عند تصاعد وطيس الحرب مع الزمر التكفيرية "داعش" في ساحات القتال، تتعالى أصوات الرصاص الممزوجة بنداءات المقاتلين الأبطال هناك .. "يا زهراء".. "يا حسين".
يقول أحد المقاتلين، أشعر بحماسة لا مثيل لها عندما انادي "يا زهراء" أو "يا حسين" وأنا أوجه رصاصاتي صوب أهداف العدو. يتحدث هذا المقاتل عن أكسير الصبر والثبات في الظروف الحالكة التي تمر بهم خلال تعرضات داعش المتفاوتة على قواطعهم العسكرية شمال العراق، وكيف أرهب هذا النداء ونداءات أخرى مسلحي داعش الذين لاذوا بالفرار بمجرد سماع أسماء أهل البيت عليهم السلام ضمن هتافات المقاتلين.
في سوريا، وتحديداً عن مقام السيدة زينب عليها السلام، وبعد أن تعرض المقام لهجمات بربرية من قبل هذه الجماعات التكفيرية؛ صدحت أصوات الموالين هناك بهذه النداءات أيضا، لتصبح شعاراً للمقاومة والدفاع عن حرمها المقدس، لقد استطاع ثلة من الشباب المقاوم أن يدرأوا الخطر عن هذا الصرح الطاهر بشجاعة وثبات بفضل تلك النداءات، وشعورهم العميق بالمسؤولية تجاه وعد النبي صلى الله عليه وآله للزهراء عليها السلام، بأن يكون لهذا البيت الذي اذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيراً؛ أنصاراً وأعواناً يحييون ذكرهم ويدافعون عن قضيتهم.
لا يقتصر أثر هذين النداءين على تنشيط روح المقاتلين ومنحهم شيئاَ من الثبات وحسب، بل يعبر عن جزء من رد الجميل والوفاء بالوعد لفاطمة وأبوها، وبعلها وبنوها، عليهم صلوات الله وسلامه اجمعين، ففي مواسم الزيارات المليونية التي تشهدها مدينة كربلاء المقدسة في عاشوراء والأربعين والنصف من شعبان؛ يتجلى هذا الوفاء بالعهد في أبهى صوره، عبر إحياء الفاجعة بالبكاء واللطم والسير على الاقدام من مسافات بعيدة جداً، وعبر خدمة الزائرين على امتداد الطرق المؤدية إلى حرم الإمام الحسين عليه السلام، وأيضا.. يردد الزائرون حينها "يا زهراء" .. "يا حسين" .. "أبد والله يا زهراء ما ننسى حسيناه".
لكن، من أين جاء هذا الوعد؟ ومن هو أول من بشّر الزهراء عليها السلام بهذه الجموع المعزية تارة، والمدافعة عن المقدسات تارة أخرى؟
"النبي يعد الزهراء بالشيعة"
وفي جلسة عائلية دافئة ، كانت تجمع النبي بابن عمه وابنته ؛ حدثهما بالتفصيل عن ولدهما الذبيح الذي سوف يكون في المستقبل سراً لامتداد نور الرسالة المحمدية، إلا أن سرعان ما تكدرت الأجواء ليتحول هذا التجمع العائلي النادر التكرار إلى مجلس حزن و أسىً عميقين بعد أن عرفوا أن ثمة خبر حزين وفاجعة أليمة تنتظرها أسماعهم خلال الجلسة، وأكد لهم النبي أن "فئة باغية" سوف تقتل ولدهما وحيداً مع عياله وجمع من صحبه على أرض كربلاء .
تبكي فاطمة عليها السلام بكاءً شديداً وتسأل: " يا أبت متى يكون ذلك ؟" .
فيجيبها الجد المفجوع بحفيده من بضعته الوحيدة: "في زمان خال مني ومنك ومن علي ......... ".
فيخبرها النبي بعد ذلك، أن الله سيخلق للحسين شيعةً يبكونه ويذكرونه ويحيون أمره ما بقي الدهر، حيث يقول صلى الله عليه وآله: " يا فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل ....... ".
لقد أسست هذه الجلسة العائلية القصيرة آنذاك لأكبر شعيرة إلهية أبى الله لها إلا أن تستمر مع العصور، كما وعد بذلك النبي، وقد بشّر بضعته خلال هذه الجلسة بالتفاف الملايين من الشيعة حولها وذريتها الطاهرة.
إن ما يبديه شيعة العراق من دفاع مستميت عن المراقد المقدسة في العراق وسوريا، وإحيائهم "المبهر" لذكر أهل البيت عليهم السلام على مدار العام إنما هو جزء من هذا الوعد الإلهي لهذا البيت الطاهر.
حسين الخشيمي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق