866 ــ حسين رشيد الرضوي (توفي ١١٥٦ هـ / 1743 م)

حسين رشيد الرضوي (توفي ١١٥٦ هـ / 1743 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (74) بيتاً:

شهيدٌ بأرضِ (الطفّ)ِ يبكيهِ أحمدٌ    وطيبةُ يبكي ركنُها ومقامُها

وتـــــبكيهِ عينُ الشمسِ بالدمِ قانياً    إذا حـطّ منها للطلوعِ لثامُها

وتبكي عليهِ الوحشُ مِن كلِّ قفرةٍ    وتندبُه أرامُـــــــها وحمامُها (1)

الشاعر

السيد مير حسين بن مير رشيد بن السيد قاسم الرضوي النقوي الحسيني الحائري (2)، عالم وأديب وشاعر، ولد في الهند من أسرة علوية شريفة يعود أصلها إلى الإمام علي الهادي (عليه السلام)، وقد جاء به أبوه إلى النجف، وبقي فيها لفترة ثم غادرها إلى كربلاء ودرس فيها على يد السيد نصر الله الحائري، (3) ثم عاد إلى النجف فدرس عند السيد صدر الدين محمد بن محمد باقر الرضوي الهمداني القمي ، ثم عاد إلى كربلاء ولازم أستاذه الحائري حتى استشهاده كما درس الرضوي ــ إضافة إلى أستاذيه المذكورين ــ على يد الشيخ أحمد النحوي، (4) والشيخ عبد الواحد الكعبي النجفي (5)

توفي الرضوي في كربلاء ودفن فيها. (6)

قال عنه الشيخ عبد الحسين الأميني: (أوحدي ثنى علمه الفائق بأدبه الرائق، وعبقري زان حسبه الزكي بفضله الجم وقريضه المزري بعقود الدرر ومنثور الدراري، فهو عالم بارع، وأديب ناقد، لم تشغله فضيلة عن فضيلة، ولا ثنته مأثرة عن مفخرة). (7)

وقال عنه السيد محسن الأمين: (كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً أحد شعراء العراق في القرن الثاني عشر الهجري له بديعية على وزن وقافية البردة وعلى غرار بديعية الصفي الحلي وأمثالها) (8)

وقال الشيخ محمد علي بن بشارة آل موحي الخيقاني النجفي الغروي: (الأديب السيد حسين بن رشيد الحسيني الرضوي حاز الأدب على صغر سنه وأدرك غوره، لا بظنه فهو الشاعر الذي عز له المماثل وقصر عن مباراته المناضل) (9)

وقال الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلا جم المعارف جاء به أبوه إلى النجف فاشتغل بها مدة بطلب العلم ثم رافقها إلى كربلاء وقرأ على السيد نصر الله الحائري واختص به ثم عاد إلى النجف وتجول بالعراق وكان شاعرا أديبا رقيق النظم منسجمة سهلة ممتنعة يكاد شعره يذوب من رقته..). (10)

وقال محمد مصطفى غلامي: (شاعر من مشهد سيدنا الحسين بن علي عليهما السلام عزت نظراؤه، واري الزناد من غير قدح فيه، شهدت له بجودة القريحة زوراؤه....) (11)

وقال السيد سلمان هادي آل طعمة: (كان من نوابغ زمانه وأفاضل عصره، ومن المجلين في حلبة الأدب...) (12)

وقال السيد محسن الأمين: (وله ديوان شعر يزيد على أربعة آلاف بيت... له ديوان كبير اسمه ذخائر المال في مدح النبي المصطفى والآل جمعه في حياته وقسمه على خمسة فصول افتتحها بمدح النبي صلى الله عليه وآله فيه بديعية عدد أبياتها مائة وخمسون بيتاً) (13)

وقال عنه الشيخ محمد رضا الشبيبي: (هو السيد مير حسين ابن السيد مير رشيد ابن السيد قاسم وقد دعاه الشيخ عبد الرحمن السويدي في «حديقة الزوراء» بالسيد مير حسين الرشيدي النجفي وقال : مدح الوزير حسن باشا بقصيدة ، ولم نرها في ديوانه الذي نقلنا أكثر ما في هذه الترجمة عنه ، قلت لازم صاحبنا الاستاذ السيد نصر الله الحائري وبه تخرج وتأدب وهو أكبر أساتذته بلا ريب ، وللسيد مير حسين شعر كثير وقد اشتهر برقة غزله وتشبيبه وأولع بالتسميط والتخميس وهو لا يبارى في هذا الفن ولكنه لم يسمط إلاالقطع الغزلية غالباً وتسميطه مشهور لا تخلو منه المجاميع الأدبية . مدح جماعة من وجوه النجف والحائر وبغداد وجرد جملة كبيرة من شعره في مدائح الرسول وأهل بيته سماها في صدر ديوانه «ذخائر المآل» وكان جمعه لديوانه سنة 1144 وأهداه إلى استاذه السيد الحائري وقد ظفرنا بنسخة الاصل من هذا الديوان في مجلدة صغيرة بخطه النفيس) (14)

وقال فيه أستاذه السيد نصر الله الحائري:

 

 

 

 

يا أيُّها الــــــشهمُ الذي     غيثُ الندى منه وكفْ

يا ذا الذي فـــي جودِه     قد طالَ لي باعٌ وكفْ

يا ماجداً طـولَ المدى     صدَّ الأذى عنّا وكفْ

حيَّاكَ ربُّ العرشِ ما     برقٌ تبدّى في السدفْ (15)

وقد حقق ديوانه هذا ــ ذخائر المآل في مدح المصطفى والآل الدكتور سعد الحداد (16)

شعره

قال من قصيدته في الإمام الحسين (عليه السلام) والتي تبلغ (64) بيتاً وقد قدمناها:

وهلْ تنظـــــــرانِ اليومَ أيَّ مصيبةٍ    ألّمتْ بأبناءِ النبيِّ عــــــــــــظامُها

لــــــــــــهمْ كلُّ يومٍ سيِّدٌ ذو حفيظةٍ    كريمٌ تســـــــــــــقّيهِ المنونَ لئامُها

فيا عينُ جودي ثـمَّ يا عينُ فاسكبي    دمـــــوعاً تباري الغادياتِ سجامُها

أبعدَ النبيِّ الــــمصطفى وابنِ عمِّه    وعترتِه فـي الأرضِ يزهو خزامُها

وما عجــــبٌ للأرضِ قرّتْ بأهلِها    وقد ضيمَ فــــــــيها خيرُها وإمامُها

سليـــــلُ أميرِ المؤمنينَ إذا اغتدتْ    يُـــــــــــــسلُّ عليـهِ للحقودِ حسامُها

قتيـــلٌ بـسيفِ البغي يخضبُ شيبَه    دمُ النحرِ قد أدمــــتْ حشاهُ سهامُها

ذبيحٌ يــروّي الأرضَ فضلُ دمائِه    بهِ قد غدى يـحكي الـــعقيقَ رغامُها

صـــــــريعٌ له تبكي ملائكةُ السما    ومــــــــــــــكّةُ يبكي حلّها وحرامُها

شهيدٌ بأرضِ (الطفّ)ِ يبكيهِ أحمدٌ    وطيبةُ يبكي ركـــــــــــــنُها ومقامُها

وتـــــبكيهِ عينُ الشمسِ بالدمِ قانياً    إذا حـــــــــــــطّ منها للطلوعِ لثامُها

وتبكي عليهِ الوحشُ مِن كلِّ قفرةٍ    وتندبُه أرامُـــــــــــــــــــها وحمامُها

قال من قصيدة في النبي محمد (صلى الله عليه وآله) تبلغ (37) بيتاً:

سرُّ خلقِ الأفــــــــــــلاكِ آيةُ مجدٍ    صدرتْ مـن وجودِه الأشياءُ

رتبٌ دونها العقولُ حيـــــــــــارى    حيث أدنى غـاياتِها الإسراءُ

محتدٌ طاهرٌ وخـــــــــــــلقٌ عظيمٌ    ومـــــقامٌ دانـتْ له الأصفياءُ

خُصَّ بالــــــوحي والكتابِ وناهيـ    ـكَ كتاباً فيه الهدى والضياءُ

يا أبا القاسمِ المــــــــــــؤمَّلِ يا مَن    خــضعتْ لاقتدارِه العظماءُ

قابَ قوســــــــــينِ قد رقيتَ علاءً    (كيفَ تـرقى رقيّكَ الأنبياءُ)

ولـــــــكَ البدرُ شُقَّ نصفينِ جهراً    (يا سمـاءً ما طاولتها سماءُ)

ودعـــــوتَ الشمسَ المنيرةَ رُدّتْ    لعليٍّ تـمــــــــــدُّها الأضواءُ

أنـــــــــتَ نورٌ علا على كلِّ نورٍ    ذي شـــروقٍ بهديهِ يُستضاءُ

لمْ تزلْ في بواطنِ الحُجبِ تسري    حـيث لا آدمٌ ولا حــــــــوَّاءُ

فـــــــــــاصطفاكَ الإلهُ خـيرَ نبيٍّ    شأنُه النصحُ والتقـى والوفاءُ

داعياً قومـــَه إلى الشرعـةِ السمـ    ـحاءِ يا للإلهِ ذاكَ الــــــدعاءُ

وغزا المعتــدينَ بالبيـضِ والسمـ    ـرِ فردّتْ بغيضِــها الأعـداءُ

ولهُ الآلُ خـــــــــــــــيرُ آلٍ كرامٍ    علماءٌ أئــــــــــــــــمةٌ أتقياءُ

همْ رياضُ النــــــدى ودوحُ فخارٍ    وسمـــــاحٌ ثـمـارُهـا العلياءُ

يُبتغى الخيرُ عنــــــدهمْ والعطايا    كلُّ حينٍ ويُستـجــابُ الدعاءُ

سادتي انتمُ هُداتـي وأنــــــــــــتمْ    عُــــــدَّتي إن ألمّــتِ البأساءُ (17)

ومن شعره في أهل البيت (عليهم السلام) قوله:

يا آلَ بيتِ الوحي إنّكمُ    أسمى الورى قدراً وأفضلُها

وأدقّــها علماً وأوفرها    حــــــــلماً وأزكاها وأكملُها

تـــبّتْ يدا فكرٍ بغيرِكمُ    نظمتْ عــقودَ المدحِ أنملُها

إنَّ الرسالةَ في بيوتِكمُ    واللهُ أعلمُ حـــــــيث يجعلُها (18)

وقال مؤرخاً عام تذهيب القبة المرتضوية والمنارتين وصدر الإيوان عام (1155 هـ)

أمطلعُ الشمسِ قد راقَ النواظرَ أمْ    نارُ الكليمِ بدتْ مِن جـــانبِ الطورِ

أمْ قــبَّةُ الـمرتضى الهادي بجانبِها    منارتا ذكرِ تـــــــــــــقديسٍ وتكبيرِ

وصـــدرُ إيوانِ عزٍّ راحَ مُنشرحاً    صدرُ الوجودِ به في حسنِ تصويرِ

بشائرُ الســــــعدِ أبدتْ مِن كتابتِها    آيُ الهدى ضـــمنَ تسطيرٍ وتحريرِ

يا طالباً علمَ إبــــــــــداءِ البناءِ لها    أرِّخْ تــــــــجلّى لكمْ نورٌ على نورِ (19)

وقال من قصيدة في النبي الأعظم صلى الله عليه وآله تبلغ (150) بيتاً:

محمدُ المصطفى الهادي البشيرِ عما    دُ الأصـــــفياءِ ختامُ الرسلِ كلّهمِ

ربُّ الـــــــعطاءِ عطاءُ الربِّ فضَّله    ركنُ العلاءِ علاءُ الركنِ والحرمِ (20)

ومنها في أمير المؤمنين (عليه السلام):

صنو النبيِّ أميرُ المؤمنينَ أبو الـ    ـسبطينِ بابُ العلومِ المرتضى الشيمِ

فـي السرِّ والجهرِ ساواهُ وكانَ له    ردءاً يـــــــصدّقه في الحكمِ والحكمِ

وفـــــــيهِ جاءَ عن المختارِ منقبةٌ    مَن كنتُ مــولاهُ فهوَ الحقُّ فاعتصمِ (21)

وقال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام):

عليٌّ أبو الــــــحسنِ المرتضى    عليُّ الذرى الطيبِ الطاهرِ

إمـــــــــــــامُ هدىً فضله كاملٌ    وبــــــــحرُ ندىً بذلُه وافرُ

وصيُّ النـبيِّ بــــــــــنصِّ الإلهِ    عليهِ وبرهانُه البـــــــــاهرُ

فتىً راجحُ الــــــــحلمِ لا وجهُه    قطوبٌ ولا صـــدرُه واغرُ

له الشرفُ الـضخمُ والسؤددُ الـ    ـمفخّمُ والــــــنسبُ الطاهرُ

وبــــــــــــيتٌ على شادِ أركانِه    قنا الخط والأبلجُ الــــــباترُ

إلى حيث لا مـلكٌ ســـــــــــابقٌ    هناكَ ولا فـــــــــــلكٌ دائرُ

إذا ساجلَ النــــــــاسَ في رتبةٍ    فــــــــكلٌّ لدى عزِّه صاغرُ

وإن صالَ فــــالحتفُ مِن جندِه    وربُّ الـسماءِ له نــــــاصرُ

كأنَّ قلوبَ العدا إن بــــــــــــدا    مِن الرعـبِ يهفو بـها طائرُ

أيا جدّ إنَّ لســـــــــــــانَ البليغِ    عن حصرِ أوصافِكمْ قاصرُ

كفاكمْ عــــــلى أنَّ ربَّ السماءِ    فــــــي الـذكرِ سعيكمُ شاكرُ

فـــــــــــجادَ ربوعَكَ مِن لطفِه    سحــــــابٌ برضوانِه ماطرُ

مدى الدهرِ ما قد طوى سبسباً    لتقبيلِ أعتــــــــــــابِكمْ زائرُ (22)

وقال في تخميس بيتين:

بنو المصــــــــطفى ينجو الأنامُ بحبِّهمْ    وتزهو رياضُ الجودِ مِــــن فيضِ محبِهمْ

ســـــــــــنا نورِهم قد تمّ مِن نورِ ربِّهمْ    أناسٌ إذا الدنيــــــــــــا دجتْ أشرقتْ بِهمْ

وان أجدبتْ يوماُ بهمْ نـــــــــزلَ القطرُ

بهمْ جملةُ الأشــــــــــــياءِ بانَ وجودُها    وضــــــــــــــاءتْ بأجيادِ الكمالِ عقودُها

فـــــــــــــــــــلاحَ سقامٌ فيهمُ وسعودُها    مشوا فوقَ ظهرِ الأرضِ فاخضرَّ عودُها

وحلّوا ببطنِ الأرضِ فاستوحشَ الظهرُ (23)

................................................

1 ــ ديوان القرن الثاني عشر ج 3 ص 32 ــ 40 عن ديوان السيد حسين رشيد الرضوي الحائري (مخطوط) ص 28 / ذكر منها (64) بيتا في أدب الطف ج 5 ص 231

2 ــ الغدير ج ١١ ص ٣٩٠

3 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ١٥

4 ــ نفس المصدر ص 18

5 ــ الغدير - الشيخ الأميني - ج ١١ - الصفحة ٣٩١

6 ــ نفس المصدر والصفحة

7 ــ نفس المصدر ص ٣٩٠

8 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ١٥

9 ــ نشوة السلافة ومحل الإضافة ص 27

10 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 150

11 ــ شمامة العنبر والزهر المعنبر ص 212

12 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 299

13 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ١٥

14 ــ أدب الطف ج 5 ص 235 عن مجلة الاعتدال السنة 6 ص 84

15 ــ الغدير ج 11 ص 390 ــ 391

16 ــ مجلة ينابيع بتاريخ 12 / 10 / 2018

17 ــ الغدير ج ١١ ص 391 ــ ٣٩٢ / شعراء كربلاء ج 1 ص 200 ــ 201

18 ــ الطليعة ج 1 ص 54 ــ 55

19 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ١٧

20 ــ مجلة ينابيع بتاريخ 12 / 10 / 2018 عن ذخائر المآل في مدح المصطفى والآل ديوان السيد حسين الرضوي تحقيق وتذييل: سعد الحداد ص 35

21 ــ الغدير ج ١١ ص ٣٩٠

22 ــ نفس المصدر ص 393

23 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ١٧

كما ترجم له وكتب عنه:

الأستاذ حميد مجيد هدّو / مجلة البلاغ الكاظمية ــ العدد الثالث من السنة الثانية

السيد محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة / مدينة الحسين ج 3 ص 95

الأستاذ عباس العزاوي / تاريخ الأدب العربي في العراق ج 2 ص 258 ــ 259

محمد أحمد درنيقة / معجم أعلام شعراء المدح النبوي ص 110

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 10 ص 7

الشيخ موسى إبراهيم الكرباسي / البيوتات الأدبية في كربلاء ص 309 ــ 314

كاتب : محمد طاهر الصفار