محمد بن حنان: توفي (القرن الثالث عشر)

محمد بن حنّان: توفي (القرن الثالث عشر)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (187) بيتاً:

أنا ابْنُ مَنْ ذُبِحَتْ أطفالُهُ وَثَوَوا     في (كربلا) بِجُسومٍ نُحَّلٍ لَخَفِ

أنا ابْنُ مَنْ قَبَّلَ المختارُ مبْسَمَهُ     مَــولى بريقِ ثَناياهُ العليلُ شُفِي

أنا ابْنُ مَنْ قُتِلَتْ أسباطُهُ وَغَدا     فِسطاطُهُ مُحْرَقاً بالنّارِ كالسَّعَفِ (1)

الشاعر

لم نعثر على ترجمة لهذا الشاعر ولا على شعر له سوى هذه القصيدة التي ذكر منها السيد جواد شبر بيتاً واحداً، وقال عنها: (وجدناها في مجموعة قديمة عتيقة ترجع كتابتها إلى القرن التاسع أو العاشر الهجري في مجموعة حسينية في مكتبة الإمام الحكيم العامة ـ قسم المخطوطات رقم ٥٧٧) (2)

وفي نفس المجموعة قصائد لخمسة شعراء هم:

1 ــ الشيخ جمال الدين أحمد بن حسين بن مطهر

2 ــ الحلبي الحائري

3 ــ محمد بن حنان

4 ــ الشيخ عبد النبي المقابي

5 ــ الشيخ سعيد بن يوسف الجزيري البحراني

وقال شبر عن قصيدته: (وقصيدة ثالثة لشاعر اسمه محمد بن حنان وأولها:

يا زائرَ الطفِّ بالأحزانِ والأسفِ     لذْ بالغريينِ والثمْ تربةَ النجفِ) (2)

وقد ذكر الكرباسي القصيدة بكاملها، وقال إن وفاته في القرن الثالث عشر، ويظهر من خلال القصيدة أن الشاعر ولد في الشام وهاجر إلى العراق وفضل مجاورة الأمامين علي والحسين (عليهما السلام) في النجف وكربلاء على البقاء في بلاده كما في قوله:

يا سادَتي يـا كُنوزَ الوَحْيِ حُبُّكُمُ     فَخْري وذُخْري وَمَدْحي فيكُمُ شَرَفي

لأنَّكُـــــــمْ آلُ بَيْتٍ لا يُقاسُ بكُمْ     آلُ ومَــــــدْحُكُمُ في الذِّكْرِ والصُّحُفِ

وفيكُمُ قَدْ هَجَرَتُ الشّامَ مُشْتَرِياً     بالنَّفْسِ مِنّي مَـجاري الطَّفِ والنَّجَفِ

كما يشير إلى اسم أبيه ومنشئه بقوله:

وهــــــــــــاكُمُ تلكَ حَنّانيّةٌ جَمَعَتْ     أَسْنى المَعاني وحازَتْ أطْرفَ الطُرَفِ

شامِيَّةٌ قَدْ تَبَدَّتْ في العِراقِ سَنا الـ     ـنُّورَيْنِ مِـنْ كَنَفِ أشْمُخاً ذَوي الشَّرَفِ

ويذكر أيضا في القصيدة معاناته من قبل المجتمع بسبب تشيعه واستنكار الناس لبكائه على الإمام الحسين (عليه السلام) فيقول:

مِنْ ناظِرِ العَيْنِ لَــــــــمّا أعتاقَني وَطَني     واعْتــــاقَني زَمَني واعْتادَني أسَفي

شأْني وشأْنُكَ ما هذا الــــــــــــزَّمانُ فَلَمْ     تُحيـــفُ ظُلماً وَلَمْ أنْصَفْتَ لَم تُحِفِ

يا فَجْعَةً أَفْجَعَتْ مَنْ في السَّمـــــاءِ وَمَنْ     في الأرضِ أَجْمَعَ مِنْ بادٍ ومُعْتَكِفِ

إنَّ البُكاءَ لَمَــــــــــــــــحْظورٌ عَلَيَّ وَما     كانَ البُكــــاءِ لَمَحْضورٍ على الدَّنَفِ

شعره

قال من قصيدته الحسينية:

يا زائِرَ الطَّــــــــــفِّ بالأَحْزانِ والأسَفِ     لُذْ بالغَريَّيْنِ والْثِمْ حـــــــــامِيَ النَّجَفِ

واسْتَمَــــــــطِرَ الْمُزنُ واسْتَقى الغَمامُ بِهِ     وَاسْتَنزلِ الْقَطْرِ يَـــنْزِلْ ثُمَّ زُرْ وَطُفِ

حَوْلَ الضَّريحَيْنِ واسْتَدْرِ الدّمُوعَ مِن الـ     آماقِ بالوَجْـــــــــدِ والأشْواقِ بالأسَفِ

واقْرِ السَّلامَ عَلَى هـــــــــــــذا وذاكَ ولا     تَأسَفْ عَلى شَجَنٍ ماضٍ وَلا خَــــلَفِ

لكَنْ تَأسَّفْ عَلى ما حَلَّ مِنْ مِــــــــــحَنٍ     رَمَتْ بقَلبِ الهُدى نَحْو الــرَّدى أَسَفي

فالصَّبْرُ يا صــــــــاحِ مَحظُورٌ عَليَّ فَلمْ     أصْبِرْ فَما جَلَدِي عـــــــنْدي بِمُنْعَطِفِ

كَلاّ وَلا كَمَدي نَحْــــــــــــــوي بِمُنْفَصِلِ     يَوْماً وَلا مَــــــــــــلَلي عَنّي لِمنْكَشِفِ

إنّي لأَرْتــــــــــاحُ والسُّلوانُ يُعْرَضُ لي     فيعرضُ القلبَ سهداً والرُقـــــــادُ نفي

مِنْ ناظِرِ العَيْنِ لَــــــــمّا أعتاقَني وَطَني     واعْتاقَني زَمَني واعْــــــــتادَني أسَفي

شأْني وشأْنُكَ ما هذا الــــــــــــزَّمانُ فَلَمْ     تُحيفُ ظُلماً وَلَمْ أنْصَفْتَ لَـــــــم تُحِفِ

يا فَجْعَةً أَفْجَعَتْ مَنْ في السَّمـــــاءِ وَمَنْ     في الأرضِ أَجْمَعَ مِنْ بـــــادٍ ومُعْتَكِفِ

إنَّ البُكاءَ لَمَــــــــــــــــحْظورٌ عَلَيَّ وَما     كانَ البُكاءِ لَمَحْضورٍ عــــــــلى الدَّنَفِ

قَدْ كَثَّرَ النَوْحُ والتَّعْديــــــــــــــدُ منهُ إذا     عاشورُ هَلَّ بِدَمْــــــــــــــعٍ هاتِنٍ وَكِفِ

لَمْ أنْسَ لَمّا أجاشَتْ من جُيــوشُ بَني الـ     ـزَّرْقا لسَحْـــقِ بَني الزّهراءِ في عنُفِ

وَالــــــــــخَيْلُ مُحْدِقَةٌ بالطَّفِ وَهْوَ على     سِوى ابـــــنِ فاطِمَةَ الزَّهراءِ لَمْ تَطُفِ

حتّى رَمَــــــــوْهُ بِيَحْمومِ الأديمِ عَلى الـ     ـرَّمْضاءِ في خَيْرِ أصحابٍ ذَوي عَفَفِ

وبَيْنَهُنَّ صَبيــــــــــــحُ الوَجْهِ مُنْقَطِعِ الـ     ـوَريدِ مُـــــــــــــنْعَفِرِ الخَدَّيْنِ مُنْعَطِفِ

مِنْ بَعْدِ ما حَصَدَتْ أَسْــــــــيافُهُ وَرَمَتْ     أرْماحِهِ كُلَّ مُرْتَـدٍّ ومُنْحَــــــــــــــرِفِ

ولَمْ يَزَلْ يُورِدُ الــــــــــــــــبَتّارَ مَوْرِدَهُ     حتّى تَعَجَّبَ مِنْـــــــــــــــهُ كُلُّ مُغْتَرِفِ

 وكانَ يَخْتَطِفُ الأبطالَ فــــي رَهَجِ الـ     ـهَيجاءِ ضَرْبُ المَـواضي أيّ مُخْتَطفِ

وسيقَتْ الـــــــــــهاشِمّيـاتُ الحِسانُ إلى     بَــــــــــــــني أُمِــيَّةَ سَوْقاً غَيْرَ مؤتلِفِ

وتُصْبِحُ النبويَّــــــــــــــاتُ الّتي هيَ لَمْ     تَبْرَحْ على سُـــــــرُرِ التقوى بِلا كُشُفِ

آلَ الرّجالِ، أَتُـــــــــــسْبى نِسْوَةٌ كَسَبَتْ     نُورَ الـــــوِلاية في الأصلابِ والنّطَفِ

وتُحْجَبُ الأموياتُ الّتـــــــــــــي خَبُثَتْ     خَـــــلْفَ السُتورِ على الدّيباجِ والسُّدُفِ

تُـــــــــــــــــساقُ مِنْ بَلَدٍ جَهْراً إلى بَلَدٍ     على الجِمـــــــــــالِ بِلا سِتْرٍ ولا غَدَفِ

وقدْ رَوى مَــنْ رَأى سَبْيَ الحُسينِ وقَدْ     أقْبَلَنَ نحوَ دِمشْقِ الــــــــــشّامِ في كَنَفِ

إذْ قالَ شاهَـدتُ رُوساً في الرّماحِ وتلـ     ـكَ السّبي كاللؤلؤِ المَكنونِ فـي الصُدفِ

مِنَ العِراقِ عـــــــــــل قَتَبِ النّياقِ بِلا     حُجْبٍ وَلا مائلٍ عَنْ أعْيُنِ الـــــــــزُّلَفِ

وأَدْخَلوهُنَّ مِنْ بابِ يُــــــــــــــــقالُ لَهُ     بـــــــــابَ الفَراديِسِ لَمْ تَرْحَمْ وَلَمْ تَرِفِ

وَأُمُ كُلثومَ تَبْكي وهْـــــــــــــــــيَ قائلَةٌ     بِمَدْمَعٍ ســـــــــــــاكِبٍ في الخَدِّ مُنْذَرِفِ

يا زَجْرُ سِرْ برُؤسِ القَوْمِ ناحِـــــــــيَةً     عَنِ الأُسارى وَدَعْـــــــنِ اليوَم في كَنَفِ

وسارَ بالسَّبْيِ في وَسْطِ الرؤوسِ على     خِلافِ ما التَمَسَتْ كالــــــــحافِرِ الجَنِفِ

كـــــــــأنّها مِنْ سَبايا الرّومِ قَدْ أُسِرَتْ     لا مِنْ بني أحمدٍ المُختارِ ذي الــــشَّرَفِ

حتّـــــــــــى إذْ أقْدَمَ السَّبْي الكَريمُ إلى     دِمَـــــــــشْقَ فوقَ ظُهورِ الأينُقِ الوُطُفِ

والنّاسُ مـــــــــا بينَ مَسْرورٍ ومُنْتَزِحٍ     وبينَ بــــــــــــــاكٍ حَزينِ القَلْبِ مُلْتَهَفِ

وبَيْنَهُنَّ على ابْـــــــــــــنُ الحُسينِ إما     مَ العَصْرِ يَمْشي بِـقَيْدٍ ثَقيلٍ غَيْرَ مُنْكَشِفِ

أيا يزيدَ أما تَخْشى الوَعــــــــــــيدَ أما     تُراقِبُ الله في القُربـــــــى ذَوي الشَّرَفِ

فَلَو رأى جَدُّنـــــــا ما نحنُ فيه مِنَ الـ     ـبَلوى ومِنْ حادِثِ بالضُــــــــــرِّ والتَّلَفِ

أنا ابْنُ مَنْ خُــــــــضِّبَتْ قَهْراً كَريمَتُهُ     مِنْ دَمِّ مَفْرَقِهِ بـــــــــــــــالمَنْـظَرِ الكَتِفِ

أنا ابْنُ مَنْ قُطِعَــــــــــــتْ أداجُهُ بِشُبا     سَيْفِ الظَّلالِ أنا ابْنُ الكَوْكَــــب الخَسِفِ

أنا ابْنُ مَنْ ماتَ عَطشانـــــــاً بِغُصّتِهِ     يُـــــــــــــسقى الـنَّجيعَ بِطَعْنٍ فيهِ مُخْتَلِفِ

أنا ابْنُ مَنْ رَفَعوا مِنْهُ الكَريـــــمَ على     راسِ الوَشــــــــيجِ ونورُ البَدْرِ منهُ طَفِ

أنا ابْنُ مَنْ قَبَّلَ المــــــــــختارُ مبْسَمَهُ     مَــولى بريقِ ثَنــــــــــــــاياهُ العليلُ شُفِي

أنا ابْنُ مَنْ قُـــــــــــتِلَتْ أسباطُهُ وَغَدا     فِسطاطُهُ مُحْرِقاً بالنّارِ كـــــــــــــالسَّعَفِ

أنا ابْنُ مَنْ ذُبِـــــــــحَتْ أطفالُهُ وَثَوَوا     في (كربلا) بِجُــــــــــــــسومٍ نُحَّلٍ لَخَفِ

ومنها في أهل البيت (عليهم السلام):

يـــــــــا سادَتي يا كُنوزَ الوَحْيِ حُبُّكُمُ     فَــــــخْري وذُخْري وَمَدْحي فيكُمُ شَرَفي

لأنَّكُمْ آلُ بَيْتٍ لا يُـــــــــــــــقاسُ بكُمْ     آلُ ومَــــــــــــدْحُكُمُ في الذِّكْرِ والصُّحُفِ

وفيكُمُ قَدْ هَـــــــــجَرَتِ الشّامَ مُشْتَرِياً     بالنَّفْسِ مِنّي مَــــــجاري الطَّفِ والنَّجَفِ

يَرجو النّجاةَ إذا قالَتْ جَــــــــــهَنَّمُها     هَلْ مِنْ مَـــــــــزيدٍ فقالوا جُـزْ وَلا تَخَفِ

لأنَّ سُلطانَ يَوْمِ الحَشْرِ سَــــــــلَّطَكُمْ     وكُلُّ مَنْ سَلَّطَ السُّلْطـــــــــــــانَ لَمْ يَخَفِ

فأدخلوني هُداتي في شَفاعَتِكُــــــــــمْ     يـــــــــــــــومَ المَعادِ إذا نُوديتُ قُمْ وَقِفِ

وقال في نهايتها نادباً الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف):

ثُمَّ السَّلامَ عَلى أرواحِــــــــكُمْ وَعَلى     أجْسادِكُمْ وعلى المُسْــــــتَخْلِفِ الخَلَفِ

ظِلُّ الأنامِ ويَــــــنْبوعِ الغَمامِ ومِصْـ     ـباحُ الظَّلامِ إمــــــــامُ العَصْرِ والخَلَفِ

الحُـــــــــجّةُ الصّالِحُ المَهدِيُّ مُنْتَظَرٌ     يُدعى أبا صالِحِ المَمْدوحِ في الصُّحُفِ

ما بانُ بانُ الحِمى عَنّي وما سَجَعَتْ     قُمْرِيّةُ فَوْقَ أغْصـــــــــانٍ على طرفِ

.............................................................

1 ــ ديوان القرن الثالث عشر ج 8 ص 68 ــ 86

 2ــ أدب الطف ج 5 ص 49

3 ــ نفس المصدر ص 50

المرفقات

: محمد طاهر الصفار