في رحاب سيد الشهداء (ع).. دفاتر الطلبة تنبض علما بين جدران الطمأنينة

في مشهد مغاير لأجواء الدراسة المعتادة، اختار عدد من الطلبة أن يحملوا دفاترهم وأقلامهم، ويتوجهوا إلى حيث السكينة والطمأنينة (الحرم الحسيني الشريف).

بين أروقة مقام سيد الشهداء (عليه السلام)، جلس الطلبة على السجاد المفروش، تتناثر حولهم الكتب والكراريس، بينما تغمرهم أجواء روحانية تنبعث من مقام طالما ألهم الثائرين والصابرين.

مكان للمراجعة.. ومصدر للإلهام

“هنا أستطيع أن أركز أكثر مما أستطيع في أي مكان آخر”، هكذا يقول الطالب علي حسن، وهو يتصفح ملاحظاته استعدادا للامتحانات الوزارية. 

ويضيف "مجرد وجودي في هذا المكان يمنحني دافعا مختلفا، أشعر أن العلم هنا له معنى أسمى، وكأن الإمام الحسين (عليه السلام) يحتضن خطواتنا نحو المستقبل”.

مساحة روحية لا تشبه القاعات الدراسية

ما يجمع هؤلاء الطلبة ليس فقط القلق من الامتحانات المقبلة، بل إدراكهم بأن العلم في حضرة الإمام الحسين (عليه السلام) لا ينفصل عن القيم، وأن التحصيل الأكاديمي ليس معزولا عن البناء الروحي. 

ويقول محمد علي، وهو طالب في السادس الإعدادي، إنه يأتي كل يوم صباحا إلى الحرم ليذاكر حتى الظهيرة، مضيفا "هنا لا مكان للتوتر أو القلق، بل هدوء يفتح ذهني ويطمئن قلبي”.

ويشير إلى أن "كل شيء هنا، يختلف، وهناك تعاونا كبيرا من كوادر العتبة الحسينية المقدسة معنا، حيث يوفرون لنا كل شيء".

مبادرات مجتمعية تدعم بيئة الطلبة

وفي إطار اهتمام العتبة الحسينية المقدسة بالطلبة خلال موسم الامتحانات، وفرت خدمات متعددة تساهم في راحة الطلبة المراجعين، من مياه الشرب، ومصاحف صغيرة لتلاوة ما تيسر من الذكر الحكيم، إلى مقاعد مرنة للجلوس، بل وحتى أوقات مخصصة للاستراحة في أجواء مكيّفة.

ويقول حيدر الحسناوي، "حين نأتي إلى الحرم الحسيني الشريف للمذاكرة، لا نشعر أننا نراجع دروسنا فقط، بل نستمد الطمأنينة من روح المكان".

ويلفت إلى أن "دعم العتبة الحسينية المقدسة يتجلى في كل تفصيل، من توفير الأماكن المخصصة للطلبة، إلى وجود الكوادر الإرشادية التي تتابعنا وتقدم لنا النصح النفسي والتربوي، فهذا المكان أصبح لنا بمثابة البيت الثاني".

الإمام الحسين (عليه السلام) ملاذ الطامحين

تجربة الطلبة الذين اختاروا الحرم الحسيني مكانا للمذاكرة تفتح أفقا جديدا لفهم علاقة الجيل الجديد بالقيم الروحية والتعليمية، وتؤكد أن جوار سيد الشهداء (عليه السلام) لم يكن فقط موطنا للعبادة، بل منصة لبناء مستقبل يرتكز على العلم والإيمان.

ويبدو أن هذه الظاهرة الآخذة في التوسع سنة بعد أخرى، باتت تشكل ملمحا مجتمعيا مهما في كربلاء، يعيد رسم علاقة الطلبة بالحرم الشريف، ويوظف قداسته في دعم رحلة التحصيل العلمي وسط تحديات الحياة اليومية.

المرفقات

تحرير : فارس الشريفي تصوير : عباس العامري