787 ــ محمد هارون الحسيني الزنـﮔﭙوري (كان حيا سنة 1335 هـ / 1916 م)

محمد الزنـﮔﭙوري (كان حيا سنة 1335 هـ / 1916 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (19) بيتاً:

إذا ما طــــــلبتَ المستجارَ من البلى      فليسَ لكَ العقبى سوى أرضِ (كربلا)

هيَ المسجدُ الأقصى يطوفونَ حوله      هيَ الــــــكعبةُ العليا هيَ الخلدُ والعُلى

فمَن جاءها مُـــــــــستغفراً كانَ آمناً      وأوتي فـــــي الفردوسِ قصراً ومنزلا (1)

الشاعر

السيد محمد هارون الحسيني الزنـﮔﭙوري، عالم وشاعر ولد في الهند، ترجم له الأستاذ محمد سعيد الطريحي فقال في ترجمته: (من أعلام الهند ونوابغها، كان حياً حتى سنة (1335 هـ) من أهل بلدة (زنـﮔﭙور) ويتصل نسبه بالإمام الحسين (عليه السلام)، له مؤلفات تزيد على الخمسين ما تزال مخطوطة، وهو رجل مجهول لم ينوّه به ولم يذكره أحد حتى الآن ومثله الآلاف من أعلام المسلمين في الهند.

لم أطلع على المطبوع من مؤلفاته غير كتاب (توحيد القرآن) وقد فسر فيه آيات قرآنية تتعلق بالتوحيد. وبين يدي وبخطه كتاب (الرحلة العراقية) وقد هيئناه للنشر في مجلة (الموسم) كتبه سنة 1329 هـ). (2)

وقد نشر الطريحي هذه الرحلة في مجلته الموسم (3) ونقلها عنه السيد سلمان هادي آل طعمة (4)

شعره

قال من قصيدته في الإمام الحسين (عليه السلام):

إذا ما طــــــلبتَ المستجارَ من البلى     فليسَ لكَ العقبى سوى أرضِ (كربلا)

هيَ المسجدُ الأقصى يطوفونَ حوله     هيَ الــــــكعبةُ العليا هيَ الخلدُ والعُلى

فمَن جاءها مُـــــــــستغفراً كانَ آمناً     وأوتي فـــــي الفردوسِ قصراً ومنزلا

ومَن رامَـها للأمنِ مِن سورةِ الأذى      رآها له حـــــــــــــرزاً حريزاً ومعقلا

فما عــــــــادَ منها سائلٌ غيرَ منجحٍ      ومـــــــــــا خـابَ فيها من أتاها مؤمّلا

إذا ما رأى الرائي إلى شمسِ وجههِ      شواهدُ نـــــــورِ اللهِ مِن ضـوئه اجتلى

مشتْ إذ مــــــشتْ أقدامُه في سبيلهِ      وقالَ إذا ما قـــــــــــــــالَ وحـياً مُنزّلا

بهِ شرَّفَ اللهُ الــبيتَ الحرامَ وركنَه      ومنه تعالى صــــــــــــــــــيتُه وتغلغلا

نجا ابنُ خليلِ اللهِ مــــــــِن ذبحِهِ بهِ      وقربانَ إبـــــــــــــــــــراهيمَ منه تقبَّلا

فمَنْ طلبَ الإيمانَ مـــــــمَّنْ وراءه      يعدْ خائباً إذ لم يجدْ عـنـــــــــــه معدلا

قد أشربَّ بي لحمي وعظــمي حبُّه      فلو قطعوني لـــــــــــسـتُ عنه لأعدلا

فيا ويلَ قومٍ قاتلوهُ وأســـــــــرعوا      إلى الجورِ حـتى صــــــــــيَّروه مُجدّلا

وهمْ لم يراعوا فيه حــــــرمةَ جدِّهِ     وقد جعلوا شـرعَ النبيِّ مُـــــــــــــعطّلا

فأيَّةُ أركانٍ بهمْ قد تهدَّمــــــــــــتْ     وأيّ عظيمِ الـطــــــــــــــودِ منه تزلزلا

فأبكي لجسمٍ بالدمـــــــــاءِ مضمَّخٍ      وأبكي طريحـاً في التـــــــــرابِ مُجدّلا

أهذا بمنْ ربَّته بنتُ محــــــــــــمدٍ      وهذا بمَنْ ربَّـاهُ مَن كانَ مُـــــــــــرسلا

فلا تزعموا يا شرَّ قـــــومٍ نجاتَكم      فإنَّ لكم أبـــــــــــــــــــقى عذابٍ وأنكلا

عليكَ سلامُ اللهِ يا خيرَ نـــــــاسكٍ      ويا خيرَ من لبّــى وطـــــــــافَ وهرولا

أنختُ ركابي عند بـــــابِكَ راجياً      لتكشفَ عني كــلَّ ســــــــــــــوءٍ مُعجّلا

وقال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

بابٌ به تنجحُ الآمالُ للنــــــــــــــــاسِ      بابُ الشهيدِ العظيمِ الـــــــمجدِ عباسِ

بابٌ إذا ما أتاهُ المـــــــــــــرءُ مُلتمِساً      حاجاتِه راجــــــــــــياً ما عادَ بالياسِ

بابٌ لديهِ ملوكُ الأرضِ خــــــاضعةٌ     إذا أتوهُ أتوا بالعينِ والـــــــــــــــراسِ

بابٌ ملائكةُ الـــــــــــــــرحمنِ زائرةٌ      له وعـــــــــــــــــــــاكفةٌ فيهِ كحرّاسِ

بابٌ لمَن لمْ يصلْ أدنـــــــــى منازلِه      وهمْ ولم يدرِها عقلٌ بمــــــــــــــقياسِ

إليهِ ترحالُ عــــــــيسِ الوافدينِ منىً      ونحوه شَدُّ أقـــــــــــــــــتابٍ وأحـلاسِ

هوَ الكميُّ الشجاعُ الباسلُ النــدسُ الـ     ـماضي العزيمةِ في الهيجا لدى الناسِ

أتــــــــــتْ إليهِ جنودُ الكفرِ غـــاشمةً      والحربُ تكشرُ عن نابٍ وأضـــــراسِ

كانوا كــأنسٍ وما فيهم خــصـائصُهم      كأنّهم من بــــــــــــــــــقايا قومِ نسناسِ

لم يخــــــــلقِ اللهُ ليناً فــي عـريكتِهمْ      وهمْ بقلبٍ كصخرٍ في الـــــوغى قاسي

الجورُ شـــرعتهمْ والفـــسقُ مـذهبُهم      كلابُ بـــــــــــــــــــــاديةٍ أتباعُ خنّاسِ

ما فيهمُ غيـــــــرُ ساهٍ عــــن عواقبِه     وللكتابِ ودينِ المصـــــــــــطفى ناسي

فقامَ والصارمُ الـــــــــــبتّــارُ في يدِهِ     إلى اللئامِ كذي لبــــــــــــــــدينِ فرّاسِ

وجدَّلَ الحزبَ حزبَ الكفــرِ أكثرَهم      من ناكثي العهدَ أوغادٍ وأنـــــــــــكاسِ

وفرّقَ الجمعَ والأبطالَ تـــرهبُ مِن      ضـــــــــــربٍ وطعنٍ برمحٍ منه ميَّاسِ

فدتكَ نـــــــــفسيَ يا عبَّاسَ مِن بطلٍ      أزلـــــــتَ عن أرضِ كفرٍ كلَّ أرجاسِ

وما بقيتَ نصـــــــــرتَ اللهَ مُحتسباً      محاميَ الـــــــــــــدينِ عن شكٍّ وإلباسِ

له المكارمُ لا تُقضـــــــــى عجائبُها      ولا يحيطُ به أسفـــــــــــــــــارُ أطراسِ

له المحامدُ والعلياءُ والشــــــرفُ الـ     أقصى وطودٌ له من مجــــــــدِه راسي

في الحربِ باترُ فسَّاقٍ ومــــرغمُهم      في السلمِ للمسنتينَ المطعمُ الـكــــــاسي

قد طهَّرَ اللهُ رمساً فيه مضـــــــجعُه      ما مسَّه قط من رجــــــــــــسٍ وأدناسِ

طابتْ شمائمُ تربٍ ضمَّ أعـظــــــمَه      يفوحُ منه شذى الريحــــــــــانِ والآسِ (5)

وقال من أخرى في الإمام الحسين (عليه السلام):

لا تبكِ يا صاحَ مـــا في الرســمِ من دارِ      مـــــــــــمَّا عفتْ بسيولٍ أو بأمطارِ

ولا تجدْ منكَ بالدمعِ الغـــــــــــزيرِ ولا      دمٍ تهيِّجُه الـــــــــــــــذكرى لذي قارِ

كيفَ الثواءُ عــــــــــــلى دارٍ وأقفــرَها      هوجُ الرياحِ وغيثُ المدمعِ الجاري؟

أم كيفَ أضناكَ ما قاسيــــــتَ مِــن ألمٍ      فيها وأضرمتَ في أحـشاكَ مِن نار؟ِ

أم كيفَ تزعمُ خــــــــــــدّيها وجبــهتَها      شمساً بدتْ في السمــا من فوقِ أقمارِ

وثغرُها كبياضِ العاجِ ذا شـــــــــــــنبٍ      أو لؤلؤٍ أو أقـاحٍ أو كــــــــــــــــنوَّارِ

ورشفُها رشفُ صافي الماءِ مِـــــن كدرٍ      وســــــــــــــائغٍ باردٍ عذبٍ ومعطارِ

ألـــــــــــــــستَ تذكرُ ظمآناً بـــــماريةٍ      حمته أقوامُه مِــــــــــــــن ماءِ أنهارِ؟

أليسَ مِن مــــــــسلمٍ فيكمْ فينــصــرني      أو مِن مجــــــيبٍ لقولي بين أشرارِ؟

يا قومِ يا قومَ إنّي نـــــــــجلُ فـــــاطمةٍ      أنّي ابنُ بنتِ رســــــــولٍ خيرِ أخيارِ

أني ابنُ أحمدِكمْ لا ريبَ فــــــــــيه لكمْ      إنّي خبيرٌ بأحـكامٍ وأســـــــــــــــــرارِ

لا تقتلوني بلا إثــــــــــــمٍ ولا خــــــطأٍ      واخشوا عـــذابَ الإلهِ الخالقِ الباري

واسترهبوا اللهَ في أبناءِ فــــــــــاطــمةٍ      ولا تحوموا لـــــــــــجـهلٍ حومةَ النارِ

أذاكَ من أجلِ ما غيَّرتَ مِــــــن ســننٍ      في دينِ ربِّكمُ يا حــــــــــــزبَ كفارِ؟  

أمْ قلتُ في الشرعِ قولاً باطـــــــلاً فنداً      أمْ هل جنيتُ بعــــــــدوانٍ على جارِ؟

وهلْ أغرتُ عليكمْ أمْ علـــــــــــى أحدٍ      وهلْ بهِ شاهدٌ من أهــــــــلِ إعصارِ؟

أمْ قد هدرتُ دماً لا يستـــــــــــــحقُ له      أكانَ عندي لكم من بـــــعضِ أوتارِ؟

فلا تثيروا بأرضِ اللهِ مِن فـــــــــــــتنٍ      ولا تبيــحوا دمي يا عصـــــــبةَ العارِ

أيا ابنَ سعدٍ ألمْ تعلمْ قرابتَـــــــــــــــــنا      بسيدِ الخـــــــــلقِ خيرِ الناسِ مختارِ؟

دعني أروحُ فأرضُ اللهِ واســــــــــعةٌ      كي أستريـحَ بــــــــها في بعضِ أغوارِ

واستغفرِ اللهَ مِـــن ذنبٍ أتــــيـــــتَ بهِ      وتُبْ إلى قــابلِ التـــــــــــــوباتِ غفّارِ

فـــــــــــــلمْ يـــجـبْ قولَـــه إلّا أسنتُهمْ      أو وقعُ أسيافِهم أو رمــــــــــي أحجارِ

ولم يكم نـــــاصرٌ فــــي البينِ ينصرُه      وحوله مــــــــــــــــــِن عداةِ اللهِ فجَّارِ

يقولُ أينَ زهـــــــــــيرُ القينِ أينَ أخي      سبَّاقُ غاياتِ حربٍ بــــــينَ مضمارِ؟

وأينَ ما غــــابَ؟ أكــــــبادي وأفئدتي      وأينما سارَ أصحابي وأنـــــــصاري؟

فليتَ شــــعريَ ماذا العذرُ حينَ دُعوا      لدى الحسابِ إلــــــــــــى ميقاتِ جبَّارِ

تقــــولُ فاطمةُ الزهراءُ بــــــــــــاكيةً     يا ربِّ هذا حــــــــــــــــسينٌ برُّ أبرارِ

هذا حسينٌ أضـــــــــاعوهُ لـــــحقدِهمُ      وكانَ خامسَنا من خمـــــــــــــسِ أنوارِ

جاروا عليهِ فـجزّوا رأسَــــــــه حنقاً      عليه لا لــــــــــــــــــــــجناياتٍ وأوزارِ

فربّما رفعــــــــــــــــــوهُ في أسـنتِهمْ      وعلّقوه على أفـنانِ أشـــــــــــــــــــجارِ

بــــــــــذاكَ لم يقــــنعوا حتى بعترتِهِ      داروا وهـــــــــــنَّ أسارى بين أمصارِ

وهنَّ بــــــــــــــــارزةً فـيهمْ بلا كللٍ      على الجمالِ ولا حــــــــــــجبٍ وأستارِ

يردنَ ستراً به يــــــــــسترنَ أوجهَها      وأينَ سترٌ سوى أيدٍ وأشــــــــــــــــعارِ

دعا إليهِ يزيدُ الشــــــــــــرِّ مُجترحاً     إثماً كبيراً عظــــــــــــــــيماً مقحمَ النارِ

وما استجابوا له إلا لمــــا طــــمعوا      فيه من الفضةِ البيضا وديـــــــــــــــنارِ

هذا المصابُ مصابٌ عـــــــمَّ فادحُه      في الأرضِ بل كـــــــلَّ أكنافٍ وأقطارِ

بكتْ عليه السما والأرضُ مِن أسفٍ      والوحشُ والطيرُ في بــــــــــيدٍ وأوكارِ

وبالكسوفِ بدا يبكي لمحــــــــــــنتِه      بدرٌ وشمسٌ بليــــــــــــــــلاتٍ وأسحارِ

تلكَ الفوادحُ لو شئنا نــــــــحيط بها      أبتْ ولم يأتِ منها عشرُ مــــــــــــعشارِ

يا معشرَ الدينِ قوموا في العزا قلقاً      وابكوا عليهِ بدمــــــــــــــعٍ طولَ أعمارِ

وابكوا عليه بعيني مكــــــــمدٍ أرقٍ      بساكبٍ ساجمٍ كالغيثِ مــــــــــــــــدرارِ

فاللهُ يعفو عــــن الباكينَ ما اقترفوا      مِن الذنوبِ بجــــــــــــــــهرٍ أو بأسرارِ

ثمَّ السلامُ علـــــى خيرِ الورى أبداً      وآلهِ خيرِ أطيابٍ وأطــــــــــــــــــــــهارِ (6)

..........................................................

1 ــ مجلة الموسم العدد 12 ص 390

2 ــ نفس المصدر والصفحة / الهامش

3 ـــ العدد 14

4 ــ كربلاء في مدونات الرحالة والأعلام ص 177 ــ 213

5 ــ مجلة الموسم العدد 12 ص 390 ــ 391

6 ــ نفس المصدر ص 391 ــ 392

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار