922 ــ محمد حسن الدكسن (1296 ــ 1368 هـ / 1879 ــ 1949 م)

محمد حسن الدكسن (1296 ــ 1368 هـ / 1879 ــ 1949 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) نبلغ (31) بيتاً:

فطرتُ على الضرَّاءِ ما ريعَ لي حشى     ولـكـنَّ يـومَ (الطفِّ) روّعَ لي قلبي

فللهِ يــــــــــــــومٌ طـبَّقَ الـدهرَ شـجوُه     وأجــرى دمـاً فـيهِ له أعينُ السحبِ

فـذلكَ يـومٌ قـامَ فــــــــــــيهِ ابـنُ أحـمدٍ     خطيباً بدرعِ الصبرِ واللدنِ القضبِ (1)

ومنها:

أيُمسي حسينٌ في الثرى ونساؤه     تهادى إلى الشاماتِ أسرى بني الحربِ

إلى اللهِ أشكو لوعةً (الطفِّ) أنه     تـــــــــــــــأبَّدني حزني وألزمني نحبي

فــــــخذها أبا السجادِ منّي هديةً     وإن ضعفتْ لــــــــكن قبولكَ لي حسبي

الشاعر

محمّد حسن بن عيسى بن مال الله بن طاهر بن أحمد بن محسن بن حبيب بن ياسين الأسدي البصري الدكسن، عالم وأديب وشاعر وخطيب، ولد في النجف ونشأ ودرس بها ونهل من أبيه فن الخطابة، ثم صحب الخطيب الشيخ علي المعروف بـ (ابن عياش) حتى أصبح خطيبا كبيراً شعراء الغري ج 7 ص

وكان يقضي أكثر أيام السنة في البصرة، ثم يعود إلى النجف ليواصل دراسته العلمية، وكان لمنبره صدى واسع في العراق ودول الخليج والمحمرة وذاع صيته واشتهر كخطيب بارع، وتنقل بين البصرة والمحمرة وكان يألف مجالس العلماء هناك كالسيد ناصر ابن السيد عبد الصمد البحراني، ومن بعده السيد عدنان الغريفي، ولما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها سافر إلى النجف مع أسرته وأقام بها للدراسة فدرس على يد السيد مهدي البحراني والسيد محمد علي الصائغ البحراني، والشيخ محمد رضا كاشف الغطاء، والسيد حسن الأصفهاني، والشيخ نعمة الله الدامغاني، كما كان يتردد على مجالس الفقهاء أمثال الشيخ علي بن باقر آل صاحب الجواهر، والشيخ عبد الكريم الجزائري.

وتكللت دراسته هذه برفع مستواه العلمي والخطابي ووسع من محاضراته إلى الجوانب الأخلاقية والعرفانية إضافة إلى الجوانب التاريخية

قال عنه الأستاذ علي الخاقاني الذي كان يسكن جوار داره في النجف: (وبحكم الجوار والصداقة التي تأكدت بيني وبينه فقد عرفته معرفة طيبة كما عرفه المجتمع النجفي إنساناً فاضلاً حر الرأي نقي الشعور صافي النفس طيب المعشر يكثر من خوف الله وطاعته ويتورّع عن كل ما يؤلم النفس، وقد نحا في مجالسه منحى العرفاء والوعاظ الصادقين، ولذا كان لوعظه أثر في النفس يحسه كل من سمعه...

وعن لقبه بـ (الدكسن) يقول الخاقاني: ومن ظرفه أني سألته يوما عن سبب لقبه بالدكسن، فقال لي: إذا لم ترد بي التعريض، وابتسم: إن الشيخ خزعل كان على طراز العرب يوجد الألقاب عن طريق المناسبات ولما كنت قصير القامة جهوري الصوت شبهني بالبندقية المعروفة (الدكسن) لامتيازها بالقصر وقوة الصوت واعجاب الناس بها واقتنائهم لها، فضحكت وقلت: إنه لمعنى شعري فعقب قائلا: وإن وجودي أيضاً هو معنى شعري..

له من المؤلفات:

شرح الصحيفة السجادية

الروضة الدكسنية ــ قصائد باللغة العامية عن واقعة الطف

الكشكول

ديوان شعر

ساءت أحواله المادية في النجف فباع مكتبته وقفل راجعاً إلى البصرة فسكن قرية الدعيجي حتى وفاته فيها ودفن بالصحن الحيدري في النجف، ورثاه عدد من الشعراء منهم ولده الشيخ باقر

شعره

جاء في معجم البابطين: (شاعر مقل، يدل ما بقي من شعره على اتجاهه التقليدي، واقتصار نظمه على الرثاء، وتأثر نتاجه الشعري بشخصيته وثقافته، كما التزم المنهج التقليدي للقصيدة العربية)

قال من قصيدة في رثاء النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (25) بيتاً:

عُجْ بالنِّياق ليَثْربٍ يـــــــــــــــا حادي     نَبْكِ الأُلى من أهــــلِ ذاكَ النادي

حتى إذا ما جـــــــــئتَ غربيَّ الحمى     أنِخِ النياقَ فـــــــسلْ أُهيْلَ الوادي

واذْرِ الـــــــــدموعَ وخلِّني ولواعجي     وحشاشتي بِزفيرِها الـــــــــــوَقّادِ

يا أهلَ هذا الحيِّ أيـــــــــــــن ترحَّلوا     أهلُوهُ عنه وكــــــــــــــعبةُ الوُفَّاد

ما لي أرى الــــــدارَ التي قد أشرقتْ     بالبِشْرِ دهــــــــــراً جُلبِبتْ بسوادِ

فــــــــــأجابَ بالدَّمعِ الهطولِ لحادثٍ     أهــــــــــــلُ الحمى وبنَفْثةِ الأكبادِ

فإليكَ عنا لا تسلْ عـــــــــــــمّا جرى     فالأمرُ صعبٌ والخطوبُ عَوادي

وأَمضُّ ما لاقـــــــــى الحمـى يومٌ به     طرقتْهُ طارقةُ النَّوى بــــــالهادي

مــــــــــــــــا مرَّ يومٌ مثلُ يومِ محمدٍ     أشــــــجى الأنامَ أسىً إلى الميعادِ

يومٌ به جبريلُ أعـــــــــــــــــلن قائلاً     اللهُ أكبــــــــــــرُ والدموعُ بَوادي

ويحَ الزمــــــــــــانِ ويا له من غادرٍ     أبكى الأمينَ وفـــــــتَّ بالأعضادِ

يــــــــــــــدعو بلهفةِ واجدٍ أسفاً على     زمنِ الهبوطِ قد انتـــــــــهى لنفادِ

وأمضُّ شيءٍ في الحشا صَدَعَ الحشا     صـــــوتُ البتولةِ من حشىً وقّادِ

نــــــادتْ وقد قرحَ المصابُ جفونَها     يــــا ويحَ دهرٍ جارَ جورةَ عادي

أبتاهُ مـــــــــــــن لي بعد فقدِكَ سلوةً     فلأبــــــــــــكينكَ يقظتي ورقادي

كيفَ اصطبـــاري أن أراكَ مُفارقي     فالعينُ عبرى والأســــى بفؤادي

للهِ صـــــــــــبرُ المرتضى مما رأى     فــــــــــــقدَ النبيِّ وفرحةَ الحسَّادِ

ناداهُ يا عضُــــدي ويا كهفَ الورى     طرَّاً وحــــــصني عزَّةٍ وعِمادي

كيفَ التسلّي بعــــــــدَ فقدِكَ يا أخي     وأنا بأوهى حـــــــــالتي ونكادي

لم أدرِ أيَّ رزيَّةٍ أبكــــــــــــــي لها     ألغصبِ حقّي أمْ لفقدِ الـــــــهادي

أمْ للبتولةِ أمْ لــــــــــــفقدِ مهابطِ الـ     أمـــــــــــلاكِ أمْ للوحي والإرشادِ

اللهُ أكبرُ يا لها من فـــــــــــــــجعةٍ     قامتْ نـــــــــــــوادبُها بسبعِ شِدادِ

تبكيهِ أملاكُ الـــــسما وذوو النهى     وقد استبيحَ مقامُـــــــــــــه للعادي

لمْ يلحدِ المختارَ غـــــــــــيرُ أحبَّةٍ     كالمرتضى وسراتُه الأمـــــــــجادِ

وبـــــــــــــقبرِهِ قد ألحِدتْ أكبادُها     وتــــــــــراجعتْ تمضي بلا أكبادِ

وقال من قصيدته الحسينية:

فحـتامَ يـا دنــــــــــــيا الـتصبُّرُ لـلكربِ     وأنتِ عــلى البغضا أقمتِ على حربي

كـأنَّكِ مِـــــــن أعـدى العدى لابنِ حرَّةٍ     فـكـــيفَ تواخيني وما أنتِ مِن صحبي

فصدّي وجــــودي واغضبي إنني فتىً     على سعةٍ في الصبرِ والصبرُ مِن دأبي

طــــــــبِعتُ عـلى البلوى إلى أن ألفتها     وقـلتُ لــــــــصحبي لا يـهولنكمُ كربي

تـجـرَّعتُ لـلدنيا مــــــــــــرارةَ كـأسِها     إلـى أن حـلى عـــــــندي ولذّ به شربي

فـقابلتُ فـي صـبري جــــــــهاتٍ ثلاثةٍ     رغـبنَ بـإتلافي تشـــــــاركنَ في سلبي

فـفـرقةَ أوطـــــــــــــــــانٍ وفـقـدَ أحـبَّةٍ     وجـورَ زمـانٍ حارَ منــــــــه ذوو اللبِّ

فـــــــــــــــــيا قائلاً صبراً فهل ترينني     جزوعاً وصبري فيه أنــــــــبأ ما يُنبي

فطرتُ على الضرَّاءِ ما ريعَ لي حشى     ولـكـنَّ يـومَ (الطفِّ) روّعَ لـــــي قلبي

فللهِ يــــــــــــــومٌ طـبَّقَ الـدهرَ شـجوُه     وأجـــــــرى دمـاً فـيهِ له أعينُ السحبِ

فـذلكَ يـومٌ قـامَ فــــــــــــيهِ ابـنُ أحـمدٍ     خطيباً بـــــدرعِ الصبرِ واللدنِ القضبِ

فـــــــــــــكمْ مِن عميدٍ راحَ ينعاهُ أهله     ومِــــن حَرَبٍ عضَّ الشفاهَ على التربِ

وجيشٍ كمـــــــــــوجِ البحرِ بدَّدَ شملَه     غدا فــــــــــرقاً يصطكُّ جنباً إلى جنبِ

أبــوه عـلـيٌّ لا يُـقـــــــــــــاسُ بـغيرِه     بـحربٍ وهـــــــذا الندبُ مِن ذلكَ الندبِ

فـلولا قـضاءُ اللهِ يـمْسِكُه قـــــــــضى     بـحربٍ عـلى كــــــــوفانِها وبني حربِ

فــــــــــلم تـرهُ إلا عـلى ظـهرِ سـابحٍ     يـــشقُّ غبارَ الحربِ في صدرِهِ الرحبِ

إلـى أن أتــــــاهُ الـسهمُ مِن كفِّ كافرٍ     فـخــــــــرَّ بـه مـن صهوةِ المهرِ للتربِ

فـكوِّرَ نـورُ الــــــــشمسِ حـزناً لفقدِه     وأعـولتِ الأمـــــــــــلاكُ ندباً على ندبِ

فقل لبني الآمالِ تقـــــضي فقد قضى     حسينٌ، ومٍن بعدٍ الحــــــسينِ لها يجبي؟

وقـل لـيتامى المسلمـــــين ألا اعولي     عـطوفاً عـليكِ حلؤوهُ عــــــــــن الشربِ

أيُـــــــمسي حسينٌ في الثرى ونساؤه     تهادى إلــى الشاماتِ أسرى بني الحربِ

إلــــــــى اللهِ أشكو لوعةً (الطفِّ) أنه     تـــــــــــــــــأبَّدني حزني وألزمني نحبي

فــــــخــــــــذها أبا السجادِ منّي هديةً     وإن ضعفتْ لـــــــــكن قبولكَ لي حسبي

...............................................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: شعراء الغري ج 7 ص 523 ــ 528

كما ترجم له:

السيد جواد شبر / أدب الطف ج 9 ص 327 ــ 329

عبد الله الخاقاني / موسوعة النجف الأشرف، شعراء النجف في القرن الرابع عشر ج 9 ص 115

كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 5 ص 227 ــ 228

تاريخ البصرة رقم 766 

حيدر المرجاني / خطباء المنبر ج 2 ص 56

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم المطبوعات النجفية ص 202

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 3 ص 138

حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 3 ص 218

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار