838 ــ ابن أبي الحديد (585 ــ 656 هـ / 1190 ــ 1258 م)

ابن أبي الحديد (585 ــ 656 هـ / 1190 ــ 1258 م)

قال من قصيدته العلوية المشهورة والتي تبلغ (80) بيتاً:

ولـــــــــــقد بكيتُ لقتلِ آلِ محمدٍ    بـ(الطفِّ) حتى كلُّ عضوٍ مدمعُ

عُقِرَت بَناتُ الأَعوَجِيَّةِ هَل دَرَت    مـــــــا يُستَباحُ بِها وماذا يُصنَعُ

وحريمُ آلِ مـــــــحمدٍ بين العدى    نهبٌ تـــــــــقاسِمهُ اللئامُ الوضَّعُ (1)

الشاعر

عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله بن محمّد بن محمّد بن حسين بن أبي الحديد المدائنيّ (2) المعتزلي (3) الشافعي (4)، عالم وأديب ومؤرخ ومتكلم، ولد بالمدائن بالعراق (5)، ونشأ على حب العلم والأدب، فدرس بداية على يد شيوخ مدينته

وكان لأسرته تاريخ حافل مع العلم والأدب فأبوه بهاء الدين أبو الحسين هبة اللّه المدائني البغدادي (٥۳۰ ــ ٦۱۳ هـ) كان مدرّساً في المدرسة النظامية، وأُستاذ الأدب والحديث في بغداد والمدائن، وقد تقلّد في الأخيرة الخطابة والقضاء مدة طويلة، حتى نعته مترجموه بالخطيب وبالقاضي (6)

وكان أخوه موفق الدين أحمد مدرساً في المدرسة النظامية والمدرسة الفخرية وشغل عدة مناصب وكان فقيهاً كأخيه عبد الحميد، قال عنه الذهبي: (العلامة البارع موفق الدين قاسم بن هبة الله بن محمد بن محمد بن حسين بن أبي الحديد أبو المعالي المدائني الأصولي الأديب الكاتب البليغ .... وله باع مديد في النظم والنثر) (7)

وقال عنه ابن خلكان وعن أخيه عبد الحميد: (إنهما كانا فقيهين أديبين، لهما أشعار مليحة) (8)

ويقول عنهما ابن كثير: (وكان ــ أي عبد الحميد ــ أكثر فضيلة وأدباً من أخيه موفق الدين أبي المعالي، وكان الآخر أيضاً فاضلاً) (9)

وكان أخوه الآخر أبو البركات محمد كاتباً لأوقاف المدرسة النظامية (10) وقد دَرَسَ عبد الحميد ابن أبي الحديد نفسه في هذه المدرسة كما يقول هو (11)

وهذه المدرسة ــ النظامية ــ (قد أنشئت في عهد السلطان السلجوقي ألب أرسلان نسبة إلى نظام الملك وزير أرسلان وابنه ملكشاه سنة 457 هـ وكان إنشاء هذه المدرسة بقصد تدريس الفقه الشافعي والدعوة له) (12)

وتعدّ المدارس النظامية أهم مدارس أهل السنّة في عهد السلاجقة وقد أُنشئت بناءً على أمر نظام الملك بن علي الطوسي (408 ـ 485 هـ) وزير السلطان إلب أرسلان ملكشاه. وقد اشترط نظام الملك، أن تكون هذه المدارس خاصة بالشافعية تعصباً منه لهذا المذهب (13) فكان نظام الملك شافعي المذهب يوقف كلّ مدرسة من المدارس التي ينشؤها على أصحاب الإمام الشافعي (14)

أما المدرسة الفخرية فسُمّيت بذلك نسبة إلى مؤسسها الوزير فخر الدولة أبو المظفر الحسن بن هبة الله بن علي بن المطلب الكرماني البغدادي الشافعي، وزير الخليفة المستظهر بالله المتوفى عام (578 هـ / 1082) (15)

درس ابن أبي الحديد الفقه على المذهب الشافعي كما درس على شيوخ الحنابلة والأحناف والعلويين (16) وبرع في علم الكلام، وكان من أساتذته في المدرسة النظامية وفي غيرها ببغداد: عمر بن عبد اللّه الدبّاس البغدادي، ضياء الدين عبد الوهاب بن علي بن سكينة البغدادي، أبو الخير مصدّق بن شبيب الواسطي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي البغدادي، فخر الدين أبو محمد اسماعيل بن علي البغدادي المعروف بالمأموني، أبو القاسم الحسين بن عبد اللّه العُكْبرَي، أبو يعقوب يوسف بن اسماعيل اللمعاني المعتزلي، أبو جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد الحسني البصري النقيب، أبو قريش بن السُّبَيع بن المهنّا العلوي المدني، شمس الدين فخار بن مَعَدّ الموسوي. (17)

وأخذ عنه تاج الدين ابن الساعي (علي بن أنجب بن عثمان بن عبد الله أبو طالب) خازن كتب المستنصرية، وشرف الدين الدمياطي (عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى المعروف بالحافظ الدمياطي). (18)

وقد تسنّم ابن أبي الحديد مناصب علمية عدة، فعمل كاتباً لدار التّشريفات في دار الخلافة، ثم كاتباً في المخزن وهو بيت المال سنة 630 هـ  ثم كاتباً للدّيوان، وناظراً للحلّة، ووزيراً للأمير علاء الدين الطبسي، وناظراً للمستشفى العضديّ (البيمارستان)، وتولى الإشراف على خزائن الكتب في بغداد وصار كاتب السلّة وهو رأس الدواوين وأعلاها وأقربها من الخليفة وهذه المناصب لا يتولاها إلا من كان عالماً كبيراً وأديباً مقتدراً وشاعراً مجيداً. (19)

قال عنه معاصره ابن الفوطي: (كان أديباً فاضلاً حكيماً...) (20)

وقال عنه عبد الملك الأشراف الغساني الشافعي: (كان أديباً فاضلاً، شافعي المذهب، ينتحل في الاُصول مذهب المعتزلة وله في ذلك تصنيف وردّ على المخالفين) (21)

وقال فيه عبد الهادي الشريفي: (أحد جهابذة العلماء وأثبات المؤرخين، كان أديباً ناقداً، ولغوياً متقِناً، وعارفاً بأخبار العرب، وشاعراً مجيداً، وكاتباً بديع الإنشاء، وأصولياً حاذقاً، ومتكلّماً نظّاراً) (22)

وقال فيه الدكتور أحمد الربيعي: (وكان مرموق الجانب مهاباً إلى أن مات) (23)

وكان ابن أبي الحديد صديقاً مقرباً من الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي وتربطهما علاقة وثيقة، وقد تبوّأ ابن أبي الحديد هذه المناصب بفضله، وقد عُرف ابن العلقمي باهتمامه البالغ بالعلم والأدب ولا يدّخر جهداً في دعم العلماء وصلتهم وتشجيعهم.

وقد أنشأ ابن العلقمي مكتبة ضخمة، وجعلها وقفاً على الناس، فأصبح كل من يحتاج كتاباً ولا يستطيع شراءه يقصد مكتبته، فقد: (كان يحب أهل الأدب ويقرّب أهل العلم..) (24)

وقد وصف ابن الفوطي مكتبته بالقول: (وكان ابن العلقمي قد ابتنى داراً للكتب افتتحها سنة (644 هـ) ونقل إليها الكتب في جميع العلوم) (25)

ويقدر ابن الطقطقي عدد كتب هذه الدار بأكثر من عشرة آلاف كتاب من نفائس الكتب (26)

ويصف ابن أبي الحديد هذه المكتبة ويذكر بعض الكتب التي احتوتها فيقول:

رأيتُ الخزانة قـــــــد زُيِّنتْ    بكتبٍ لــــها المنظرُ الهائلُ

عقولُ الشيـــــــوخِ بها ألّفتْ    ومحصولـه ذاكَ والحاصلُ

ولــــــــــــمّا مثلتُ بها قائماً    وأعجبني الفضلُ والفاضلُ

تمثّلتُ أســــــــــماءها منكمُ    على النقلِ مـــا كذّبَ الناقلُ

بــــــها (مجمعُ البحرِ) لكنه    من الجودِ ليسَ لـــه ساحلُ

وفيها (المهذّبُ) من فضلِكمْ    و(مـــــــــغنٍ) ولـكنه نائلُ

وفيها (الوسيطُ) بما نرتجيهِ    وفيها (النهايةُ) و(الـكاملُ)

وإن كان أعوزها شـــــاملٌ    فــقد زادها جودُكَ الـشاملُ

وإن كــــــان قد فاتَها فائتٌ    أبو الفضلِ في علمِهِ كـاملُ (27)

وكان ابن العلقمي يوعز إلى العلماء بالتأليف، ويشجعهم على ذلك، وفتح باب مكتبته لهم وحثهم على نشر العلم، ومن الذين شملهم نوال ابن العلقمي فأشاد به وبمكتبته، أبو الفضائل الحسن بن محمد الصغاني صاحب كتاب (العباب في اللغة)، والذي قرأ ابن العلقمي مؤلفاته كلها وأعانه كما أعان غيره من العلماء ودعمهم مادياً ومعنوياً، ورفع عن كواهلهم الحاجة والفقر، ووفر لهم ما يحتاجونه في حياتهم العلمية فكتب في مقدمة كتابه يشكر ابن العلقمي ويصفه بالعالم في وصف طويل مسجع منه قوله: (العالم العادل المؤيد المظفر ...) ثم يقول: (وشرفني بمطالعة مصنفاتي وارتضاء مؤلفاتي). (28)

كما وصفه ابن أبي الحديد في مقدمة شرحه نهج البلاغة وقد ألفه له بطلب منه: (ولا عجب أن يتقرّب بسيد الكتب إلى سيد الملوك، وبجامع الفضائل إلى جامع المناقب، وبواحد العصر إلى واحد الدهر، فالأشياء بأمثالها أليق، وإلى أشكالها أقرب، وشبه الشيء إليه منجذب ونحوه دان ومقترب) (29)

ولما فرغ ابن أبي الحديد من تأليفه ــ شرح نهج البلاغة ــ أكرمه ابن العلقمي غاية الاكرام وأهداه هدايا قيّمة غيّرت حاله إلى أحسن حال ورفع اسمه بتأليفه إلى مصاف العلماء وأهل الفضل، ولولا ابن العلقمي لما تم له ذلك كما يقول هو في القصيدة التي مدح بها ابن العلقمي وأرسلها إليه بيد أخيه أبي المعالي يقول في مطلعها:

أيا ربّ العبادِ رفعتَ ضبعي    وطلتُ بمنكبي وبللتُ ريقي

ويقول منها

و(شرحُ النهجِ) لم أدركه إلّا    بعونِـــــكَ بعد مجهدةٍ وضيقِ

تـــــــمثّل إذ بـدأت له لعيني    هنــاكَ كذروةِ الطودِ السحيقِ

فتمَّ بحسـنِ عونِكَ وهو أنأى    مـــن العيّوقِ أو بيضِ الأنوقِ

بآلِ الـــعلقميِّ ورتْ زنادي    وقامت بين أهلِ الفضلِ سوقي (30)

كما كان لابن العلقمي الفضل في إنقاذ حياته عندما اجتاح هولاكو بغداد فحُكم عليه بالقتل مع أخيه موفق الدين أحمد بن أبي الحديد لكن ابن العلقمي توسط فيه وأُسقط الحكم عنه بشفاعته ووساطة الخواجة نصير الدين الطوسي (31)

وكان ابن أبي الحديد شافعي المذهب في الفقه والأصول، معتزليّ الكلام إذ يُنسب إلى مدرسة بغداد في الاعتزال ويرى رأيها في تفضيل عليٍّ على الخلفاء الثّلاثة، لكنّه لا يعدّ الأفضليّة شرطاً للإمامة، كما قال في بداية شرحه لنهج البلاغة: (الحمد لله الّذي قدّم المفضول على الفاضل). (32)

أما مصنفاته وآثاره العلمية والتاريخية والأدبية فهي:

1 ــ شرح نهج البلاغة: أتمّه في أربع سنين وثمانية أشهر وصفه محمد أبو الفضل إبراهيم بأنه: (أعظم الشروح وأطولها، وأشملها بالعلوم والآداب والمعارف وأملؤها..) (33)

2 ــ الفلك الدائر على المثل السائر: يعد هذا الكتاب من المصنفات المهمة في البلاغة والنقد الأدبي، نقد فيه كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير، وقد أتمه في ثلاثة عشر يوما. طبع في دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة ـ القاهرة تحقيق أحمد الحوفي، بدوي طبانة

3 ــ القصائد السبع العلويات: نظمها عام (611 هـ) للوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي في المدائن، وهي في أمير المؤمنين وفضائله ومناقبه وفيها سرد للأحداث التاريخية في تلك الفترة وقد طبعت في بومباي ‌وبيروت والقاهرة‌ وشرحها ابن حماد العلوي، وشمس الدين محمد بن أبي الرضا الراوندي، ورضي الاسترآبادي، ومحفوظ بن‌ وشاح‌ الحلي وغيرهم.

ومن أشهر هذه القصائد السبع القصيدة العينية المشهورة وقد خط بعض أبياتها على في ضريح الإمام علي (عليه السلام) بماء الذهب.

4 ــ نظام كتاب الفصيح: وكتاب الفصيح لأبي العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب الكوفي نظمه ابن أبي الحديد في يوم وليلة والكتاب صغير الحجم كثير الفائدة حظي باهتمام اللغويين.

5 ــ العبقري‌ الحسان‌: في الكلام‌، والمنطق‌، الطبيعيات‌، الأصول‌، والتاريخ‌ والشعر

6 ــ تعليقات‌ على كتب‌ المحصل‌: في الفلسفة والكلام‌، والمحصول‌ في أصول الفقه للإمام‌ الفخر الرازي‌

7 ــ الاعتبار على‌ كتاب‌ الذريعة في ‌أصول‌ الشريعة للسيد المرتضى‌ علم ‌الهدي

8 ــ شرح‌ مشكلات‌ الغرر لأبي الحسن البصري

9 ــ الوشاح‌ الذهبي‌ في‌ علم‌ الأدب

10 ــ ديوان‌ شعر

11 ــ انتقاد المستصفى من علم الأصول للغزالي

12 ــ شرح الآيات البينات للزمخشري في علم الكلام

13 ــ منظومة ابن سينا في الطب

14 ــ الحواشي على كتاب المفصّل في النّحو.

15 ــ زيادات النّقضين.

16 ــ شرح «الياقوت» لابن نوبخت في علم الكلام.

17 ــ المستنصريّات: وهي خمس عشرة قصيدة طويلة

18 ــ تلخيص نقض السفيانية للجاحظ

توفي ابن أبي الحديد ببغداد ودفن فيها (35)

شعره

أبرز شعره القصائد العلويات السبع غير أن الأستاذ عبد الهادي الشريفي يقول: (كان لابن أبي الحديد ديوان مشهور بين الناس، لكنه لم يصل إلينا)، (36) وقد ذَكَره الخوانساري (37)

أما القصائد العلويات فهي في بيان فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وبطولاته وعلمه وتضحياته وجوانب شخصيته العظيمة)

وقد خصص لكل قصيدة موضوعا فالقصيدة الأولى في (فتح خيبر) على يديه (عليه السلام) وتبلغ (70) بيتاً، والثانية في (في فتح مكة) وتبلغ (52) بيتاً، والثالثة في (وصف علي عليه السلام) وتبلغ (21) بيتاً، والرابعة في (معركة الجمل) وتبلغ (39) بيتاً، والخامسة في (صفات علي عليه السلام) وتبلغ (63) بيتاً، والسادسة في مآثره (عليه السلام) وتبلغ (80) بيتاً، والسابعة في أحقيته (عليه السلام) بالخلافة من غيره لمزاياه النادرة وتبلغ (64) بيتاً:

يقول من الأولى:

ألَمْ تخبرِ الأخبارُ فـــــــــــي فتحِ خَيبرٍ    فَــــــــــــفيها لِـذي اللبِّ الملبِّ أَعاجـيبُ

وَفَوزُ عـــــــــــــــليٍّ بالعُلى فوزُها بِهِ‏    فكلٌّ إلى كلٍّ مُـــــــــــــضافٌ ومَنسـوبُ

فَلمّا أرادَ اللَّهُ فـــــــــــــــــــضَّ خِتامِها    وكـــــــــــــــلُّ عزيزٍ غَالَبَ اللَّهَ مَغـلوبُ‏

رَمـــــــــاها بِجيشٍ يَملأ الأرضَ فَوقَه‏    رِواقٌ مِنَ النَّـصرِ الإلــــــهيِّ مَضـروبُ‏

يُسدِّدهُ هـــــــــــــــــديٌ مِنَ اللَّهِ وَاضِحٌ‏    ويُرشِدُه نـــــــــــــــورٌ مِنَ اللَّهِ مَـحجوبُ‏

نــــــــــهارُ سيوفٍ في دجى ليلِ عثيَرٍ   فــــــــــــــأبيـضُ وضَّاحٍ وأسـودُ غربيبُ

عليٌّ أميرُ المؤمنينَ زعــــــــــــــــيمُهُ‏    وَقـــــــــــــــــــائدُه نَسرُ المـفازةِ والذِّيبُ‏

وما أنسَ لا أنـــــــــــــسَ اللّذَينِ تقدَّما    وفرَّهُما والـفرُّ قـــــــــــــــــد عَلما حُوبُ

ولِلـــــــــــــرايةِ العُظمى وَقد ذَهبا بِها    مَـــــــــــــــــــلابسَ ذُلٍّ فَـوقَها وجَلابيبُ

يَشلُّهما مِن آلِ مُوسى شَمَــــــــــــردَلٌ    طَويلُ نِجـادٍ السيفِ أجــــــــــــيدُ يَعبوبُ

عَذَرتُكما إنَّ الـــــــــــــــحِمامَ لمبغَضٌ    وإِنَّ بَـــــــــــــقاءَ النَّفـسِ للنَّفسِ محبُوبُ

ليكرهُ طَعــــــمُ الموتِ والموتُ طالبٌ    فَكيفَ يَلـذُّ الموتُ والـمــــــــوتُ مطلوبُ

دَعــــــــــا قَصبَ العَليَاءِ يَملِكُها امرؤٌ    بغيرِ أفَـاعيـــــــــــــــلِ الدنـاءةِ مقضُوبُ

تَجلّى لكَ الـــــــــــــــجبَّارُ في مَلَكُوتهِ    ولِلــــــــــــحَتفِ تَصـعيدٌ إليكَ وتَصويبُ

ولــــــــــلشَّمسِ عَينٌ عن عُلاكَ كَليلةٌ    وَللدَّهـرِ قَلبٌ خافِقٌ مـنــــــــــكَ مرعوبُ

فَعايَنَ ما لولا الــــــــــــــعَيَانُ وَعلمُه    لَما ارتـاب شكّـــــــــــــاً أَنهُ فيكَ مَكذوبُ

وَشَاهَدَ مَـــــــــرأىً جَلّ عَن أَن يَحدَّهُ    مِنَ الـقَومِ نَـــــظمٌ فـي الصَحائفِ مَكتوبُ

وأَصـــــلتَ فِيها مرحبُ القومِ مِقضباً    جــــــــــرازاً بِه حَبــلُ الأمانيَ مَقضوبُ

فَلم أرَ دَهراً يَقتُلُ الــــــــــــدّهرَ قَبلَها    ولا حتفَ عَضبٍ وهوَ بالحتفِ مَعضُوبُ

حَنانيكَ فَازَ الـــــــــعُربُ مِنكَ بسؤدَدٍ    تَقاصَرَ عــــــــنهُ الفُرسُ والرُّومُ والنوبُ

عَلَيكَ سَــــــــلامُ اللَّه يا خَيرَ من مَشى    به بَازلٌ عَبر الــــــــــــــمَهامهِ خُرعُوبُ

ويـــــــــــا خيرَ من يُغشى لدفعِ ملمّةٍ    فيأمنُ مرعوبٌ ويترفُ قُــــــــــــرضوبُ

ويَا ثاوياً، حَصباءُ مَثواهُ جوهَـــــــــرٌ    وَعيـــــــــــــــــــــدانُه عُودٌ وتُربَتُه طيبُ

تكُوسُ به غرُّ الملائـــــــــــــكِ رفعَةً    ويَــــكبرُ قـدراً أن تــــــــــكوسَ به النّيبُ

يَــــــــــجلُّ ثَراهُ أن يـضرِّجه الدّمُ الـ    ـمُـراقُ وَتَغـشاهُ الشوى والــــــــــعَراقيبُ

وَيا عِلّةَ الدُّنيا وَمَـــــــــــن بَدوِ خَلقها    له وَسَـــــــــيتلو الـبـدو في الحشر تَعقيبُ

وَيا ذا المَعالي الغُرّ والبَعضُ مُحسَبٌ    دَلـــيلٌ على كُــــــــــلٍّ فما الكُلُّ محسُوبُ

ظَـــــــنَنتُ مَديـحي في سِواكَ هِجاءه    وَخِلــــــتُ مَديحي أنــــــــــه فيكَ تَشبيبُ

وقال لهُ الــــــــرَّحمنُ ما قالَ يوسُفٌ    عَداكَ بِما قــــــــدَّمتَ لومٌ وتــــــــــثريبُ (38)

ويقول من الثانية:

رَمَـــــــــيتَ أبا سفيان مِنها بِجحفَل    إذا قِـــــــيسَ عَدّاً بالثّرى كَـانَ أكثراً

يدبّرُه رأيُ الـنَّبي وَصــــــــــــــارمٌ    بِكِفِّك أَهدى في الرّؤوس منَ الكرى

فَطارَ إلى أعلى الـــــسَّماءِ تَصاعداً    فَلمَّا رأى أن لا نَـــــــــــــجاةَ تَحدّرا

وَحاذرَ غربــــــــــيْ مشرفيٍّ مُذكَّرٍ    هَزَزتَ فَألقى المشرفيَّ المـــــــذكَّرا

وَأعطى يَـــــداً لَم يُعطِها عَن مَحبَّةٍ    وقَـــــــــــــولَ هُـدىً ما قالهُ مُتخيرا

طَلعتَ عَلـى البيتِ العتيقِ بعارضٍ    يَمجُّ نجيعاً مِــــــــن ظبا الهِندِ أحمَرا

وَأظهــــــــــرتَ نُورَ اللَّهِ بَينَ قَبائلٍ    مِنَ الناسِ لم يَبرحْ بِـــها الشِّركُ نَيِّرا

وَكسَّـــــرتَ أصناماً طَعنتَ حُماتها    بسُمرِ الوَشيجِ اللَّدنِ حَـــــــتى تَكسَّرا

رَقـــــيتَ بأسمى غارب أحدقت به    مَــــــــــلائِكُ يَتلونَ الكتابَ المُسَطَّرا

بغاربِ خَيرِ المرسلينَ وأشرفِ الـ    أنامِ وأَزكــــــــــى ناعِلٍ وطئ الثَّرى

فَسَبَّح جبريلٌ وَقَـــــــــــــدّسَ هَيبةً    وَهَلَّلَ إسرافيلُ رُعـــــــــــــــباً وكبّرا

إمامُ هُدىً بالقرصِ آثرَ فـــاقتضى‏    لَهُ القرصُ رَدَّ القرصِ أبيـضَ أزهرا

حَلــــــــفتُ بِمثواهُ الشّريفِ وَتُربةٍ     أحَالَ ثــــــــــــرَاها طيبُ ريَّاهُ عَنبرا

لأستنـــــــفدنّ العمرَ في مِدَحي لهُ‏    وإن لامَني فِيه الـــــــــــعذولُ فَأكثرا (39)

ويقول من الثالثة:

لا شيء أقطعُ مِن نوى الأحبابِ ‏أو    سيفِ الــــــوصيِّ كلاهما فتَّاكُ

الــــــــــــــجوهرُ النَّبويُّ لا أعماله‏    مــــــــــلَقٌ ولا تـوحيدُه إشراكُ

ذو النورِ إن نـــسجَ الضلالُ ملاءةً    دكــــــــــناءَ فهوَ لـسجفِها هتَّاكُ

علّامُ أسرارِ الغـــــــــيوبِ ومَن له‏    خُلقَ الزمانُ ودارتِ الأفــــلاكُ‏

في عضبِه مـرِّيخُها وبــــــــغرِّةِ الـ    ـملهوبِ مـــــنها مرزمٌ وسِماكُ

فكَّاكُ أعناقِ الـملوكِ فـــــــــإن يَرِدْ    أســـــراً لها لم يقضَ منه فكاكُ

طعنٌ كـــــــــــــأَفواهِ المزادِ ودونه    ضربٌ كأشداقِ المخاضِ دِراكُ

ما عذرُ من دانــــــــتْ لديهِ ملائكٌ    أن لا تدينَ لعزِّه أمـــــــــــــلاكُ

متعاظمُ الأفعالِ لاهــــــــــــــوتيّها    للأمرِ قبلَ وقــــــــــــوعِه درَّاكُ

أوفى مـــــــــن القمـرِ المنيرِ لنعلِه    شِسعٌ وأعظــمَ من ذكــاءِ شِراكُ

الصافحُ الفتَّــــــــاكُ والـمتطوِّلُ الـ    ـمنَّــــــــــــاعُ والأخّاذُ والــترَّاكُ

قـــــــــد قلتُ للأعداءِ إذ جعلوا له    ضدّاً أيُجعلُ كالحضيضِ شــكاكُ

حاشا لنـــــــــــورِ اللَّهِ يعدلُ فضلَه    ظُـــلمُ الضلالِ كما رأى الأفَّــاكُ

صـــلّى عليهِ اللَّهُ ما اكتستِ الرّبى    بــــرداً بأيدي المعصراتِ تُحاكُ (40)

ويقول في الرابعة:

فافزعْ إلى مـدحِ الوصي‏   فـــــــــفيهِ تطــهيرُ النجسْ

ربُّ الــــسلاهـبِ والقوا    ضبِ والمقانــبِ والخُمُسْ

والبيــضِ والبـيضِ القوا    طِعِ والــغطــارفةِ الحمُسْ

الــــــجامحاتُ الـشامسا    تُ وفوقها الــصيدُ الشُمُسْ

من كلِّ موَّارِ الــــــــعنا    نِ مُـــــطهَّـمٌ صعبٌ سلسْ

للشركِ مــــــــــنها مأتمٌ    والطيرُ مــــنها في عرُسْ

عفَّتْ رسومُ العسكرِ الـ    ـجمـــــــــليِّ قدماً فاندرسْ

وثــــــــــنتْ أعنَّتَها إلى    حربِ ابنِ حربٍ فارتكسْ

رفعَ المصاحفَ يستجيـ    ـرُ مــــــن الحمامِ ويبتئسْ

خافَ الحسامَ الـــعندميُّ    وحاذرَ الـــــرمحَ الوَرَسْ

فانصاعَ ذا عــينٍ مُسهَّـ    ـدةٍ وقلبٍ مــــــــــــختلسْ

وسرتْ بأرضِ النهروا    نِ فزعزعتْ ركنـي قدسْ

الــــــلونُ برقٌ مختلسْ    والصــوتُ رعدٌ مرتجسْ

فغــــدتْ سـنابكُها على    هــــــامِ الخوارجِ كالقبسْ

يَرمي بـها بحرُ الوَغى    أَسدُ المـــــلاحِمِ والوُطسْ

الــــزّاهِدُ الوَرِعُ التقيُ    الــــــــــعالمُ الحبرُ النُّدسْ

صَلَّـــــــى عَلَيهِ اللَّه مَا    غَارَ الحــــجيجُ وَما جَلسْ (41)

ويقول في الخامسة:

لَقد فَازَ عَبــــــــــــــدٌ للوَصيِّ ولاؤه‏    وَلـــــــــو شَابَه بِالموبقاتِ الكَبائِرِ

وَخــــــــــــابَ مُعادِيه ولَو حَلَّقتْ بِه    قَــــــوادِمُ فَتخاءِ الــجناحَينِ كاسِرِ

هُوَ النَّبأ المكنونُ والــــــجوهَرُ الذي‏    تَجسَّــدَ مِن نُورٍ مِـنَ القدسِ زاهِرِ

وذُو المعجزَاتِ الواضِحاتِ أقلُّها الـ    ـظهورُ على مُستـودعاتِ السَّرائِرِ

ووَارِثُ عـــــــلمِ المُصطفى وشَقيقُه    أخاً ونَـظيراً في الـعُلى والأواصِرِ

ألا إنَّما الأَقدارُ طـــــــــــــوعُ يَمينِهِ‏    فَبورَكَ مَــــــن وتــرٍ مُطاعٍ وقادِرِ

هُوَ الآيةُ العُظمى ومُستنبِــطُ الهدى‏    وَحيرةُ أربابِ الــــــنُّهى والبَصَائِرِ

رَمى اللَّهُ منهُ يومَ بَدرٍ خُــــــصومَه    بِذي فُذذٍ في آلِ بـــــــــــــدرٍ مُبادِرِ

تَــــــــعالَيتَ عَن مَدحٍ فأبلَغُ خاطبٍ    بِمدحِكَ بَـــــينَ الناسِ أَقصرُ قاصِرِ

صِفاتُكَ أســــــــــماءٌ وَذاتُكَ جَوهَرٌ    بَري‏ءُ المَعالِي مِن صِفاتِ الجَواهِرِ

يجلُّ عَنِ الأعراضِ والأينِ والمتى‏    ويَــــــــــكبرُ عَن تَشبيههِ بالعَنَاصِر (42)

ويقول في السادسة:

قَد قُلتُ للبرقِ الـــــــــذي شَـقَّ الدُّجى‏    فَكـــــــــأنَّ زنجيّاً هُناكَ يــــجدَّعُ

يا بَرقُ إن جئـــــــــتَ الغريَّ فـقلْ له‏    أَترَاكَ تَعلمُ من بأرضِكَ مُــــودَعُ‏

فيكَ ابنُ عُمــــــــــــرَانَ الكليـمِ وَبعدهُ‏    عيسى يُقـــــــــفِّيهِ وأحــــمدَ يَتبعُ

بَل فيكَ جــــــــــــبريلٌ وميكـالٌ وإسـ    ـرافيلُ والملأُ الـــــــمقدَّسُ أجمعُ‏

بَــــــــــلْ فِــــيكَ نُورُ اللَّهِ جَــلَّ جَلالُه‏    لِذوي البَصــائرِ يُستــشفُّ ويَلمعُ‏

فيكَ الإمــــامُ المرتَضى فــيكَ الوَصـ    ـيُّ المجتبـى فيكَ الـبطينُ الأنزعُ

الضـــــاربُ الهامَ المُقنَّــعُ في الوغى    بـــــــــالـخـوفِ للبُهمِ الكُماةِ يُقنِّعُ

والــسمهريةُ تستقـــــــــيـــــمُ وتنحني    فــــــــكـأنَّها بين الأضالعِ أضلعُ

ومُبدِّدُ الأبطالِ حيث تــــــــــــــــألّبُوا    ومفرّقُ الأحــزابِ حيثُ تجمَّعوا

والحبرُ يصدعُ بالـــــمــواعظِ خاشعاً    حتى تكـــــادُ لهـا القلوبُ تُصَدَّعُ

حتى إذا استعـــــرَ الـــــوغى متلظياً    شَربَ الـدمــــــــــاءَ بغلَّةٍ لا تنقعُ

مُتجلبباً ثوبـــــاً مــن الــــــــــدمِ قانياً    يــــــعلوهُ مِنْ نـقعِ الملاحمِ بُرقعُ

هذا ضمـــــيرُ الــعالمِ المـوجـودِ عن    عدمٍ وسرُّ وجــــــودِهِ المُستودعُ

هذا هــــوَ الـنــورُ الذي عـذبـــــــاتُه    كانت بجبهـةِ آدمٍ تـــــــــــــتطلعُ

وشـهـــابُ مـــوسى حيثُ أظـلمَ ليلُهُ    رُفــــــــــعـتْ له لألاؤهُ تتشعشعُ

يا مَــــن لــــــــه رُدَّتْ ذُكاءُ ولمْ يَفُزْ    بنظيرِهــــــــا مِنْ قبلُ إلاّ يوشعُ

زُهــــدُ المسيـحِ وفتكةُ الدهرِ الـــذي    أودى بها كـســــــرى وفوَّزَ تُبَّعُ

هذي الأمــــــــانةُ لا يقومُ بـــحملِها    خُلقاءُ هابـطةٌ وأطلــــــــسُ أرفعُ

يا هازمَ الأحـــــزابِ لا يـــثنيهِ عن    خوضِ الـحِمامِ مُدجَّجٌ ومُــــدرَّعُ

يا قالعَ البــــابِ الــــــتي عن هزِّها    عجــــــزتْ أكفٌ أربعونَ وأربعُ

لولا حـــــدوثكَ قلتُ: إنكَ جاعلُ الـ    أرواحِ فـــي الأشباحِ والمُستنزّعُ

لـــــولا مماتُكَ قلتُ: إنَّكَ باســطُ الـ    أرزاقِ تـــقدرُ في العطاءِ وتوسِعُ

ما العــــــــــالمُ العُلـــــويُّ إلاّ تربةٌ    فيها لِجُثتِكَ الشـــــــريفةِ مضجعُ

أنا في مديـــحِكَ ألـــــكنٌّ لا أهتدي    وأنا الــخطيبُ الهزبريٌّ المصْقعُ

ما الدهرُ إلاّ عــــــــبدُكَ القِنُّ الذي    بنفوذِ أمـــــــرِكَ في البريةِ مُولعُ

أ أقـــــــــــولُ فيكَ سميدعُ كلا ولا    حـــــــاشا لمثلكَ أن يُقالَ سُميدعُ

بل أنتَ في يــــــــومِ القيامةِ حاكمٌ    في العـــــــــالمينَ وشافعٌ ومشفَّعُ

ولقد جــــــهلتَ وكنتَ أحذقَ عالمٍ     أغرارُ عزمِـــكَ أمْ حسامُكَ أقطعُ

وفــــــقدتُ معرفتي فلستُ بعارفٍ    هل فضلُ علمِكَ أمْ جنابُكَ أوسعُ

لــــــــي فيكَ معتقدٌ سأكشفُ سِرَّهُ    فليصغِ أربابُ الـــنهى وليسمعوا

هيَ نفثةُ المـصدورِ يطــفئُ بردُها    حرَّ الصبابةِ فاعـذلوني أو دعوا      

 واللهِ لــــــولا حيدرٌ ما كانــتِ الـ     دنيا ولا جمعُ البــــــــريةِ مجمعُ

من أجلهِ خُلِقَ الـزمانُ وضَـــوِّئتْ    شهبٌ كَنَسْنَ وجَنَّ ليـــــلٌ أدرعُ

وإلــــــــيهِ في يـومِ المعادِ حسابُنا    وهوَ الملاذُ لنا غداً والمَــــــفزعُ

هذا اعتقــــادي قـد كشفتُ غطاءهُ    سيـــــــــــضرُّ معتقداً لهُ أو ينفعُ

أهواكَ حتـى فـي حـشاشةِ مهجتي    نارٌ تَشُبُّ عــــــلى هواكَ وتلذعُ

وتكادُ نفســـــي أن تـذوبَ صبابةً    خلقاً وطبعاً لا كـــــــــمنْ يَتَطَبّعُ (43)

ومنها في الإمام الحسين (عليه السلام):

ولَـــــــــــقَد بَكَيتُ لِقَتلِ آلِ مُحَمَّدٍ    بِالطَّفِّ حَتّى كُلُّ عُضوٍ مَدمَــــــعُ

عُقِرَتْ بَناتُ الأَعوَجِيَّةِ هَل دَرَت    ما يُستَباحُ بِها وماذا يُـــــــــصنَعُ

وحَريمُ آلِ مُـــــــحَمَّـدٍ بَينَ العِدى    نَهبٌ تَقاسَمُهُ اللِّــــــــــئامُ الوُضَّعُ

تِلكَ الضَّعائِنُ كَالإِمـاءِ مَتى تُسَق    يُعنَف بِــــــــــــهِنَّ وبِالسِّياطِ تُقَنَّعُ

من فوقِ أقتابِ الـــــجمالِ يشلّها    لُكعٌ على حَنَقٍ وعَــــــــــبدٍ أكوعُ

فَمُصَفَّدٌ في قَيدِهِ لا يُـــــــــــفتَدى    وَكَريمَةٌ تُســـــــــبى وقِرطٌ يُنزَعُ

تَاللّهِ لا أنــــسَى الحُسَينَ، وشِلوُهُ    تَحتَ الـــــــسَّنابِكِ بِالعَراءِ مُوَزَّعُ

مُتَلَفِّعاً حُمرَ الــــــثِّيابِ وفي غَدٍ    بِـــــــــالخُـضرِ في فِردَوسِهِ يَتَلَفَّعُ

تَطَأُ السَّنابِكُ صدرَهُ وجَــــــبينَهُ    وَالأَرضُ تَرجُفُ خيفَةً وتُضَعضَعُ

وَالشَّمسُ ناشِرَةُ الذَّوائِبِ ثاكِــلٌ    وَالــــــــــدَّهرُ مَشقوقُ الرِّداءِ مُقَنَّعُ

لَهفي عَلى تِلكَ الدِّماءِ تُراقُ في    أيدي اُمَيَّةَ عُـــــــــــــــنوَةً وتُضَيَّعُ

مثل السبــــايا بل أذلُّ يشقُ مِنـ    ـهُنّ الخمارُ ويُستباحُ الــــــــــبُرقُعُ

ويقول في القصيدة السابعة:

عُج بالغريّ على ضــــــريحٍ حولَه‏    نادٍ لأملاكِ الـــــــــسماءِ ومحفلُ‏

فَمسبِّحٌ ومقــــــــــــــــــدِّسٌ وممجِّدٌ    ومـــــــــــــــعظِّمٌ ومكبِّرٌ ومهلِّلُ‏

والثمْ ثـــــــراهُ المسكَ طيباً واستلمْ    عيدانَهُ قُبلاً فَــــــــــــــهنَّ المندَلُ

وانـــظرْ إلـى الدَّعواتِ تسعدُ عندهُ    وجُنـــــــودُ وحي اللَّهِ كيفَ تُنزَّلُ

وقلِ السلامُ عَليكَ يا مَـولى الورى‏    نــــــصّاً بـهِ نَطقَ الكتابُ المُنزلُ‏

وَخِلافَةً ما إِن لها لـــــــــو لم تكُن‏    منصوصةً عن جيدِ مجدكَ معدلُ‏

عجباً لقومٍ أخـــــــروكَ وكعبُكَ الـ    ـعالي وخــدُّ سِواكَ أضرَعُ أسفلُ

إن تُمسِ مَحســـوداً فسؤدُدُكَ الذي     أعطيتَ محـــــسودَ المحلِ مبجَّلُ

عضبٌ تــــــــحزُّ به الرقابُ يمدُّه     رأيٌ بعزمتِه يُحَــــــــــزُّ المِفصِلُ

وعــــــــلومُ غيبٍ لا تُنالُ وحكمةٌ     فصلٌ وحكمٌ في القضيــــةِ فيصلُ

عَجباً لهذي الأرضِ يضمرُ تُربَها     أطـــــوادَ مجدِكَ كيفَ لا تتزلزلُ

عَجبـاً لأملاكِ السمــــــــاءِ يَفوتُها     نــــــــظرٌ لوجهِكَ كيفَ لا تتهيَّلُ

يا أيُّـهــــــــــــا النبأ العظيمُ فمهتدٍ     في حبِّـــــــــــه وغواةُ قومٍ ضُلَّلُ

يـــا وارثَ التوراةِ والإنجيلِ والـ    ـفرقانِ والحِكَـــــــــمِ التي لا تُعقلُ

إن كــــــانَ دينُ محمدٍ فيه الهدى‏    حَـــــــــــــقاً فحبُّـكَ بَابُهُ والمدخلُ‏

صلّى علـــــــيكَ اللَّهُ من متسربلٍ‏    قُمُصاً بهنَّ ســـــــواكَ لا يَتسربلُ

وجزاكَ خيراً عــــــــن نَبيِّكَ إنهُ‏     ألفـــــــــاكَ ناصرَهُ الذي لا يَخذِلُ (44)

.................................................................................

1 ــ القصائد العلويات السبع / الدار العالمية بيروت سنة 1414 هـ / 1994 م ص 99

2 ــ البداية والنهاية ج ١٣ ص ٢٣٣ / وفيات الأعيان ج 5 ص392 / مقدمة شرح النهج ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ج 1 ص 13 / عصر الدول والإمارات لشوقي ضيف ص 378

3 ــ فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي ج 2 ص 59

4 ــ العسجد المسبوك، للملك الأشرف الغساني ص٦٤۱ ـ ٦٤۲.

5 ــ وفيات الأعيان ج 5 ص392 / معجم الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 1 ص 190

6 ــ الجامع المختصر في عنوان التواريخ وعيون السير لابن الساعي ج 9 ص 88

7 ــ سير أعلام النبلاء ج 23 ص 372

8 ــ وفيات الأعيان ج 5 ص 392

9 ــ البداية والنهاية ج 13 ص 233

10 ــ ابن الساعي / الجامع المختصر في عنوان التواريخ وعيون السير ج 9 ص 88

11 ــ شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ج 14 ص 280

12 ــ السيد حسن الأمين / دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ج 10 ص 51

13 ــ المنتظم لابن الجوزي ج 16 ص 91 / رحلة ابن جبير ص164

14 ــ السلاجقة في التاريخ لأحمد كمال الدين ص223

15 ــ ابن الفوطي / مجمع الآداب في معجم الألقاب ج 4 ص 546 ــ 547

16 ــ تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي لعبدالهادي الشريفي ج 1 ص 32

17 ــ نفس المصدر ص 32 ــ 33

18 ــ سير أعلام النبلاء ج 23 ص 372

19 ــ عصر الدول والإمارات للدكتور شوقي ضيف ص380 / تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي للشریفي ج 1 ص 34

20 ــ مجمع الآداب في معجم الألقاب ج 1 ص 190

21 ــ العسجد المسبوك ص641 ــ 642

22 ــ تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي / ج 1 ص 31

23 ــ العذيق النضيد بمصادر ابن ابي الحديد ص 82

24 ــ الفخري في الآداب السلطانية / ص 248

25 ــ الحوادث الجامعة ص 210

26 ــ الفخري في الآداب السلطانية / ص 249

27 ــ الحوادث الجامعة ص 210

 

28 ــ مجالس المؤمنين / نور الله التستري ص 421

29 ــ شرح نهج البلاغة ج 1 ص 5

30 ــ شرح نهج البلاغة ج 1 ص 3 ــ 5

31 ــ هندو شاه‌ بن سنجر / تجارب‌ السلف‌ ص 359

32 ــ شرح نهج البلاغة ج 1 ص 3

33 ــ شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد / ج ١ ص 10 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مقدمة المحقق

34 ــ تهذيب شرح نهج البلاغة ج 1 ص 35 ــ 36

35 ــ الأعلام للزركلي ج 3 ص 289

36 ــ تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج 1 ص 36

37 ــ روضات الجنات ج 5 ص 22

38 ــ القصائد العلويات السبع / الدار العالمية بيروت سنة 1414 هـ / 1994 م ص 21 ــ 32

39 ــ نفس المصدر ص 39 ــ 47

40 ــ نفس المصدر ص 53 ــ 55

41 ــ نفس المصدر ص 65 ــ 70

42 ــ نفس المصدر ص 77 ــ 85

43 ــ نفس المصدر ص 91 ــ 101

44 ــ نفس المصدر ص 111 ــ 116

كما ترجم له:

عباس القمي / الكنى والألقاب ج 1 ص 193

الذهبي / تاريخ الإسلام ج 48 ص 202

الصفدي / الوافي بالوفيات ج 18 ص 46

الزركلي / الأعلام ج 3 ص 289

حاجي‌ خليفة‌ / كشف الظنون ج 2 ص 1272 ــ 1273

عمر فروخ‌ / تاريخ الأدب العربي ج 3 ص 580

إسماعيل البغدادي / ايضاح المكنون ص 484

شوقي ضيف / عصر الدول والإمارات ص 378

ابن شاكر الكتبي / فوات الوفيات ج ۱ ص ٥۱۹

عباس القمي / سفينة البحار ج ۱ ص ۲۳۳

علاء حازم محمد / القصائد السبع العلويات: دراسة في ضوء علم اللغة النصي

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار