صلاة الجماعة قوة ناعمة كبرى وشعيرة مهدوية مرتقبة

ان صلاة المنتظرين المؤمنين. جماعة ليس عبارة عن حركات، وافعال عبادية تمارس باوقات خاصة فقط، وانما حقيقة الصلاة تعبر عن امور عدة ينبغي الالتفات اليها: 

اولا : الصلاة محور اعمال الانسان

ان الله تعالى جعل الصلاة محور حركة الانسان، وعمله فعن النبي (صلى الله عليه واله وسلم):( أول ما ينظر في عمل العبد في يوم القيامة في صلاته، فإن قبلت نظر في غيرها، وإن لم تقبل لم ينظر في عمله بشئ)(1)

ثانيا: الصلاة موقف عملي للاقرار بالعبودية والربوبية

ان الصلاة عبارة عن موقف عملي وقوة ناعمة ترتكز في قلوب الملايين من المؤمنين، وأن احياءها بشكلها جماعي يمثل اعظم وقفة عملية بين يدي الله تعالى، وخصوصاً ان كانت هذه الصلوات تقام من قبل القيادات الاسلامية، كالانبياء، والائمة، والعلماء والفقهاء، والفضلاء، وطلبة العلم، فأنها ستمثل عزة الاسلام، وقمة العبودية واقرار بالربوبية للّه عز وجل قال الامام الرضا عليه السلام:( انما امروا بالصلاة لأن في الصلاة الاقرار بالربوبية)(2)

ثالثا : الصلاة وقفة استنكارية لدحض مخططات اعوان الشيطان

حينما يجتمع المسلمون المنتظرون للصلاة في دور العبادة، والمراقد المقدسة، ويتوجهون الى الله عز وجل بذلك الجمع المبارك ،فهذا يعتبر اعظم استنكار عملي على جميع مخططات اعوان الشيطان، ومعسكر الغواية الذي يدعو الى ترك هذه العبادة والدعوة الى الالحاد، والانحلال، ونشر المنكرات والفواحش والابتعاد عن الغيب قال الله تعالى:( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)(3) .

قال الإمام علي (عليه السلام): الصلاة حصن من سطوات الشيطان)(4).

رابعا: صلاة الجماعة قوة تهدد عروش الظالمين والمستكبرين

ان صلاة المنتظرين ذات التجمعات الكبيرة تهدد الحكام الظلمة والطغاة وتهز عروشهم على طول الخط والمسيرة، وتقف امام التكبر والاستعلاء، ومن هنا نرى ان جميع الحكام من الطغاة،والجبابرة، والظلمة يتخوفون من الصلاة ذات الحضور المتميز، والقيادة الربانية، ويمنعمون من اقامتها واحيائها خوفا على سلطانهم وحكمهم لان صلاة الجماعة تمزق عروش الطغاة وتزلزل اقدامهم ، وهذا قد اثبته التاريخ والواقع، فقد وقف الامام الحسين (عليه السلام) في ليلة العاشر وليلة العمليات العسكرية ليطلب من بني امية لعنهم الله ان يمهلوه تلك الليلة لكي يصلي ويقرأ القران الكريم، وكان لهم تلك الليلة دوي كدوي النحل. 

وهذه الصلاة الحسينية لم تكن اعتباطية، وانما كانت صلاة ربانية ووقفة عملية يميز من خلالها بين معسكر الهداية الحسيني، ومعسكر الغواية الاموي. 

وكذلك صلاة الامام الرضا ( عليه السلام)، فقد شعر المأمون ان حكومته لن تقوم وسوف تتزلزل حينما اراد الامام (عليه السلام) اقامة صلاة العيد، وادرك المأمون ان حكومته سوف تنتهي لو اتم الامام (عليه السلام) صلاته، وبذلك سينتهي حكم بني العباس ولذا امر بارجاع الامام (عليه السلام) وسط الطريق ولم يدعه يقيم الصلاة ويتمها . 

وهكذا فعلى طوال الخط والمسيرة كانت ولازالت الصلاة شعيرة ترهب الحكام الظلمة . 

رابعا : اظهار القوة لترهيب العدو 

ان اظهار القوة للمسلمين امر ضروري على مستوى المواجهة ، والصلاة جماعة بالاعداد الكبيرة ترهب العدو وتجعله يعيد حسابته في الواقع، وهذا ما اكد عليه القران الكريم حيث امر المنتظرين المؤمنين بأن يعدوا القوة ليرهبون بها عدو الله تعالى حيث قال:(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَ عَدُوَّكُمْ)(5)، وصلاة الجماعة قوة جماهيرية ترهب اعداء الله تعالى ، هذا ما تعبر عنه الصلاة فهي تمثل قوة ناعمة جاذبة يمكن من خلالها تحقيق الكثير من الاهداف الالهية ، فينبغي على المنتظرين للامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ان يهتموا بها، ويساهمون في احيائها جماعة، ويحيون المساجد، والحسينات بصلاة الجماعة لانها قوة جماهيرية كبرى وتجمع رباني مبارك يمكن ان يتحقق منه جميع استحقاقات دولة العدل الالهي والانتظار المهدوي وجميع معالم النصر المحتم . 

ومن هنا ينبغي ان يعلم ان صلاة الجماعة من اهم تكاليف المنتظرين، وعليهم مضافا لاعمالهم الثقافية، والمهدوية واهتمامهم في متابعة وترقب الاحداث ينبغي ان يهتموا بصلاة الجماعة لانها المنطلق لصناعة الجيل المهدوي الواعي والطريق الحق للاعداد الصحيح فليس من الصحيح الاهتمام بالجوانب السطحية وترك محور الدين وقوته وهيبته، فلا يمكن لنا ان نكون مهدويين ان لم تكن الصلاة جزءً من حياتنا ومبادئنا، والا فكيف سنتفاعل مع مشاريع الامام (عجل الله فرجه الشريف)، فقد ورد انه سيأمر ببناء مسجد في ظهر الكوفة له الف باب ليس الا من اجل احياء (الصلاة) ، وكذلك ورد انه حينما ينزل بيت المقدس اول عمل سيقوم به أمام العالم هو ( الصلاة)، فينبغي علينا احيائها وتربية الاجيال على التعلق بها قربة الى الله تعالى.

الهوامش:------

(1) وسائل الشيعة: ج٣ ص٣٠ 

(2) الوسائل ج٤ ص٩. 

(3) العنكبوت ٤٥.

(4) الصلاة في الكتاب والسنة ص١٤٥.

(5) الانفال ٦٠

: الشيخ وسام البغدادي