أيُّ قلبٍ لا يرتجف حين وقف الحسين وحيداً؟

أيُّ قلبٍ لا يرتجف حين وقف الحسين وحيداً؟

في ظهيرة عاشوراء، وقد أطبقت سماء كربلاء على الأرض، واحتشدت السيوف من كل جانب، وقف الحسين (عليه السلام) وحيداً، لا خيمٌ تأويه، لا أخٌ يحميه، لا ناصر يُلبّيه، بعد أن ودّع الأحبّة والأنصار، واحتضن أجسادهم الطاهرة واحدة تلو الأخرى.

نظر الحسين إلى الميدان، فلم يرَ إلا جموعاً غليظة القلوب، تتعطّش لدمه، قد أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم، وهو ابن بنت رسول الله، وسيد شباب أهل الجنة. 

في تلك اللحظة التي يتزلزل فيها الجبل، رفع الحسين بصره إلى السماء، وقلبه إلى الله، وقال في دعاءٍ تهتزّ له الأرواح: "اللَّهُمَّ أَنتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرب، وَرَجَائِي فِي كُلِّ شِدَّة...".

لم تكن تلك الكلمات استغاثة من ضعف، بل إعلاناً للثقة التامّة بالله، وسجدة عزّ في محراب الفداء، كان يعلم أنّه ليس وحده، فمن كان الله معه لا يُخذَل، ومن نطق باسمه في وجه السيوف لن تسكته الحناجر المتآمرة.

الأعداء حاصروه، لكنهم لم يملكوا عليه قلبه. وقف كالطود الشامخ، كأنما يحتضن الجراح، ليصوغ منها تاريخاً لا يموت.

كانت تلك الوقفة، حين غابت الدنيا، وتجلّى الله في قلب رجل واحد، هي أعظم شهادة للحق، وأصدق مشهد للثبات، فأيُّ مشهدٍ هذا الذي يُذيب الصخر لو شهد، ويُرجف القلوب لو رأت؟.

أيُّ دمعة لا تنحدر حين نتخيّل الحسين مطوّقاً بآلاف الرماح، وكلّهم يريدون إطفاء نورٍ قال فيه جده المصطفى: "حسين مني وأنا من حسين"؟.

ومع ذلك، نادى الحسين بنداءه الخالد، ورفع صوته فوق صوت المعركة: "هل من ناصرٍ ينصرني؟"، لم يكن يبحث عن ناصرٍ له، بل ناصرٍ لكرامتنا، لديننا، للإنسانية التي وُئدت في كربلاء.

ولما تكسّرت الدنيا من حوله، بقي هو واقفاً جسداً منهكاً، لكن روحاً تسري في كل عاشقٍ للحق، وفي كل قلبٍ ما زال يرتجف من وقفة الحسين وحيداً تحرسه السماء.

ملاحظة: تم توليد هذا النص عبر الذكاء الاصطناعي

تصميم : اسامة الشمري إعداد : علي رحال