954 ــ علي الصحاف (توفي 1321 هـ / 1903 م)

علي الصحاف (توفي 1321 هـ / 1903 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)

أفهلْ أضا نجمٌ بثاقبْ      فجلا ضياهُ دجى الغيــــاهبْ

أمْ نــــورُ قبَّةِ (كربلا     ءَ) القدسِ قد فاقتْ بجــــانبْ

وسما بها بسما العلى     سامٍ كبتْ عنه الكــــــــواكبْ

وعلتْ بها فوقَ الجنا     نِ مراتباً أعـــــــلى المراتبْ

فاخضـعْ لرفعِ مقامِها     واسجـــــــدْ وقبِّلْ كلَّ جـانبْ

واقرأ ســلاماً للشهيـ     ـدِ بـ(كربلا) مثوى الكـواكبْ

الحجُّة الكـبرى على     كـــــــــلِّ الأعاجمِ والأعاربْ (1)

ومنها:

لـهفي عليهِ بـ (كربلا)     لمَّا قضى عــطشانَ ساغبْ

وبكتْ له الأفلاكُ والـ     أملاكُ ضجَّتْ في المحاربْ

وبـــــكتْ عليه الكائنا     تُ بأدمــــــــعٍ منها سواكبْ

الشاعر

الشيخ علي بن محمد بن حسين بن ناصر بن موسى بن حسين بن محمد الصحاف الإحسائي، عالم وأديب وشاعر ولد في الهفوف بالإحساء وهو من أسرة آل الصحاف، الأسرة العلمية والأدبية، التي يعود نسبها إلى (ربيعة) وموطنها الأصلي الأحساء، ولهم مكانة رفيعة في الأحساء والكويت وامتداد في البحرين والقطيف والبصرة وسوق الشيوخ، وقد برز منها العديد من الأعلام من العلماء والأدباء والشعراء ومن أعلامهم:

الشيخ محمد بن حسين الصحاف والد المترجم له، وأبناء المترجم له: الشيخ أحمد بن علي بن محمد، والشيخ حسين بن علي بن محمد، والشيخ كاظم بن علي بن محمد. 

درس الصحاف على يد والده الشيخ محمد الصحاف (1210 ــ 1313 هـ / 1795 - 1895 م) الذي كان يعد من كبار العلماء، ثم سافر إلى إيران وبقي فيها حتى وفاته في مدينة قم المقدسة.

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليهما السلام) تبلغ (56) بيتاً:

ما بالُ ثارِكَ عـــــــــــــــن مثارِكَ نازحُ     ولَــــكَمْ شجاهُ مِن الصبابةِ صادحُ

وإلـــــــــــــــــــى مَ لمْ تنهضْ به مُتطلّباً     والسيــفُ في كفِّ انتصارِكَ لائحُ

وشباهُ يقدفُ بالشـــــــــــــواظِ إذا انجلى     كالصــــــــــــــبحِ إلّا أنه هوَ ذابحُ

يا مَن له الشـــــــــــرفُ الذي لا يُرتقى     مِــــــن دونهِ انحطّ السماكُ الرامحُ

هــــــــــــــــــــلّا دريتَ بأنَّ أوجَ قبابِكمْ     هُدمتْ وقُوِّضَ مِـن عُلاها الصالحُ 

وشرائعُ الإيمانِ غُيِّرَ حـــــــــــــــــكمُها     معَ محكمِ القرآنِ جَـــــــــلَّ الفادحُ

فلئنْ تطلَ في الـــــــــــغيبِ غيبتُك التي     كبرتْ وأنتَ بـــــــها خفيُّ واضحُ

فالحقُّ ما في الدارِ غـــــــــــيرَكَ مطلباً     للــــــــــــــــــطالبينَ له يـدٌ ومنائحُ 

أنتَ الرَّجا والـــــــــمُرتجى والغوثُ إذ     عزَّ النصيرُ وقلَّ فيهِ النــــــــاصحُ

حتى مَ حــــــتى مَ النوى ابنَ العسكريْ     فمتى يلوحُ لكَ اللــــــــــواءُ اللائحُ

ضـــــــــــاقَ الخناقُ أبا الفتوحِ فلمْ نجدْ     إلّاك فـــــــــــــــاتحُها فأنتَ الفاتحُ

أولمْ تهجكَ مِن الحوادثِ أســـــــــــــهمٌ     لمْ يخطِ عن أوتـــــــارِها لكَ سانحُ

حتى فرتْ مِن جسمِ جــــــــــدِّكَ مهجةً     بصفاحِـــــــــــها، اللهُ كيفُ تصافحُ

وتقاسمتْ أعـــــــــــــضاءهُ شفرُ الظبا     فتضــــــــعضتْ مِن جـانبيهِ جوانحُ

حـــــــــــــتى هناكَ حلبنَ مِن رؤسائكمْ     دماً بهِ هاماتُهم تتــــــــــــــــــطايحُ

يا صاحبَ الأمرِ القديمِ إغــــــــــــــارةً     فيها الذوابـــــــــلُ والصقالُ لوامحُ

أصقالكمْ أكلتْ ســــــــــــــواعدَ غربِها     أو عربـــــكمْ ضـئلتْ وهنَّ ضوابحُ

أمْ غـــــــــــــلبُكمْ وهنتْ وأنتَ مشيمُها     أمْ ضـاعَ وترُكَ وهوَ عندكَ واضحُ

أتغضُّ طـــــــــرفَكَ عن طلابِكَ طرفةً     كلّا ومنهمْ سادةٌ وجحــــــــــــــاجحُ

والــــــسبطُ جدُّكَ في الطفوفِ ضريبةٌ     وبهِ هنا لكَ فـــــــــــــاجأتكَ جوائحُ

وبــــــــــــــعينِ ربَّاتِ الحجالِ محامياً     دونَ الـــــــحجالِ وللصفاحِ يصافحُ

فـــــــــــكأنَّه والسيفُ في لججِ الوغى     رعـــــــدٌ وبرقٌ في السحائبِ قـادحُ

لولا القضا ما اعتاقَ في شركِ الردى     يوماً ولا صـاحــــــتْ عليهِ صوائحُ

وحـــــــــــــمولةَ الأرزاءِ عمَّتُكَ التي     لا غابَ عـــــــــنها في الحياةِ الفادحُ

هيَ في النوى مــــــــــــقرونةٌ بفوادحٍ     تــــــــــدعو وقاني الدمعِ هامٍ سانحُ

وتقولُ عاتبةً وتردادُ الأســــــــــــــــى     بينَ الجوارحِ والـجــــــــوانحِ جائحُ

يا راكباً يـــــــــطوي السـباسبَ مُرقلاً     في كورهيــــــــــــما للرياحِ تراوحُ

عُجْ بالغريِّ علـــــــــــــى مـليكٍ عنده     عـــــــــــــــلمُ المنـايا والبلايا طافحُ

هوَ مَن حوى علمَ الكتـــــــابِ وحكمِه     نِعمَ الخبيرِ ومَـــــــن حوته ضرائحُ

ومتى تجئه مُفرداً ويلوحُ مِـــــــــــــن      آيــــــــــــــاتِ مـثـواهُ المُعظّمِ لائحُ

فعـــــــــــــليهِ سلّمْ بلْ وقُل: حلّالُ كلَّ     المشكلاتِ ومَـــــــــــــن لهنَّ الفاتحُ

يا أيُّها النبــــــــــــأ العظيمُ ومَن بهِ الـ     ـرحمنُ في السبعِ الــمثاني مـــــادحُ

لولاكَ ما خلقَ الكــــــــــــــيانَ ولابدا     مِن أكرةِ الإمكانِ عـــــــــــبدٌ صالحُ

يا ليتَ عينَكَ والحسينُ بنينـــــــــــوى     وعليهِ ضاقَ مِـــــن الــفسيحِ الفاسحُ

يحمي الحريمَ ومهرُهُ في لـــــــجَّةِ الـ     ـهيجا على مــــــجرى الــمهنَّدِ سابحُ

ما زالَ في مهـــــــــجِ العـريكةِ مُوقداً     لهبَ الوطيـــسِ وفـي الكــفاحِ يكافحُ

والروسُ تحتَ شباهُ تـــــــهوي سُجَّداً     وعـــــــــــــــليهمُ أجسادهــنَّ طوائحُ

في معركٍ حاذى به فلكَ الـــــــــــسما     حيثُ استقامتْ بالجسومِ صــحاصحُ

وبناتُ أحمدَ بعدَ فــــــــــــقدِ عزيزِها     أضـــــــــــحى يعنِّفُها العدوُّ الـكاشحُ

وضلوعُهنَّ مِن الأسى محــــــــــــنيَّةٌ     كالقوسِ أنــــــــحلها المسيرُ الـنازحُ

يقتادُها في الـــــــــــــــسيرِ أسرٌ مُثقلٌ     لكنه هوَ للجـــــــــــــــوارحِ جـارحُ

وبكلِّ حيٍّ شهِّرتْ ومديــــــــــــــــــنةٍ     فــــــــــبذاكَ تمسي ثمَّ ذاكَ تُصـابحُ

حتى أتيــــــــــــــنَ الشامَ يا لكِ ساعةً     فيها لهنَّ صـــــــــــــــوائحٌ ونـوائحٌ

والـــــــــكوكبُ الدريُّ مَن عمَّ الورى     مِــــــــــن راحتيهِ مواهبٌ ومصالحُ

بسلاسلِ الأقــــــــــــيادِ مطويَّ الحشا     ومِن الضـــــــنى أوهى قواهُ الفادحُ

وهوَ الذي لولا بقاهُ لـــــــــــــــما بقيْ     للساجدينَ مســـــــــــــاجدٌ ومصابحُ

علامُ أسرارِ الـــــــــــــــــنبوَّةِ مَن له     عقدُ الولايةِ زيَّنته وشــــــــــــــــائحُ

أنتمْ لــــــــــــــــعمري آلُ بيتِ محمدٍ     حجِّي ونُســـــــكي والوجودُ الراجحُ

وبجاهِكمْ في اللهِ آمــــــــــــــــــلُ أنّه     عن سيئاتي والخــــــــــــطايا صافحُ

وتقبَّلوا مني وشيــــــــــــــــــحاً زانَه     وشيُ الثناءِ وعن (عـــــليٍّ) سامحوا

بلْ فاشفعوا للوالـــــــــــــدينِ بيومِ إذ      تنشقُّ عنهمْ للمعادِ ضــــــــــــــرائحُ

وملاصقٌ في الــــــــودِّ لا سيما أخي     حسنِ المتيَّمِ في الــــــــــمودِّةِ ناصحُ

والولدُ والقرباءُ ثمَّ حــــــــــــسينُ مِن     هـــــــــــــــوَ للسعادةِ بالإجابةِ ناجحُ

هذي (صحافيَةٌ) بصحــــــــفي أثبُتتْ     وبـــــــــها المتاجرُ في الولايةِ رابحُ 

صلّى الإلهُ عليكمُ ما هبَّ مِــــــــــــن     نفحاتِ قـــــــــــــــــدسِكمُ نسيمٌ فائحُ

وقال من حسينية ثانية:

ألمْ يأنِ للبتّارِ لا يــــــــــــــألفُ الغمدا     يــــــــــروِّي شباهُ مِن دِما مُهجَ الأعدا

سراةُ بـــــــــــــــني عدنانَ مَن لوليهمْ      حسينٌ بأرضِ الـطفِّ صاروا له جندا

وباعوا على اللهِ العليِّ نفوسَــــــــــــهم     لكي يحــــــــــــفظوهُ فاشتراها له نقدا

رجالٌ لعمري لا يُـــــــــــــضامُ نزيلُها     وإن نزلوا يــــــومَ الحروبِ تخلْ سدَّا

همُ الصادقونَ الراشــــــــــــدونَ لأنَّهمْ     قضوا ما عليهمْ في سجلِّ القضا رشدا

وحيثُ اجتباهمْ ذو الجــــلالِ وخصَّهمْ     بمَن كانَ خيرُ الــــــــــمرسلينَ له جدَّا

قــــد اتّخذوا السمرَ الـــرماحَ مـعارجاً     إلى اللهِ حتى أنّهم قارنــــــــــوا السعدا

وزانــــــوا جنانَ الخـــلدِ حينَ حـوتهمُ     ونالوا بها الرضوانَ والفــــوزَ والخُلدا

فصارَ حـــــسينٌ يســــتغيثُ ولا يَـرى     مُــــغيثاً سوى رنِّ الحسامِ على الأعدا

يديرُهمُ في دائــــــــراتٍ مِـــن الردى     دواهــــــــــــــيَ لا تنتجنَ إلا لهمْ وِردا

أحاطَ بكلِّ الجيشِ ظـــــــــهراً وباطناً      وكيفَ وكلُّ الــــــــــجيشِ قد عدَّه عدَّا

إلى أن تجلّى بينَ مـشكـــــاةِ صـــدرِهِ      خماسيّ أركانٍ هـــــــــــوى ملكاً فردا

تروحُ عليه العاديـاتُ وتــــــــــــغتدي     ترضِّضُ منه الظهرَ والــصدرَ والزندا

بأهلي وبي مَن جـسمُه عطّرَ الـــثرى     فـــــــــفاقَ شذاها المسكَ والندَّ والوردا

ومِن عجبِ الأشـياءِ أن كريــــــــــمَه     على رأسِ رمـــحٍ يكثرُ الشكرَ والحمدا

وزينبُ ما بيـنَ النساءِ مِن الأســـــــى     تكابدُ ما أوهـــــــــى حشاها وما أودى 

فللهِ مِن خــــــطبٍ دهى قلبَ زيــــنبٍ     تكادُ تخرُّ الـــــــــــــشمُّ مِن عظمِه هدَّا

ألا أيُّها الساري على كــــورِ ـضـامرٍ      يجوبُ جيوبَ الحــــزنِ في طيِّهِ البَيْدا

تكفَّلْ رعاكَ اللهُ مني رســـــــــــــــالةً      تبلّغُها الكرارَ مَن بـــــــــــالهدى أهدى

وقِفْ بالغريْ واقرِ السلامَ على الـولي     أبا الأوليا مَن بالحرايبِ قـــــــــــد عُدّا

وناديهِ يا غوثَ الصـــــــريخِ ألا ترى     بعينِكَ أشبالاً لكَ افــــــــــــترشتْ وهدا

أبا حسنِ العلّامَ عالمَ دعــــــــــــــوتي     وسامعَ ما أخفى الضــــــميرُ وما أبدى

ألــــــــــــــم ترَ يا مـولايَ ما نالَ آلكمْ     بــــــــــفقدِ حسينٍ حينَ أن أسكِنَ الخلدا

بأنَّ بني ســــــــــــــفيانَ قد سلبتْ لكمْ     فراقدَ لمَّــــــــــــا تعرفُ السلبَ والفقدا

تجرَّتْ عليهنَّ الأعـــــــــــــاديَ جرأةً     وقد سلبوها المـــــــرطَ والقرطَ والعقدا

وإن تلوِ عن عينِ المُسلِّبِ ألِـــــــــمتْ     بضربِ سياطِ الــــــلؤمِ في جنبِها جلدا

وشبُّوا بيوتَ الآلِ مِـــــــــن بعدِ نهبِها     وكانتْ تغيثُ الخائفينُ كــــــــــذا الوفدا

وإنَّ اللواتي قارنَ الصـــــــونُ حجبَها     سبتها العدى مِن بعدِ ما انتهبوا الــرفدا

على هـــزَّلٍ يطوي بها السيرَ لا ترى     لــــــــــــــــهنَّ وطا مِن قتبهنَّ ولا قتدا

...................................................

ترجمته وشعره عن: من التراث الأدبي المنسي في الأحساء، الشيخ علي الصحاف مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ج ١١ صفحة ١٠٧ ــ 114 الشيخ جعفر الهلالي /  عن كتاب تذكرة الأشراف في آل الصحاف للشيخ كاظم الصحاف

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار