تَجْري مِنْ جودِهِ الأَنْهار

إلى رَجُلٍ يظمَأُهُ الماءُ وتتكوثَرُ على يَدِيهِ الفُصول إلى أبي الفضل العباس عليه السلام..

مَزَّقْتُ أوراقَ التُّراثِ وَجِئْتُ لَكْ

وبِداخِلي الشَكُّ الشَّفيفُ تأمَّلَكْ

 

بِئْرٌ مُعَطَّلَةٌ تُمارِسُ قَحْطَها

برؤايَ .. فاسْكُبْ في أُواري سَلْسَلَكْ

 

كَرْبَلْتَ ذَرّاتِ المِياهِ، مَنَحْتَها الـ

جَدْوى أَمِ النَهْرُ المُجَرَّحُ كَرْبَلَكْ؟

 

للآنَ وَجْهُكَ في الفُراتِ يَقودُني

لسؤالِهِ، بَلَّلْتَهُ أَمْ بَلَّلَكْ؟ 

 

مِنْ بابِ مَنْ آتي إلَيكَ مُضَمَّخَاً

بالعِشْقِ، قَلْبي بالحُسَينِ تَوَسَّلَكْ؟ 

 

فَبَأَيِّ فَلْسَفَةٍ تُزاوِلُ نَفْسَها

أطْوي بِساطَ تَشَتُّتي لأُحَلِّلَكْ؟ 

 

هَلْ أسْأَلُ الأطْفالَ: كَيْفَ شِفاهُهُمْ

خاضَتْ تَجاريبَ النَّدى لتُبَسْمِلَكْ؟

 

أَمْ أَسْأَلُ الرمْضاءَ ظُهْراً: هَلْ أَتى

حينٌ على زَهْرِ الرُّبى ما فَضَّلَكْ؟ 

 

هذا أنا بَقِيَ الحُسَينُ بمُهْجَتي

جُرْحاً كَبيراً كَمْ هَواكَ وَبَجَّلَكْ

 

وِبـِ"خُطَّةِ العَبّاسِ" يظْفَرُ، كُلَّما

مَسَّتْهُ كُثْبانُ الوجومِ تَخَيَّلَكْ

 

نَخَرَ السُّدى ظِلّي فَعُدْتُ مُفَرَّغَاً

مِنّي وقالوا جُودُهُ لَنْ يَخْذِلَكْ

 

في طينَتي نَهْرٌ قَديمٌ نادِمٌ

مِنْ بَعْدِ تَعْطيشِ الفَواطِمِ قَدْ هَلَكْ

 

سأَعودُ مِنْ فَوضايَ.. أشْتِلُ سحْنَتي

في بابِكَ الضَّوئيِّ .. تَقْتُلُني الحُلَكْ

 

يا أيُّها العَبّاسُ تضْحَكُ دائِماً

في الحَرْبِ، تَكْسِرُ عَينَها ما أَجْمَلَك! 

 

مِنْ سَيفِكَ البَتّارِ فاحَ قَرَنْفلٌ

أحْتاجُ في صُنْعِ السَّلامِ قَرَنْفُلَكْ

 

 لَمْ تُجْمِعِ الأَنْهارَ إلّا عِنْدَما

كانَتْ تُمَنْطِقُ نَفْسَها لتؤَوِّلَكْ

 

أخْطاءُ رَمْلِ الغاضِرِيَّةِ أَحْجَمَتْ

عَنْ ذاتِها فَغَرَسْتَ فيها سُنْبُلَكْ

 

وَمَلأْتَ قِرْبَتَكَ النَّبيلَةَ قُرْبَةً

للهِ، أَنْحَلَكْ الخُلودَ وَجَلَّلَكْ

 

في الطَفِّ قُرآناً كَريماً راسِخاً

بالحُبِّ خَلّاقُ البَرِيَّةِ نَزَّلَكْ

 

صَلّاكَ نَخْلُ اللهِ فَرْضَاً واجِباً

وَأَرادَ إتْمامَ الثَّوابِ فَنَفَّلَكْ

 

بِكُهولَةِ الأيّامِ تَبْدو يافِعَ الـ

مَعْنى، قَصيرُ بَصيرَةٍ مَنْ جَيَّلَكْ

 

في الطَفِّ عاصِفَةُ الرِّياحِ استَنّجَدَتْ

بهدوئِكَ القَمَريِّ مُذْ ضَجَّ الفَلَكْ

 

يَتَساءَلُ المَلَكوتُ: هَلْ هذا الفَتى

العَبّاسُ؟ هَلْ هذا نَبِيٌّ أَمْ مَلَكْ

 

ولأنَّكَ الماءُ الّذي مِنْ كَفِّهِ

رَبُّ الجَلالةِ للعُطاشى سَيَّلَكْ

 

لَمْ تَشْرَبِ الماءَ الرَّخيصَ رَمَيتَهُ

وَصَرَخْتَ يا نَهْرَ الأَسى ما أضْحَلَكْ

 

حاكَمْتَ في الطَفِّ الضَميرَ، نَهَرْتَهُ

وسَأَلْتَهُ مُسْتَنْكِراً مَنْ كَبَّلَكْ

 

فَأَخَذْتَ تاريخَ البطولةِ خارِجَ الـ

مألوفِ، رَبُّكَ بالعَجائِبِ خَوَّلَكْ 

 

قالَتْ رؤوسٌ أيْنَعَتْ في سِرِّها

للسَيفِ في يَدِكَ العَظيمةِ هَيْتَ لَكْ

 

ما مَسَّكَ النُقْصانُ، رَبٌّ كامِلٌ

لنَواقِصِ الحَرْبِ الكَريهَةِ كَمَّلَكْ

 

يا لَيتَني كَفّاكَ تَقطَعُني الظُبا

وَ"الطُّهْرُ" تَرْفَعُني لتَشْكو مَقْتَلَكْ

 

سُبْحانَ رَبِّ العاشِقينَ بذاتِهِ

في مَوْضِعِ العَينِ الجَريحَةِ قَبَّلَكْ

شاعر : حسن سامي