موقعية الصديقة فاطمة في آية المودة

ومن الآيات المهمة التي تدل على أن موقعية الصديقة فاطمة عليها السلام في الدين وأنها حجة من الحجج الالهية وداخلة في منظومة الاصول لا الفروع هو آية المودة قال تعالى: ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ(والآية كما تراها خطاب من الله العظيم إلى نبيّه الكريم: (قُلْ) يا محمد لاُمّتك: (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) على أداء الرسالة (أَجْراً) شيئاً من الأجر (إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)أي: إلاّ أن تودّوا قرابتي، والمودّة في اللغة هي إظهار الحُبِّ، وقد اتّفقت كلمات أئمّة أهل البيت عليهم السلام وكلمات أتباعهم على أنّ المقصود من القربى هم أقرباء النبيّ صلى الله عليه واله وسلم.

وهناك أحاديث متواترة مشهورة في كتب الشيعة والسنّة حول تعيين القربى بأفرادهم وأسمائهم، ومن جملة الأحاديث التي ذكرها علماء المسلمين في صحاحهم وتفاسيرهم هذا الحديث: لمّا نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال صلى الله عليه واله وسلم «عليّ وفاطمة وابناها» ... إلى آخره، وحديث آخر رواه الطبري وابن حجر أيضاً: أنّ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: «إنّ الله جعل أجري عليكم المودّة في أهل بيتي، وإنّي سائلكم غداً عنهم)[1].

وهذه الآية الكريمة واضحة وصريحة في بيان موقعية الزهراءعليها السلام، فقد أوجب الله طاعتها وإعلان وإظهار الولاء والمودة لها، وفيه دلالة واضحة على حجيتها وحجية اقوالها وافعالها وتقاريرها كابيها النبي صلى الله عليه واله وسلم، وعلى والحسن والحسين عليهم السلام.

فهذه الآية الكريمة تجسد للأمة موقعية الحجج الالهية الذين يجب إتباعهم للنجاة من الضلال والانحراف وتحديد جانب الولاء والبراءة، فهذه الآية الكريمة هي الميزان الذي يرسم خارطة البشرية في انتمائهم وهويتهم العقائدية، فهي المقياس الحقيقي لتمييز الايمان الحقيقي من المزيف وبهذا يتحدد موقع الصديق فاطمة في الدين حيث لها موقع أساسي من لم يعتقد به يكون من أهل البراءة والضلال والانحراف عن طريق الانتماء الحقيقي للمشروع الالهي.

وكذلك أن هذه الآية الكريمة تدل على أهمية الاعتناء بأحياء ذكر أهل البيت عليهم السلام، واحياء مظلومية الزهراءعليها السلام مصداق حقيقي وواقعي لعنوان المودة الوارد في الآية الكريمة.

واحياء أمر اهل البيت له مصاديق متعددة أبرزه الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم واقامة المجالس التي تحتوي على ذكرهم وذكر تعاليمهم فكل هذا من اوضح المصاديق للمودة.

فما يقوم به أتباع اهل البيت عليهم السلام من إحياء مظلومية الصديقة فاطمة عليها السلام ليس الا إحياءً للأمر من باب إعلان المودة وإظهار الحب والولاء بحسب ما امرت به الآية الشريفة .

 

الهوامش:----

[1] وقد ذكر شيخنا الأميني ـ عليه الرحمة ـ في الجزء الثالث من الغدير خمسةً وأربعين مصدراً حول نزول هذه الآية في شأن عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وأوردها كلٌّ من: الإمام أحمد بن حنبل، ابن المنذر، ابن أبي حاتم، الطبراني ، ابن مردويه ، الثعلبي ، أبوعبدالله الملاّ ، أبو الشيخ النسائي، الواحدي، أبو نعيم، البغوي، البزّار، ابن المغازلي، الحسكاني، محبّ الدين الطبري في الذخائر، الزمخشري في الكشّاف، ابن عساكر، أبو الفرج، الحمويني، النيسابوري، ابن طلحة، الرازي، أبو السعود، أبو حيّان، ابن أبي الحديد، البيضاوي، النَسفي، الهيثمي، ابن الصبّاغ، الكنجي، المنّاوي، القسطلاني، الزرندي، الخازن، الزرقاني، ابن حجر، السمهودي، السيوطي، الصفوري، الصبّان، الشبلنجي، الحضرمي، النبهاني.

: الشيخ وسام البغدادي