النص على الإمام

لم يزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشير إلى أنّ الائمة من بعده اثنا عشر إماماً فقد أحصى علماء المسلمين ما لا يمكن حصره من حديث الأئمة من قريش اثنا عشر إماماً، وإليك ما رواه المسلمون في ذلك:

1- الائمة بعدي اثنا عشر من أهل بيتي.(1)

2- بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من بني هاشم.(2)

3- لا يزال هذا الدين ظاهراً على من ناواه حتى يمضي من أُمتي اثنا عشر أميراً كلهم من قريش.(3)

ولا يمكن حصر رواة الحديث، اذ هو متواتر لا سبيل لإنكاره, ولم يترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأمر هكذا دون أن يشير إلى هؤلاء الاثني عشر خليفة حيث ذكرهم بأسمائهم, ونص عليهم واحداً بعد واحد.

فما رواه العلامة الكراجكي بسنده عن سلمان قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فلما نظر إلي قال: يا سلمان إن الله عزوجل لم يبعث نبياً ولا رسولاً الا جعل له اثني عشر نقيباً.

قال، قلت: له يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقد عرفت هذا من أهل الكتابين قال: يا سلمان فهل عرفت من نقبائي الاثنا عشر الذين اختارهم الله للامامة من بعدي.

فقلت: الله ورسوله أعلم.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فاطعته، وخلق من نوري نور علي عليه السلام فدعاه إلى طاعته، فاطاعه وخلق من نوره ونور علي فاطمة، فداعاها فاطاعته وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسن والحسين فدعاهما فاطاعاه فسمانا الله عزوجل بخمسة أسماء من أسمائه فالله محمود وأنا محمد والله العلي وهذا علي والله فاطر وهذه فاطمة والله ذو الإحسان وهذا الحسن والله المحسن وهذا الحسين، ثم خلق منا ومن نور الحسين تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق الله عزوجل سماء مبنية أو أرضاً مدحية أو هواءً أو ماءً أو ملكاً أو بشراً وكنا بعلمه أنواراً نسبحه ونسمع له ونطيع.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فوالى واليهم وتبرء من عدوهم فهو والله منا يرد حيث نرد ويكن حيث نكن.

قال، قلت: يا رسول الله فهل يكون إيمان بهم من غير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يا سلمان.

فقلت: يا رسول الله فأنّى لي لجنابهم؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم: قد عرفت إلى الحسين ثم سيد العابدين علي بن الحسين ثم ولده محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبراً في الله ثم علي بن موسى الرضا لامر الله ثم محمد بن علي الجواد المختار من خلق الله ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ثم الحسن بن علي الصامت الأمين على دين الله العسكري ثم ابنه حجة الله فلان سماه باسمه ابن الحسن المهدي والناطق القائم بحق الله, إلى اخر الرواية. (4)

وما رواه ابن عياش بسنده عن عبدالله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:

إن الله عزوجل أوحى إلي ليلة أُسري بي يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من خلفت في الارض على أُمتك وهو أعلم بذلك, قلت يا رب أخي قال يا محمد, علي بن أبي طالب قلت نعم يا رب, قال يا محمد: إني اطلعت إلى الارض اطلاعة فاخترتك منها فلا اذكر حتى تذكر معي, أنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت إلى الارض اطلاعة أخرى فاخترت منها علي بن أبي طالب فجعلته وصيك فأنت سيد الأنبياء وعلي سيد الاوصياء ثم شققت له اسماً من أسمائي فانا: الأعلى وهو علي، يا محمد إني خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام والائمة من نور واحد ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان من المقربين ومن جحدها كان من الكافرين يا محمد لو أنّ عبداً من عبادي عبدني حتى ينقطع ثم لقيني جاحداً لولايتهم أدخلته ناري ثم قال: يا محمد أتحب أن تراهم قلت نعم, قال: تقدم أمامك فتقدمت أمامي فإذا علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفروعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم كأنه كوكب دري في وسطهم, فقلت يا رب من هؤلاء فقال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم يحل حلالي ويحرم حرامي...إلى آخر الرواية (5)

وفي صحيحة أبي بصير قال: سالت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله عزوجل:

(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).

قال عليه السلام: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام.

فقلت: إن الناس يقولون فما باله لم يسم علياً وأهل بيته في كتاب الله عزوجل؟

فقال عليه السلام: قولوا لهم أنّ رسول الله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعاً حتى كان رسول الله هو الذي فسر ذلك، ونزلتْ الزكاة ولم يسم لهم من كل اربعين درهماً درهم, حتى كان رسول الله هو الذي فسر لهم ذلك, ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعاً حتى كان رسول الله هو الذي فسر لهم ذلك ونزلت: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)

ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله في علي: «من كنت مولاه فعلي مولاه».

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أوصيكم بكتاب الله واهل بيتي فاني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك.. إلى أن قال عليه السلام: فلو سكت رسول الله فلم يبين مَنْ أهل بيته، لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله أنزل في كتابه تصديقاً لنبيه: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الى اخر الرواية.. (6)

والروايات في ذلك كثيرة تنص على ذكر الائمة الاثني عشر بأسمائهم، اذ حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجنب أمته الاختلاف والحيرة والوقوع في الفتن دون أن يذكر لهم حجة الوقت وإمام العصر, أي لم يخل عصر عن حجة, ولم يزل إمام يرث إماماً والى هذا يشير قول جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: «الحجة قبل الخلق, ومع الخلق وبعد الخلق»(7).

كما في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (8).

فأعلمهم إنّ أول خلقه للخليفة مستخلفاً كل ما يريده تعالى من خلقه في عبادته, وهكذا هو حجة زماننا وإمام عصرنا, ورث آبائه الطاهرين مواريث الأنبياء وسنن الأصفياء وجعله خاتم الأوصياء, وهو المهدي من آل محمد صلوات الله عليه وعلى آبائه أجمعين.

_الهوامش:

_____________________________________

(1) الفردوس للديلمي عن معرفة الامام المهدي فقيه امامي:169.

(2) ينابيع المودة للقندوزي:308.

(3) معرفة الإمام:170.

(4) الاستنصار في النص على الائمة الاطهار للشيخ الكراجكي:8.

(5) مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر لابي عبدالله بن عياش:30.

(6) رسالة مختصرة في النصوص الصحيحة على إمامة الائمة الاثني عشر للمرجع الشيخ جواد التبريزي:12.

(7) كمال الدين وتمام النعمة:16.

(8) البقرة:30.

المرفقات

: السيد محمد علي الحلو