الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (قتل 63 هـ / 683 م)
قال من قصيدة تبلغ (28) بيتاً في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الشهداء معه ويدعو إلى الثأر لهم من بني أمية:
قُتلوا بالـ(طــــفوفِ) يومَ حـسينٍ مِن بني هاشمٍ وردّوا حسينا
أينَ عمــــرو وأيــنَ بشرٌ وقتلى مــعهم في العراءِ ما يدفنونا
أرجــــعوا عامراً وردّوا زهيراً ثمَّ عـثمانَ فارجعوا غارمينا
وارجعوا الحرَّ وابنَ قينٍ وقوماً قُــــتلوا حينَ جاوروا صفّينا (1)
الشاعر
الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، قتل يوم الحرَّة مع عسكر أهل المدينة قال الطبري:
(إن الفضل جاء إلى عبد الله بن حنظلة الغسيل فقاتل في نحو من عشرين فارساً قتالاً شديداً حسناً، ثم قال لعبد الله: مر من معك فارساً فليأتني فليقف معي، فإذا حملت فليحملوا فوالله لا أنتهي حتى أبلغ مسلماً، فإما أن أقتله وأما أن أقتل دونه، فقال عبد الله بن حنظلة لرجل: ناد في الخيل فلتقف مع الفضل بن العباس. فنادى فيهم، فجمعهم إلى الفضل، فلما اجتمعت الخيل إليه حمل على أهل الشام فانكشفوا، فقال لأصحابه: ألا ترونهم كشفاً لئاماً احملوا أخرى جعلت فداكم فوالله لئن عاينت أميرهم لأقتلنه أو لأقتلن دونه، إن صبر ساعة معقب سروراً أنه ليس بعد الصبر إلا النصر، ثم حمل وحمل أصحابه معه فانفرجت خيل أهل الشام عن مسلم بن عقبة وبقي في نحو من خمسمائة راجل جثاة على الركب مشرعي الأسنة نحو القوم، ومضى كما هو نحو رايته حتى يضرب رأس صاحب الراية وإن عليه لمغفرا فقط المغفر، وفلق هامته فخر ميتاً، فقال: خذها وأنا ابن عبد المطلب فظن أنه قتل مسلماً فقال: قتلت طاغية القوم ورب الكعبة، وإنما كان ذلك غلاماً له يقال له رومي وكان شجاعاً فاخذ مسلم رايته وأنّب أهل الشام وحرّضهم وتهددهم، وشدت تلك الرجالة أمام الراية، فصُرع الفضل بن عباس فقتل وما بينه وبين أطناب مسلم بن عقبة إلا نحو من عشرة أذرع، وفي رواية أن مسرف بن عقبة كان مريضاً يوم القتال، وأنه أمر بسرير وكرسي فوضع بين الصفين وقال يا أهل الشام قاتلوا عن أميركم أو دعوا ثم زحفوا نحوهم فحمل الفضل بن العباس بن ربيعة هو وأصحابه حتى انتهى إلى السرير فوثبوا إليه فطعنوه حتى سقط). (2)
ونقل قول الطبري هذا السيد محسن الأمين (3) والسيد جواد شبر (4) في ترجمة الشاعر، ونسب السيد الأمين القصيدة للفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، في ترجمة زهير بن سليم الأزدي الشهيد يوم الطف (5) كما قال بهذه النسبة السيد جواد شبر (6) والشيخ محمد السماوي (7) والشيخ الكرباسي (8) وهو كما ذكرناه
فيما نسبها ابن أبي الحديد للفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب المتوفى عام 129هـ وذكر أنه قالها لما قتل زيد بن علي عليهما السلام سنة (122) في خلافة هشام بن عبد الملك. (9)
وقال بهذا الرأي الأحمدي الميانجي (9) والشيخ عباس القمي (10) والسيد سامي البدري (11)
غير أن الشيخ القمي يعود فينسبها للفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (12)
وقال الذين نسبوها للفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب في سبب قول القصيدة: (لمّا قُتل زيد بن علي عليهما السلام في سنة اثنتين وعشرين ومئة في خلافة هشام بن عبد الملك، وذلك أنّ هشاماً كتب إلى عامله بالبصرة - وهو القاسم بن محمد الثقفي - أن يشخص كلّ مَنْ بالعراق من بني هاشم إلى المدينة خوفاً من خروجهم.
وكتب إلى عامل المدينة أن يحبس قوماً منهم، وأن يعرضهم في كلّ أسبوع مرّة، ويقيم لهم الكفلاء على ألا يخرجوا منها، فقال الفضل بن عبد الرحمن من قصيدة له طويلة...)
وقد أضيفت إلى القصيدة عدة أبيات حيث ذكرها الفريق الأول في (22) بيتاً فيما بلغت عند الفريق الثاني (29) بيتاً، ومنه البيت الذي يذكر فيه زيد بن علي (عليهما السلام) وهو:
ثمّ ردّوا زيداً إلينا وردّوا كلّ مَنْ قد قتلتمُ أجمعينا
وجاء في ترجمة الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، بأنه: (كان شيخ بني هاشم في وقته وسيداً من ساداتهم وشاعرهم وعالمهم. وهو أول من لبس السواد على زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم ورثاه بقصيدة طويلة حسنة، وشعره حجة احتج به سيبويه) (14).
وأغلب الظن أن القصيدة هي للفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب المقتول في واقعة الحرة سنة (63 هـ / 683 م) وقد تمثل بها الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (المتوفى سنة 129هـ / 746 م) وأضاف إليها أبيات وذكر زيداً لتقارب الأجواء التي قيلت فيها القصيدة.
أما القصيدة فهي:
كلّما أحــــــــــــــدثوا بأرضٍ نقيقاً ضمَّنونا السجونَ أو ســيَّرونا
أشخصـــــــونا إلى المدينةِ أسرى لا كفاهمُ ربّي الذي يــحذرونا
خلّفوا أحمدَ المـــــــــــــــطهَّرَ فينا بالذي لا يحبُّ واستــضعفونا
قــــــــــــــــــتلونا بغيرِ ذنبٍ إليهمْ قــــــــــــــاتلَ اللهُ أمَّــةً قتلونا
ما رعوا حقَّنـا ولا حـــــــفظوا فيـ ـنا وصاةَ الإلــــــهِ بالأقربينا
جعلونا أدنــــــــــــــــى عدوٍ إليهمْ فهمُ في دمائِهمْ يــــــــسبحونا
أنكروا حقّنا وجاروا عـــــــــــلينا وعلى غيرِ إحنــةٍ أبغـــضونا
غيرَ أنَّ النـــــــــــــــــبيَّ منّا وإنّا لم نزلْ في صــلاتِهمْ راغـبينا
إن دعونا إلــــــى الهدى لم يجيبو نا، وكانوا عــن الهدى ناكبينا
أو أمرنا بالعـرفِ لم يسـمعوا منْـ ـنا وردّوا نــصيحةَ الناصحينا
ولقِدْماً ما ردّ نصـــــحَ ذوي الرأ ي فــلم يــــــــتبعهمُ الجاهلونا
فعسى الله أن يـــــــــــــديلَ أُناساً مِن أناسٍ فيصبحوا طاهريــنا
فــــــــــتقرَّ العيونُ مِن قومِ سوءٍ قد أخافوا وقتَّـــــلوا المؤمــنينا
ليت شعري هل توجِفَنْ بيَ الخيـ ـلُ عليها الكماة مـــــسـتلئـِمينا
مِن بني هاشـــــــمٍ ومِن كلِّ حيٍّ ينصرونَ الإسلامَ مُستنصرينا
في أناسٍ آباؤهم نــــصروا الديـ ـنَ وكانوا لربِّهمْ نـــــــاصرينا
تحكمُ المرهفاتُ في الــهامِ منهمْ بأكفِّ المعاشرِ الثائريــــــــــنا
أينَ قتلى منهمْ بغيتم علــــــــيهم ثـــــــــــــــم قتّلتموهمُ ظالمينا
أرجعوا هاشماً وردوا أبا الـــيقـ ـظانِ وابــنَ البديلِ في آخرينا
وارجعوا ذا الشهــــادتينِ وقتلى أنــــــــــتمُ في قتالِهم فاجرونا
ثمّ ردّوا حجراً وأصحاب حجرٍ يـــــــوم أنتم في قتلهم معتدونا
ثم ردّوا أبا عميــــــــــرٍ وردوا لـــــــــي رشيداً وميثماً والذينا
قُتلوا بالـ(طـــفوفِ) يومَ حـسينٍ مِـــن بني هاشمٍ وردّوا حسينا
أينَ عمـــرو وأيــنَ بشرٌ وقتلى مــعـــهم في العراءِ ما يدفنونا
أرجـــعوا عامراً وردّوا زهيراً ثمَّ عـثـــمانَ فارجعوا غارمينا
وارجعوا الحرَّ وابنَ قينٍ وقوماً قُــــتلوا حـــينَ جاوروا صفّينا
وارجـــــــعوا هانياً وردُّوا إلينا مــسلماً والــــرواع في آخرينا
إن تردّوهمُ إلـــــــــــــينا ولسنا منكــــــــــمُ غــــير ذلكمْ قابلينا
ثمّ ردّوا زيـــــــــداً إلينا وردّوا كـــــــــــلّ مَنْ قد قتلتمُ أجمعينا
عدد الفضل في هذه القصيدة بعض أسماء الشهداء الذين قتلوا في صفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام) وبعضاً من الشهداء الذين استشهدوا على ولايته (عليه السلام) وبعضا منهم مع الإمام الحسين (عليه السلام) أما الذين ذكرهم من شهداء صفين فهم: هاشم المرقال، وأبا اليقظان عمار بن ياسر، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وذا الشهادتين خزيمة بن ثابت رضوان الله عليهم
أما الشهداء الذين قتلوا على ولايته فهم: أبو عمير، رشيد الهجري، ميثم التمار، حجر بن عدي الكندي
أما الذين عناهم من شهداء يوم الطف فهم: (عامر بن مسلم العبدي البصري، زهير بن سليم الأزدي، عثمان بن علي بن أبي طالب، عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي، بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي الكندي، الحر بن يزيد الرياحي، زهير بن القين، ومسلم بن عقيل وهانئ بن عروة الشهيد معه بالكوفة). (15)
............................................................
1 ــ الكنى والألقاب ج 1 ص 232 / ديوان القرن الأول ج 2 ص 200 ــ 202 / مواقف الشيعة - الأحمدي الميانجي ج ٣ ص ٢٧٥ / إبصار العين للسماوي ص 109 / ونقل منها ثلاثة أبيات في أعيان الشيعة ج 7 ص 70 / أدب الطف ج 1 ص 79
2 ــ تاريخ الطبري ج 3 ص 355 ــ 356
3 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ٤٠٦
4 ــ أدب الطف ج 1 ص 79
5 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص ٧٠
6 ــ أدب الطف ج 1 ص 80
7 ــ أبصار العين في أنصار الحسين ص 109
7 ــ دائرة المعارف الحسينية - ديوان القرن الاول ج 2 ص 201
9 ــ شرح نهج البلاغة ج ٧ ص ١٦٥
10 ــ مواقف الشيعة ج ٣ ص ٢٧٥
11 ــ الكنى والالقاب ج 1 ص 232
12 ــ الحسين (عليه السلام) في مواجهة الظلال الاموي 341 ــ 343
13 ــ منتهى الآمال ج 1 ص 651
14 ــ معجم الشعراء / المرزباني ج 1 ص 310
15 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص 407
اترك تعليق