ممثل المرجعية العليا: لابد من "موقف شجاع" لإنهاء هذه التجاوزات

قال ممثل المرجعية العليا والمتولي الشرعي لحرم أبي الفضل العباس عليه السلام، السيد أحمد الصافي إنه لابد للإنسان أن يجد نهاية للمشاكل التي تحدث له مع نفسه والآخرين ومع ربه.

وأضاف أمام حشد من المصلين في خطبته الأولى من صلاة يوم الجمعة في الصحن الحسيني الشريف، أن "لابد للإنسان من موقف شجاع للابتعاد عن الآثام"، مؤكداً أن التنبيه عن هذه المسألة في غاية الأهمية.

وأشار سماحته، إلى أن كلمات النبي وأهل البيت حثت على المحاسبة اليومية، لكنه أكد أن هذه المحاسبة بحاجة إلى ما وصفه بـ "الجراءة".

وفي ما يلي النص الكامل للخطبة الاولى من صلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 5/شعبان/1437هـ الموافق 13 /5 /2016 م : 

من دعاء الامام السجاد (عليه السلام) في ذكر التوبة وطلبها يقول (عليه السلام) : (وَعَدَّدَ مِنْ ذُنُوبِهِ مَا أَنْتَ أَحْصَى لَهَا خُشُوعاً وَاسْتَغَاثَ بِكَ مِنْ عَظِيمِ مَاوَقَعَ بِهِ فِي عِلْمِكَ وَقَبِيحِ مَا فَضَحَهُ فِي حُكْمِكَ مِنْ ذُنُوب أدْبَرَتْ لَذَّاتُهَا فَذَهَبَتْ، وَأَقَامَتْ تَبِعَاتُهَا فَلَزِمَتْ، لا يُنْكِرُ يَا إلهِي عَدْلَكَ إنْ عَاقَبْتَهُ، وَلا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَرَحِمْتَهُ)

اخواني مسألة الارقام والعدد لها اهمية في حياتنا والانسان قد يعيش 60 عاماً لكن العمر الذي فيه فائدة قد لا يتجاوز الاشهر.. والا اغلب الاوقات الانسان لا يلتفت للاسف الوقت قد يكون غير مهم في حياتنا فترانا نجود به ونستسهل الاعمار ان تذهب سدى والانسان يأتيه ابليس والهوى والنفس ودائماً يؤجل ويؤخر الاعمال الصالحة ويبقى في هذه الدوامة الى ان يلتفت الى انه قد لا طاقة له ببعض الاعمال الصالحة ..

التنبيه عن هذه المسألة في غاية الاهمية ولذلك ورد الحث على المحاسبة اليومية ان يحاسب الانسان نفسه يومياً والمحاسبة تحتاج الى جرأة والمحاسبة اني اريد ان احصل بعض المشاكل مع ربي ومع نفسي ومع الاخرين وهذا التجاوزات مع الله تبارك وتعالى لابد ان تنتهي لابد للإنسان ان يقف موقف الشجاع ويبتعد عن كل الآثام..

يقول (عليه السلام) : (وَعَدَّدَ مِنْ ذُنُوبِهِ مَا أَنْتَ أَحْصَى لَهَا خُشُوعاً)

الله تعالى بيده العدد ولكن هذا التعداد خشوع الى الله تعالى بدأنا نستذكر الذنوب حتى نبدأ صفحة جديدة..

(وَاسْتَغَاثَ بِكَ مِنْ عَظِيمِ مَا وَقَعَ بِهِ فِي عِلْمِكَ)

نحن لا يمكن اخواني ان ندرك عِظم الذنوب الا ان نتعلم.. العلم قبل العمل والعمل دائماً يهتف بالعلم .. الانسان لابد ان يعرف ان العمل الذي عملته ما هي قيمته الحقيقة وما هي الخسارة التي ستسبب لي .. ليست الخسارة المادية ..العلم لابد ان نحصن انفسنا حتى لا نقع في هذه المشاكل.. بعد ان التفت الانسان وجد عظيم ما وقع به ان بعض الاعمال كنت اعتقد انها سهلة لكنها عظيمة.. هذه المقاييس كونه عظيم وكونه هين ليست مثل مقاييسنا.. الانسان الان في المجالس العامة قد يرى ان الذنوب بعضها اسهل من بعض لشهرتها ولا توجد هناك نفرة منها فالمجالس مثلا ً فيها غيبة لا تشمئز منه النفس فهذا منكر اعتاد عليه الناس استسهلوه ..

بعض الذنوب يهتز لها العرش لذنوب قد الانسان يرتكبها ويعتقدها هينة .. هذه موازين خاطئة عندنا لأننا لا نعلم ..

المدمن على المعاصي لا ملجأ الا ان يستغيث بالله تبارك وتعالى فالله تعالى يغيث عبده المؤمن لو استغاثه الله يغيثه فرحمة الله تعالى سبقت غضبه.. الله تعالى رحيم ورؤوف بنا .. الانسان عليه ان يستغل ما دام في الدنيا ان يستغل هذه الرحمة لتحسين وتبديل هذا السلوك..

ثم يقول (عليه السلام) : (وَقَبِيحِ مَا فَضَحَهُ فِي حُكْمِكَ مِنْ ذُنُوب أدْبَرَتْ لَذَّاتُهَا فَذَهَبَتْ)

ما هو القبيح الذي يفضح في حكمه في قضاء الله تعالى ؟!

لاحظوا التعبير اخواني : (مِنْ ذُنُوب أدْبَرَتْ لَذَّاتُهَا فَذَهَبَتْ)

الانسان لماذا يرتكب الذنب ؟ لأنه يريد ان يلتذ بهذا الفعل فتراه يضحك الاخرين على مؤمن وتراه يسرق ويلتذ بهذا الفعل ويراه بأنه من الشطارة والشجاعة وتراه يكذب لأنه لا يواجه الحقيقة وهكذا لبقية المنكرات ..

الامام (عليه السلام) يقول تلك الذنوب ادبرت لذاتها .. هذه اللذة التي كنت اعتقد بها الآن ذهبت .. تعلمون ان لذات الجسد لذات مؤقتة فترى الانسان مثلا ً يلتذ باكل معين ولكن كم الفترة التي يلتذ بها ..

 ثم يقول (عليه السلام) : (وَأَقَامَتْ تَبِعَاتُهَا فَلَزِمَتْ)

هذا الفعل له اثر فهذه الاثار اقامت هذه التبعات للذنب لكن المشكلة هذه الآثار لم ترحل مع الذنب لكن هذه لزمت وبقيت ..

اذن المحصلة نحن في خديعة لذة حقيقية غير موجودة ونحن نخدع الشيطان يخدعنا وانفسنا تخدعنا والهوى يخدعنا.. كلما نلتذ به بالنتيجة يذهب وهناك اشياء ستبقى وتصرخ وتهتف بنا ولا يمكن هذه التبعات ان تذهب ماذا يكون الحل ؟؟!! لذة قد قاتلت الناس من اجلها ذهبت وهذه اللذة التي ذهبت اصبحت في خبر كان .. تبعات هذه اللذة اصبحت تبعات سيئة والان اريد ان اتخلص من تلك التبعات لا استطيع!! وهذا من عجائب الامور ..

الانسان عندما يتوب الى الله تعالى يبدأ يراجع ويرى في الحقيقة ان الحمل ثقيل وجداً ثقيل..

ثم يقول (عليه السلام) : (لا يُنْكِرُ يَا إلهِي عَدْلَكَ إنْ عَاقَبْتَهُ، وَلا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَرَحِمْتَهُ)

الله اذا عاقبني بهذا الذنب انا لا انكر فهذا مقتضى العدل فأنا لا اتهم الله تعالى قد ظلمني .. لأن الان التائب اصبحت الصورة عنده واضحة .. فانا تجرأت وتجاوزت وانا اعترف..

(وَلا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَرَحِمْتَهُ)

لماذا لا يستعظم ؟!

الله تعالى ياتيه انسان بذنوب الثقلين الله تعالى يعفو عنه .. هو يستحق بمقتضى العدل يستحق ان يُعذب.. لكن نأتي الى الله تعالى من زاوية اخرى .. نقول له لا نستعظم يا الهي هذا العفو ان عفوت عنا  لأنك الرب الكريم .. حقيقة هذا منتهى الامل للعبد العاصي ولغيره.. لا شيء يعلو على الله تبارك تعالى ولا شيء يعلو على رحمة الله تبارك وتعالى..

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات