هل ينجح "المولد النبوي" بضبط القوة في العالم وتوحيد الخطاب الديني؟

على رأس قائمة "الخالدون المئة" The 100: A Ranking of the Mos الكتاب الذي ألفه الفيزيائي والفلكي الأمريكي "مايكل هارت"؛ يتصدر أسم النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله لائحة أعظم شخصيات العالم التي عرفها التاريخ، إذ يعتقد "هارت" أن النبي (صلى الله عليه واله) هو "الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقّق نجاحاً ساحقاً في الوجهين الديني و الدنيوي".

ويؤكد هذا الاعتقاد التأثير الهائل لدى شخص النبي (صلى الله عليه وآله) الذي استطاع بفضله أن ينشر رسالته إلى أجزاء واسعة من أنحاء العالم في فترة لا تتجاول الـ 23 عاماً فقط ليحدث "انفجاراً" ثقافياً هز المجتمع الجاهلي في شبه الجزيرة العربية وحوله إلى مجتمع يصفه القرآن الكريم بـ "خير أمة".

ويعترف الكاتب والروائي الروسي الشهير "ليو تولستوي" بأن "محمد" أعظم شخصية عرفتها البشرية، لأنه استطاع أن يغير واقع مجتمعه بعد أن أيقظ إنسانيتهم ونهاهم عن سفك الدماء واستباحة الأعراض والأموال.

يقول تولستوي "و مما لا ريب فيه أن النبي محمداً من عظام المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة و يكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق و جعلها تجنح للسكينة و السلام و تفضل عيشة الزهد و منعها من سفك الدماء و تقديم الضحايا البشرية و فتح لها طريق الرقي و المدنية و هو عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي قوة و رجل مثل هذا جدير بالاحترام و الإكرام".

حاجة "الدين" لضبط القوة في العالم

اليوم.. تفرض "المادة" هيمنتها على العالم، لتتحول إلى محور مهم جرّ المنطقة تدريجياً إلى حروب وصرعات تعيش في تزايد مستمر، وتزداد خطورتها مع تطور التقنيات التكنولوجية، إذ تسعى الكثير من دول العالم إلى صرف ميزانيات هائلة في تصنيع الأسلحة الفتاكة، ودعم الإرهاب، وصناعة الإعلام المضلل، وهو ما يدعو إلى ضرورة وجود قوة تتحكم بهذا الكم الكبير من القدرات المادية، والتي لن تجد رادعاً لها غير تنمية "الروح" والتمسك بالقيم الإلهية التي أودعها الله في فطرة الإنسان، غير إنها اندثرت وتلاشت بسبب اللهث وراء المادة، فتبرز حاجة "الدين" لتثري تلك الروح مجدداً وتعيدها بقوة لضبط العالم.

وهنا تأتي أهمية إحياء الملايين من المسلمين في العالم على وجه الأرض لذكرى المولد النبوي الشريف سنوياً، لكنهم هذا العام رأوا أن لهذا الحدث أبعاداً جديدة ومختلفة أخذت طابعاً إنسانياً لوحدة البشرية تحت راية "التوحيد"، وهي الرسالة التي حملها النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ومن قبله كل الأنبياء، وهو ما يدعوهم اليوم إلى ضرورة العودة إلى هذه الرسالة التي تحاول الجماعات الإرهابية المتشددة تصديرها بشكل مغاير تماماً، وتحولها من رسالة سلام ووئام إلى رسالة قتل وتمزيق، وتزداد الحاجة إلى هذا النوع من الخطاب الوحدوي مع تزامن "المناسبات الدينية" في وقت واحد، وهو ما حدث هذا العام تحديداً..  فمن المقاربات أن يحيي العالم ذكرى ميلاد السيد المسيح (عليه السلام) والمولد النبوي الشريف في آنٍ واحد.

المولد النبوي.. يمنح الحياة لوناً متعدد الأطياف

إلى ذلك اعتبر الباحث الإسلامي في الحوزة العلمية "الشيخ عقيل الحمداني" أن النبي جسد كل أطر الانسانية والتسامح والتبادل والتعايش السلمي بين افراد المجتمع واعطى للحياة لون متعدد الاطياف، في إشارة منه إلى أن الدين عند الله واحد كما تعبر عن ذلك النصوص الدينية من كافة الأديان.

وقال في تصريح خص به الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة، إن "الاحتفاء بالمولد النبوي هو إحياء لتلك القيم النبيلة التي جاء بها النبي لبناء الإنسان والمجتمعات الفاضلة".

ودعا الحمداني إلى ضرورة إحياء تراث النبي الحضاري والعلمي في شتى مجالات الوعي والمعرفة ليتسنى للعالم القدرة على تقبل رسالة النبي في عصرنا.

الصائبة المندائيون في العراق يدعون إلى توحيد الخطاب الديني

ويعتبر الصابئة المندائيون في العراق المولد النبوي الشريف "حدث عظيم" له أثره البالغ على مسيرة البشرية، إذ تشارك رموزهم الدينية المسلمين في العراق إحياء هذه المناسبة سنوياً.

وفي تصريح خص به الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة، أكد المستشار الإعلامي لرئيس طائفة الصابئة المندائيين "عدي أسعد خماس" أن رسول الإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله) أكمل ما بدأه الأنبياء والرُسل من قبله بعد أن خطوا درب الحق وعانوا ما عانوا من الظلم والإجحاف".

ودعا "خماس" إلى ضرورة توحيد الخطاب الديني وتعزيز الوحدة الوطنية لدى العراقيين من خلال مناسبة المولد النبوي الشريف.

وقال، "نحن اليوم أحوج ما نكون إلى استثمار هذه المناسبة الكريمة، والتي تزامنت مع ميلاد السيد المسيح عليه السلام في الدعوة إلى توحيد الخطاب الديني، وخلق مناخات فكرية قادرة على مواجهة الفكر التكفيري الهدام، ومحاولات إلغاء الآخر وصولاً إلى تعزيز الوحدة الوطنية، وبناء مستقبل يليق ببلدنا الحبيب وشعبنا الكريم، وعدم النظر إلى المكونات الأخرى من منظور غير المنظور الوطني انطلاقاً من إن للعراق الحبيب يوحدنا".

وشدد "خماس" الذي يمثل رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم "فضيلة الريش أمة الشيخ ستار جبار حلو" على ضرورة توحيد الجهود ورص الصفوف لضمان تحقيق النصر المؤزر على قوى الظلام أعداء الوطن والدين عصابات داعش الإرهابية على حد قوله.

حسين الخشيمي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات