اقرأ..

المخطوطة من ابداع الخطاط البلغاري محمد نظيف بن مصطفى أفندي (رحمهما الله)، درس فن الخط العربي وتجويده وابدع في مجال الرقع الخطية لخطي الثلث والنسخ، تتلمذ على يد الخطاط عبد الله الزهدي (رحمه الله)، ومن الملاحظ في هذه الرقعة الخطية انها أعدت كحُلية خطية فيما يخص البعد الوظيفي لها بل وحتى الجمالي ، وذلك من خلال اعتماد التراكب في خط الثلث اضافة الى المعالجات الزخرفية التي تزينت بها الرقعة .

وتحمل هذه المخطوطة بين مدادها مجموعة من الأبعـاد الجمـالية تم تحديدها وهي كالاتي:

1. الوضع ألاتجاهي لخط النسخ:

    شهد عصر الخطاط محمد نظيف واعتبارا من زمن استاذه الخطاط التركي الشهير محمد سامي أفندي ظهور ما يعرف بـ ( اللوحة الخطية ) وهي منجز متقدم لفكرة الرقعة الخطية , وفي هذه اللوحة ظهر التركيب في خط الثلث على غير ما درج عليه الخطاطون السابقون من كتابة هذا النمط على هيأة سطر متتابع الكلمات , كذلك تحقق التنويع في الأوضاع الاتجاهية لخط النسخ ما بين المستوي والمائل وقد ظهر ذلك بحساب جمالي مدروس .

2. التناسب في مساحات النصوص :

    ان التوزيع المتكافئ لمساحات النصوص قد حقق التناسب فيما بينها اذ خصصت المساحة الأكبر استطالة لاستيعاب خط الثلث فيما جعلت المساحة الصغيرة لكتابة خط النسخ, فضلا عن تخصيص المساحة الثالثة الأكبر عرضا للخط نفسه , مما أضاف هذا التناسب مظهرا جماليا للرقعة .

3. التناسب في قياس القلم :

    حافظ الخطاط على التناسب بين قلمي النسخ و الثلث , وذلك من خلال اعتماد النسبة المفضلة وهي ( 3:1 ) أي جعل قلم النسخ يساوي ثلث قلم الثلث , ولعل الخطاط نظيف ممن أسهم بترسيخ هذا التناسب بين القلمين .

4. ضبط القواعد:

    ان مهارة الخطاط الشهير محمد نظيف قد بدت واضحة في هذه الرقعة , من خلال رسمه للحروف وضبط قواعدها , فضلا عن حفاظه على التسلسل القرائي لسطر خط الثلث , كما حافظ على تنظيم الحروف والكلمات واستقرارها على السطر ولكلا الخطين مما جعل الرقعة تتصف بالجمالية خاصة وأنها أعدت لأغراض تجميلية . 

5. التوازن :

    حقق الخطاط التوازن في هذه الرقعة الخطية , من خلال التوزيع المتكافئ للمساحات الخطية والزخرفية , كذلك حافظ الخطاط على تطابق مقاسات الحروف ولكلا الخطين كل حسب نوعه , فضلا عن وجود الزخارف الجانبية التي عززت بدورها التوازن للرقعة , مما أضاف ذلك رونقا وجمالا لها .

6. المعالجات اللونية :

    اعتمد الحبر الأسود لكتابة النص القرآني وذلك لتحقيق الوضوح فيما استخدمت الألوان المتناغمة لرسم الزخارف الجانبية , فضلا عن اعتمادها لرسم الفواصل , كما كان للتذهيب دوره في ترصين جمالية اللوحة .

7. تنظيم المساحات الخطية :

    تعد هذه الرقعة الخطية من النماذج التي تعكس نضجا في التنظيم المساحي للنصوص فد اقتضى تركيب خط الثلث ان تخصص له مساحة مستوعبة على نحو كاف , وعندما أراد الخطاط ان يستكمل النص بخط النسخ فقد كان من المناسب فنيا ان يخصص سطرا مستويا وان يكمله بمساحة ضمت الأسطر المائلة , وهكذا ظهر التركيب متماسكا ومنسجما جماليا وتقنيا .

8. المعالجات الزخرفية :

    اقتضى التقسيم الأساس للأرضية وجود مساحتين جانبيتين لمساحة خط النسخ وذلك لصغر مساحة هذا الخط مما أتاح إشغالهما بزخارف نباتية قوامها الأوراد والأوراق والأغصان , كذلك اعتمدت الخطوط المستقيمة لفصل المساحات الخطية والزخرفية بعضها عن بعضها الأخر , فضلا عن إحاطتها بالرقعة , كذلك تضمن النص مجموعة من الآيات القرآنية , لذا من الضروري التمييز بين الآيات حيث اعتمدت وريدات مختلفة في الشكل والقياس تخللت وحدات زخرفية نباتية وهندسية كفواصل للتمييز بين تلك الآيات .

ومن جانب اخر اعتمد الخطاط سورة العلق كنص لكتابة الرقعة و بخطين منفصلين، حيث كتب الآيات الأولى بخط الثلث والآيات التي تلتها بخط النسخ.. مما حقق ذلك الترابط الكلي في وحدة المعنى للرقعة .

وحين تأملنا لما تقدم نستطيع ان نلمس مجموعة من الابعاد الوظيفية التي حققتها ، اذ يظهر البعد الوظيفي لهذه لرقعة الخطية من جانب إعدادها كحُلية خطية وذلك من خلال تجميلها بالزخارف، فضلا عن اعتماد التراكب في خط الثلث واعتماد الاتجاهين المستوي والمائل لمسارات خط النسخ .

كاتب : سامر قحطان القيسي