يواظب الآلاف من المسلمين - الشيعة - منذ أعوام على زيارة مرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليها السلام في 13 من جمادى الآخرة لإحياء ذكرى رحيل "أم البنين" فاطمة بنت حزام الكلابية، زوجة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد "الزهراء" وأم ولده العباس عليهم السلام.
وتمثل هذه الذكرى الأليمة لدى الملايين من الشيعة حدثاً مهماً يسعون من خلاله إلى القيام بجملة من الطقوس الدينية، منها الصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن الكريم وإهداء ثواب هذه الأعمال إلى روح "أم البنين" عليها السلام، فضلاً عن زيارة المرقدين الشريفين، وإقامة مواكب العزاء.
"رحم الله من أحيا أمرنا"
ويأتي ذلك وفقاً لرواية الإمام الصادق عليه السلام، من ذرية الإمام الحسين، الذي رسم الخطوط العريضة للمذهب الجعفري، حيث دعا إلى إحياء مثل هذه الذكريات بقوله: "أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا".
ويترتب على "إحياء الأمر" عبر استذكار هذه المناسبات الكثير من الفضائل، منها الاستماع إلى المواعظ عبر المنابر، خلال مراسيم الإحياء، واستلهام العبر من المواقف التاريخية التي زامنتها، لا سيما القيم العظيمة التي قدمتها إمرأة كأم البنين التي عرفت بوفائها وتضحيتها بأبنائها الأربعة فداءً للحسين عليه السلام في كربلاء.
"أم البنين... أكبر من مخزون عطاء"
غير أن هذه الشخصية لا تزال مختزلة اختزالاً تاريخياً استناداً إلى ارتباطها بحدث تاريخيٍ وهو "واقعة الطف" التي قتل فيها الحسين وأخيه العباس، وباقي أفراد العائلة المرافقة لهما في تلك الحادثة، ما ولد فكرة - لدى النساء تحديداً - الاستغناء بالطقوس عن باقي المضامين المهمة التي تتضمنها هذه المناسبة، فكيف تقرأ المرأة المعاصرة اليوم هذه الشخصية الخالدة؟
الباحثة والكاتبة "تينة زكريا" من الإحساء، شرق السعودية، أكدت أن "أم البنين أكبر من مخزون عطاء تمتد إليه الأكف السائلة كما يصورها كثيرون".
وقالت للموقع الرسمي إن "قدر أم البنين في مفهوم المرأة المعاصرة اليوم لا يختلف كثيراً عن مفهوم جدتها وأسلافها".
وأضافت "لا يمكن أن ننظر لمرأة استحقت أن تكون كفؤاً لعلي بن أبي طالب عليه السلام نظرة سطحية".
لكنها أشارت إلى أن "نسبة كبيرة من النساء اليوم ينظرنّ إلى أم البنين بعين الاكبار لامتيازاتها وتكاملها الروحي والمعنوي حتى حظت بكل ذلك الشرف".
وقالت، "أنظر لأم البنين اليوم بعين الامتنان لنيلها ايضاً شرف قضاء الحوائج واعتبارها احد ابواب الله".
"خطت لها طريقاً بين العظماء"
فيما رأت إسراء القره غولي، محامية من بغداد، أن "أم البنين" خطت لنفسها طريقاً مميزاً، ومكانة كبيرة بين العظماء الذين عاصرتهم كأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام.
وقالت للموقع الرسمي، "رغم الحضور القوي لفاطمة الزهراء عليها السلام دوناً عن باقي النساء، إلا أن أم البنين استطاعت أن تضع بصمة واضحة لرعايتها أيتام الزهراء، ودعمها المستمر لهم".
وأضافت أن "أم البنين مبدأ عظيم وحقيقة ناصعة تحكي واقع المرأة الصالحة التي ينبغي للمرأة المعاصرة أن تقتدي بها".
فيما أكدت التدريسية، بشرى حمزة المحياوي، أن على المرأة المعاصرة أن تقتدي بأم البنين وتبرز أخلاقياتها على كل الميادين.
وقالت، "على المرأة المعاصرة، والمثقفة تحديداً أن تبرز تضحيات أم البنين وقضيتها، ولابد أن تكون لنا قدوة في التضحية والصبر والإيثار أمام التحديات الكبيرة التي يتعرض لها البلد".
حسين الخشيمي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق