كان من المفترض أن يتحقق حلم "داعش" باستحواذه على مناطق واسعة ومهمة من العراق بعد سيطرته على الموصل وصلاح الدين والرمادي ، وجعله منطلقا لتمدد كيانها المسخ ، لكن الخطأ الذي ارتكبته "عقول" داعش هو أنها لم تشخص الحقيقة كما ينبغي ، ولو أنها عرفت جيداً طبيعة المنطقة التي تروم تنفيذ مشاريعها عليها ؛ لوفرت على نفسها الكثير من الجهد والعناء والمال ، ولفضلت البقاء خارج دائرة الصراع أو فتح جبهات مباشرة مع "الشيعة" على أرضهم .
نعم ... لقد استطاع التنظيم أن يحقق جزءً من أحلامه في المناطق الشمالية والغربية من العراق ، باعتبارها " الأم الولود " للجماعات الإرهابية المسلحة منذ الإطاحة بنظام "صدام" الذي ولّد صدمة قوية لدى مريديه في تلك المناطق ، فراحوا يسعون بكل ما يملكون من قوة لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء ، ومن ثم العودة لنفوذهم السابق في الجيش والمخابرات وأغلب الأجهزة الأمنية الحساسة في الدولة آنذاك ، فكان "داعش" أداة لاستعادة تلك "الهيبة" المصطنعة التي أطاحت بـ "صدام" فيما بعد وأدخلته في حروب أنهكت دولته شيئاً فشيئاً حتى تآكلت تماماً مع أول ضربات وجهتها "الولايات الأمريكية المتحدة" لمواقع حاسة من دولته .
"داعش" يتآكل بعد خسارته للرمادي ...
غير أن "داعش" الآن يتجرع كأس هزيمته بمرارة، وتتبدد أحلامه بإقامة دولته في العراق شيئاً فشيئاً ، وهو يترقب الآن "الصفعة" الأخيرة التي ستوقظه من حلمٍ تحوّل إلى كابوس مزعج ... لم تنفع حتى جرعة الأمل الأخيرة التي حاول "البغدادي" زعيم التنظيم أن يمنحها لمسلحيه في السيطرة على ما تبقى من مرتزقته داخل العراق ، وتحديداً في منطقة الرمادي، إذ أكدت مصادر مطلعة للموقع الرسمي للعتبة الحسينية فضلت عدم الكشف عن هويتها أن : "هناك انهياراً كبيراً في صفوف داعش بعد تحرير مدينة الرمادي ، وأن انشقاقات وخلافات عميقة جداً تحدث الآن بين قياديي التنظيم وفصائله أدت مؤخراً إلى مواجهات مسلحة أودت بحياة نحو (120) مسلحاً من التنظيم في ناحية الجزيرة الواقعة بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين " ، وهو ما يؤكد أن رسالة البغدادي الصوتية كانت حقاً بلا "هدف حقيقي" ولم تتمكن من ضبط حالة الفوضى التي يعاني منها التنظيم ، وأن كل التهديدات التي أطلقها البغدادي كانت فارغة تماماً ، وستقود التنظيم إلى نهاية حتمية كما حدث مع نظام "صدام" .
صحيفة ألمانية : " داعش" يمر بأصعب مراحله من الضعف و الإرباك " ...
إلى ذلك أكدت صحيفة "دي فيلت" الألمانية أن تنظيم "داعش" الارهابي يمر الآن بأصعب مراحله منذ ظهوره ، وأن مقاتليه في أمس الحاجة للدعم المعنوي ، بعد تعرضهم لضربات أوقعت الكثير من القتلى في صفوفهم على مدار السنة الحالية .
وأضافت الصحيفة : " أن فرع داعش في العراق يتعرّض لضغط متزايد ، بعد تكريت وبيجي وشنكال " ، لافتة إلى أن "استعادة الرمادي انتصار ذو رمزية كبيرة ؛ لأن هذه المدينة هي مركز محافظة الأنبار، التي تعدّ من أهم معاقله ".
واشارت الى ان التنظيم يواصل نشر الأكاذيب لرفع الروح القتالية لعناصره ، لكنها بيّنت أن "التهديدات التي أطلقها زعيم التنظيم وحديثه على غير عادته عن فلسطين يخفي شعوراً بالضعف والارتباك ".
مستقبل "داعش" في العراق ...
وقالت الصحيفة : " إن داعش مقبل على المزيد من المشكلات ، فقد أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أنه بعد أن تستعيد الحكومة السيطرة على الرمادي، سيتم العمل على استعادة الموصل " ، موضحة أن " معركة الرمادي اتسمت بالخطورة الشديدة ، والجيش العراقي تقدم ببطء بسبب كثرة القنابل التقليدية الصنع والمواقع المفخخة " .
إلى ذلك اعتبر المحلل العسكري الأمريكي مارك هيرتلينغ : " أن تحرير مدينة الرمادي من داعش يعد مؤشراً جيداً لنهاية داعش في العراق مستقبلاً بعد تحرير كافة مدنه ".
وقال : " الآن بما أننا نرى حكومة شيعية ، أو أغلبية شيعية في بغداد ، تدعم المحافظة السنية ، أعتقد أن هذا مؤشر جيد لما سيحدث في المستقبل ".
وأضاف : " أن الجيش العراقي هدفه المقبل هو الموصل ، ثاني أكبر مدينة في العراق وهنا سيكون الاختبار الأصعب " .
من جهته توقع الكاتب والصحفي صالح الحمداني : " حدوث المزيد من الانشقاقات في صفوف تنظيم داعش بعد خسارته للرمادي مؤخرا " .
وخلال تصريح خص به الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة ، قال الحمداني : " أظن أن تنظيم داعش الى زوال ، والاراضي العراقية ستتحرر بالكامل " .
ورجح الحمداني : " أن داعش ربما سينتقل بالكامل إلى شمال أفريقيا مروراً بسوريا " .
وقال : " ربما سيظهر تنظيم اعتى من داعش ليخلفها بعد ان تنفض الناس من حول الخليفة ، وينشق من ينشق، ويعود المرتزقة الى بلدانهم او بلدان اخرى " .
ويبدو أن البغدادي كان واقعياً للمرة الأولى في حياته في آخر تسجيل صوتي له ، عندما قال : " هذه هي الحرب الأخيرة التي نخوضها " ، إذ أعلن بذلك نهاية "حلم" داعش في العراق .
حسين الخشيمي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق