ممثل المرجعية العليا في كربلاء يذكّر ساسة العراق برسالة أمير المؤمنين إلى والي البصرة

اكتفى ممثل المرجعية العليا في كربلاء السيد أحمد الصافي، يوم الجمعة 19 فبراير/ شباط بقراءة  رسالة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى والي البصرة عثمان بن حنيف.

ويأتي ذلك بعد أسبوع واحد، من قراءة عهد أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر، من قبل ممثل المرجعية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثاني من صلاة يوم الجمعة، بعد أن قررت المرجعية العليا في النجف الأشرف عدم التطرق إلى المواضيع السياسية أسبوعياً.

وفي ما يلي النص الكامل لما أورده سماحة السيد أحمد الصافي في الخطبة الثانية لهذا الأسبوع:

اخوتي الافاضل اخواتي المؤمنات اعرض لكم الامر التالي:

لقد كتب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) الى والي البصرة عثمان بن حنيف الانصاري، عندما بلغه انه دُعي الى وليمة قوم من أهلها فمضى اليها فكتب اليه رسالة شديدة في اللحظ تؤنبه على استجابته لتلك الدعوة وحضوره في تلك المأدبة ويذكره بما يجب ان يسير عليه من يتولى السلطة ويكون في موقع المسؤولية في مواساة الفقراء والمحرومين، قال (عليه السلام) :

(أَمَّا بَعْدُ، يَابْنَ حُنَيْف: فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إلى مَأدُبـَة فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَكَ الألوَانُ، وَتُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ. وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلى طَعَامِ قَوْم، عَائِلُهُمْ (محتاجهم) مَجْفُوٌّ، وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ. فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضِمُهُ(المأكل) مِنْ هذَا الْمَقْضَمِ، فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ (أي اخرجه من فمك)، وَمَا أَيْقَنَتَ بِطِيبِ وَجوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ. أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُوم إِمَاماً يَقْتَدِي بِهِ، وَيَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ; أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ. أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ، وَلكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَع وَاجْتِهَاد، وَعِفَّة وَسَدَاد. فَوَالله مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً، وَلاَ ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً، وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً، وَلاَ حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً ..

الى ان قال (عليه السلام) :

وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ، إِلَى مُصَفَّى هذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ (الحرير). وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأطْعِمَةِ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ اليمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْص، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيِتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى(جائعة) وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَة وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِـدِّ(الجلد غير مدبوغ) أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: هذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكَهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ(خشونة) الْعَيْش! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ، هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغْلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ أُتْرَكَ سُدىً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ(ركب الطريق على غير قصد)طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ !

نقول اخواني صلوات الله عليك وسلامه يا امير المؤمنين يا إمام الفقراء والمحرومين.. نسأل الله تبارك وتعالى ان يشملنا برحمته ويعيننا في السير على نهجك والاقتداء بسيرتك وصلى الله عليك حياً وميتاً ويوم تبعث حياً ..

 والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات