999 ــ موسى الزين شرارة (1320 ــ 1406 / 1902 ــ 1968 م)

موسى الزين شرارة (1320 ــ 1406 / 1902 ــ 1968 م)

قال من قصيدة (يوم عاشوراء) وقد ألقاها الشاعر بالمناسبة في نادي الإصلاح في بيروت عام (1937) وتبلغ (51) بيتاً:

ذهبَ الطـغاةُ المجرمونَ يلفُّهمْ      خـزيٌ وظلَّتْ (كربلا) ومُحرَّمُ

وشـــــــــــــــهادةٌ نبويَّةٌ عبَّاقةٌ      بـالطيبِ أو بالمجدِ حنَّطها الدمُ

لمْ يحمِهمْ مِـن شامتٍ أو لاعنٍ      بطشٌ وجيشٌ كالجرادِ عرمرمُ (1)

وقال من قصيدة في الإمام الحسين تبلغ (42) بيتاً كُتبت سنة 1943 بمدينة (فريتاون) وألقيت في نادي جمعية الشّباب اللّبناني السّوري بمناسبة عاشوراء:

والكلُّ يطلبُ لو يكونَ بـ(كربلا)     كيما دمــــــاهُ لسبطِ أحمدَ تُبذلُ

والــــحقّ لو كانوا لما هزّتْ قنا     بــــــــأكفِّهمْ ولـما تجرّدَ فيصلُ

بل ربّمــــــــا أو دعْ مقالةَ ربّما     ويزيدُ يُكثرُ في العطاءِ ويجزلُ (2)

الشاعر

موسى الزين شرارة، شاعر ومناضل، ولد في بنت جبيل بلبنان وفي السادسة من عمره توفي والده، فدرس اللغة العربية وآدابها وقرأ القرآن الكريم في بلدته على يد أقربائه، وناضل الاحتلال الفرنسي فتعرض للاعتقال لمرات عدة بين الأعوام (1936 ــ 1939)، وبعد ملاحقته غادر لبنان إلى سيراليون في أفريقيا والتي بقي فيها لمدة تسع سنوات، عاد بعدها إلى بلدته بنت جبيل، وفي عام (1976) غادرها إلى بيروت بعد الاعتداء الإسرائيلي على جنوب لبنان، وأخيرا عاد إلى مسقط رأسه حتى وفاته ودفن فيه.

له ثلاثة دواوين مخطوطة هي:

الشرارات

عصا موسى

هذه فلسطين.(3)

قال عنه الأستاذ الباحث وفيق غريزي: (أنه شاعر يعي تماماً قيمته وموقعه الاجتماعي، ويفقه عبء الرسالة التي يحمل، ويدرك بالتالي ما تتطلب من إيمان وصلابة وصبر وطول أناة. وكان يقدر ويثمن كون الإنسان شاعراً.. والشعر – شرط نظافة الإلتزام – ملكة وموهبة ونعمة لا مثيل لها. والشعراء هم سفراء الأمة في التاريخ, العظماء الخالدون عبر الزمان، الذين يحفرون عميقاً في التراث الباقي بينما تزول الممالك، وتنتقل الثروات وتضيع الأجيال ويتوالد الناس، ولا يبقى إلا المميزون من الأدباء والشعراء العظماء. ومن هؤلاء الشاعر العاملي موسى الزين شرارة) (4)

وقال عنه الدكتور رامز حوراني: (موسى الزين شرارة وقف شعره للتصدي للظلم في أي موقع كان صاحبه، وقد ارتبط نتاجه بالحياة السياسية والإجتماعية لجبل عامل. فقد لعب دورا مهماً في بث روح الوعي بين الناس الذين لايزالون حتى اليوم يحفظون كثيراً من شعره ويرددونه في شتى المناسبات الوطنية.

ونعتقد أن ذلك يعود لعاملين أساسيين: تلازم شعره مع مواقفه الجريئة التي دفع ثمنها سجناً وتشريدا،, ونكهة الطرافة والسخرية اللاذعة والصدق الذي كان يطبع شعره. هذا، وللشاعر ثلاثة دواوين مخطوطة مصنفة حسب العناوين التالية: شرارات، عصا موسى، وهذي فلسطين). (5)  

وقال عنه المؤرخ الكبير السيد حسن الأمين: (إن هذا الشاعر يمثل في حياته وشعره النقلة الحاسمة في تاريخ جبل عامل التي بدأها هذا الجيل بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، النقلة في الشعر، والنقلة في الحياة الاجتماعية، والنقلة في النضال الوطني، والنقلبة في الفكر والاتجاه..

إن الشاعر موسى الزين شرارة من الأوائل الذين تنبهوا إلى ما تمضي به الحياة العربية في مختلف ميادينها في نهاية الحرب العالمية الأولى من تطلع إلى العلم ونقمة على الأجنبي المستعمر...) (6)

شعره

قال من قصيدة (يوم عاشوراء):

في مثلِ هذا اليومِ قد ولِــــــــــــدَ الدمُ      مجداً به ثغرُ العلى يـــــــــــــترنَّمُ

مجداً دعائمُه الــــــــــشهادةُ والـــفدى      تتهدَّمُ الــــــــــــــــــدنيا ولا يتهدَّمُ

مجداً بمجدِ علاهُ كلٌّ فــــــــــــــاضلٌ      وشهيدُ حقٍّ في الـــــــخلائقِ يحلمُ

مجداً به غنّى وصـــــــاغَ له الــحلى      مُتأخِّــــــــــــــرُ الشعراءِ والمُتقدِّمُ

في مثلِ هــــــــذا اليومِ جاءَ حــسيننا      يــــملي الخلودَ على الحياةِ فترسمُ

نـــــــــــاداهُ واجبُه المُقدَّسُ فانــبرى      كالليثِ يزأرُ غاضباً ويدمـــــــــدمُ

ليثٌ له إرثُ النبوَّةِ غــــــــــــــــــابةٌ      عنها يذودُ ودونــــــــــــها يتـجشَّمُ

عُرضتْ له الدنيا فأعـرضَ ســاخراً      منها وراحَ لسخفِــــــــــــها يتـبسَّمُ

مـــــــــــا ثارَ للدنيا كـما ثــاروا ولا      لحطامِهــــــــــا إذ ليسَ فيها مـغنمُ

ماذا بهـــــــا لا الملـكُ يـــلفتُ طرفَه      فــــــــــيها ولا يغريهِ منها الدرهمُ

أتغرُّهُ تيجانُــــــــــــــــــها وعروشُها      والشمسُ دونَ طـموحِهِ والأنــــجمُ

يا للهوانِ أفوقَ منــــبرِ أحـــــــــــمدٍ      يرقى طليقٌ مِن أمـــــــــيةَ مُـجرمُ

وبأمَّةِ الهادي الــــــــــعظيمِ وشرعِه      وكــــــــــــــــــــتابِهِ وتراثِهِ يتحكَّمُ

كلا وحاشا الـسبط ســــــبطُ مـــحمدٍ      أن يرتضي وهوَ الهصورُ الضيغمُ

سَلَّ الحسامَ بـكفِّ أروعَ دونــــــــــه      رضوى ثباتاً في الوغـــــى ويلملمُ

وأثارَهـــــــــــــا حــــرباً بوجهِ أميَّةٍ      مِن عارِها حـــــتى القـــيامةِ ميسمُ

حرباً لها البذلُ الــــــــمقدَّسُ والفدى      هدفٌ وغايٌ والــــــــمثالُ الأعظمُ

ومشى إلى الهيـــجـاءِ فـي أبرادِهِ الـ     إيمانُ والـــــــحقُّ الــــذي لا يُهزمُ

وغضنفرٌ صــــعبُ المراسِ سميدعٌ      لسوى الــــــذي سوَّاهُ لا يــــستسلمُ

فـــــــــــــــي كلِّ حيٍّ للطغاةِ مناحةٌ      مِــــــــــن سـيفِهِ وبكلِّ بيتٍ مــــأتمُ

شقَّ الصفوفَ وغاصَ في أوساطِها      يذري الجسومَ وبالـــــجماجمِ يحطمُ

تـــــــــــتناثرُ الأشلاءُ تحتَ حسامِهِ      والـــــــــــــموتُ مشدوهٌ أصـمٌّ أبكمُ

والصِّيدُ مُـذْ عصفَ الزئيرُ بسمعِها      خرستْ وقامَ حــــــــــــــسامُه يتكلَّمُ

حــــــــــــــــــتى أقرَّ لـه الإباءُ بأنَّه      خــــــــيرُ امرئٍ ولدَ الحفاظَ وأكرمُ

ذهبَ الطـغاةُ الــــــــمجرمونَ يلفُّهمْ     خـزيٌ وظــــــلَّتْ (كـربلا) ومُحرَّمُ

وشـــــــــــــــهادةٌ نبويَّةٌ عـــــــبَّاقةٌ     بـالطيبِ أو بالمــــــــجدِ حنَّطها الدمُ

لمْ يـــــــحمِهمْ مِـن شامتٍ أو لاعنٍ     بطشٌ وجيشٌ كالجرادِ عــــــــرمرمُ

هذا حسيـــــــــنُ المجدِ عنوانُ الإبا      هذا الــــــــــــحفاظُ الهاشميُّ مُجسَّمُ

هذا الذي بدمـائِــــــــــــه ألقى على      أهلِ الضلالةِ حـــــــــــــجَّةً لا تُفحَمُ

هذا الذي ضـحَّى بخيــــــــــــرةِ آلهِ      وبنفْسِه للمسلمينَ ليُسلـــــــــــــــموا

هذا ابنُ ليثِ اللهِ وابـــــــــــــنُ وليِّهِ      هذا النموذجُ والــــــــــمثالُ الأعظمُ

وقال من قصيدته الثانية:

فإذا قــــــــتلتَ فلستَ أوّلَ سيّدٍ     من هاشـــــمٍ بسبيل حقّ يقتلُ

شرفُ الشّهادةِ كالكتابِ ببيتِكم     من ربّكمْ دونَ الخـلائقِ مُنزلُ

ودماؤكم أبـــــداً ودوماً موردٌ     منها تعــــبّ المرهفاتُ وتنهلُ

أنسوا بأنّك شبـلُ حيدرةَ الذي     إن صـاحَ ترتعدُ الكُماةُ وتذهلُ

أنسوا بأنّكَ مِن أشاوسِ هاشمٍ     الفردُ مـنكم في الكريهةِ جحفلُ

بنفوسِكمْ إمّا دعــــــيّ سامكمْ     ذلاّ على بيضِ الظّبا لم تبخلوا

والعارُ عندكمُ بغيرِ دمـــائكمْ     أو فـــي دماءِ عدوّكمْ لا يُغسلُ

............................................

1 ــ عاشوراء في الأدب العاملي المعاصر ــ السيد حسن نور الدين ــ الدار الإسلامية ــ لبنان 1408 هـ / 1988 م ص 166 ــ 170

2 ــ مدونة جبل عامل بتاريخ 13 / 8 / 2021

3 ــ عاشوراء في الأدب العاملي المعاصر ص 165

4 ــ موسى الزين شرارة، شاعر متمرّد على الظلم وثائر على الظالمين / مجلة الجيش / العدد 233 - تشرين الثاني 2004

5 ــ موقع جبل عامل بتاريخ 31 / 8 / 2018

6 ــ مقدمة كتاب: موسى الزين شرارة الشاعر الثائر في محيطه العاملي لإحسان شرارة ص 7 ــ 8

كاتب : محمد طاهر الصفار