أشار الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة الأستاذ حسن رشيد العبايجي، إلى أنه يقع على عاتق المنظومات والمنصات الإعلامية والإعلام الرقمي وكل القنوات الفضائية والإعلامية مهمة كبيرة جدا، في احتضان النهضة الحسينية، من خلال الارتقاء بالخطاب الحسيني إلى مستوى الحدث وإلى مستوى الطموح الإنساني، جاء ذلك خلال كلمة له في الندوة العلمية الدولية التي أقامها مركز الإعلام الدولي التابع لقسم الإعلام في العتبة الحسينية، والتي حملت عنوان (أثر الإعلام في ترسيخ الوحدة الإسلامية).
وقال الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة، إن "القرآن الكريم يعتبر خير رسالة إعلامية لتوحيد كلمة الله وترسيخ قوتها ومنعتها وصلابتها في مواجهة التحديات، فالقرآن الكريم يعتبر أكبر وأوسع انتشارا وهو أكبر وسيلة إعلامية جمعت شمل المسلمين على مختلف قومياتهم ومشاربهم منذ مطلع نزول الرسالة السماوية على نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتى يومنا هذا، فجعلهم الله عز جلاله خير أمة أخرجت للناس وأصبحوا بنعمته أخوانا وقد حمل هذا الثقل وحافظوا على مكنونه ومعجزاته أهل البيت (عليهم السلام)".
وأوضح أن "الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر تخلفت عن الأمم وتنكبت عن ركب الحضارة، وتداعت عليها جبابرة وطغاة الأمم لبعدها عن وصية نبيها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتركها هدي القرآن العظيم ومنهجه في الحياة وتجاهل ونكران ولاية أهل البيت (عليهم السلام) فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها من خلال التمسك بكتاب الله وعترة الرسول محمد (صلى الله عليه وإله)".
وأضاف أن "هذا الثقل الحضاري الذي اتسمت به الأمة المسلمة؛ لما تمتلكه من كتاب ربها وذرية نبيها الطيبون الأطهار، هو الحافظ لها على الدوام، ولا سيما في عصر حضارة العولمة التي تغزو ديننا وقيمنا ومبادئنا بذريعة التحضر والمدنية التي جعلت من العالم قرية صغيرة تتحكم بقيمها ودينها وبأجيالها والهيمنة على عقول المسلمين بإعلامها المتحلل أخلاقيا واجتماعيا للسيطرة على مقدراتها وثرواتها وسرقتها وتحريف دينها وقيمها وأخلاق أبنائها، لأنها ابتعدت عن كتابها ومنهجها فتخلفت وتراجعت، إلا أن الأمل يحدونا في أنها ستستعيد مجدها وعزها وشرفها بفضل هذا الكتاب المقدس والعترة الطاهرة وهذا هو الوعد المقطوع به، والذي نؤمن به جميعا".
وبين أن "من هذه المنطلقات وأيمانا بقضيتنا الكبرى للنهضة الحسينية التي تعتبر القضية المركزية دينيا وروحيا وعقائديا لما تحمل من أثار إعلامية جمعت أنبل وأسمى المثل والقيم والمبادئ الإسلامية والإنسانية على مر التاريخ، منذ واقعة الطف وحتى يومنا هذا، فإن هذا الدور الإعلامي كان له حضور فاعل وحيز في منظومة النهضة الحسينية ونشر أهدافها حتى أصبحت الصرخة المدوية التي زلزلت عرش الطغاة التي أقضت مضاجع الظالمين على مدى العصور والأزمان، فهي السبيل الوحيد لجمع شمل الأمة الإسلامية وتوحيدها والوقوف بصلابة وقوة بوجه أعدائها، لأنها تحمل راية الحق التي حملها الإمام الحسين (عليه السلام) نيابة عن الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وعلى إله)".
وتابع "وتستكمل العقيلة زينب (عليها السلام) دور الإعلام الحسيني الأولي حيث وظفته بشكل فعال في نشر أحداث واقعة الطف وتوضيح الحقائق وفضح تضليل الإعلام الأموي المزيف، حتى أقضت مضاجع الظالمين وهزت عروشهم في الكوفة والشام وأسقطت الشعارات الأموية التي شوهت رسالة السماء وإعادة مجد الرسالة وصححت مسيرتها فأصبح الدين الإسلامي محمدي الوجود وحسيني البقاء بفضل دورها الإعلامي بعد أن حرفها وتم تشويه صورتها من قبل الأمويين وأذنابهم".
وأشار إلى أنه "لم تكن ثورة الطف مجرد حدث تاريخي فحسب نمر عليه مرور الكرام، بل هي مدرسة للرسالة كلها بما فيها البطولة وسائر عناوين الحياة، ولكن يجب علينا أن نؤكد على جوانب أخرى متعددة في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال وسائل الإعلام لكي نحقق أهداف الوحدة الإسلامية".
ولفت إلى أنه "نريد أن يكون دور الإعلام بالمستوى المطلوب الذي يفصح عن الحقيقة المثلى لثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، وأن يبتعد عن الجوانب السطحية التي يستدر منها عواطف الناس، بعيدا عن أجواء الفكر الحسيني المشبع بالقيم والمثل العليا، لذا؛ يقع على عاتق المنظومات والمنصات الإعلامية والإعلام الرقمي وكل القنوات الفضائية والإعلامية مهمة كبيرة جدا، في احتضان النهضة الحسينية، من خلال الارتقاء بالخطاب الحسيني إلى مستوى الحدث وإلى مستوى الطموح الإنساني، الذي لا يختلف بأي حال من الأحوال عن الخطاب السماوي، ويحمل رسالة إنسانية كبيرة تهدف إلى تحقيق أهداف الوحدة الإنسانية والإسلامية، ويستطيع مواجهة الإعلام المضاد، وله دور كبير ومستوى حضوري عال في الساحة الإعلامية، فالإعلام الحسيني اليوم يمتلك روح التحدي والثبات في إذكاء ثورة الحسين (عليه السلام) من خلال أدواته الإبداعية مهما كانت متواضعة".
واسترسل قائلا، إنه "ونحن نعيش ذكريات صدور فتوى الدفاع الكفائي التي انطلقت طلائعها من الصحن الحسين الشريف في مثل هذه الأيام في الثالث عشر من حزيران من عام (2014) لتشهر سيف الحق الذي حمله المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، ليمحق به الباطل وأعوانه ويشق لنا طريق العزة والكرامة الذي أعاد إلى الأمة مجدها وشرفها وحفظ مقدساتها، حتى تكللت هذه الفتوى المباركة الخالدة بتاج النصر المبين ودحر أئمة الكفر والظلال بفضل تلبية المؤمنين والمجاهدين الشرفاء من أبناء هذه الأمة الذين بذلوا الغالي والنفيس وأعطوا دماء وأرواحا عزيزة".
ونوه "لقد كان الإعلام بكل عناوينه سلاحا فعالا في التعبئة الجهادية وتلبية هذه الفتوى وتوحدت جميع القوى الخيرة في العراق تحت مظلة الوحدة الوطنية حيث انبرى لها جميع أطياف الشعب العراقي ومن جميع مناطقه، بعد أن كانت المخططات تريد تمزيق وحدة العراق أرضا وشعبا وإشعال حرب أهلية بين أبنائه ولكن حكمة المرجعية العليا حالت دون ذلك وبائت المخططات بالفشل الذريع فكانت هذه الفتوى مثلا رائعا للحفاظ على الوحدة الوطنية".
اترك تعليق