّ جريمة يستحقّ صاحبها سفك دمه، فكيف بمَن يخرج لمقاتلة الخليفة الشرعي؟! كما فعلت عائشة مع علي عليه السلام ، فكانت عائشة السبب الرئيس وراء إراقة دماء آلاف المسلمين من الطرفين بلا مبرر.

فأين خروج المرأة للحجّ من خروج السيدة عائشة لإراقة الدماء؟! وقد ورد في حديث روته عائشة نفسها، عندما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله ـ يتحدّث وعنده نساؤه ـ يقول: ((ليت شعري! أيتكُنّ تنبحُها كلابُ الحوأب؟!))[13] فخرجت سائرة إلى الشرق في كتيبة! وفعلاً نبحت كلاب الحوأب على عائشة هناك مثلما أخبر رسول السماء.

* وفي الحلقة السابعة أيضاً، أحد المدافعين عن خروج السيدة عائشة، يقول: ((لم تخرج أُمُّ المؤمنين إلاّ لتعلّق الناس بها، راجين بركتها في الإصلاح، وعلوّ مكانتها)).

أيُّ بركات هذه؟! وأيُّ إصلاح مُدّعى؟! لقد خرجت السيدة عائشة تؤلّب الناس ضد اثنين من الخلفاء، أولهما عثمان، فحثّت الناس على قتله بقولها: ((اقتلوا نعثلاً فقد كفر))[14]، وثانيهما الإمام علي عليه السلام ، الذي كانت تدعو لقتله أيضاً، بزعم أنّه قتَلَ عثمان!

ونريد الآن أن نفتح صفحات التاريخ؛ لنعرف بالضبط مَن هي السيدة عائشة؟ وهل أنّ شخصيتها تتوافق مع ما سجّلته عنها كتب التواريخ في معركة الجمل من موقف عجيب ضد الإمام علي عليه السلام ، أو أنّها كانت ذات شخصيّة هادئة ومطمئنة، وما ذكروه عنها كان افتراءً لا يتوافق مع شخصيتها؟

تقول مصادر أهل السنّة: ولدت عائشة في السنة الرابعة بعد البعثة، أبوها أبو بكر، وأُمّها أُمّ رومان بنت عامر بن عويمر، وقد تزوجها الرسول بعد معركة بدر، ومات عنها وهى ابنة ثماني عشرة سنة، وتوفّيت سنة 58 أو 59هـ وكانت سيرة حياتها مليئة بالخلاف مع الآخرين، ويذكر البخاري في صحيحه أنّ نساء الرسول كُنّ حزبين: حزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر أُمّ سلمة وسائر نساء الرسول صلى الله عليه وآله[15].

وقد تحدَّثت عائشة بنفسها عن غيرتها من خديجة ـ مع أنّها كانت متوفاة ـ ومن أُمّ سلمة وزينب بنت جحش، وروى البخاري بسنده عن عائشة، قالت: ((كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: أتهب المرأةُ نفسها؟! فلمّا أنزل الله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ، قلت: ما أرى ربك إلاّ يسارع في هواك))[16].

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله اختلفت عائشة مع الخليفة عثمان بن عفان عدّة مرات، وقد جاء في الأثر أنّ عثمان قال في رهط من أهل الكوفة استجاروا ببيت عائشة: ((أما يجد مُرّاق العراق وفسّاقهم ملجأ إلاّ بيت عائشة؟! فسمعته فرفعت نعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقالت: تركتَ سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صاحب هذا النعل! فتسامع الناس؛ فجاءوا حتى ملأوا المسجد، فمِن قائلٍ: أحسنتِ، ومِن قائلٍ: ما للنساء وهذا! حتى تحاصبوا وتضاربوا بالنعال))[17].

وكانت عائشة أول مَن لقّبت الخليفة عثمان نعثلاً ـ وهو يهودي يُشبه عثمان في المدينة ـ وقالت بصريح العبارة: ((اقتلوا نعثلاً فقد كفر))[18].

وبعد أن قُتل عثمان وكُسر ضلعٌ من أضلاعه ولم يشهد جنازته ـ وهو المبشّر بالجنّة عند وعّاظ الموائد ـ إلاّ مروان بن الحكم، وثلاثة من مواليه، وابنته فقط!! عادت عائشة لتطالب بدم عثمان وتقول: قُتل مظلوماً. وتقول مصادر التاريخ: كانت عائشة بمكة المكرّمة حين قُتل عثمان، ولمّا بلغها الخبر قالت: ((أبعده الله، ذلك بما قدَّمت يداه))[19]، وأسرعت إلى المدينة، وهي لا تشك أنّ ابن عمِّها طلحة قد بويع بالخلافة، ولعلمها بأنّه السبب الأول في قتل عثمان، ولكن لمّا رأت الناس تُبايع علياً وتختاره خليفة طوعاً وبلا إكراه، رفعت صوتها بالمطالبة بدم عثمان، وصارت تُحَرِّض على مقاتلة علي عليه السلام  ممّا دعا ابن أُمّ كلاب للقول:

فمنك البداء ومنك الغِيَر *** ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرتِ بقتل الإمام *** وقلتِ لنا إنّه قد كفر[20].

وقاتلت عائشةُ الإمامَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام  في وقعة الجمل الشهيرة، ولعل أفضل وصف لذلك ما جاء عن ابن قتيبة، قال: ((حين دخلتْ أُمّ أوفى العبديّة على عائشة بعد وقعة الجمل، قالت لها: يا أُمّ المؤمنين، ما تقولين في امرأة قتلت ابناً لها صغيراً؟ قالت: وجبت لها النار. فقالت أُمّ أوفى: فما تقولين في امرأة قتلت من أولادها الأكابر عشرين ألفًا في صعيد واحد؟! فقالت: خذوا بيد عدوّة الله!!))[21].

وأخيراً، فإنّ السيدة عائشة، قالت نادمة: ((وددت أنّي كنتُ نسياً منسياً))[22]، وقيل: إنّها عـندما احتــضرت جزعـت، فقيل لها: أتـجزعين يا أُمَّ المؤمنـين وابنة أبي بـكر؟! فـقالت: ((إنّ يوم الجــمل لمعـترض في حلــقي، ليتــني مِتّ قـبله!))[23]؛ لذلك طلـــبتْ أن لا تـُدفن مع النـبي صلى الله عليه وآله، قائلة: ((إنّي قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فادفنوني مع أزواج النبي))[24].

ب - طلحة والزبير من رجال الإصلاح!

* في أحد مشاهد الحلقة الثامنة يظهر أنّ عمّار بن ياسر يقول للحسن عليه السلام : ((أمير المؤمنين وطلحة والزبير من أشدّ الناس حرصاً على إخماد الفتنة. فيجيبه الحسن مؤيداً: صدقت يا عمّار)).

ممّا فعله أرباب هذا المسلسل هو أنّهم كلّما أرادوا أن يُمَرِّروا عقيدةً ما أو حكماً معيناً، أو رأياً مختلَقاً أو فكرة مشوّهة، عمدوا لطرحها على لسان الإمام الحسن أو الإمام الحسين، أو على لسان أحد الصحابة المشهورين، وهنا يقول الصحابي الكبير عمّار بن ياسر: ((إنّ طلحة والزبير يحملان همّ الإسلام ويحرصان على وحدة المسلمين، كما يحرص الإمام علي بالضبط))!!

ومن المناسب أن نُلقي الضوء على شخصيّة طلحة والزبير، الحريصين جداً على إخماد الفتن!!

فطلحة بن عبد الله التيمي، هو أحد أقرباء الخليفة الأول أبي بكر، والزبير بن العوّام بن خويلد بن أسد، هو ابن عمّة النبي صلى الله عليه وآله، وأُمّه صفيّة بنت عبد المطلب، وزوجته أسماء بنت أبي بكر أُخت عائشة.

وكان طلحة والزبير ممَّن بايع علياً عليه السلام  مع الناس، ثمّ سألاه أن يُشركهما في الحكم، وأن يولّي أحدَهما البصرةَ والآخر الكوفة، فأبى الإمام عليّ عليه السلام ، وحين قسّم العطاء ساوى بينهما وبين الموالي؛ فكان نصيب كلّ منهما ثلاثة دنانير، فقال طلحة: ((ما لنا من هذا الأمر إلا كلحسة الكلب))[25].

وبدأ الخلاف عندما جاء طلحة والزبير إلى عليّ وقالا له: ((يا أميرَ المؤمنين، قد رأيتَ ما كنّا فيه من الجفوة في ولاية عثمان كلّها، وعلمت رأي عثمان في بني أُميّة، وقد ولاّك الله الخلافة من بعده، فوّلنا بعضَ أعمالك. فقال لهما: ارضيا بقَسم الله لكما حتى أرى رأيي، واعلما أنّي لا أشرك في أمانتي إلاّ مَن أرضى بدينه وأمانته من أصحابي، ومَن قد عرفت دخيلتَه. فانصرفا عنه وقد دخلهما اليأس؛ فاستأذناه في العمرة، وخرجا من عنده وهما غاضبان ويحتالان للخروج عن بيعته ونكثها، وفي ذلك الظرف القاسي وصل إليهما كتاب معاوية يدعوهما إلى نكث البيعة، وأنّ أهلَ الشام بايعوا لهما إمامين مترتّبين؛ فاغترّا بالكتاب وعزما النكث بجد.

ثمّ دخلا على عليّ فاستأذناه في العمرة، فقال: ما العمرة تريدان. فحلفا له بالله، إنّهما ما يريدان غير العمرة، فقال لهما: ما العمرة تريدان، وإنّما تريدان الغدرة ونكْث البيعة. فحلفا بالله، ما الخلاف عليه ولا نكثَ بيعته يريدان وما رأيهما غير العمرة، فقال لهما: فأعيدا البيعة لي ثانية. فأعاداها بأشدّ ما يكون من الأيمان والمواثيق، فأذنَ لهما، فلمّا خرجا من عنده قال لمَن كان حاضراً: والله، لا ترونهما إلاّ في فتنة يقتتلان فيها. قالوا: يا أمير المؤمنين، فمُرْ بردِّهما عليك. فقال عليه السلام : ليقضي الله أمراً كان مفعولاً)) [26].

ثمّ إنّ طلحة والزبير بعدما استأذنا عليّاً غادرا المدينة ونزلا مكة، وكانت بينهما وبين عائشة صلة وثيقة، فعمدوا يتآمرون ضد عليّ، فلمّا بلغ عليّاً مؤامرةُ الزبير وطلحة وأنّهما نكثا أيمانهما؛ أشار بعض أصحاب الإمام أن لا يتبعهما، فأجاب عليه السلام  بقوله: ((والله، لا أكون كالضبع تَنام على طول اللّدم، حتى يصلَ إليها طالبها، ويختلها راصدها، ولكن أضرب بالمقبل إلى الحقّ، المدبرَ عنه، وبالسامع المطيع العاصيَ المريبَ أبداً، حتى يأتي عليّ يومي))[27].

وأمّا التمويل لهؤلاء الناكثين، فالتأريخ يذكر: ((أنّه انصرف عن اليمن عاملُ عثمان وهو يعلى بن منية، فأتى مكّة، وصادف بها عائشة وطلحة والزبير ومروان بن الحكم في آخرين من بني أُميّة، فكان ممّن حرّض على الطلب بدم عثمان، وأعطى عائشة وطلحة والزبير أربع مائة ألف درهم وكراعاً [أي الخيل والبغال والحمير] وسلاحاً، وبعث إلى عائشة بالجمل المسمّى عسكراً، وكان شراؤه عليه باليمن مائتي دينار، فأرادوا الشام، فصدّهم ابن عامر [عبد الله بن عامر والي عثمان السابق على البصرة] وقال: إنّ به معاوية، ولا ينقاد إليكم، ولا يطيعكم، لكن هذه البصرة لي بها صنائع وعدد، فجهّزهم بألف ألف درهم ومائة من الإبل وغير ذلك))[28]. ومن الواضح أن هذه أموال بيت مال المسلمين يتلاعب بها ولاة عثمان حتى بعد وفاته!!

وقال ابن الأثير: ((لقد بايع الزبير وطلحة الإمام، وبعد أربعة أشهُر نكثا البيعة، وهربا إلى مكة بعد قتل عثمان بأربعة أشهُر))[29].

وقال أيضاً: ((فلما تراءى الجمعان ـ في معركة الجمل ـ خرج الزبير على فرس عليه سلاح، وخرج طلحة، فخرج إليهما علي عليه السلام  حتى اختلفت أعناق دوابهم، فقال علي: لعمري، قد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً، إن كنتما أعددتما عند الله عذراً، فاتقيا الله ولا تكونا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا، ألم أكن أخاكما في دينكما تحرِّمان دمي وأحرِّم دمكما؟! فهل من حدث أحلّ لكما دمي؟! قال طلحة: ألَّبتَ على عثمان. فقال علي: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ. يا طلحة، تطلب بدم عثمان؟! فلعن الله قتلة عثمان! يا طلحة، أجئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُقاتل بها وخبّأت عرسك في البيت؟! أما بايعتني؟! قال طلحة: بايعتك والسيف على عنقي. فقال عليّ للزبير: يا زبير، ما أخرجك ؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلاً ولا أوْلى به منّا!))[30].

ج - معاوية من أعظم شخصيات الإسلام!!

في الحلقة السابعة عشرة يخاطب ابنُ قيس الضحاك ـ أبرز مستشاري معاوية ـ وجهاءَ الشام، قائلاً: ((بعد موت علي ليس لإمارة المسلمين إلاّ معاوية، فلقد كان الرسول يثق به! وأبو بكر يعتمد عليه، وكذلك عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وهو الذي خَبِر أُمور الحكم منذ أن كان شاباً، وكذلك نحن في الشام نعتمد عليه، وهو مَن هو، وما زال والياً على الشام منذ عهد عمر بن الخطاب، وما هو دون الحسن في شؤون الحكم، فعلينا أن نبادر لبيعته نحن أهل الشام)).

إنّ الخطأ الذي ارتكبه الخليفة الثاني باعتماده على معاوية، والذي جرّ الويلات على أُمّة محمد صلى الله عليه وآله منذ ذلك اليوم إلى الآن، بل إلى يوم القيامة، تحوَّل إلى منقبة وشهادة فخرية يشهرها الوعّاظ في وجه مَن يقول: إنّ معاوية رجل منحرف.

يقول الشيخ الدكتور أحمد الكبيسي، وهو أحد علماء السنّة البارزين وممّن تتسابق الفضائيات للالتقاء به ونشر أفكاره، يقول: ((إنّ مآسي أُمّتنا كلّها بسبب معاوية؛ فهو الذي مزّق الأُمّة إلى أشلاء، وهو الذي شتَّت شمل المسلمين)) [31].

فما هي هذه المميزات التي وضعها منشئو المسلسل على لسان ابن الضحاك، والتي لو صحّت فإنّها لا يمكن أن تكون مبرّراً يُتيح لمعاوية أن يجعل نفسه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وفي الأُمّة مثل الحسن والحسين عليهما السلام ، وفي الأُمّة أيضاً عشرات الصحابة في المدينة وفي مكة وفي العراقَين، ممّن لم يكونوا طُلقاء؟! وما دام علي عليه السلام  لم يكن راضياً عن معاوية، فلا ينفعه إذن ورضى الثلاثة أو المائة عنه، والحمد لله الذي جعل علياً عليه السلام  ميزان الأعمال وجعل الحقّ يدور معه حيثما دار.

ونسأل أيضاً: ما هي منجزات معاوية وخبراته وهو شاب؟ أليست هي محاربة رسول الله صلى الله عليه وآله في بدر وأُحد والأحزاب، وممارسة الخمور والفجور وعبادة الأوثان..؟! فهذه هي مرحلة الشباب عند معاوية أيام كان يعيش مع أبيه عدوّ الرسول اللدود، ومع أُمّه هند آكلة لحوم البشر.

إنّ من أكبر الجرائم التي ارتكبها المسلسل هو أنّه لم يكتفِ بتحريف الآلاف من صفحات التاريخ الصحيح التي سجّلت بغي معاوية وعناده وجوره، وإنّما حاول أن يغرس في أذهان الأجيال الجديدة أنّ معاوية عظيم جداً، حتى أنّ ابن الضحاك حار في وصفه فيقول: ((وهو مَن هو))!!

ومن حقّنا أن نسألهم أيضاً، ونقول: إذا كان معاوية يستحقّ عندكم كلّ هذا التقديس؛ لأنّ الخلفاء الثلاثة وأهل الشام كانوا يعتمدون عليه، فماذا نقول نحن في إمامنا الحسن عليه السلام  الذي قال عنه وعن أخيه رسولُ الله صلى الله عليه وآله: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة))؟![32].

فمَن هو معاوية يا ترى ليقول عنه المسلسل على لسان ابن الضحاك: ((وما هو دون الحسن في شؤون الحكم))؟! وهل كان رسول الله يثق بمعاوية حقاً؟! فأين حصل ذلك ومتى؟! هل عندما طلبه الرسول فقيل له: إنّه يأكل، فقال: ((لا أشبع الله بطنه)) [33]، أم عندما نعته بأنّه صعلوك[34]، أم عندما لعنه وقال: إذا رأيتموه على منبري فاقتلوه؟![35].

والعجيب أن تجد بعض العلماء يصرّون على تحويل المثالب واللعنات على معاوية إلى مناقب ومزايا! فحديث ((لا أشبع الله بطنه)) صريح في ذمّ معاوية وفي الدعاء عليه من قِبل سيد الكائنات الذي لا ينطق عن الهوى، لكن حوّله وعّاظ السلاطين إلى فخر ومنقبة يمتاز بها معاوية على الآخرين! إذْ قال الذهبي ـ بعد ذكر هذا الحديث ـ: ((لعل هذه منقبة لمعاوية؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله: اللهم مَن لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة)) [36].

ومن حقّنا أن نقول: هل تتوقع أيها المسلم، أن يذمّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله أحداً أو يدعو عليه أو يلعنه بلا مبرر، إلا لأجل تزكيته ورفع شأنه؟! أيُّ تدليس وتلاعب بالدين والمقاييس أكثر من هذا؟!

أمّا ابن كثيرـ صاحب التفسير العظيم ـ فلم يكتف بتهوين دعاء النبي على معاوية، بل قال بعد أن أورد هذا الحديث: ((وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأُخراه، أمّا في دنياه: فإنّه لمّا صار إلى الشام أميراً كان يأكل في اليوم سبع مرّات، يُجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل، فيأكل منها معاوية، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئاً كثيراً، ويقول: والله، لا أشبع وإنّما أعيا، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كلّ الملوك))![37]، وهل هذه فضيلة والقرآن يصرّح: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا  إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ  [38]، بل هذه فضيحة لهم؛ إذ استُجيب فيه دعاء الرسول صلى الله عليه وآله: ((لا أشبع الله بطنه)).

وذكر ابن العربي، المعروف في عدائه لأهل البيت ولشيعتهم في كتابه العواصم من القواصم، أنّه دخل بغداد وأقام فيها زمن العباسيين ـ والمعروف أنّ بين بني العباس وبني أُميّة ما لا يخفى على النّاس ـ فوجد مكتوباً على أبواب مساجدها: ((خير النّاس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثمّ، عمر، ثمّ عثمان، ثمّ علي، ثمّ معاوية خال المؤمنين رضي الله عنهم))[39].

وكثر في العصر الحديث أمثال هؤلاء الوعّاظ، فها هو محب الدين الخطيب1886م ـ 1969، المعادي لأهل البيت والذي حارب دار التقريب الذي أنشأه علماء الشيعة بمصر للتقريب بين المذاهب فأسماه دار التخريب، يقول من القاهرة: ((سألني مرّة أحد شباب المسلمين ممّن يحسن الظنّ برأيي في الرجال، ما تقول في معاوية؟ فقلت له: ومَن أنا حتى أُسأل عن عظيم من عظماء هذه الأُمّة، وصاحبٍ من خيرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟! إنّه مصباح من مصابيح الإسلام، لكن هذا المصباح سطع إلى جانب أربعة شموس ملأت الدنيا بأنوارها فغلبت أنوارها على نوره))!

ولو جئنا إلى التأريخ الصحيح لوجدنا أنّ المصادر السُّنية تبيّن عيوب معاوية ومخازيه، قال العاملي في الانتصار: ((قال النسائي: لا أعلم لمعاوية فضيلة. سير أعلام النبلاء: ج14، ص132. قال الشوكاني: لا يصحّ في فضائل معاوية حديث. الأحاديث الموضوعة، تاريخ الطبري: سنة 51. ابن الأثير: حديث 2023 و209. وابن عساكر 2/ 379))[40].

وإليك عزيزي القارئ بعضاً من إنجازات خال المؤمنين وكاتب الوحي معاوية كما وردت في مصادر أهل السنّة والجماعة، كما ذكر ذلك العاملي في الانتصار:

 1ـ معاوية يترك السنّة! سنن النسائي: ج5، ص253. البيهقي: ج5، ص113. مسند أحمد: ج1، ص217.

2ـ معاوية ينهى عن التلبية! المُحلّى: ج7، ص136.

3ـ معاوية كان يحكم بجمع الأُختين! الدرّ المنثور: ج2، ص137.

4ـ كان يلبس الذهب والحرير! سنن النسائي: ج2، ص186.

5ـ لمّا استُشهد عليّ، قال معاوية: ((الحمد لله الذي أمات علياً))! البداية والنهاية: ج8، ص331.

6ـ معاوية يدسّ السمّ للحسن! الاستيعاب: ج1، ص141. ابن عساكر: ج4، ص229. و....

7ـ لمّا بلغ معاويةَ موتُ الحسن خرّ ساجداً لله! العقد الفريد:ج2، ص298.

8ـ معاوية يقتل عمرو بن الحمق الخزاعي، وحِجْر بن عدي، ومالك الأشتر! عيون الأخبار: ج1، ص201. تاريخ الطبري: ج6، ص54 .

9ـ لمّا قتل محمد بن أبي بكر ألقاه معاوية في جيفة حمار، ثمّ أحرقه بالنار! تاريخ الطبري: ج6، ص58 و61. الكامل: ج4، ص351. ابن كثير: ج7، ص313 .

10 ـ معاوية يلعن علياً بنفسه! صحيح مسلم: ج7، ص120.

11ـ معاوية يأمر الخطباء بلعن عليّ على المنابر! تاريخ الخلفاء: ص190. وابن عساكر: ج2، ص47، وغيرها كثير[41].

المحور الرابع: تشويه بعض رموز شيعة أمير المؤمنين عليه السلام

ومن محاولات أرباب هذا المسلسل البائسة هو الحطّ من شيعة أهل البيت عليهم السلام  وتشويه صورتهم ما أمكن. ومن النماذج على ذلك ما تعرّض له مالك الأشتر النخعي، ففي الحلقة الثامنة يظهر مالك الأشتر وهو مستاء من أيّ صلح أو تفاوض مع قادة الجمل؛ لأنّه يريد إبادة جيش عائشة بأيّ صورة، فيلتفت إلى الإمام الحسن عليه السلام  وهو في حالة قلق شديد؛ خوفاً من مجيء القعقاع مبعوثاً من قِبل عائشة إلى أمير المؤمنين عليه السلام  للتصالح، ويقول: ((ما الخبر الذي جاء به القعقاعُ من البصرة إلى أمير المؤمنين؟ فلا يُجيبه الحسن عليه السلام ؛ لأنّه يعرف نواياه وحقده، ويخاطبه بطريقة جافة قائلاً: اسأل أمير المؤمنين)).

مَن هو مالك يا ترى؟ إنّه مالك الأشتر النخعي.. الساعد الأيمن للإمام علي عليه السلام  وسيفه البتّار. ولقد لُقّب بـ الأشتر لأنّ إحدى عينيه شُتِرَت ـ أي شُقّت ـ في معركة اليرموك. قُدِّرت ولادته بين سنة 25ـ30 قبل الهجرة النبوية الشريفة، ولقد عاصر مالك الأشتر النبي صلى الله عليه وآله، ولكنه لم يره ولم يسمع حديثه، وذُكِر مالك عند النبي صلى الله عليه وآله، فقال فيه النبي: ((إنّه المؤمن حقاً))[42]. كما أنّه ذُكر في جملة المحاربين الشُّجعان الذين خاضوا معركة اليرموك، وهي المعركة التي دارت بين المسلمين والروم سنة 13 هـ. قال ابن حَجَر: ((تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، قال: شهد اليرموك فذهبت عينه يومئذٍ، وكان رئيس قومه)) [43].

وقال ابن أبي الحديد المعتزلي: ((ولَعمري، لقد كان الأشتر.. شديد البأس، جواداً رئيساً حليماً، فصيحاً شاعراً، وكان يجمع بين اللين والعنف؛ فيسطو في موضع السطوة، ويرفق في موضع الرفق))[44].

ولقد كتب الإمام علي عليه السلام  يخاطب أهل مصر في عهده لمالك بعد أن جعله والياً عليها: ((أمّا بعد، فقد بَعثتُ إليكم عبداً من عباد الله، لا ينام أيّامَ الخوف، ولا يَنكُل عن الأعداء ساعاتِ الرَّوع، أشدُّ على الفُجَّار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث أخو مذْحج، فاسمَعوا له وأطيعوا أمرَه فيما طابَق الحقّ، فإنّه سيفٌ من سيوف الله، لا كليلُ الظُّبّة، ولا نابي الضَّريبة، فإن أمَرَكم أن تَنفروا فانفروا، وإن أمَرَكم أن تُقيموا فأقيموا؛ فإنّه لا يُقدِم ولا يُحجِم ولا يُؤخِّر ولا يُقدِّم إلاّ عن أمري))[45].

وكتب عليه السلام  له يوماً: ((وأنت مِن آمَنِ أصحابي، وأوثقِهم في نفسي، وأنصحِهم وأرآهم عندي))[46].

ولقد عُرِف عن مالك الأشتر شدّته في الحقّ وتمسّكه الشديد بخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله الإمام علي عليه السلام ، ومن مظاهر ذلك التمسّك والتعصّب للحقّ أنّه كان يهدد المترددين والمتوقفين عن بيعة الإمام عليه السلام .

ولهذا وغيره حقَدَ معاوية وابن العاص ووعّاظ السلاطين الداعمين للمسلسل على مالك الأشتر، الإمامي العلوي المخلص، الذي جمع بين مختلف الكمالات، من شجاعة مشهودة إلى سياسة نبيلة، ومن شعر وخطابة إلى حزم وعقل وتدبير، ومن لين ودين وكرم، إلى رئاسة وتواضع.

 

 

الكاتب: السيد حازم الميالي

مجلة الإصلاح الحسيني – العدد الثالث

مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

_______________________________________

[1] أحمد محمود صبحي، نظرية الإمامة: ص39.

[2] طه حسين، الفتنة الكبرى علي وبنوه: ج2، ص90.

[3] الهلابي، عبد العزيز صالح، عبد الله بن سبأ دراسة للروايات التاريخية عن دوره في الفتنة: ص73.

[4] الشورى: آية23.

[5] الأحزاب: آية33.

[6] أحمد، مسند أحمد: ج1، ص84.

[7] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج11، ص45.

[8] أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج6، ص113.

[9] اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص18. ابن شهرآشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص204. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج16، ص50.

[10] الفتال النيسابوري، روضة الواعظين: ص168. اُنظر: الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين: ص49. ومصادر أُخرى.

[11] الأحزاب: آية33.

[12] انظر: الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص438.

[13] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج3، ص485.

[14] المصدر السابق: ج3، ص477.

[15] انظر: البخاري، صحيح البخاري: ج 3، ص132.

[16] البخاري، صحيح البخاري: ج6، ص24.

[17] الأصفهاني، أبو الفرج، الأغاني: ج5، ص89. اُنظر: الذهبي، مروج الذهب: ج1، ص435.              

[18] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج3، ص477.

[19] المعتزلي، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج6، ص216.

[20] اُنظر: الخليلي، جواد جعفر، من حياة الخليفة عثمان بن عفان: ص236.

[21] الدينوري، ابن قتيبة، عيون الأخبار: ج 1، ص300.

[22] البخاري، صحيح البخاري: ج 6، ص10.

[23] ابن طيفور، بلاغات النساء: ص8ـ9.

[24] ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج 8، ص74.

[25] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج 3، ص452.

[26] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج1، ص231.

[27] نهج البلاغة: خطبة 6.

[28] المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر: ج 2، ص357.

[29] اُنظر: ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص191.

[30] المصدر السابق: ج3، ص239.

     [31] اُنظر:  http://www.youtube.com/watch?v=pi0mtwMjhic                             

[32] أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج 3، ص3.

[33] النيسابوري، مسلم، صحيح مسلم: ج8، ص27.

[34] انظر: النيسابوري، مسلم، صحيح مسلم: ج4، ص195.

[35] ذكر طرقه وألفاظه الأميني في الغدير: ج10، ص142ـ 148.

[36] الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج2، ص699.

[37] ابن كثير، البداية والنهاية: ج8، ص128.

[38] الأعراف: آية31.

[39] ابن العربي، العواصم من القواصم: ص213.

[40] العاملي، الانتصار: ج8، ص119.

[41] اُنظر: المصدر السابق.

[42] الأمين، محسن، أعيان الشيعة: ج9، ص41.

[43] ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج10، ص11.

[44] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج 15، ص101ـ102.

[45] نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام : ج3، ص64.

[46] الكوفي، إبراهيم بن محمد الثقفي، الغارات: ج1، ص73.