798 ــ غسان الحجاج (ولد 1394 هـ / 1974 م)

غسان الحجاج (ولد 1394 هـ / 1974 م)

قال من قصيدة في رحاب الحسين (عليه السلام):

بثَّ الحياةَ بـ (كربلاءَ) منارةً     عليا لها كلُّ الحقائقِ ترضخُ

آهٍ من الــوجـعِ القديمِ بخافقي     جـــمرٌ بموّالِ الرياحِ مُفخّخُ

نطقتكَ عــــــيني دمعةً أزليةً     ذكر الرزايا بالبكاءِ مُضمّخُ (1)

وقال من قصيدة (في رحاب القمر) وهي في مولد أبي الفضل العباس (عليه السلام)

طوّقتَ ليلَ الدجى حتى رسا عجباً     فجرٌ على (كربلا) في حُلّةِ الماسِ

رفــــــيفُ أجنحةِ الأملاكِ مزدحمٌ     ومـــن رنينِ صداهُ رقصُ أجراسِ

كفّاكَ نـــــبعانِ مِن ماءِ الجنانِ لذا     تاقَ الــــفراتُ يلاقي أصلَ أجناسِ

وقال من قصيدة (نبية الصبر) وهي في السيدة الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام):

كأنــــــما (كربلاء) الطفِّ أوديةٌ     فاضتْ ينابيعُ أحزانٍ من السغبِ

مسيـــــــرةُ الشامِ أهوالٌ كأنَّ بها     فــــي كلِّ ثانيةٍ دهراً من الحُقبِ

فوقَ الرماحِ نجومُ الحقِّ ساطعةٌ     تهدهـدُ الليلَ كي يرتاحَ مِن تعبِ

ومنها:

رسالةُ الـــحقِّ في أحداقِ خطبتِها     سيفُ الوصيِّ ووحي اللهِ في الكتبِ

فــــــأثبتتْ (كربلاء) الحقِّ فلسفةً     معــنىً فأشرقَ في الوجدانِ لم يغبِ

لن يرثيَ الحالَ دمعٌ أو جوى لغةٍ     كلُّ الــــوجودِ ذهولٌ ظلَّ في عجبِ

الشاعر

غسان بن راضي بن علوان الحجاج، شاعر وناقد، ولد في قضاء المدينة في محافظة البصرة، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الميكانيكك / جامعة البصرة عام 1996 والماجستير في الهندسة الميكانيكية حراريات من جامعة البصرة عام 2000

شارك في العديد من القراءات الشعرية في مهرجانات منتدى المدينة، ومهرجان الأقضية الذي أقامه الاتحاد العام للأدباء والكتاب في البصرة

صدرت له مجموعتان شعريتان هما:

آية إصبعي ــ 2018

الأربعون خريفاً

وله مشاركات في مجاميع شعرية مشتركة

 

قال عنه الأديب الناقد كريم القاسم: (الشاعر العراقي المهندس غسان الحجاج، قلم يكتب لكل ما يتأثر به، وهو سريع الاستجابة. يتفاعل مع النص بعقل وثقافة مهندس، فيُهَيئ الفكرة ثم يرسم ويخطط، وبعدها يُنفّذ التأليف بعناية مستغلاً كل مساحة وزاوية مهما صغرت لجعلها قطعة فنية رائقة تتحرك بفاعلية وسلاسة.

ما أن قرأتُ عنوان قصيدته: طربٌ على وتَرِ المآسي، حتى بادرتُ إلى قراءتها كلها والتطلع إلى خلجاتها، ولقد وجدتُ الجماليات والروائع فيها.... استطاع الشاعر (غسان الحجاج) أن يقتبس من القرآن الكريم ألفاظاً ومفردات تليق بالمرتبة النظمية التي أنشأها، ولم يوظفها لمعنى مخالف لما كانت تحمله هذه الألفاظ من معانٍ وأهداف في القرآن الكريم، وهذا هو الذي نوصي به وننشده). (2)

وقال عنه الناقد شاكر حميد الخياط: (لا أدري لماذا انتابني شعور موحد ومشابه لما قرأت الآن في سفر الحجاج هذه التراتيل الرائعة والتي أجاد في مفاصل وتنقلات سردها، فهنا وعند البحر المستخدم بدءاَ والذي له عند العرب فوائد بين البحور الأخرى، ومثل هكذا موضوع يستخدم فيه الشاعر هذا البحر مطوِّعاً الحرف لما يريد للوصول إلى غاية القصد بهذه الانسيابية العفوية التي تحسها غير متكلفة، تبرهن لك بالدليل الماثل أمامنا من العنوان إلى الختام أنك أمام شاعر تمرس الجيد وخبر الصحيح فكان أن أبدع في مواقع وقصيد سابق، ويسعدني ما أقرأ الآن، له ولآخرين طيبي الذكر ممن اعتبر الشعر حالة تلازمه ولا يستطيع التخلي عنها وهذا يقينا يحسب لصالح الشاعر الحجاج ومن شابهه فيما ذهب إليه.

أقول هنا إنني قرأت القصيدة بأسلوبي الخاص في القراءة وتمعّنت ملياً في النص فوجدت أن القافية كانت من الرصانة أنك تتنقل بين الاسم والفعل وبحالة الاسم والفعل المتعددة، أي غير الثابتة والمتنوعة، وهذا جميل.

وفي زاوية أخرى كان الحجاج المهندس أساساً قد تأثر بأدواته ومستلزماته الهندسية مما أثر نجاحا وإيجابا على الهندسة المعمارية التي بنيت فيها هيكلية القصيدة وجاء النجاح واضحا في إمكانية الشاعر الذي أبارك له من القلب هذا الحرص على أن لا يكتب إلا الجميل، في هذا الخصوص بالذات أعني تلك القافية التي كانت تجره وتسحبه إلى منطقتها وبكل عنوة، لكنه كان مفاوضا ذكيا لم يسمح لها بأن تسحبه إلى منطقة القتل التي ربما تودي به إلى الضعف لو استسلم لها – لا سمح الله – وهذا ما رأيته واضحاً وجلياً بتخلي الأخ الحجاج عن ياء النسب إلا ما اضطر إليها وكانت في مكانها بشكل سليم، وهي من المطبّات التي يتجنبها العارف وهذا ما فعله أخي الحجاج بنجاح ويحسب له). (3)

وقال عنه الناقد كريم القاسم في قراءة نقدية لقصيدة آيات الوفاء وهي بحق أبي الفضل العباس عليه السلام: (هنا قطعة من النظم، نسجها الشاعر المبدع غسان الحجاج مستخدماً اسلوب الخطاب، والتي يفوح منها عطر دم زكي ظامئ، قد أحسن الشاعر وأجاد في رصف معانيها وسبك تراكيبها فأحالها إلى صورة قوية الايحاء جلية الرمز، فلا يتيه المتلقي بين ثناياها ولا يضيع القاصد بين جنباتها. ومن البلاغة المستوفية أن يستطيع الإنسان أن يهدي المعنى إلى قلب المتلقي في أحسن صورة وبإيجاز ودون إطناب ممل.

العنوان جاء مستنبطاً من عدة حكايا، كل واحدة ترمز إلى آية من آيات الوفاء التي يعجز الجنس البشري على الاتيان بمثلها إلا من صقله الإيمان صقلاً. فالمتطلع إلى بطولة هذا الشاب المسلم (العباس بن علي بن أبي طالب) الرافض للبغي والناصر للحق والحامل لراية جيش (الحسين بن علي بن أبي طالب) عليهم السلام ورضي الله عنهم وأرضاهم، سيجد من آيات الوفاء التي يندر وجودها في تاريخ المعارك والحروب، والتي استطاع الشاعر أن يجسد معانيها في مفارق القصيدة) (4)

شعره

قال في سيد الكونين محمد (صلى الله عليه وآله):

صلّى عليكَ اللهُ يا خيرَ الورى     تعدادَ حـــــــبَّاتِ الرمالِ وأكثرا

صـلّى عليكَ اللهُ ما غيثٌ همى     فوقَ السهولِ وبالجبالِ وبالقُرى

يا خـــيرَ مبعوثٍ بخيرِ رسالةٍ     للـــــناسِ يا خيرَ الأنامِ وأطهرا

وفيه (صلى الله عليه وآله) أيضاً قال:

نـــــــــــورٌ تجلّى في السما مُتوّقدُ     هوَ خـــاتمُ الرسلِ الأباةِ محمدُ

باقٍ بوجـــــــــــدانِ النفوسِ مُخلّدُ     حيثُ السماءُ يشعُّ ضوءاً فرقدُ

سجدتْ له الأملاكُ تقترضُ السنا     هــــــــوَ للملائكِ والأنامِ السيدُ

وهوَ الشفاعةُ والنـــــــــجاةُ بحبّهِ     دربُ الصراطِ على هداهُ مُعبّدُ

وقال:

يا أيّها الخلقُ الـــــــــــــعظيمُ السامي     يا مهجةَ الإيمــــــــانِ والإسلامِ

في وجـــــــــهِكَ الآلاءُ يسطعُ نورُها     وبكفّكَ البيضاءَ ســـــربُ غمامِ

أنتَ الغرامُ وليسَ بعدَكَ فـــي الورى     جاءتْ إليكَ وجــــــــيبةً أقلامي

إن ماتَ أحمدُ فالحيــــــــــــاةُ عقيمةٌ     لا لم يمتْ فـــــشعاعُه المترامي

منحَ الوجودَ مــــــــــــعانياً لا تنتهي     ليستْ لتــــــدركها ذرى الأرقامِ

وحيُ السمـــاءِ نعاكَ يا صرحَ السما     فـــــــــنجومُ هذا الكونِ كالأيتامِ

دمـــــــــــعُ الضياءِ بعينِ كلِّ مجرَّةٍ     هوَ في اضطرامِ تساقطِ الأجرامِ

فرضُ الصلاةِ مِن المساجدِ صرخةٌ     واستوحشتْ تكبيرةُ الإحــــــرامِ

يا نورَ عــــــرشِ اللهِ يا أزلَ الهدى     هــــــــــل بعدَ نورِ اللهِ أيّ ظلامِ

أحييتَ بالإســــــــــــلامِ كلَّ مروءةٍ     إذ كانَ قــبلكَ كلُّ شـــيءٍ ظامي

يا سيداً للمرسلينَ وخـــــــــــــــاتماً     فاللهُ توَّجــهمْ بـــــــــــمسكِ ختامِ

بكَ يستجيرُ الخلقُ يا شمـــسَ التقى     مِن واقعِ الــبؤسِ المقيتِ الدامي

فامسحْ رؤوسَ العالمينَ بنــــــظرةٍ     فيها الــــــخــلاصُ لنا من الآلامِ

يا غايةَ الأشواقِ أنتَ وسيـــــــلتي     يـــــــا وارثَ الــتنزيلِ والأحكامِ

لَكَ سيدي ركعتْ حشودُ مشاعري     وضفافُ دمعي للـــحبيبِ سلامي

وقال في الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)

فــــــــي مقلتيـكَ أقانيم الهدى تربي     وفي يديكَ تـــــــــماهى كوثرُ الربِّ

وأنتَ في معـــجزاتِ الربِّ أجمعها     بردٌ ســــــلامٌ، ونارُ اللهِ في الحربِ

قد كنتَ في كلِّ عصرٍ حاضراً أبداً     فطـــــــــيفكَ الحبُّ بل أيقونة الحبِّ

بحثتُ في ما وراءِ الأفــقِ مرتحلاً     أبـــا الحسينِ وجدتُ الحبَّ في قلبي

دمي ينادي بشرياني وأوردتــــــي     حسبي بحبِّكَ عن كلِّ الورى حسبي

وقال من قصيدة (قبضةٌ من أثر الغدير):

أصلُ الربـــــــيعِ مِن الزمانِ الآتي     أزليةٌ ذكراهُ في الأوقـــــــــــاتِ

يمــــــــــشي ويـختطُّ الزمانُ خيالهُ     ضوءاً ونورُ الشمــــسِ كالمرآةِ

ولذا تحبُّ بكلِّ يومٍ وصـــــــــــــلهُ     مِن شوقِها رُدّتْ إلـــــى الميقاتِ

هوَ صنوُ مفخرةِ الرجــالِ جميعهم     هوَ زمزمٌ في وجـــــنتي عرفاتِ

هوَ بسمةُ الفقراءِ، كســـرةُ خبزِهمْ     هوَ لليتامــــــــــى منهلُ الأقواتِ

هوَ مَن دحا بابَ القــــــلاعِ بخيبرٍ     هــــــــــوَ في الهدايةِ آيةُ الإثباتِ

هوَ من فدى طــــــــهَ النبيَّ محمداً     في ليلِ هجرتهِ وفي الغــــزواتِ

يا مُطعِمَ الـــــمسكينَ رغمَ صيامِهِ     يا مَن تزكّى راكعاً بـــــــــصلاةِ

سأظـــــلُّ أحكي للقريضِ خصالهُ     ليقولَ لي زدنــــــــي ومنها هاتِ

لـــــغتي تحاولُ أن تساجلَ فكرتي     وأنا أهيمُ عـــــلى صدى الأبياتِ

فسقيتُ من ماءِ الغديرِ ســــــنابلي     ووجـــــــــدتها ذهباً من الكلماتِ

ذابَ الكلامُ بشهدِ سيـــــــرتِه التي     هيَ كوثرٌ في منتهى الـــــــجنّاتِ

أوقدتُ من معنى الوجودِ محابري     ورسمتُ بالقبسِ المضيءِ حياتي

لكَ بيعةُ الإيمانِ تسطـعُ في المدى     لـــــــــتبثَّ أنوارَ النهى في ذاتي

سربٌ من الآلاءِ بيــــــنَ جوانحي     كحمائــــــمٍ بيضٍ على الشرفاتِ

تكتظُّ خابيةُ الـــــــــشعورِ بشهدِها     مثلَ اكتظـــاظِ النورِ في المشكاةِ

عُجنتْ بصلصالِ الغديرِ وشائجي     فأنا سلافةُ دجـــــــــــلتي وفراتي

ســـــــأهنّأُ الأرجاءَ أرسمُ فرحتي     مِن لونيَ الحنطيِّ كــــــلَّ جهاتي

فلعلَّ أوتـــــــارَ القصيدِ تخيط ليْ     جلبابَ يومِ البعثِ مِـــــن حسناتِ

وقال في قصيدة (جرح السماء) وهي في استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام):

جرحُ السَّــــــــــمَاءِ رزيةُ الإســـلامِ     ثكْلُ الـــــــــصلاةِ وكعبةُ الإحرامِ

جــــــــــرحٌ وشـيّبَ غورهُ ونزيـــفهُ     سورَ الكتابِ ومنتهى الأحــــــكامِ

في مصرعِ الإيمانِ في هتْكِ الـــتقى     في مصرعِ الكرّارِ والضــــرغامِ

ما جابهوا للمرتـــــــضى بـــمعاركٍ     حتى أباحَ الغدْرُ طــــــــــبْرَ الهامِ

فاختارَ محرابَ الصِّـلاةِ لـــه الردى     في سجدةٍ أبكـــــــــتْ ختامَ صيامِ

قد قامَ أشقى الأشقياءِ بــــــــــــــقتلهِ     بغضاً، وحــــــبّاً في وصالِ قطامِ

صنوُ الرسولِ مـــــخــــضّبٌ بدمائهِ     والــــــــمؤمـنونَ شكوا من الآلامِ

جبريلُ ينعى هدْمَ أركـــــــانِ الهدى     صوتٌ صـداهُ في الورى مترامي

مَن لليتامى بعد فقدِ كــــــــــــــفيلهم     جفّْتْ شـواطـــــــــــئ أية الأحلامِ

مَن للثكـــــــالى بـــعدَ فقدِكَ يا علي     فلقد أناخـتْ فاقةُ الأســــــــــــــقامِ

وضياءُ وجهِكَ فـــي تراتيلِ الورى     خبــــــــــــزُ الفقيرِ وملجئُ الأيتامِ

فتيتّمَ المِحْـــــــــرابُ والصلواتُ إذ     قدْ كنتَ والــــــدهمْ وكنتَ الحامي

متوضِّئٌ من فيضِ جرحِكَ فرضها     ويقبّلُ المحــــــــرابُ جرحاً دامي

ناديتَ قـــــــــــد نلتُ الشهادةَ فائزاً     أحرزتَ للفوزِ العظيمِ الــــــسامي

يا بابَ علمِ اللهِ بــــــــــــعدَ رسولهِ     فـــــــــــــــاللهُ أحصى علـمهُ بأمامِ

يا سائراً في ليلةِ القدْرِ الـــــــــــتي     في قلبِها نـــــــــــزفٌ مـن الإيلامِ

يا سورةَ الدهرِ القـــــديمِ السرمديْ     هلْ غيرُ ثغرِكَ بســــــــــمةُ الأيامِ

يا وجهَ طهُ في الملامــــحِ والرؤى     يا آيةَ الــــــــــــقربى من الأرحامِ

هذا الغــــــــــديرُ وزمزمٌ والمروتا     نِ تــــنوحُ فقْدكَ مثلَ سرْبِ حمامِ

عطشى تلوذُ بجنبِ كوثرِكَ الروي     سرقتْ نـــــــــداها زمرةُ الأصنامِ

حشّدتُ في هذا الـــــرثاءِ قصائدي     فجرى القذى فـــــــي مقلةِ الأقلامِ

والـــــــطرْسُ مزّقَ صدرهُ متأسّفاً     وذهــــــــــولُ ألفِ علامةِ استفهامِ

هذا نزيــــفُ الدينِ من بدرِ الدّجى     مُقلُ السماءِ تساقــــــــــطُ الأجرامِ

لك سيّدي هـــــــذا العزاءُ وأدمعي     مــــــــــــــــدرارةٌ حتّى أوانِ قيامِ

وقال في مولد الامام الحسن المجتبى (عليه السلام)

تزاحمتِ الأنوارُ فــي الكوكبِ الدرّي     كأنَّ ابتهاجَ الشمسِ فــــي وجنةِ البدرِ

كريمُ كــــــــــــرامِ الآلِ قد حلَّ باسماً     على رمضانِ الــــــخيرِ بالودِّ والخيرِ

هوَ المجتبى الإحسانُ من ضوءِ زيتهِ     ومِن جدّهِ المــــــختارِ أسرارُهُ تجري

بمولدهِ الميمون صلّــــــــــــتْ ملائكٌ     صلاةَ نبيَّ قامَ فـي ليلةِ الــــــــــــــقدْرِ

تــــــعطّرتِ الأورادُ من عطرِهِ الذي     يفوحُ من الجنَّاتِ مِــــــــن أوّلِ الدهرِ

غزيرُ ســــجايا الروحِ مِن كلِّ رونقٍ     فانَّ كنوزَ الـــــــــدرِّ مـن شيمةِ البحرِ

أيا معجمَ الـــــــــــتأويلِ خذني لسرِّهِ     فلمْ يستطـــــــعْ غير الذهولِ مِن السرِّ

رحلتُ إلى الآفاقِ بـــــــــرقاً وغيمةً     وبــــــــــي هدهدٌ الأنباءِ أجنحةُ الشعرِ

لعلّيَ أدنو خـــــــــــــــــطوةً عبقريةً     ترى في بروقِ الكشفِ إشراقةَ العصرِ

وقال من قصيدة (سبط الهدى) وهي في الإمام الحسن (عليه السلام) أيضاً:

مِن أولِ الدهرِ كانَ الــدهرُ مُنتظرَهْ     حتى التقى شـــــغفاً بعد الدجى قمــرَهْ

ضيـــاؤهُ النبويُّ الـــسارَ فــــي أفقٍ     مــــا مرَّ في كــــوكبٍ إلّا وقد أسـرهْ

لهُ من السُّحُــــــــبِ البيضاءَ في يدهِ     سرُّ العطــــاءِ فيهمي ســــرُّهُ مطـرَهْ

جادَ الزمانُ بـــهِ مــــن سيـرةٍ بقيتْ     حتى يــــواصلَ في أحقابــــهِ ســفرَهْ

باقٍ بذاكـــــــــــرةِ الآلاءِ لـؤلـــــؤةً     تطوفُ في العالمِ الغيبيِّ مـعتــــــمرةْ

تجملتْ كــــلُّ سبعٍ يـومَ مــــــــولدهِ     ورتلتْ في صدى اكوانها خـــــــبرهْ

مشكاةُ نـــورٍ أضاءَ المكرماتِ سناً     وكوكبٌ زيتهُ الـــدريُّ مـــن شــجرةْ

ابنُ الـــوصيِّ أمامٌ وابنُ فاطمـــــةٍ     سبط الهدى حسنٌ والسيـــرة العطرةْ

ابنُ الذي سيفهُ في الحربِ صاعقةٌ     تنبيكَ أنصافُ من يومِ الوغى شطرَهْ

مــن قلبِ طه أشتقاقٌ عسجدٌ ذهبٌ     هـــــــوَ الكتابُ لذا فلْتقْرأوا ســــورَهْ

وجـــــــنةُ الخلد من ألطافِ بارئها     سعتْ بـــــــــــأنهارِها شوقاً لتنتظرَهْ

فمن نداهُ يــــنابيعُ الورى انفجرتْ     وزمزمٌ فاضَ لــــــــــــبّى يقتفي أثرهْ

وقال في يوم عاشوراء

ماذا تُــــرى في جعبةِ الشعراءِ     كي يرتقوا لترابِ عاشوراءِ

كــــــلا وربِّ الدينِ تلكَ محالةٌ     كلُّ الكلامِ كريشــــــةٍ بهواءِ

لو كانَ ماءُ البحرِ حبرَ مدادِهم     ورقاعهم جعلتْ بحجمِ سماءِ

بهتتْ قـصائدهم ككسرةِ خاطرٍ     ليتيمةٍ بقيــــــــــتْ بلا إيواءِ

وقال من قصيدة في رحاب الحسين (عليه السلام):

معنىً تجلّى والخلـــــــــــــود لهُ أخُ     أصلٌ ومنه الــــــــــضوءُ سنخٌ يُنسَخُ

مترسِّخٌ في الــــــــــدهرِ طولَ بقائهِ     بـــــــــــــل إنهُ في الدهرِ روحٌ تنفخُ

تقوى القلوبِ شعائـرُ اللهِ الـــــــــتي     فيها صدى اسمِكَ في الجوانحِ يرسخُ

عجزَ الزمانُ فللذبـــــــــــيحِ معاجزٌ     تترى وأقلامُ الزمــــــــــــــانِ تُؤرِّخُ

بثَّ الحياةَ بـ (كربلاءَ) مـــــــــنارةً     عليا لها كـــــــــــــلُّ الحقائقِ ترضخُ

آهٍ من الــوجـعِ القـــــــــديمِ بخافقي     جـــمرٌ بموّالِ الريـــــــــــــاحِ مُفخّخُ

نطقتكَ عـــــــــــــــيني دمعةً أزليةً     ذكر الرزايا بالبـــــــــــــكاءِ مُضمّخُ

تجري مودّتكم بروح مـــــشاعري     هي نهرُ وجـــــــداني الـذي لا يسبخُ

سيطيرُ بالإلهامِ طـــــينُ محبّتي الـ     ـولهى كأمِّ الطيرِّ حــــــــــــينَ تُفرِّخُ

لغتي تراودنــــــــي لتشرحَ دمعتي     فالحزنُ فــــــي مُقلِ الحزانى برزخُ

لولاكَ يــــــــا قربانَ آلِ المصطفى     ركدَ السديمُ وضـــــــــــــوؤهُ يتفسّخُ

متوسّدَ الكثبانِ نحرُكَ زمــــــــــزمٌ     هوَ مِن جراحِ الــــطفِّ عينٌ تنضخُ

زالوا كإطلالِ المقابــــرِ في الثرى     ودماكَ في أفقِ التـــــــــــدلّي تشمخُ

ها قد وقفتُ على مــشارفِ خطوةٍ     ثكلى وصوتُ الدربِ نـــعْيٌ يصرخُ

من بئرِ يوسفَ أقتفــي عطرَ النهى     مُتحسِّساً فإذا القميصُ مُـــــــــضمّخُ

رئتي بها الأنـــــــــفاسُ شهقةُ فاقدٍ     فــــــــهواؤها بصدى الدخانِ مُلطّخُ

سأواصلُ استرسالَ وحي قصيدتي     حتى وإن ذَبـــــــــحَ المسافةَ فرسخُ

وأذوبُ فــي المعنى كنشوةِ عاشقٍ     فالشمعُ من نارِ الفتــــــــــــيلةِ يُسلخُ

قصّرتُ فـــي الترحالِ بين مواجعٍ     إنَّ المقصّرَ فــــــــــــي الودادِ يوبّخُ

وقال من قصيدة (وريدُ النور)

وحزَّ وريدَ الــــــــــــنورِ سهمٌ مسدّدٌ     دماهُ إلى العلـــــياءِ بالشكـرِ تسجدُ

تلقّى الدماءَ السبْطُ يجمعُ فيـــــــضَها     رماها قرابــــيناً مع النجـمِ تصعدُ

أحرّتْ قلـــــــــــوبَ المؤمنينَ رزيّةٌ     ومازالَ جـمرّ فـي الحشـاشةِ يوقدُ

رضيعٌ عليه الموتُ حدَّ مخــــــــالباً     ففـــــــــاطمةٌ تنعى ويبـكـي محمّدُ

فأيُّ رفيفٍ باليديــــــــــــــــنِ مودّعٌ     كــمثلِ سيوفِ في الحشــاشةِ تُغمدُ

على صدْرِ محــزوزِ القفا باتَ نائماً     غريبّ على صدْرِ الذبيــحِ التوسّدُ

محاجرُ أفــــــــــلاكِ الخليقةِ أطلقتْ     نيازكُ دَمْعٍ بعد أن غـــــــابَ فرْقدُ

سلــــــــوتُ حزيناً في رئاتيَ زفْرةٌ     وما حيلةُ المجروحِ ألّا الـــــــــتأوّدُ

مصائبُ آلِ الْبَيْتِ في الطفِّ برْزخٌ     يــــضخُّ اصطباراً لا يــزولُ وينفدُ

عـــــلى خطراتِ البالِ تغفو ملامحٌ     تقدُّ جـــــــلابيبَ الشعـورِ وتحْصدُ

أيا عـــــــطشَ الأحرارِ توقاً لكوثرٍ     على حوضهِ الكرارُ يـسقي ويشهدُ

بكاءُ ضفــــــافِ النهْرِ مازالَ قائماً     وفيه عويلُ الـــــــــموجِ نوحٌ يردِّدُ

أساميَ عبــــــــــاسٍ، حسينٍ وأكبرٍ     ومازالَ ذاكَ الجـــودُ والعينُ واليدُ

تسطّرُ في عينِ الـــــــزمانِ مراثياً     ومِن فرطِ فيضِ الدمعِ رمشه أرمدُ

أتى من جديدٍ بالرثاءِ مــــــــــحرٌمٌ     برائحةِ الأحـــــزانِ فالحزنُ سرْمدُ

وقال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً:

بما وراءِ غيــــــــــــــومِ الحزنِ من ودْقِ     تلامعتْ فـي محيّـــــــا الأرضِ بالبرقِ  

كما الـــــــــــسماواتِ مِن أنوارِها نزفتْ     عنــــــــدَ الصــــــــلاةِ عليّاً سجدةُ الحقِّ

فقلتُ يا مهجَ العرفانِ قـــــــــــــــــــاطبةً     مِن نبضــــــــةِ الروحِ بعد الفقدِ لا تُبقي

واستحضري الـــــــــورقَ المكلومَ مئذنةً     لمنســـــــكِ الدمــــعِ في تهويدةِ الـعشقِ

كـــــــــــــــــــــلُّ المدائنِ أيتامٌ بدونِ أبٍ     وثـــــــاكـلاتٌ على الأرزاءِ تــــــستلقي

روحُ البلاغاتِ في قلبِ التقى اختصرتْ     لكلِّ رائـــــــــــــعةٍ من نهرهِ يســـــــقي

يعيشُ وحــــــــــــــــــياً من الأنباءِ تنقلهُ     عبـرَ الزمانِ قـراطيسٌ مِن الـــــــصدْقِ

في وجنةِ النجمِ في شــــــــمسٍ وفي قمرٍ     وفي ضمــــــــيرٍ يقودُ العبـــــــدَ للعتْقِ

فــــــــــــي سحنةِ الماءِ في أرطابِ داليةٍ     وفي كتـابِ آلهِ الــــــــــــــناسِ والخلْقِ

 وفي بكاءِ خشوعٍ وابــــــــــــــتسام فتىً     رأى الــــشهادةَ مـــــــعنىً فائقَ الشوقِ

تهشمتْ من حكايا الحزنِ أخيـــــــــــــلةُ     من المجــــــــازِ كجرحٍ دونــــــما رتْقِ

فيا مدادَ كفــــــــــــــــــــافي عند مسغبةٍ     صــــــــاحتْ بـكلِّ نواقيسِ الصدى دقّي

هذي معالــــــــــــــــمنا الحيرى تجاذبنا     ضاقت بنا الأرضُ بين الغربِ والشرقِ

وقال من قصيدة (كفيلُ الرسالات):

تطيشُ لأهوالِ المصـــــــــــــــابِ عقولُ     ففي عينِ تـــــــــاريخِ الزمانِ ذهولُ

إذا قِيسَ أيـــــــــــــــــوبٌ ونوحٌ ويوسفٌ     بـــــــــــــــيومِ حسينٍ فالقياسُ يقولُ

بـــــــــــــــأنَّ رزايـا الـــطفِّ أرجحُ كفّةً     وخطْبُ حسينٍ في الــــــوجودِ جليلُ

صفعتَ هوى الطغيانِ فـــي منحرٍ جرى     عليه دمــــــــــــــــوعُ الأنبياءِ تسيلُ

تعثّرَ دينُ اللهِ مِن جـــــــــــــــــــورِ ظالمٍ     فقمتَ بقربانِ الدمــــــــــــــــاءِ تُقيلُ

فــــــــــلا غروَ إنَّ الــسّبـط في يومِ طفَه     لكلِّ رســــــــــــــالاتِ السَّـماءِ كفيلُ

خطبتَ بـــــــــوعـظٍ لـو بـمسمعِ صخرةٍ     لـــــــــــــقامتْ تلبّي تفتدي وتصولُ

فمَن كانَ يحذو فــــــــــــي ركابِكَ: عزّةً     ومَن حادَ عن خطِّ الحسيـــــــنِ ذليلُ

مبادئ إيمانٍ نـــــــــــــــــمتْ عن عقيدةٍ     عليٌّ سقى أغراســــــــــــَها ورسولُ

شمائلُ طهُ في الـحسيـــــــــــــــنِ وشبلهِ     فتلكَ فـــــــــــــــروعٌ أنبتتْـها أصولُ

وثغْرُ إمامٍ قـــــــــــــــــــــــــــــبّلتْهُ نبوةٌ     عجيبٌ تريبٌ في العراءِ قــــــــــتيلُ

ثويتَ على الرمـضــاءِ فـي رحلةِ العلى     دماكَ براقٌ لـــــــــــــــــلسماءِ تؤولُ

رحلْتَ ولكنْ فـــــــــــــي الضميرِ مخلّدٌ     فـــــــــــــــــأنتَ بقاءٌ والطغاةُ رحيلُ

فلا يومَ يأتي مثـل يومــــكَ في الـــورى     وما الدهْر في رمْي الصروفِ بخيلُ

ولكنّ أسبابَ الـــــــــــــــخليقةِ قـــررتْ     وليس لـــــــــــــهم غير الجهادِ سبيلُ

معانيكَ نهْرٌ والـضــفافُ ســـــــــــواعدٌ     فكيف ارتقـى تلكَ الــــــــــشفاهِ ذبولُ

عطاشى وكـان الماءُ سوراً مــن العدى     على الجـرفِ مـن جيشِ الطغاةِ فلولُ

فذادهمُ العـباسُ كالليــــــثِ فــي الوغى     وســـــــــــــــــيفهُ ليثٌ فالثنائي أكولٌ

ولكنَّ غدْرَ الـقومِ في الحـــــــربِ ديدنٌ     لذا كانَ مـن بـدرِ الــــــــــزمانِ أفولٌ

قطيعُ كفـوفٍ والســـــــــــــــــهامُ بعينهِ     ولم يـــــــــــبـقَ مـن بعد الكفيلِ كفيلُ

تسامى لـواء الفضلِ والجــــــودُ ارتقى     لتغْبطَ عبــــــــــــــاسَ السهى وسهيلُ

سقى غـارث الأزمان وأخضرّتِ الدنى     فلولاه أيّامُ الــزمانِ مــــــــــــــــحولُ

قرابينُ يـومِ النحرِ فاضــــــــتْ دماؤها     بــــيومِ انــــــــــــتصارٍ ناصِروهُ قليلُ

كماةٌ حمـاةٌ مـن نــــــــــــــــــفوسٍ أبيّةٍ     وكــلّهمُ نـحوَ الفــــــــــــــــداءِ عجولُ

سلامٌ علـيهـم ما استــــــــــــدارَ زمانُنا     وما انــــــــــداحَ فجرٌ أو يغيبُ أصيلُ

فـــــــــــرتْـكَ سيوفٌ طعنةٌ فوقَ طعنةٍ     كمضيـــــــافِ قومٍ والضيوفُ نصولُ

فأطعمتَ ضـيفَ الموتِ من لحْمِ هاشمٍ     وإنَّ عطاءَ الأكـــــــــــــــرمينَ جزيلُ

جباهُ جميعِ الأنـــــــــــــــــــبياءِ بجبهةٍ     رموها حــــــــــــــجاراً والدماءُ تسيلُ

كأنّ اشتياقَ السْهم مِن عـطشِ الضنى      سرى في الحشا للـــــــسلسبيلِ وغولُ

رميتَ دماءَ النزْفِ في مهــــجةِ السما     لأنّــــــــــــــــــــكَ نورٌ والضياءُ دليلُ

وميمونكَ المــــــــــحزونُ عادَ لزينبٍ     صدى نعْيهُ في الــــــــــخافقينِ صهيلُ

خرجْنَ بناتُ الخــــــــدْرِ يندبنَ أحمداً     أنينُ بكاءِ الــــــــــــــــــــفاقداتِ عويلُ

بكى الوحيُ آياتٍ على السبْطِ مُذ رأى     تدوسُ عــــــــلى صدْرِ الحسينِ خيولُ

فأيُّ مصابٍ في الطــــفوفِ على القنا     رؤوسُ بدورٍ مـــــــــــــــــــالهنَّ مثيلُ

وشمْرٌ بسوطِ الحقْد قد ســــــاقَ نسوةً     بضــــــــــــربٍ وشتْمٍ والطريقُ طويلُ

فيا صاحبَ الـــثاراتِ هل حانَ موعدٌ     تـــــــــــــناديكَ: عجّلْ بالظهورِ ذحولُ

بكيتَ دماءً مــــــــــــن مصارعِ فتيةٍ     وإنَّ ينابيـــــــــــــــــــــعَ الدموعِ خليلُ

فصبري قبيحٌ لــــــو صبرْتُ لرزئكمْ     ودونكـــــــــــــــمُ صبْرُ الحزينِ جميلُ

تمادى الأســـــى في الحادثاتِ عليكمُ     ولو كـــــــان فوقَ الطورِ سوفَ يزولُ

وقال من قصيدة (حكايات الأسى):

لا يَوْمَ في كلِّ الزمــــــــــــــــانِ يماثلُ     لصدى رزايــاكمْ وهنّ هـواطلُ

فيهِ حكاياتُ الأســـــــى خــــطّتٍ على     آلِ الــــنبيِّ فــللصروفِ تـداولُ

فبكتْ عـــــــــــــــقيلةُ هاشـــمٍ لفجيعةٍ     مُذ ذلكَ الـــيـومَ العزاءَ تُواصـلُ

مـــــــــن كلِّ دمـعةِ مقلةٍ قـــد سافرتْ     نحوَ الضحـايا فالدموعُ زواجـلُ

حيث انتصارُ النحْرِ من نـــزفِ التقى     وسيوفُهم هُـــزِمتْ وهنَّ ثـواكلُ

في وحشةِ الصحراءِ غابـــــــاتُ القنا     سبعونَ ألـفاً والــجيوشُ جـحافلُ

مــــــطرُ السهامِ لسقي أفــــئدةِ الهدى     لكنها جنـبُ الفـــــــراتِ ذوابـلُ

أنقذتَ ديــــــــــنَ اللهِ بالنحرِ الـــــذي     لو قِيسَ بـالأكوانِ لــيسَ يُعـادلُ

ولذلكَ المختارُ يــــــــــــــــــطبعُ قبلةً     فنمتْ بـوجهِكَ للرسولِ شمـائلُ

يا وجهَ آيـــــــاتِ الكتـــــابِ ومَن بهِ     وبشبّرٍ كـان الرسولُ يـــــــباهلُ  

فردٌ يُعانقكَ الهــــــــــــــجيرُ وشمسُهُ     عطشتْ فنـورُكَ لـلضياءِ مناهلُ

فردٌ وفيكَ من الوصـــــــــيِّ شجاعةٌ     وبقلبِ ذاكَ الـجيشِ خـوفٌ هائلُ

تبكي على الأعــــــــــداءِ أيُّ وجاهةٍ     بـــــسموِّكَ الـعلويِّ حـيث تقاتلُ

فلديكَ مِن عينِ الـيـــــــــــقينِ مناهجٌ     بجيوشِـــــــهم إنّ العـذابَ لنازلُ

أقلقتَ عمرَ الدهْــــــرِ ساعـةَ أوغلوا     فرسختَ في لبِّ الثبـاتِ تناضلُ 

لولاكَ تبـــــــــــــــتلعُ الخلودَ نيوبُهم     لولاكَ معنى الْمَجْد شــــيءٌ آفلُ

ولواؤكَ الســــامي يرفرفُ في العلا     مُذ قامَ يـــــــحملهُ الغيورُ الكافلُ

يومٌ كــــــــــقطبٍ والعصورُ كواكبٌ     وبقيتَ أنتَ إذ الخصومُ رواحلُ

 داستْ على الجسدِ الشريفِ خيولهم     أيُداسُ بحرٌ لـــــيسَ فيهِ سواحلُ 

غـــــــرقوا بقاعِ النارِ ذاكَ مصيرُهم     فدماكَ والنحرُ الــطهورُ زلازلُ

وأشرتَ لـــــــــــــلعلياءِ ترمي للدما     هيَ للسماءِ مِن الشـــــهيدِ قوافلُ

يا مَن قتلتَ المــوتَ والسيفُ الرؤى     يا ثورةَ الأحرارِ أنـــــتَ مناهلُ

ما كنتَ تعبأُ بالمـــــــــــماتِ ويومِه     إلا رضى الرحمـنِ ذهنكَ شاغلُ

خانوكَ يومَ الطفِّ بانَ نــــــــــفاقُهم     كمْ قد أتتكَ مـــــن النفاقِ رسائلُ

أســــــــماؤهم نكراتُ تاريخٍ مضى     وباسمِكَ الـتاريـــــــخُ فجرٌ حافلُ

هـــــمْ كذبةُ الصحراءِ زالَ سرابُهم     فــــــــسيوفُهم طلٌّ ونحرُكَ وابلُ

يا جنّـــــةَ الرضوانِ يا سِبْطَ الهدى     روحي مــخاضٌ والقصيدُ قوابلُ

آهٍ حسيـــــــــــــــــــــنُ وللتأوِّهِ لذةٌ     للناي في العزفِ الحزينِ فضائلُ

إقبلْ تباريحَ العــــــــــــزاءِ خريدةً     فرضاكَ في زمنِ العجافِ سنابلُ

وقال في الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً:

يتمتمكَ الوجـــــــــــودُ بلا كلامِ     كتمتمةِ العيـــــونِ من الغرامِ

لأنكَ قلبهُ المكنــــــــــــــونُ فيهِ     وتسقيهِ الــــحياةَ وأنتَ ظامي 

تدورُ مــــحاورُ الأزمانِ صبراً     عليكَ مــــدارَ أسـرابِ الحمامِ

تعـــــــجّبتِ العجائبُ قد أناختْ     وصـــلّى جمعُها خـلفَ الإمامِ

سفينتُكَ العظيــــــــــمةُ دينُ طه     ستـبحرُ في العلا في كلِّ عامِ

مِن الإســـــــراءِ والمعراجِ سرٌّ     كما الأضواء في البدرِ التمامِ

تجسّدَ في الحسينِ وراحَ يجري     نميـــــــــراً من ينابيعِ السلامِ

تــــــقطّعكَ السيوفُ وأنتَ نحرٌ     وجثمانٌ يـــــــــــكفَّنُ بالسهامِ

أيا جـــــرحَ السماءِ همى نزيفاً      ولمْ يدركْه معنــــــــى الإلتئامِ

ضميرُكَ قـــــبلةُ الأحرارِ طرَّاً     وبحرُكَ نبعُ أنهارِ الـــــــغمامِ

ضريحُكَ جنّةُ الـــمأوى، سلامٌ     وشمسٌ أرعبتْ جيشَ الظلامِ

فأنتَ بدايةٌ في كـــــــــــلِّ حينٍ     وأنتَ لمنتهى مسكِ الختــــامِ

وقال من قصيدة (عطش الكلام)

رضعتُ الـحبَّ واشــتدَّ الهيامُ     وحبُّ الآلِ غايةُ مـــــــــــا يرامُ

سفينتكَ النـجاةُ ونــــــوحُ فيها     على طوفــــــــــانهِ هبطَ السلامُ

ينوحُ ودمـعهُ صــــــــلى مليّاً     كما صلـــتْ على الجسدِ السهامُ

هناك الـصمتُ أرخـى مـقلتيهِ     بحـــــــــيرتهِ وقد عطشَ الكلامُ

كأنَّ الـيومَ دهرٌ ســــــــرمديٌّ     وأهلُ الكهفِ في الأحزانِ ناموا

هنـاكَ رقيةٌ سُــــــلبـتْ لتُسبى     لكمْ يبــــــــــــكي رزيَّتها اليمامُ

مـصابٌ لـــلرضيعِ أحرَّ قلبي     كجمرٍ منه تحتـــــــــرقُ الخيامُ

أيـعطـــــشُ والبروقُ بخافقيهِ     وفـي كفّيهِ يزدحمُ الغـــــــــمامُ!

خلاصةُ خاتـمِ الرسلِ المفدّى     فمنذُ البدءِ عــــــــــــانقهُ الختامُ

رسولُ اللهِ مِـن فحوى حسينٍ     ومِن مضمونهِ السبـــــطُ الإمامُ

نــــــزيفُكَ ظـلَّ نهراً عبقرياً     وجرحُكَ لا يـــــــــــداويهِ التئامُ

فجيشُكَ في مرايا المجدِ حيٌّ     وجــــــــيشُ يزيدَ محترقٌ ركامُ

وقال من قصيدة (قمرٌ لن يغيب) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

مِن أين أبدأ فالبداية تـــــــــــــرهبُ     ودموعُ وجدانِ القصـائدِ تُسكبُ

إن قلتُ عباسَ البطـــــــــولةِ والفدا     قــمرٌ بجنبِ النهرِ نـاحتْ زينبُ

عيناكَ خدرٌ للــــــــــــــعقيلةِ سيدي     فلــــذاكَ بعدَ السهمِ بـاتتْ تُسلبُ

كفاكَ أحــــــــجيتانِ سرِّهما لدى الـ     ـزهــراءِ في يومِ القـيامةِ تطلبُ

مـــــــــن ربِّها ثأراً سماويَّ الرؤى     في النارِ يرتمسُ الشقـيُّ المذنبُ

هيَ نقطةُ التكوينِ في صرحِ الهدى     ولديـــــكَ صرحٌ بالإبـاءِ مُذهّبُ

يا جـيشَ سبطِ المصطفى وعضيدهُ     بيمينِكَ الـــــــــــــبتَّارِ نارٌ تلهبُ

يا أيُّهـــــــــــــــا السقّاءُ تلكَ سكينةٌ     ترنو وفي مُقلِ الخــــــيامِ ترقّبُ

لنميرِ قربتِهِ تدلّـــــــــــــــى زمزمٌ     مازالَ جرحُ الماءِ نزفــــاً يشخبُ

قمرٌ تســـــــــــــرمـدَ نورُه ولواؤه     وجهُ السماءِ وفي اليمينِ الكوكبُ

قمرٌ من الإيثارِ شـعشعَ في المدى     والليلُ فرَّ ولــــــــيسَ ثمَّةَ مهربُ

من صبرِ كلِّ الأنبيـــاءِ بصيرةُ الـ     ـعباسِ صِيغتْ والبصيرةُ مذهبُ

تتهافتِ الكلماتُ تذوي كـــــــالفرا     شِ لأنها برقُ الغـــــمامِ مكهربُ

هاتيكَ أخبارُ الطفوفِ تــــقولُ لي     لولاكَ إنَّ الطفِّ نهرٌ مـــــــجدبُ

فسقيتهُ بالعشقِ أنــــــــــهارَ التقى     وفــــمُ الخلودِ مِن المكارمِ يشربُ

مازلتَ في حزني المؤبّدِ أصــلبُ     فـــــــــــدمُ القصيدةِ خائفٌ يترقّبُ

من أينَ لــــــي لغةٌ أفجِّرُ صرفَها     مــــــعناكَ يا عباسُ معنىً أعجبُ

مِن فتيةٍ كانَ الـــــــــرقيمُ يضمُّهمْ     نـــــــــاموا بكهفهمُ ولم يتخضّبوا

فلربَّما يدنو إليهِ العــــــــــــــارفو     نَ وإنّ لــــــــي نبضاً يئنُّ ويندبُ

حملتكَ أنباءُ الـــــــــدهورِ حكايةً     هل يحملُ القمـــرَ المنيرَ الغيهبُ!

يا سبعَ قنطرةِ الخلــــــــودِ مهابةً     فالسيفُ أصدقُ في الفعالِ مُجرّبُ

سأظلُّ أرثي والدمـــوعُ محابري     سأظلُّ أنعى والـــــــمشاعرُ تكتبُ

وقال من قصيدة (آيات الوفاء):

القلبُ في عطشٍ وذكْـــــــــركَ نهْرُ     والصبحُ ظلماءٌ ووجـــــهكَ بدْرُ

والكونُ مفجــــــــوعٌ بيومٍ مِن أسى     وكأنّما مِنْهُ المـــــــصائبُ صِفْرُ

عجباً تُساقُ سبيـــــــــــةً بنتُ النبي     أجزاءُ إحســــانِ الرسولِ النكْرُ!

يا خدرَ وارثـــــة المصائبِ كمْ لها     بظلالِ أجنحةِ الكفالةِ خِــــــــــدْرُ

وبجودِكَ المكنونِ قصَّــــــــةُ كوثرٍ     للآنَ يحكي عن صـــــداها الدهْرُ

كفّاكَ آياتُ الـــــــــــــوفاءِ جمـيعُها     حتى استقى من ساعديـــــكَ البرُّ

بــــــــــــكَ أبجدياتُ الإباءِ مُـناطةٌ     ماذا عساهُ يقولُ فيـــــــــكَ الشعْرُ

يا مَن صنعتَ من الطفوفِ عذوبةً     وبسيفِكَ الــــــــــــــبتارِ موتٌ مرٌّ

لو ترمقُ الليلَ البهيمَ بنظـــــــــرةٍ     سيخافُ من نــــــــورِ النهى ويفرُّ

أنتَ اجتــــــــهادُ المجدِ قد أرَّخـتهُ     فبفضـــــــــــــلِكَ العلويِّ باتَ يقرُّ

يا وقفةً في الـطفِّ بعضَ صـفاتِها     في عـينِ من عادى الرسالةَ حشْرُ

ما نازلتكَ سيـــــــــوفَـهم أنّى لهمْ     فـــــالنصْرُ أنتَ ولا سواكَ النصرُ

فملأتَ جودَكَ ما شــــربتَ معينَهُ     عطشَ الحسينُ وفِي الحسينِ السرُّ

وركبتَ مهرَ المجدِ خطوتُكَ الإبا     حــــــتى نعاكَ مدى الزمانِ المهرُ 

فعساكرُ الــــشيطانِ تضمرُ حيلةً     فلطالمـــــــــــا طبعَ الخؤونِ الغدْرُ

كمنوا كأوكــــــارِ الأفـاعي بغتةً     قطعوا الزنودَ فــــفاضَ منكَ العمرُ

قمرٌ وكفَّاكَ الفــــــــراقدُ والسهى     علمُ اللواءِ فكيفَ ضـــــــــمّكَ قبْرُ

يا كافلَ الحوراءِ بنـتِ المرتضى     بعدَ الكفــــــــــالةِ قـد دهاها الأسْرُ

هيَ مُذ رأتكَ مجزَّراً فوق الثرى     مذهولةٌ يرعــــــــى حشاها الجمْرُ

قالتْ: قرابينَ السمـــــا أجسادُكمْ     وعباءتي يا أهلَ بيتــــــــي الصبْرُ

فوقَ القناةِ الرأسُ يـــرسلُ دمعةً     حمراءَ في رسلِ الدمــــــوعِ العذْرُ

وهناكَ في جسدِ اللـــــواءِ كتابةٌ     أثرَ الســــــــــــهامِ مدادُها لا الحبْرُ

وخـــــيامُ آلِ البيتِ تُحرقُ غيلةً     وبســـــــوطهِ ضربَ النساءَ الشمْرُ

كم تفـــــتكُ الأرزاءُ حيث أميةٌ     صبّتْ ضـــــــــــغائنَها فبئسَ الأمرُ

وقال من قصيدة (في رحاب القمر) وهي في مولد أبي الفضل العباس (عليه السلام)

بحثتُ عن مفرداتِ الــــنورِ يا لغتي     لعلَّ فيكِ ســـــــــــــألقى روحَ مقياسِ

فلم أجدْ كبريـــــــــــــاءً يقتفي قمراً     من الـــــــــــضياءِ يوازي نورَ عبّاسِ

ميلادُكَ الــــــيومَ والأنخابُ مترعةٌ     مـــــــن القريضِ على إيقاعِ إحساسي

فهكذا أمتطي إيحاءَ أخـــــــــــــــيلةٍ     كنجمةِ الفجرِ شعّتْ دونَ حـــــــرَّاسِ

كلُّ الحكاياتِ أشــــواطٌ لقد عجزتْ     بأنْ تطوفَ بـــــــــــــلا تقطيعِ أنـفاسِ

حتى لو اقــــتبستْ أقواسُ محبرتي     شيئاً ســـــــــــتُشْعَلُ بالمكنونِ أقواسي

كفى بكفَّيكَ آلاءً مُــــــــــــــــــقدسةً     تــــــــظلُّ معجزةَ الأحزانِ في الـناسِ

بكَ النجــــــومُ حيارى إنها اشتعلتْ     من برقِ عينيكَ مثلَ العطرِ في الياسِ

لوّحــــتَ منذ مجيءِ الفجرِ مقتحماً     مثل الخليلِ على الأصــــــــنامِ بالفاسِ

شققتَ بحرَ جيوشِ الكفرِ فارتــعبتْ     حتى المنايا وكانتْ دونَ إحـــــــساسِ

قد أبحروا بدماهمْ دون بــــــوصلةٍ     ووحدَكَ الموجُ والإعــــصارُ والراسي

رمقتهمْ وكأنّ الحـــــــــربَ زلزلةٌ     وهم يـــــــــــــــفرّونَ خوفاً مثل أتياسِ

ها أنتَ سورةُ ميقــاتٍ قد انبجستْ     وكلُّ قلبٍ لها أحــــــــــــــــلامُ قرطاسِ

بوجهِكَ الكونُ مـــرسومٌ كما ضفةٌ     كأنّـــــــــــــــما الموجُ فيها رقّةُ الكاسِ

طوّقتَ ليلَ الدجى حتى رسا عجباً     فجرٌ على (كـــــــربلا) في حُلّةِ الماسِ

رفــــــيفُ أجنحةِ الأملاكِ مزدحمٌ     ومـــن رنينِ صـــــــداهُ رقصُ أجراسِ

كفّاكَ نـــــبعانِ مِن ماءِ الجنانِ لذا     تاقَ الــــفراتُ يلاقي أصــــــلَ أجناسِ

تــركتُ قيثارتي النشوى تراودني     أرواحَ غيمٍ تـــــــــــــبدّتْ بينَ أغراسِ

لم أدركَ الـــــــفتحَ لكني على ثقةٍ     بأنَّ إسمَـــــــــــكَ في الإدراكِ نبراسي

وقال من قصيدة (يا ساقياً نهرَ الفرات)

السيفُ قَالَ إذا يميــــــــــــــــــنهُ قالا     بطلٌ يجدّلُ في الوغى الأبطـالا

فكلاهما للمـــــــــــــوتِ سنٌ ضاحكّ     هذا التبــــــــــــسّمُ ذلك اليتـلالا

قمرُ الهــــــــــواشـــمِ والمعاركُ ليله     سبحانَ من خَلَقَ الجـمالَ جمـالا

فـــــــــــذراعه جيـــشٌ بكاملِ حشدهِ     يا ويلهم من بأســــــهِ إن صـالا

هو كافلٌ للشمسِ يـــحفــــــــظ ظلَها     أرأيتَ شمساً تستعيـــــرُ ظــلالا

هذا هو العبـــــــــــــــاسُ بدرّ كاملّ     هو كوكـبٌ إن جرّدَ الـعــــــسالا

هو زمـــــــزمٌ هـــو خيمةٌ هو غيمةٌ     هو بــــــدرُها لا يسـتسيغُ زوالا

سَبْعُ القناطرِ والــفـراتُ عــــــــيونهُ     بندى الكـــــــياسةِ تـستزمَّ زُلالا

من ذَا يجابهُ فـي الــمعـــــارةِ سـيفهُ     مذ كان يوماً لــــــلضيوفِ دلالا

ماذا أحدّث عـن مــنـــــــاقبِ جـودهِ     أعيى المقالةَ والـحــــديثُ كمالا

فكفاكَ فخراً أنـــتَ صنْو المرتضى     حيثُ الكمــــــــيُّ يُخلّفِ الرئبالا

لا فرقَ إن ركـــبَ المطهّمَ أو مشى     إذ يحصدُ السيفُ الصقيلُ رجالا

إن كــــــــــان خيّـالاً تراءى راجلاً     وإذا مـــــــــــــشى ستظنّهُ خيّالا

للفضلِ كـــــــــــان وما يزالُ له أباً     من كان يحميَ لــــــــلنبيِّ عيالا

ظهْرُ الـــحسينِ الــــسبْط في شدِّاتهِ     بل أنتَ جــــــيشٌ يستشيطُ نزالا

يا وجـــهَ قرآن يرتّـــــــــــــــلُ آيةً     إن رفَّ شاربــــــــهُ رأوا زلزالا

هـــو غيرةٌ عــــــــــلويّةٌ وتفجّرتْ     حتى تدكَّ على الســـــهولِ جبالا

يـــا ساقياً نهر الفــــــــراتِ بغَرْفةٍ     من كفكِ البيضــــــــاءِ ثم اخـتالا

تسقي العطاشى سلســبيلَ مــكارمٍ     والبحرُ يركعُ ساجداً إجــــــــلالا

يا أيُّها الإيثارُ يا شمـــــــسَ التقى     تـــــــــــــبقى مناراً يلهمُ الأجيالا

طُبعتْ أناملكَ الغيــورةُ بــــصمةً     بلوائكَ الأزلـــــــــــيِّ كي يتعالى

فنمتْ أناملُ ســـــــــاعديكَ بيارقاً     ركزتْ بهاماتِ النجـــــوم سجالا

هـــــذي سكينةُ والـرضـيعُ ملوّحٌ     يــــــا من كفلتَ الخدْرَ والأطفالا

يا ذا البصيرةِ والـشجاعةِ والنهى     حيّـــــرتَ في مضمونكِ الإذهالا

مدنُ الزمانِ تـزورُ روضةَ عزّةٍ     والنَّاسُ تـــــــقصدُ جودَكمْ تتوالى

أقرضتـــــني هذا القريضَ هديةً     أطلقتَني حرٌاً ســـــــــبى الأغلالا

يا مَن سكنتَ الروحَ بلسمَ عشقِها     قد جئتكمْ مُـــــــــــــــتوسِّلاً سآلا

يا مطلبَ الـحاجاتِ عنديَ حاجةٌ     إقبلْ تــــــــــــــعثّرَ أحرفي لِتُقالا

وقال من قصيدة (سيد الماء)

فـــــي قــــــبضتيك الجودُ والَعلَمُ     وبخـــــــــافقيكَ العزم والهممُ

يا سيدَ الأنهارِ هل عــــــطشَ الـ     أطفالُ والرضـعانُ والــــحرمُ

ووجـودُكَ العذبُ الــــــزلالُ لهم     ومِن المحيَّا ينـضــــــحُ الكرمُ

معنــــــاكَ يا عبـــــــاسُ معجزةٌ     هل يحتويــــــــــها بـالمقالِ فمُ

آلاؤكَ الـــــــــبــــــيضاءُ شاهدةٌ     فالبــــــــــدرُ بـالأضواءِ يبتسمُ

لاذتْ بكَ الــــــحـــوراءُ شابحةً     أنـــــــتَ الغيورُ وجـفنُكَ الخيمُ

أقسمـــــــتَ بالكرارِ تــــحرسُها     مازالَ يجري في النـهى القسمُ

في صدرِكَ الطوفـانُ مُقتـــــــلِعٌ     كـــــــلَّ الأعادي فالخرابُ هُمُ

بيمينِكَ البتّارُ قارعـــــــــــــــــةٌ     والنارُ مـــــــن ذَا الصيدِ تلتهمُ

حتى إذا لم تـــــــــــــأوِهمْ جهةٌ     يرضونَ لو يـــــــــأويهمُ العدمُ

فــــــــــوقَ المطهّمِ فارسٌ بطلٌ     بالعصمةِ العصمـــــاءِ مُعتصمُ

لم تفهمِ الأعداءُ كيـــــــــفَ أتى     فهي النجومُ لمهرِهِ قـــــــــــدمُ

ساقي عطاشى الطفِّ يومَ مشى     والنهرُ فـــــــيه الجيشُ يزدحمُ

قد ذادهمْ بالسيفِ وانهزمــــــوا     لو لا فرارهــــــــــمُ لما سلموا

مُذ مَدّ كفّيهِ الفــــــــــراتُ بكى     وكـــــــــــــــــأنّه طفلٌ به سقمٌ

فسقـــــــــــــــــاهُ عباسٌ بمقلتهِ     فـــــــــــانداحَ جرحُ الماءِ يلتئمُ

رجــــفتْ جفونُ الأرضِ آسفةً     مُــــذ فارَ منكَ على الترابِ دمُ

تبكي الـــــسماءُ لقد هوى قمرٌ     فالليـــــــــلُ دمعٌ والـضحى ألمُ

فيكَ الوفـــــــــاءُ قداسةٌ جُبِلتْ     للآنَ مُنذ الـــــــــــــطفِّ والقيمُ

يا عنفوانَ الفضــــــــــلِ مبتدأٌ     ليستْ تضاهي بعضَـــــهُ الأممُ

سأظلُّ أمشي في المـدى سُبلاً     زادي المعاني، مهرتــــي القلمُ

فلعلّني ألقـــــــــــــاكَ خاطرةً     فيها جنانُ الخــــــــــــلدِ ترتسمُ

ولعلّني ألقى صـــــدى صورٍ     فعلى الزمانِ من الـــرؤى ذِممُ

وقال:

كفّاهُ نهرٌ بالندى يــــــــــــــــتكلّمُ     هـــوَ كوثرُ الجنَّاتِ إذ يتـجسَّمُ

ذي ضحكةُ الأكـوانِ في وجدانهِ     عجباً أيضحكُ للردى الـمـتألمُ!

عيناهُ ليتَ الشعرَ يكشفُ ما هـما     لكنْ أيــــصـعدُ للسماءِ الـسـلّمُ؟

مُذ قد رأى نورَ الحسينِ بعــــينهِ     صلّى الضياءُ وما يزالُ يــسلّمُ

عينٌ يصيدُ الكافرينَ لــــــــهيبُها     عينٌ لزينــــبَ والنـساءِ مُــخيّمُ

عينٌ بها الحوراءُ تســترُ خدرَها     عينٌ بمقلتِها تــــــــنامُ الأسـهمُ

عينٌ تخضِّبُها الـــــــدماءُ لعلمها     طبعُ البسالةِ أن يخـضِّبَها الـدمُ

قمرٌ تركّزَ فوقَ مشرعـــــةِ القنا     والشمسُ مِن أنــــــوارِهِ تتيـمَّمُ

قمرٌ بعاشوراءَ لــــــــــكنْ سيفهُ     في الحربِ عندَ الاقتتالِ جـهنّمُ

قمرٌ فلا لـــــــــيلٌ يليـقُ بحجمهِ     حتى أطلَّ على الحسينِ مُـحرّمُ

فجلا بـــصارمِهِ العساكرَ باسماً     وعُجاجُ نقعِ الهـــــاربينَ تجهّمُ 

يــــــــا شبلَ حيدرةٍ يداكَ سقايةٌ     ولهاً اتاك يطوف ســعياً زمزمُ

هيَ تلكَ اخبارُ الزمانِ ولم تزلْ     وأنا بسيرتِكَ العجيبةِ مُـــــغرمُ

فـأنستُ من قبسِ المناقبِ رحلةً     لا تنتــــــــــهي فقوافلي تتلعثمُ

وقال من قصيدة (وقفة في رحاب مسلم بن عقيل عليه السلام)

كانوا كثيرينَ جداً عنــــــــــــد بيعتهِ     طـواهمُ الليلُ في ديجورِ خدعتهِ

فظلَّ فرداً وحـــــــــــيداً بعـد منقلبٍ     حتى نما المجدُ مِن آثارِ صرعتهِ

سفيــــــــــرُ سبطِ رسولِ اللهِ ملحمةٌ     كبـرى وخطتْ ألمْ تقرأ لسيرته!!

فــــي أرضِ كوفانَ أحداثٌ مؤرَّخةٌ     والــــحبرُ دمعٌ على إيقاعِ محنتهِ

فردٌ كما الشمسُ في الآفاقِ واضحةٌ     والسيفُ يـسطعُ مِن أنوارِ وجنتهِ

بحثتُ في لغتي العظمى أفــــــسّرهُ     وجدتهـــــا وقعتْ في حبِّ رفعتهِ

لهُ من العزْم آلاءٌ لــــــذاك ترى الـ     ـعزم ينضحُ مــــــن أنحاءِ بردتهِ

الهاشميُّ الفتى عزٌّ يفيـــــــــضُ إبا     البرقُ منسدلٌ من غــــــيظِ مُقلتهِ

كانَ الخلودُ لهُ نهراً فما عطـــــشتْ     ترنيمةُ الدهرِ من أصداءِ مـوجتهِ

فالرائعاتُ أُســـــــــارى سرِّ قصّتهِ     منذ الحسينُ إلى ميقاتِ حـــــجَّتهِ

هذا السلامُ عليهِ بعـــــــــضُ قافيةٍ     حمائمٌ رفرفتْ في أفقِ روضــــتهِ

كانَ الهديلُ يناجي دمعهُ قــــــــبساً     مُذ أبصرَ النارَ في وجـــدانِ ابنتهِ

وقال من قصيدة (شبيه المصطفى علي الأكبر)

جمرُ الغضا في خافقـــي يتوقّدُ     والصبرُ من هولِ الــرزايا ينفدُ

أمشي بلا وعيٍ كخـــــطوةِ تائهٍ     وطــــريقهُ بالشائكــاتِ مُصفّدُ

هرمتْ مسافاتُ اغترابي حيثما     وطّنتُ أقـــدامي بـحـزنيَ أجلدُ

آهٍ من الأحزانِ مــــأتمُها المدى     هيَ مُنذ ذبـــحِ الـمُنـتهى تتمدّدُ

هوَ منتهى الآمــــالِ أولُ راحلٍ     والليلُ جيشٌ والــــــنهارُ مهنّدُ

بيمينهِ شقَّ الــــــــصفوفَ كأنّهُ     سيلٌ تحدّرَ بالـعــــــــذابِ مقلّدُ

بطلٌ شـــــــجاعٌ سيفهُ لا ينثني     فلقد ثنى الجمـعين وهْو المفردُ

قد كان يشبِه جدّه بخـــــــصالهِ     وبوجههِ العلـويِّ شعَّ مـــــحمّدُ

خلقاً وأخلاقاً وسيــــــرةَ منطقٍ     وكأنما فيه الــــــــــنبـيُّ مجسّدُ

برزتْ ملامــــــــحهُ الندية آيةً     كبرى ولكنّ العـدى لـــم يهتدوا

كان الــــــردى ظلّاً لهُ فبسيفهِ     دربُ الجحيمِ كمـا السراطِ معبّدُ

زحفــــــتْ بسالتهُ فأثكلتِ القنا     وسيوفُهم ثكلى تقـومُ وتـــــــقعدُ  

صـــدأتْ أمانيهم بماءِ سرابهم     وابنُ الحسينِ كما الحسينِ مُخلّدُ

هو من ربيعِ النورِ نجمٌ راسخٌ     فابنُ الفراقدِ بالــــــــطبيعة فرقدُ

وقال من قصيدة (في رحاب أم الرسالة السيدة خديجة عليها السلام)

من أين أبدأ لا يــــــــــكفي النهى مددُ     زيــتُ الضياءِ بـقلبي ظلَّ يحتشدُ

سجدتُ عنــــدَ عروجِ البوحِ من لغتي     مــــع الذيـنَ لنـورِ اللهِ قد سجدوا

كأنّ قلبَكِ للمختـــــــــــــــارِ غارَ حرا     ومنه أسـرى بطه الواحدُ الصمدُ

زوجُ النــــــــــــبيِّ وروحٌ للهدى أبداً     خديــــــــجةُ الآلِ نبراسٌ ومعتقدُ

مــــــــــــــنها تفرَّعتِ الزهراءُ والدةً     خيرُ الأئمّــــةِ بالإيمانِ قد شهدوا

وأمُّ بضعتهِ الحوراءِ فاطــــــــــــــمةٍ     والعشقُ فــي اللهِ والإيثارُ والسندُ

لها السلامُ وآيـــــــــــــــــــاتٌ مرتَّلةٌ     مِن الملائــــكِ والإحسانُ والرشدُ

بحضـــــــــــرةِ الكوثرِ القدسيِّ واقفةٌ     معَ الرسولِ ليسقي كلَّ من وفدوا

أمُّ الرسالةِ من آلاءِ كــــــــــوكبِها الـ     ـدرّيِّ حيثُ هــداةِ الخلقِ قد وِلدوا

حبا لها الـــــــــمجدُ نجماً يقـتفي أثراً     من نورِها مــثلَ طفلٍ ظلَّ يجتهدُ

كان الــــغمامُ بكفِّ المصطفى سوراً     وكانَ للبرقِ رعــــــدٌ ليسَ يرتعدُ

فـــــــرَّ الكلامُ وهل يبقى على شفتي     وفيَّ الفُ غزالٍ جـــــــــاءها أسدُ

وكيف يُهدى إلى وصفِ الذرى أدبٌ     فكلما جاءَ يـــــــــــدنو راحَ يبتعدُ

وقال من قصيدة (نبية الصبر) وهي في السيدة الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام):

(ويحدثُ الآنً) أن تُسبى عيالُ نــبي     فــــــــــــلتكفهري أيا بـــوابةَ الغضبِ

نظرتُ في أحجياتِ الكونِ حيث نما     حزنُ الغيابِ كنارٍ في لظى الحطــــبِ

وجّهتُ أسئلتي للمـــــــــــاءِ مُندهشاً     هل يعطــشُ الماءُ منفياً من الــــسحبِ

(ماذا أحدّثُ عن) أرزاءِ قـــــــــافلةٍ     سينفدُ الحـــــــبرُ في تيهٍ عن الكــــتبِ

كأنــــــما (كربلاء) الـــطــفِّ أوديةٌ     فاضتْ ينابيعُ أحــــزانٍ من الـــــسغبِ

مسيـــــــرةُ الشامِ أهـــوالٌ كــأنَّ بها     فــــي كلِّ ثانيةٍ دهـــــراً مــــن الحُقبِ

فوقَ الرماحِ نجـــومُ الحقِّ ســاطعةٌ     تهدهـدُ الليلَ كي يرتـــــــــاحَ مِن تعبِ

ضربُ السياطِ وحادٍ باتَ يشتـــمهمْ     مِن بعدِ ما غابَ بدرُ النورِ في الحُجُبِ

كأنّهُ الكوكبُ الدريُّ ذو قـــــــــبسٍ     ويقتفي ضوءَه سربٌ مـــــــــن الشهبِ

هو الغريبُ سليبٌ ظــــــامئ بــطلٌ     لا ينثني أبداً بين الـــــــــــــــكماةِ أبي

كانَ اليقينُ تـــــــــــسابيحٌ بمهــجتهِ     لكنَّ أعداءهُ ضربٌ من الصـــــــــخبِ

بقلبهِ عنـــــــفوانُ الدينِ نورُ هـدى     لذا رموهُ بـــــــــــــــسهمٍ كان ذا شعِبِ

تجسّدَ الجسدُ المذبوحُ عـــــاصـمةً     لكلِّ حرٍّ شريف الفعـــــــــــلِ والحسبِ

نبيةُ الصبرِ أدّت فــــــرضَها فعـلا     عظيمُ قربانِها المنْحورِ سبـــــــــط نبي

رسالةُ الحـــقِّ في أحداقِ خطـبتِها     سيفُ الوصيِّ ووحي اللهِ في الكــــــتبِ

فأثبـــــــــتتْ كربلاء الحقِّ فلسـفةً     معنىً فاشــــــــرقَ في الوجدانِ لم يغبِ

لن يرثيَ الحالَ دمعٌ او جوى لـغةٍ     كلُّ الوجودِ ذهــــــــــولٌ ظلَّ في عجبِ

وقال من أخرى في رحاب العقيلة زينب الحوراء (عليها السلام) أيضاً:

لـلـنـورِ مـحـبـرةٌ وطـــورٌ دائــــمُ     ولـهـا بــأفقِ المعجزاتِ حـمائمُ

هي زينبُ الكبرى وجـاهـةُ حيدرٍ     وهيَ الحـسينُ وطفّهُ هيَ فـاطمُ

الـصـبـرُ عـطـشـانٌ فكانتْ كوثراً     إذ مقلتاها لـلـكـفـيـلِ غـمــائـــمُ

سـفـرٌ رسـالـيٌّ، نـسـيـجُ عباءةِ الـ     ـحوراءِ حيث لها البراقُ سلالمُ

هيَ تمتماتُ الحزنِ في شفةِ التقى     لـلـسـبـطِ والـحزنُ العـتيقِ مآتمُ

هـيَ نـجـمـةُ السبعِ الطباقِ ومالها     بـيـن الـعـوالـمِ والـسـمـاءِ توائمُ

أبديةُ الإيـمـانِ خـيـمـةُ خــدرِهـــا     وحـيٌ يـصـلـي أو إمـامٌ صـائـمُ

هـيَ درَّةُ الأزمــانِ حـيـث زماننا     في خنصرِ الجسدِ المقدَّسِ خاتمُ

وقال من قصيدة (مشهدٌ من الطف):

لمّا ادلهّمَ الليلُ قـــــــــــــامت زينبُ     والصبرُ مـــــــــــنها شابحٌ متعجّبُ

حــــــــــــــــطَّ الظلام ركابهُ وكأنما     مـــــــــن كلِّ داجٍ قـد تراكمَ غيهبْ

تمشي وتعثر بالأضاحــي كي ترى     جسدَ الحسينِ السبطِ وهو مُـــــسلّبُ 

رفعتْهُ قربـــــــــــــــاناً لجبارِ السما     ودموعُها الحمراءُ باتــــــتْ تُسكبُ

يا خيـــــــمةَ الأطفالِ بعد كفيلها الـ     ـعباسِ كمْ من ظــــــــــــامئٍ يتعذبُ

كانت لمشتبكِ الرزايا مـــــــــوطناً     يأوي العزاءَ ومقلتاها الـــــــــموكبُ

دمعٌ يسليها بليـــــــــــــــــلةِ وحشةٍ     فالبدرُ مقطوعُ اليـــــــــدينِ مُخضّبُ

وعلى القناةِ يضيءُ مصباحُ الدجى     أو كيفَ مشــــــــكاةُ الرسالةِ يُصلبُ

بـــــالسوطِ يزجرُها العتاةُ وحقدهِم     يدرونَ هــــل يدرون حقاً من سبوا!

تهفو إلــــــــــــيها المعجزاتُ لأنها     - لا غروَ - مِن كلِّ العجائبِ أعجبُ

وقال من قصيدة (نديم النجوم) وهي في القاسم بن الإمام الحسن (عليه السلام)

على شسعِ نعلِكَ كـــــــم نجمةٍ     أراقتْ ضياءً وصارتْ سديمْ

تُقبِّلُ أوداجــــــــــــَكَ النازفاتْ     فـــــــبدرُ الدجى للنجومِ نديمْ

أحبّتكَ ولهانةَ الإشـــــــــــتياقْ     وشــــــــوقُ المحبِّ أليمٌ أليمْ

غـــــــلامٌ وأثكـلَ سوحَ الوغى     وعجّـــبَ بالبأسِ أهلَ الرقيمْ

بكى السيفُ عـند اغتيالِ الفتى     وسمرُ الــــــقنا دمعةٌ تستديمْ

بثغرِكَ نــــــهرٌ رمتهُ العجافْ     ويهفو إليكَ الــــفراتُ السقيمْ

بنحرِكَ حنّـاءُ عرسِ الـطفوفِ     وشمعُكَ لازالَ فــــــينا مُقيمْ

يذوبُ بوجدانِنا ســـــــــرمديٌّ      جـديدْ الفـــــروعِ بجذرٍ قديمْ

فيا قاسمَ الـــــــطفِّ كمْ عبرةٍ     تبثُّ برمــــــــلةَ رزءاً عظيمْ

طغى الحزنُ في قــلبِها لاهباً     وأبكتْ فؤاداً لأمِّ الـــــــــكليمْ

وقال من قصيدة في الإمام محمد الباقر (عليه السلام)

(قمرٌ من الابريـــــــــزِ والياقوتِ)     فعلومهُ وحـــــــيٌ من الملكوتِ

ويضيءُ طولَ الدهرِ حيث شعاعُهُ     معنىً يحــــيّرُ معجماتِ الموتِ

هــــــــــو باقرُ الآلِ المطهّرِ بيتهمْ     لاْسمٍ على عرشِ السنا منحوتِ

ذو النونِ في الــتسبيحِ رتّلَ سرَّهمْ     فنـــــجا ولم يلبثْ ببطنِ الحوتِ

يا عزّةَ الــــــمخـتارِ والسبطِ الذي     سيُــــــــــذِلًّ كلَّ منافقٍ طاغوتِ

وقال في الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) من قصيدة بعنوان (لبيك):

لبّيكَ قالتْ رزايا الحــــــــــــــــــزْنِ والالمِ     مُذْ أبصرتْ قـــــلبكَ المحزونَ كالعلمِ

لاذتْ بهِ قبْلةً أدّتْ مـــــــــــــــــــــــناسَكَها     باتتْ تصــــلّيكَ مثلَ الحَجَّ في الحرمِ

القولُ لبــــــــــــــــــيكَ فرضُ الحبِّ عبّدهُ     مَـــــــــــن لمْ يُصلِّ بهذا الحبِّ لم يُقمِ

فــــــــــاضتْ مناسيبُ كلِّ الوجدِ في رئـةٍ     أنفاسُها الصمتُ في محرابِ وحي فمِ

دارتْ على فلْكِكَ الـــــــــــــمكلومِ ملحـمةٌ     ظلّتْ تدورُ نزيــــــــــــــفاً غيرَ منكتمِ

تشتاقُ آياتِـــــــــــــكَ الأزمانُ مُذ وجـدتْ     في منكبيكَ بحارَ الجودِ والـــــــــكرمِ

وجــــــــــــــهٌ يشعُّ كراماتٍ تفيضُ رؤى     كأنَّ كفّيكَ واحــــــــــــــــاتٌ من الديمِ 

لا سجْنُ يوسفَ أو ذو الــــــــنونِ ظلمتهُ     ساوتْ سجونَكَ يا موسى بــــذا قسمي

صبرٌ يقارعُ أشــــــــــــرارَ الـهوى جبلاً     في كظْمِ غيظِـــــــكَ نيرانٌ من الحِمَمِ

ما زالَ جســـــــــــرُكَ في حـزنٍ يراودهُ     والنهرُ دمعٌ من الأمـــــــــــواجِ لم ينمِ

تـــــــــــــــــــشييعُ نعشِكَ والتشييعُ أفئدةٌ     تــــــــــــــهفو إليكَ كما الأطيارُ للأجمِ

أينَ الطغاةُ فهل كـــــــــانوا وهلْ حكموا     كلٌّ يعضُّ عـــــــــــــــــلى سبّابةِ الندمِ

همْ أُقبروا في اللـــظى في رجسِ فعلتهمْ     مثلُ السرابِ أمـــــــــــــانيهمْ إلى عدمِ     

وأنتَ في جنـــــــةِ الرضوانِ فقتَ على     كـــــــــــــــلَّ النجومِ عُلوّاً منتهى القممِ

لـــــــــــــــــــكنْ تباريحُنا تبني لنا سفناً      إنْ ترسُ يــــوماً بصخرِ الوجدِ ترتطمِ

يا وارثَ الطفِّ كمْ في الطفَّ من وجعٍ     يبقى كجمرٍ مـــــــن الأشجان مضطرمِ

يا إبنَ فاطمةَ الزهراءِ كـــــــــــم ندبتْ     نعشاً على النهرِ جنـــــبَ النهرِ ِنحرَ دَمِ

والـــــــــــواردينَ إلى الهيجاءِ فانثلموا     مجزَّرينَ لدينٍ غيرِ مُــــــــــــــــــــــنثلمِ

الوافدينَ عــــــلى الأسيافِ شوقَ صبا     مِن كلَّ ليثٍ هصـــــــورٍ بالحروبِ كمي

بابُ الحوائجِ هــــــــــــذي وقفتي أملٌ     فأنتَ حقاً لكلِّ الرائعــــــــــــــــاتِ سَمي

يا سابعَ الآلِ مِن أهلِ الكســــاءِ مضى     بـــــدراً يضــــــــيءُ دياجيراً من الظُلمِ

لذْنا ببابِكَ من خوفٍ ومِن وجــــــــــلٍ     أرسلـــــــتُ قلبي فنبضُ القلبِ في قلمي

لا أتقي الحزْنَ فالأشجــــــانُ مشرعةٌ     هلْ للمزامـــــــــيرِ غيرُ الحزْنِ في النغمِ

قد قرَّ قيدكَ والأغلالُ آســــــــــــــــفةٌ     إذ قبّلتْ منكّ رضَّ الــــــــــــساقِ والقدمِ

مــــا طاوعَ الشعْرُ فالأحزانُ عاصفةٌ     تـــــــــــــــقتصُّ منّي شعوري مثلَ مُنتقمِ

فكلُّ هــــــــــــــــذا الذي قد قلتهُ جهةٌ     تاهتْ بتبرِ الــــــــــــخُطى ردّتْ كمنهزمِ

تلكَ المناقبُ نـــــــــــــــورُ الله كوّنها     بمحكمِ الآيةِ الـغرّاءِ والــــــــــــــــــــــقلمِ

فكيفَ أشرحُ آلاءَ الهـــــــــــدى وأنا     إلّا وشـــــــــــــــــــاحُ ذنوبٍ غير محتشمِ

لكنَّ شرفةَ آمالي بـــــــــــــكمْ فُتحتْ     حتى أعبَّ مِن الــــــــــــــــخيراتِ والنِعمِ

أسترسلُ الحبَّ صبّاً طالَ مـــــوعدهُ     صامَ الوجوبُ وفي الأشـــــــواقِ لم يصمِ

عطشى الأمانيَ تـــــستسقي مودّتكمْ     حتّى شربتُ فزالتْ حرقةُ الـــــــــــــــسقمِ

وقال من قصيدة في السيدة رقية بنت الإمام الحسين (سلام الله عليهما):

شوقُها ليس يدانيهِ اشـــــــــــــتياقُ     وبـكى من دمعِها حتى الفراقُ

طفلةٌ قد حمـــــــــــلتْ أعباءَ رزءٍ     إن تـكنْ في جبلٍ ليستْ تُطاقُ

ابنةُ السبطِ لقد عانقتِ نحــــــــــراً     وإذا أسرى إلى الموتِ العناقُ

قلبها الظمآنُ من قـــــــلبِ حسـينٍ     فبدا مـــــنها إلى الخلْدِ التحاقُ

مذ تراءى عندها شيباً خــــــضيباً     لم تطقْ شـــجوَ مآسيها النياقُ

فغفتْ تسمو إلى معـــــراجِ طيفٍ     ولها الوجدُ على المولى بُراقُ

ولها من زينبِ الحـــــــوراءِ دمعٌ     هوَ في عينــــي محبيها مُراقُ

موتُها الشامـــــــــخُ طوفانٌ لنوحٍ     أغرقَ الطغيــانَ إذ بانَ النفاقُ

 ابنةُ الــــــطهْرِ الذي عالجَ موتاً     عجباً لم يبدُ بالــسبْعِ انطـــباقُ

عمُّــــكِ العباسُ فـي رأسِه جرحٌ     أم هو البدرُ وفي البدرِ انشقاقُ

بنتُ آلِ المصطفى في القلبِ نارٌ     ديدنُ النارِ اضطرامٌ واحتراقُ

إنــــني أسكبُ شعراً من عيوني     إنّما الحرفُ من الـدمعِ اشتقاقُ

....................................................

1 ــ زودني الشاعر بسيرته وأشعاره عبر الانترنيت

2 ــ الاقتباس في نظم الشاعر غسان الحجاج / موقع الناقد العراقي بتاريخ 19 / 10 / 2018

3 ــ قراءة فنية لقصيدة (السيرة الأولى) للشاعر غسان الحجاج / صحيفة عالم الثقافة بتاريخ 6 / 3 / 2020

4 ــ موقع آفاق نقدية بتاريخ 29 / 9 / 2017

كما كتب عنه:

مرتضى عبد النبي الشاوي / تمثلات التناص النصي في المجموعة الشعرية " آية إصبعي " للشاعر غسان الحجاج، مجلة كلية التربية / جامعة واسط العدد 3 بتاريخ 14 / 4 / 2018

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار