772 ــ سعيد الدبوس (ولد 1370 هـ / 1959 م)

سعيد الدبوس (ولد 1370 هـ / 1959 م)

قال من قصيدة في يوم الأربعين وتبلغ (35) بيتاً:

يا (كربلا) هل جهّـزوهمْ وهل     صلّى عليهم طاهرٌ أطيبُ

ظلّتْ على الرمضاءِ أشلاؤهمْ     والـشمسُ من فوقهمُ تلهبُ

لمْ يكُ في أعـــــــــدائِهمْ مسلمٌ     جاءَ يواري بل أتى يسلبُ (1)

ومنها:

يا (كربلا)، قد جاءكُمُ ركبُنا     ركبُ السبـايا لاطماً ينحبُ

حـــــــــــريمُ آلِ اللهِ حاديهمُ     يشتمُهــــــمْ ينهبُهمْ يضربُ

أينَ حسيــــــــــــنٌ نَبِّئِينا به     يا (كربلا) إنّ السبا أعجبُ

وقال من قصيدة (هذا المحرم) وتبلغ (17) بيتاً:

وا لهفتاهُ على الحسينِ بـ (كربلا)     أودى به حَرُّ الأُوامِ المُتْعِبِ

وا لهفتاهُ وقــــــــدْ أحاطَ به العِدا     لقتـــــالِهِ في قسوةٍ وتَعَصُّبِ

لمْ تختشِ اللّهَ العظــــــــيمَ وأخْذَهُ     ولحقِّ آلِ محــــمد لمْ تَرقُبِ

وقال من قصيدة (بكائية الرأس الشريف) وتبلغ (22) بيتاً:

أَبكيْ الحسينَ غــــــدَا وحيداً مُفرَداً     في (كربلاءَ) وقد أحاطَ بهِ العدا

حيثُ الزنيــــــــمُ يـزيدُ مِنْ طغيانِهِ     جُنداً مُجَنَّدةً أعــــــــــــدَّ وحشَّدا

فمضَى الحسينُ إلى الوغَى وفؤادُهُ     ضرِمٌ أضرَّ بهِ الظِمــاءُ وأجهدا

وقال من قصيدة في عبد الله الرضيع (عليه السلام) وتبلغ (17) بيتاً:

أيا شيعةَ السبطِ الحسيــــنِ المعظّمِ     أتاكمْ أَوانُ الحـــــــزنِ شهرُ محرَّمِ

ففيهِ أبو الأحرارِ حَــطَّ بـ (كربلا)     مُحاطاً مِــنَ الأعدا بـجيشٍ عَرَمرَمِ

وأمطَرَهُ الأوغـــــــــادُ وابلَ نَبلِهِمْ     وأحــــــجارهم مِنْ كلِّ كافر مجرمِ

وإنْ أنسَ لا أنسى الرضيعَ أُوامَهُ     وقدْ أحرَقَ الأحشا بـأقصى التَضَرُّمِ

وقال من قصيدة في زوارِ الحسينِ (عليه السلام) في الأربعين:

وتَصيحُ: وَرَّمَتْ السياطُ متونَنا     لمْ يحفظوا نَسَباً لنا وذِماما

أطــفالُكمْ يا إخوتيْ قدْ ضُيِّعَتْ     فــــغدَتْ بلا حامٍ لها أيتاما

خَفِراتُــكمْ بين الأعادي حُسَّراً     وظلَــــلْتمُ في كربلاءَ نياما

الشاعر

سعيد بن عبد الله بن سلمان بن حسن الدبوس، ولد في حيّ الدبابية في مدينة القطيف بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وهو حاصل على شهادة بكالوريوس علوم الهندسة المدنية من جامعة البترول والمعادن بالظهران، وعمل بشركة أرامكو السعودية في دائرة المشاريع الهندسية كمهندس مشاريع ثم مهندس أعلى للمشاريع حيث ترأس بعد ذلك العديد من الوحدات الهندسية في الدائرة المذكورة قبل أن يتقاعد عند بلوغه الخمسين من عمره.

كما درس الدبوس في الحوزة العلمية في القطيف وقرأ المقدمات، ثم أكمل أغلب مقررات السطح العالي وبدأ بحضور بحوث الخارج قبل تقاعده، وبعد التقاعد، واصل حضور البحث الخارج لأكثر من ثلاث سنوات في القطيف، ثم هاجر لإكمال دراسته في قم المشرفة، والنجف الأشرف.

أما بالنسبة للشعر فقد بدأ معه منذ كان في الثانية عشرة من عمره، وتوقف عن كتابته أثناء الدراسة الجامعية ثم عاود بعدها كتابته بشكل متواصل، وتركز شعره في مناسبات أهل البيت (عليهم السلام)

صدر له ديوانا شعر هما: (صوت الدموع ــ وهو في الإمام الحسين عليه السلام)، و(الغدير ينبض شعرا).

قال من قصيدة في يوم الأربعين:

بعد السبا أتتْ هنا زيـــــــــنبُ     والقلبُ منها هائمٌ مُـــــــــتعبُ

يا كربلا هل جهّـــزوهـمْ وهل     صلّى عليهم طــــــاهرٌ أطيبُ

ظلّتْ على الرمضاءِ أشلاؤهمْ     والشمسُ مــــــن فوقهمُ تلهبُ

لمْ يكُ في أعدائِـــــــــهمْ مسلمٌ     جاءَ يــــــواري بل أتى يسلبُ

هل جمعوا الأشلا بملــــحودةٍ     وهل يغطـي الأنجمَ الــــغيهبُ

أتتْ هنا ودمعُها يَــــــــصبُبُ     بعد السِّبـــــــــا أتتْ هنا زينبُ

ما حالُ من كــــفَّاه قد قُطّعتْ     والعينُ بالسهمِ دمـاً تـــــشخبُ

بلا رؤوسٍ إرِباً قُطِّـــــــــعوا     وبالظما وا أســـــــــفي عُذّبوا

يا (كربلا)، قد جاءكُــمُ ركبُنا     ركبُ السبـــــايا لاطـماً ينحبُ

حريمُ آلِ اللهِ حـــــــــــــاديهمُ     يشتمُهمْ ينهبُهمْ يضـــــــــــربُ

أينَ حسينٌ نَبِّئِـــــــــــــــينا به     يا (كربلا) إنّ الــــسبا أعجبُ

أينكَ يا ريحــــانةُ المصـطفى     لمــــــــنْ سنشكو ولِمنْ نَعتبُ

نساؤكمْ حــــــسرى وحاديهمُ     شمرُ الخنا والمركبُ الأصعبُ

يا حســـرةً من بعد عزٍّ غدتْ     بالحبلِ مثل المرتضى تُسحبُ

لا ترتـــجي غوثاً ولا ناصراً     يثــــــــأَرُ للإسلامِ أو يغضبُ

فكــــــــــــــلهم ليسوا لآبائهمْ     وتائهٌ مــــــــــــن فيهمُ يُنسـبُ

فالهمَّ والحزنَ غدَتْ تَصحبُ     بعد السبا أتتْ هـــــــنا زيـنبُ

فلَمْ يؤَدُّوا للهـــــــــدى أَجرَهُ     ولم يبالوا آلَ مَـنْ عذّبـــــــــوا

قد قتلوهم شرّدوا نــــــــكَّلوا     واغتصبــــــــوهم فيأهمْ سلَّبوا

يا حجةَ اللهِ, أَتَــــــــتْ زينبٌ     ورأسُها مما جـــــــرى أشيبُ

تخفي رواسٍ من هـمـومٍ ولا     تعتبُ مولايَ وتَسْتَـــــــــعْتِب

للطفِّ بالنسوةِ قد أقـــــــبلتْ     وباليتــــــــــــــامى آه يا طيِّبُ

أهوتْ على قبرِ حسـينٍ وفي     لهاتِها تصــــــــــرخُ أو تندبُ

تشكو له ضيمَ الأعـادي لهمْ     ودمعُها من دمِـــــــــها يُسكبُ

والوجْدُ من فراقِـــكمْ مُتعِبُ     بعد السبا أتـــــــــتْ هنا زينبُ

يا كافليْ إلى متــــى نومُكمْ     وأختكم في ذلـــــــــةٍ تُضربُ؟

أجابَها لسانُ حـــــــــــالٍ لهُ     قد قُطِّعَتْ أعضـــايَ يا زينبُ

أختاهُ, ﻻ كفوفَ عندي وﻻ     عينٌ، وﻻ هامٌ، وﻻ مَــــــركَبُ

لو أنَّها سليمةٌ ما جــــــــنى     جانٍ وﻻ يـــــــــقتادكمْ مُرْهِبُ

عمَّا دهـــــــاها لــكُمُ تُعرِبُ     بعد الــــــــسبا أتتْ هنا زينبُ

يا حجةَ اللهِ أثِـــــــــرْ نَقعَها     تقتصُّ من كُـــلِّ العدا، تَصلِبُ

متى تُبيدُ الكفرَ يـــــا سيديْ     ونَبذلُ الأرواحَ إذ نَـــــصحبُ

تَصلِبُ مَنْ للظلمِ قد أسَّسُوا     وكلَّ من في بحرِهمْ يَــــركبُ

تعلو على جميعِ رايــــاتِهم     بالحقِ راياتُ الهدى تُنصَـــبُ

يا حجَّةَ الباري أتتْ تـندِبُ     بعد السبا أتتْ هــــــــنا زينبُ

وقال من قصيدة في ميلاد الإمام الحسين (عليه السلام):

قصَدْنا مَعينَ العِزِّ مَنهَلَكَ الـــــــــعَذْبا     فَصُبَّ لـــــــنا مولايَ كاساتِهِ صَبَّا

ووَفِّ لنا يا واهبَ المــــــــــجدِ ماءَهُ     لــــــــنرويْ بـهِ بعدَ الظماءِ لنا قلبا

وأرسلْ شُعاعَ الــــــهديِ نوراً لدربِنا     على هديهِ نسعى فنَسْتَسهِل الصَعْبا

وخُطَّ لــــــــــــــنا منهاجَكَ الفَذَّ للإبا     لِنَرفَعَ أدرانَ الــــــــــمَذَلّةِ والـحُجْبا

أقَمْنا لدى الميلادِ أبهى مـــــــــحافلٍ     لِنُعلِنَ فيها بهــــــــــجَةَ العيدِ والحُبَّا

فَمُذْ بَزَغَتْ أنوارُ غُــــــــــرَّتِكَ التي     أَضَأْتَ بها شرقَ العــــوالمِ والغربا

تَبَاشَرَتْ الأملاكُ بالعيدِ بـــــــــهجةً     تَبُثُّ شَذَى الميلادِ ريحانـــــها رَطْبا

وتُرْسِلُ باقاتِ التـــــــــــباريكِ عَلَّها     تَنَالُ بذا التبريـــــــكِ مِنْ ربِها قُرْبا

فَهَبَّتْ بأفــــــــــــواجٍ إلى بيتِ فاطمٍ     تُهَنِّيءُ طه بالولادةِ والـــــــــــقربى

هوَ المِسكُ للمختارِ، مــفتــــاحُ أُنْسِهِ     متى هَمَّهُ كَـــــرْبٌ، يُجَلِّي به الكَرْبا

تَوَلَّدّ فيهِ من عُلا الـــــــــــجَدِّ نهْجُهُ     فأخــصَبَ واديْ النهجِ أغدَقَهُ خَصبا

فلَمْ يَستَقِمْ لولاهُ ديــــــــــــــنُ محمدٍ     ولا عـــــادَ مِنْ بعدِ الأُفُولِ بهِ صُلْبا

وما أتقَنَ الأحــــــرارُ لولاهُ نهجَهُمْ     ولا فقهوا خَــــــــطَّ الكرامةِ والدَرْبا

فيا أمَلَ المحـــــرومِ يا وَهَجَ الهُدى     ويا مَنْ لغوثِ العــــدلِ أوَّلُ مَنْ لَبَّى

ويا مَنْ أُبَاةُ الضَيْمِ لولاكَ ما وَعَتْ     ولا كانَ نهجُ التضْحِـــــيَاتِ لهمْ دَأبا

أفِضْ سيِّدي مِنْ كَفِّكَ العَذْبَ شَرْبَةً     فَكَفُّكَ ذاتُ الجودِ ما ترَكَــــــتْ جَدْبا

فَمِــنْ عَذْبِكَ المُـزْنِ الزُلالِ رَواؤنا     وهَلْ نبتغيْ غيرَ الزُلالِ لنـــا شُرْبا؟

وقال من قصيدة (هذا المحرم):

هذا الـــمحرّمُ هلَّ يا عيني اسكبي     ســـــــــــــيلَ الدموعِ بِحُرقَةٍ وتَلَهُّبِ

بل قَرِّحي الاجفانَ لوعةَ مُـــــثكَلٍ     وعلى الحسينِ دمَ المحاجرِ فاصببي

أوَ لم تَعيْ يا عينُ أنَّ الــمصطفى     ينعاهُ عندَ الـــــعرشِ نعيَ المغضَبِ

وبه تقيمُ الطهرُ فاطمُ مـــــــــأتماً     تبكي الشهيدَ أســــــــىً بقلبٍ مشْعَبِ

هاكِ انظري الكرارَ فــي عبراته     يبكي فتسعفهُ مناحةُ زيــــــــــــــنبِ

والمجتبى بأسى المصــابِ معذبٌ     أفديهِ في الأحــــــــزانِ من متعذبِ

لبست عليه الآلُ ســــــــودَ ثيابها     وبغيرِ قانِ الــــــــــدمعِ لم تتخضبِ

لطمت عـــــليه الانبياءُ صدورَها     فتوشّحتْ حمراً كـــــشمسِ المغربِ

وبقاعُ كلِّ الأرضِ أحـــزاناً بكتْ     والسبعُ نادبةٌ على سبـــــــــطِ النبي

والعرشُ والكرسيُّ فـــي علياهما     ضجَّا إلى الــــــــباري وكـلُّ مقرَّبِ

وا لهفتاهُ على الحـــــسينِ بكربلا     أودى به حَرُّ الأُوامِ الــــــــــــمُتْعِبِ

وا لهفتاهُ وقدْ أحاطَ بــــــــه العِدا     لقتالِهِ فــــــــــــــــي قسوةٍ وتَعَصُّبِ

لمْ تختشِ اللّهَ الــــــــعظيمَ وأخْذَهُ     ولحقِّ آلِ محمد لــــــــــــــــمْ تَرقُبِ

أفديهِ مـــــــــــن فادٍ شريعةَ جدِّهِ     إلاَّ رضا الرحمــــــــــــنِ لمْ يتَطَلَّبِ

حتى هـوى فوقَ الصعيدِ مُبَضَّعاً     بسجودِ عبدٍ صـــــــــــــابرٍ مُتَقَرِّبِ

نُــــحِرَ الـحسينُ فدينُ أحمدَ مُثلَمٌ     سَقِمٌ ولا يَشفى بوصــــــــفِ مُطَبِّبِ

إلاَّ بـــــــصـارمِ ذي الفقارِ يهزُّهُ     كفُّ ابنِ فاطمةَ الكــــــــميِّ الأغلبِ

وقال من قصيدة في الإمام زين العابدين (عليه السلام):

يا مُلهمَ النُّسَّاكِ في الخــــــــــلواتِ     ومنارَ أَهْلِ اللَّهِ في الــــدعواتِ

يا زينَ عُبَّادِ الإلـــــــــــهِ وفخرَها     وملاذَها من ســــــائرِ العثراتِ

يا كونَ دائرةِ الدعاءِ وقـــــــــطبهُ     خشعتْ لصوتكَ سابعُ الطبـقاتِ

ومصيغَ أسرارِ الزبـــــــورِ تنزُّلاً     تحكي الجلالَ بأروعِ النفــحاتِ

قد صوَّرَ الرحمانُ فــــيكَ صفاتهُ     بصحيفةٍ تنبي عُلوَّ الــــــــــذاتِ

أهديتنا فيها المعــــــارفَ والهدى     لتنيرَ دربَ الحقَّ في الظلمــاتِ

يا زَينَ آلاءِ الـــــــــكمالِ وسرَّها     لولاكَ ما حـــــلَّ الـكمالُ بــذاتِ

أنتَ المـــــــؤملُ للنجاةِ فليسَ لي     دُونَ اعـتناكَ مــغـانمُ الحسنــاتِ

أيـــــــــقنتُ أنَّ المرءَ لولا حُبُّكم     تــــــــاللهِ باءَ بســافلِ الدرجــاتِ

هَبْ لي مِن الوهجِ المقدّسِ قبسةً               أحبى بها يومَ الحــسابِ نجــاتي

وقال في قصيدة (الدموع الشاحبة) وهي في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام):

ثرى النجــــــفِ استوحَى بقلبيَ عسجدا     وعن لثمِهِ ثغريْ يـــــمزِّقه الصدى

أيـــــــــــــــا سائلي والبعدُ جرَّح مقلتي     وأجرى دماءَ الدمـــعِ شاحبةَ المدى

وأوهى كـــــــــــياني والتجلُّدَ شـــــامتاً     وشتَّت آمــــــــــــــاليْ العظامَ وبدَّدا

على ظمإ آتانيَ الـــــــصابَ علـــــقماً     وأوهـــــــــنَ أركانيْ وحزنيَ جَــدَّدا

وسهَّدَ أجفانيْ ونازعنـــــيْ الــــــكرى     كنجمِ الدجَى يطويْ المـفازاتِ مُكمَدا

أعاد ليَ التذكارَ عن كنْــــــــــــهِ دمعِهِ     إذا افـترشَ البيداءَ في الــليلِ مسجِدا

أوِ افترَّ في حملِ الجرابِ مُـــــــــــلثَّماً     يـــــطوفُ على الأيتامِ عزَّاً وموردا

ولو لم يكن تَطـــــوافُهُ غيرَ بـــــــسمةٍ     وبسمــــــــــــةُ وجهِ اللهِ رَوْحٌ تَودَّدا

تُسامرُهُ بسْماتُ يُتْــــــــــــــــــــمٍ بريئةٍ     يَودُّون لو عــــــــــاد الزمانُ مُجدَّدا

يَجيئهمُ بالخبــــــــــزِ في كــــــــلِّ ليلةٍ     يكون حسابُ الوقــــــــت فيها مُقيَّدا

ولكنَّ سيفَ الدهرِ والكــــــــفرِ والخنا     بوجهِ أمينِ الله لمْ يكُ مُــــــــــــغمَدا

فقد صَكَّ سمعي صــــوتُ نادبِ حيدرٍ     فكـــــــــــان كمن ينعَى إلينا محمدا

فلله ذا الناعيْ يعزي الدُنَـــــــــى أسىً     ولله هذا الــــــــــصوتُ كيف تَردَّدا

لقد هُـدَّ ركـنُ الدينِ عـــــــــند سجودِهِ     وكانت جميعُ الإنــــسِ والجنِّ سُجَّدا

وأعظمُ رزءٍ كـــــــــــلَّمَ القلبَ والحشا     عليٌّ إمامُ الكون أودَى بـــــه الردى

بــــــــــــــهِ فتكَ الأشقَى وجبهةُ حيدرٍ     مُــــــــــــــــعفَّرةٌ في عالمٍ لن يُحدَّدا

تَفرَّدَ بالنجوى وإلَّاهُ لــــــــــــــــم يكن     وليٌّ بأسدافِ الــــــــــــدياجيْ تَفرَّدا

بأحقاد أشـــــــــــقَى العالمينَ بضـربةٍ     على رأسِ من سادَ البـــــريةَ سُؤدَدا

فيا لهفَ نفسيْ أيُّ جرمٍ لهُ قـــــــضَى     لديهِ لأنْ يُرديْ الوصيَّ ويَــــــجحدا

فما آثرَ التقوى ولا صــــــــدَّقَ الهدى     ولا شكرَ النُّـــــعْمَى، ولا حفظَ اليَدا

سل الخائنَ الغدَّارَ كيف أصــــــــــابهُ     فـ "لا سـيفَ إلا ســيفُهُ" خُصَّ بالنِدا

ومـا خِلتُ صُعلوكاً يُـــــــحدِّثُ نفـسَهُ     بقتلِ كَمِيٍّ كان في الـــــحربِ أَوحدَا

هوى صارخــــــــاً قد خَضَّبتهُ دماؤه     لقد فزتُ في دربِ الشهـــــادةِ والفِدَا

وراحَ أمـــــــــينُ اللهِ يُـعلنُ في السمَا     حِدَاداً على الكرَّارِ في الكونِ سرمَدَا

وماجَتْ بِقاعُ الأرضِ حُزناً فلا ترَى     وشاحاً بها إلا مُدمَّىً وأســــــــــــودا

ولاذتْ جــموعُ الطير حسرى كـئيبةً     بدارِ جريحِ الـــــحقِّ والعدلِ والهدى

وظلَّتْ وحــوشُ الغابِ تَلزَمُ وَكْــرَها     وكان لها وَقْعُ الـمُصــــــــابِ مُقيَّـدا

أيـُحمَلُ طـودُ المسلـمينَ وحُصنُــــهُمْ     إلى دارِ أهليـهِ جريحــاً مُمَــــــــــدَّدا

أيَفتِكُ سيفُ الرجـــــــــسِ فيه وسمُّه     وفيــــــــــه برا اللهُ الـوجودَ وأَوْجَــدَا

وما عَهِدَ الأحبابُ صـفــــــرة وجههِ     فقدْ كانَ وجـــــــــهاً لِلضِياءِ وفرقَـدَا

فيا حسرةً في النفسِ تـــبقى جِراحُها     تَـــــــــــــــرَاوَحُ لا تَــزْدَادُ إلاَّ تَوَقُّدَا

أيا قاتلي الكـرارِ بُؤتُمْ بـلـــــــــــعنةٍ     مِنَ اللهِ والأمـــــــلاكِ والخلقِ سرمدا

أتــــدرون أن القتلَ سَـدَّ عن الورى     منـــــــــابعَ تقوى اللهِ والمجدِ والندى

قَتلتمْ إِمــــــــــامَ الـمُسلمـينَ وعِزَّهُمْ     وأعلاهُمُ شـــــــــــأناً وجاهاً وسُؤددَا

قَتلتمْ وصيَّ المـــصطـفى ووزيـرهُ     ومَنْ لِقيَـامِ الدِّينِ بِالـــــــــسَّيفِ وَطَّدا

قتـلتمْ قِياديَّا هُـمَـــــــــــامَـاً مُظـفَّراً     ومَنْ كانَ للجيشِ اللُّهامِ مُــــــــــــبدِّدا

بـذا شَمِتَ الأعــــداءُ جهراً بشامِها     خزا اللهُ ذاكَ الجمعَ طُرّاً وأَبــــــــعَدا

أفي قتلِ حامي الديـنِ عِـيْدٌ لِـمُسلِمٍ     ولكنَّهُ الحِـقدُ الدفيــــــــــــــنُ بهـم بَـدا

ألمْ يعلموا في الكفرِ يُوقِــعُ بُغـضُهُ     بذاكَ رسولُ اللهِ في الصَّحـــــبِ ردَّدا

وماذا رأوا فيه فقد كـــــان مُـؤثِراً     وقد كان في كلِّ الفضــــــــــائلِ مُبتدا

إماماً تقياً عادلاً كفُّهُ النـــــــــــدى     عطوفاً رحيماً أعلمَ الكلِّ ســــــــــــيدا

وما بَـخَسَ الأعداءُ حـظاً لحيـــدرٍ     ولكنَّ حـظَّ الخِزيِ فيِـــــــــــــهمْ تأكَّدا

ومـا ازدادَ إلاَّ رفعةً وقداســــــــةً     على عكسِ ما ترجو وتسعى له العدى

سـأَبكـيكَ يا خيــرَ الأنامِ بلوعــــةٍ     وألعنُ من آذاك لعنـــــــــــــاً مُــؤكَّــدَا

أُجـدَّدُ في ذكرى رَحـيلكَ حسرتي     فإن مثالَ الآهِ فيها تجـــــــــــــــــــسدا

وإنَّا نُعزِّيْ العرشَ فيـــك وفاطماً     ولاسيّما مـــــــــــــولى الخلائق أحمدا

وقال من قصيدة (بكائية الرأس الشريف):

أَبكيْ الحسيــــــنَ غدَا وحيداً مُفرَداً     في كربلاءَ وقد أحاطَ بهِ العـــــدا

حــــــــيثُ الزنيـمُ يزيدُ مِنْ طغيانِهِ     جُنداً مُجَنَّدةً أعدَّ وحشَّــــــــــــــدا

فمضَى الحسينُ إلى الوغَى وفؤادُهُ     ضرِمٌ أضرَّ بهِ الظِمــــاءُ وأجـهدا

أوهَى على رغـــمِ الأُوامِ جيوشَهمْ     وببأسهِ دَكَّ الجمـــــــــــوعَ وبـدَّدا

لكنّما نزْفُ الدمــــــــــــــا وجلادُه     وظماه مزَّقَـــــــت الفؤادَ المُجهَدا

إن أنسَ لا أنسَ اللعينَ وســـــهمَهُ     لمَّا لقـــــــــلبِ السبطِ ضِغْناً سدَّدا

فهوى خضيبَ الشيبِ مِن دمِ قلبِه     وبـــــطرفِه يحمي الخيامَ من العدا  

أبكيهِ ينظرُ للخيامِ بلـــــــــــــوعةٍ     إذ لا يرى حـولَ المضاربِ مُنجِدا

أبكي حسيناً والعقيـــــــــــلةَ جنبَهُ     أعــــظِمْ بمـا نظرَتْ هنالِكَ مَشهَدا

نظرَتْ عــــــــدوَّ اللهِ يَذبحُ عِزَّها     مِن دون أنْ يــخشَى الإلهَ الأوحدا

ورأتْ هنالكَ مـــــــشهداً لم تنسَهُ     بمدى الحياةِ وظلَّ يحـضرُ سرمدا

لمَّا حـــــــوافـرُ خيلِهم تَخذَتْ لها     جسدَ الحسينِ الطهرِ حـقداً مقصدا

فتمَزَّقَ البــــدنُ الشريفُ بجريها     قِطَعاً، وأضـــحى في الـقفارِ مُبَدَّدا

وعلى القنا حَـمَلَ الأعادي رأسَهُ     نفسيْ وأهليْ والـــــــبنـونَ له الفدا

يتلو الكتابَ ومــــــــا سمعنا قبله     رأساً بلا جَسَدٍ أنارَ وأنـــــــــــشدا

ويُديرُ ذو النفسِ الـــرؤوفةِ عينَهُ     لعيالِهِ ليظَلَّ فــــــــــــــيهِم مُرشِدا

إن مــــاتَ طفلٌ دلَّ زيـنبَ أختَهُ     عن موضعٍ فيهِ الترابَ تــــــوسَّدا

أبكيهِ بالــــــــــدمعِ الـغزيرِ كآبةً     وبآهةٍ وبلوعــــــــــــــةٍ لن تَخـمُدا

أبكيهِ والملعونُ يـــــــنكتُ ثغرَهُ     حَنَقاً وبُغضاً للوصيِّ وأحـــــــــمدا

أبكي لزينبَ والفواطـــــمَ حُسَّراً     في السبيِ بعدَ العزِّ مـــا بيـنَ العدا

أبكيْ العقيلةَ في دمشـقَ أســـيرةً     وعدوُّها بالحبلِ سحباً شــــــــــدَّدا

أبكي العليلَ يرى أباهُ مُــعفَّــــراً     ويُجَرُّ يَسبَحُ في دمـــــــــــاهُ مُقيَّدا

وقال في رثاء سيد البطحاء أبي طالب (عليه السلام):

أبو طالبٍ ذُخريْ، وهلْ مِـــثلُهُ ذُخرُ؟     وهلْ لِنَدَاهُ البحرِ في نبــــــعِهِ بَحْرُ؟

أيا حاميَ الاسلامِ حــــــــــينَ تَكَالَبَتْ     عليهِ قوى الكفَّارِ واســـــتَحْكَمَ الغَدْرُ

فما وَهِنَتْ مـــــــــــنكَ العزيمةُ حينما     تَقَدَّمْتَ يومَ الحـــربِ يَقْدِمُكَ النَصْرُ

فــــــــــــــــلولاكَ ما تَمَّ البلاغُ لأحمدٍ     ولا كانَ للإســــــلامِ رَسْمٌ ولا ذِكْرُ

فواجهْتَ بالنفسِ النفيســــــــةِ حربَهُمْ     بقوةِ إيمانٍ يُمازِجُهُ صَــــــــــــــــبْرُ

ونادَيْتَ: (أنَّا قَـــــــــــدْ وَجَدْنا محمداً     رسولاً) كما أوصــى بهذا لنا السِفْرُ

(حليماً رشيداً عادلاً غيـــــرَ طائشٍ)     صَدُوقَاً، وبــــــالرحمنِ يُشْغِلُهُ الفِكْرُ

(أقيمُ على نصـرِ الـــــــــنبيِّ محمدٍ)     أدافع لا يُثني عزيمتـــــــــــيَ الذُعرُ

 (وأصبحَ فـــــــينا أحمدٌ في أَرُومةٍ)     شريفاً وفي كُلِّ الــــشؤونِ لـهُ الأمْرُ

(وجُدْتُ بِنفسي دونَهُ وحَـــــــــمَيتُهُ)     كفاني ببذل الــــــنفس من أجـله فخرُ

(ولا شَكَّ أنَّ اللهَ رافــــــــــــعُ أمرِهِ)     وناصرُهُ مـــهما طغى أو بغى الكُفرُ

(نبيٌّ أتــــــــاهُ الوحيُ مِنْ عندِ ربِّهِ)     شـــــــــــهادةُ إيمانٍ حكاها لنا الشِعْرُ

حكى النصرَ والتــــــأييدَ منكَ لأحمدٍ     كما قدْ حكى التوحيدَ في لفظهِ الـنثرُ

فأنتَ لِـــــــــــــــــطَهَ كافلٌ ومؤازرٌ     ولولاكَ ماتَ الدينُ واستَفحلَ الشَــــرُّ

فــــــأنتَ على رغمِ النواصبِ شافعٌ     ومِن أوصياءِ اللهِ والسيِّدُ الـــــــــحِبْرُ

وأنتَ أبو الأبطالِ وَرَّثْتَ حــــــيدراً     ومنه اقتفى السبطانُ والفــارسُ البدرُ

هُوَ البطلُ العبّاسُ مِنْ كــــــانَ ذَائِدَاً     عنِ الطُهْرِ في الهيجاءِ، دَيْـــدَنُهُ الكَرُّ

هو الفارسُ المقدامُ في ساحةِ الوغى     متى قارعَ الأبطالَ, عَنْ وجهِهِ فَرُّوا

وفـــــــــــيٌّ أَبِيُّ الضيمِ منهاجُ عِزَّةٍ     ومــــــــــا طَبَّهُ جبْنٌ ولا طَبْعُهُ الغدرُ

جوادٌ لأجـــــــــلِ الدينِ, بحرٌ نوالُهُ     عميقٌ شـــــــــــديدُ المَدِّ ليسَ لهُ جَزْرُ

فجادَ بكَفَّيْهِ الكـــــــــــــــــريمُ هدِيَّةً     فَهَلْ في الورى جُـــوْدٌ يُدَانيهِ أوْ قَدْرُ؟

وقَدَّمَ هامَ العِزِّ نَصْراً لِـدِينِـــــــــــهِ     فمالَ لواءُ الحقِّ وانـــــــــخسَفَ البدرُ

فناداهُ سبطُ المصـــــــطـفى بتأسُفٍّ     أخيْ شَمُتَ الأعداءُ وانكســــرَ الظهرُ

أخيْ زينبٌ ترجوكَ أنــــــتَ كفيلُها     أتَتْركُها والأهلَ يــــــــــــأسرهمْ زجْرُ

وقال في رثاء علي الأكبر (عليه السلام):

يا مَنْ جمَـــــــعْت عُلا الكمالِ وقدسَه     وجلالَ أحمدَ حِزتَ مــنهُ جنسَهُ

لَمَــــــــــعَتْ بـيومِ الطفِّ منكَ بطولةٌ     عصماءُ أرعبَتْ الضـلالَ وأُسَّهُ

فغدوتَ تصطـادُ الفوارسَ في الوغى     وفلقتَ كلاًّ بالمُـــــــــــهَنَّدِ رأسَهُ

مثل ابن غانمِ مَنْ صَرَعْتَ بضــربةٍ     أرسلتَهُ كيما يلاقي رمـــــــــــسَهُ

ساويتَ نصفِيْ هامِهِ بـــــــــــــعدالةٍ     وكسَرتَ في تلكَ الــــعدالةِ ترسَهُ

وإلى أبيـــــــــكَ نحوتَ ترجو شربةً     لِتَبُلَّ قلباً كــــــــــــيْ تُقَوِّيَ بأسَهُ

تـــــــــــشكو الأُوامَ ومـا علمتَ بأنهُ     مُرُّ الأُوامِ يَصُبُّ فيـــــــــهِ كأسَهُ

ومضى وقدْ مَضَّ الظماءُ لهُ الحشى     نحو الأعاديَ كي يُـــــلقِّنَ درسَهُ

قَلَبَ اليمينَ عــــــــلى الشمال بسيفِهِ     ومشى يُوطِّدُ بالــــــبسالةِ غرسَهُ

غَضَبُ المهيمنِ صــــبَّهُ في جيشِهمْ     فأراهمُ فــــــــــتكَ الكميِّ وعبسَهُ

صَبَغَ الصعيدَ حسامُهُ بـــــــــدِمائِهمْ     وأقــــــــامَ في قلبِ المبارزِ يأسَهُ

فعلا ضجيجُ الجـــــــــيشِ مـما نابَهُ     ونعى لوقعِ الرُعبِ فيـــــهِ بؤسَهُ

ولذا أعَـدّ لهُ العدوُّ مكيــــــــــــــــدةً     كشَفَتْ لنا طبعَ الجـــــبانِ وقِنسَهُ

فاحتـــــال عبديُّ اللئامِ على الـهدى     بالسيفِ غدراً شــــــجَّ منهُ رأسَهُ

فهوى عـــــلى ظهرِ الجوادِ مُـجَدَّلاً     ودماؤهُ غطَّــــــــــــتْ بقانٍ لِبسَهُ

ومشى به نــــــحوَ المعسكرِ مُـهرُهُ     يا ليتــــــــــــه قصدَ المدافعَ أسَّهُ

وهناكَ أرماحُ الــــــطغاةِ وبيـضُهُمْ     خَسَفَتْ لكثرِ الضربِ منهُ شمسَهُ

ألفاهُ والدهُ العطــــــــــوفُ مبـضَّعاً     فـــرمى إلى جنبِ المبضَّعِ نفسَهُ

أبنيَّ ناداه على الدنـيا الـــــــــــعفا     عفــــتُ النعيمَ لدى الفراقِ وأنسه

وقال من قصيدة في المولد النبوي الشريف:

ماذا أقــــــــــــــولُ وأنَّى يَهتديْ قلمي     في مدحِ طهَ حليفِ المجدِ والكرمِ؟

سرِّ الوجودِ ومَنْ قدْ بــــــــشَّرَتْ قِدماً     بــــــــهِ النبيُّونَ في الأسفارِ للأُممِ

كم ذا بأحمد كــــــــم بالآل قـد كُشِفَتْ     من النـــــــوائبِ والأرزاء والغُمَمِ

لولاهُ ما فقهَ الرُّسْلُ الكرامُ هُــــــــدىً     وما ارتقـــــى أحـدٌ منهمْ إلى القممِ

مقامُهُ قبلَ خلْقِ الخلْقِ لــــــــــيسَ لهُ     شِبْهٌ يُدانيْهِ فـــــيْ فَضْلٍ وفيْ عِظَمِ

نوْرُ النبوَّةِ في الــــــــــمختارِ مطلعُهُ     يُزري ضياهُ بداجــي الظلْمِ والظُلَمِ

لهُ الولايةُ من مولى العلى شــــــرفاً     على الخلائقِ والأمـــــــلاكِ والـقلمِ

هوَ الحبيبُ حبيبُ اللهِ جــــــــلَّ عُلىً     أعْظِمْ بهِ مِنْ مَقامٍ عنـــــدَ ذيْ حِكَمِ

بِنَعْلِهِ عرشَ ربِّ الـــــــــكائناتِ رقا     وما سِواه رقا ذا العــــــرشَ بالقَدَمِ

كمْ معجـــــزاتٍ وكمْ مِنْ آيةٍ ظَهَرَتْ     لخاتَمِ الأنبياءِ الصادقِ الــــــــــعلَمِ

آتــــــــــــى البريَّةَ شرعَ اللهِ محتكماً     في مــنطقِ العدْلِ والآدابِ والشِّيَمِ

فيْ كُلِّ حُكْمٍ يُبينُ الحقَّ نَهْجَ هُــــدَىً     يُحيي الـــــنفوسَ بنورِ العلمِ والقِيَمِ

وقَوَّمَ الشَّرْعَ بالثِّقْلَيْنِ مُـــــــــعتَصَماً     أعظِمْ بمثلِ رســــولِ اللهِ واعتصِمِ

ثقلُ الكتابِ لســـــــــــانُ اللهِ حِـكمَتُهُ     والعِدْلُ عترةُ خيـرِ العُرْبِ والعَجَمِ

فمَنْ تَمَسَّــــــــــــكَ بالثقْلَينِ فازَ ولم     يَنْدَمْ لَدى العَرْصـةِ الكُبْرى ولَمْ يُلَمِ

يا رحمةَ اللهِ هبنـيْ منكَ فَيضَ هُدىً     وامنُنْ عَلَيَّ بِطَــــوْلِ المَنِّ والكرمِ

كن لي الـشفيعَ بيومِ الحشرِ يا أملي     وامنحْ عُبيدَك عفــــوَ الذنبِ واللمَمِ

طرقتُ بابكَ أستجدي النوالَ، ومَن     يرجو نوالَكَ يا مـــــــــولايَ، يَغتَنِمِ

وقال من قصيدة في عبد الله الرضيع (عليه السلام)

أيا شيعةَ السبطِ الحسيـــــــــــنِ المعظّمِ     أتاكمْ أَوانُ الــــــحزنِ شهرُ محرَّمِ

ففيهِ أبو الأحـــــــــــــــرارِ حَطَّ بكربلا     مُحاطاً مِنَ الأعــدا بجيشٍ عَرَمرَمِ

وأمــــــــــــــــطَرَهُ الأوغادُ وابلَ نَبلِهِمْ     وأحـــــجارهم مِنْ كلِّ كافر مجرمِ

وإنْ أنسَ لا أنسى الـــــــرضيعَ أُوامَهُ     وقدْ أحرَقَ الأحشا بأقصى التَضَرُّمِ

فجاءتْ بــــــــــــــــه أمُّ الرزايا بِعَبرةٍ     تُـــــــــــــخاطبُ واليها بقلبٍ مُقَسَّمِ

أيـــــــــــا سيدَ الأحرارِ هذا رضيعُكمْ     أضَرَّ بهِ جَـــــــــمرُ الأُوامِ المُحَطِّمِ

فخذهُ إلى الأعداءِ يـــــــا ابن أبيْ لكيْ     يَبُلَّ حشاهُ الجمــرَ بالماءِ في الـــفمِ

فسارَ الأبُ العـــــــطشانُ يحمِلُ طفلهُ     ويحملُ آهاتِ الحـنونِ الـــــــــمتَيَّمِ

ولكنْ قُسَـــــــــاةُ القلبِ قد مُسِخُوا فلمْ     يكنْ فيهِمُ غيرُ اللـــــــــــئيمِ المُذَمَّمِ

فأرضِعَ ذاكَ الــــــــطفلُ سَهماً لغاشِمٍ     فَطَوَّقَ منهُ الــــــجيـدَ طَوقَ المُهَدِّمِ

فــــــــــــسالتْ دما هذا الشهيدِ بذبحِهِ     ومَـــــــــــــدَّ يدَ التـوديعِ مَدَّ المُسَلِّمِ

كأنِّيْ بهِ مِنْ حرقةِ السهمِ يَشـــــــتكيْ     لـــــــــــــواعِجَهُ فـي حالةِ المُتَظَلِّمِ

يقولُ أيا عزِّيْ بـــــــــــــــــأيِّ جنايةٍ     أنا أسـتحقُّ القــــــتـلَ يا خيرَ مُنعِمِ

رمى السبطُ كَفَّاً من دِما الطفلِ للسما     شكايةُ مظـلومٍ بدونِ تَــــــــــــــكَلُّمِ

فــــما وَقَعَتْ منهُ إلى الأرضِ قطرةٌ     شهادة حقٍّ للـــــــــــــعـقابِ المُحتَّمِ

فوا حـــــــــــرَّ قلبـيْ للربابِ وحالِها     ترى طفلَها المحبوب خُـضِّبَ بالدمِ

كأنِّيْ بها تبكيــــــــهِ من شدةِ الأسى     دمــــــــــــــــاءً بآهاتٍ ونـوحِ التَأَلُّمِ

وقال من قصيدة في زوارِ الحسينِ (عليه السلام) في الأربعين:

يا قاصديْ قبر الحســــينِ بِلوعةٍ     فـــي الأربعينَ تحيةً وسلاما

طِبتمْ وطابَ نعيمُــــــكُمْ وثوابُكمْ     وجزاؤكمْ أعلى الجنانِ مقاما

سيروا تُرافقُكـــــمْ دموعُ ولائكمْ     فذنــــوبُكمْ تُمحَى بذاكَ تماما

واسيتُمُ الحـــوراءَ في خطواتِكمْ     نحوَ الــــشـهيدِ فنلتُمُ الإكراما

فتذكَّروا بـــــالدمعِ حالَ مجيئها     تشكو مصـائبَ جَـمَّةً وجِساما

تشكو إلى الاخوانِ أسرَ عدوِّها     وسبابَهُ والهـــــــتـكَ والإيلاما

وتَصيحُ: وَرَّمَتْ السيـاطُ متونَنا     لمْ يحفظوا نَسَباً لـــــنا وذِماما

أطـــفالُكمْ يا إخوتيْ قـدْ ضُيِّعَتْ     فغـــــــدَتْ بلا حــامٍ لها أيتاما

خَفِراتُــكمْ بين الأعــادي حُسَّراً     وظلَلْتمُ فـــــــــي كربلاءَ نياما

وقال من قصيدة في مولد الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):

لا تَعْبَأَنَّ إذا ما نَــــــــــــــــــابَكَ الزمَنُ     أوِ استَقَرَّتْ على أبوابكَ الــــــمِحَنُ

ولا تُرَعْ إنْ دَهاكَ الخَــطْبُ أو كَثُـرَتْ     عليكَ مِنْ حاسديكَ الحِــــقْدُ والإحَنُ

وكُنْ صَبُوراً علـــــــــى الأيَّامِ ذا فِـطَنٍ     ما فازَ في ذَاكَ إلاَّ الــصابرُ الفَطِنُ

وحُطَّ رَحلَــــــــــــكَ مَزْهُوَّاً عـلى مَهَلٍ     بِبَابِ مَنْ بِـــــــــــنَدَاهُ الكُلُّ مُـرْتَهِنُ

هوَ النـــــــدى الغَمْرُ يَجْلو الـهَمَّ مولِدُهُ     ويُثْلِجُ الــــــصدرَ هذَا الماطِرُ الهَتِنُ

هوَ الضياءُ؛ ضياءُ اللهِ مَـــــــــــصْدَرُهُ     ومِــــــــنْ سَنَاهُ ضياءُ الكونُ يَقْتَرِنُ

ما أسْعَدَ اليــــــــــــومَ إنَّ اليومَ شَعَّ بهِ     نورُ الحقيقةِ سبطُ المصطفى الحسنُ

نورٌ ولولاهُ ما كانَ الضــــــــــياءُ ولا     كان الــــــــوجودُ ولا سُنَّتْ لنا سُنَنُ

مِنْ عالَمِ الذَرِّ أنـــــــــــوارُ الزكي بدا     إشرَاقُها حــــــيثُ لا خَلْقٌ ولا زمَنُ

ولا سماءٌ ولا أرضٌ ولا مَــــــــــــلَكٌ     ولا هواءٌ ولا فُــــــــــــلْكٌ ولا سُفُنُ

فيهِ تَجَلَّى بَهاءُ المــــــــــــصطفى فَلَهُ     جلالةُ القُدسِ تَكْسُوهُ وتَحــــــــتَضِنُ

ومِنْ بلاغةِ مــــــولانا الوصيِّ جرى     لِسانُهُ العذبُ فـــــهوَ المِصْقَعُ اللّسِنُ

سقى الأنامَ فيـــــوضَ المكْرُماتِ لِكَيْ     يُطَهِّرَ القلبَ ممَّا يُــــــــــفسِدُ الدَرَنُ

بحْرٌ منَ الجُودِ لا حَدٌّ لشــــــــــــاطئِهِ     وليسَ تُنْقِصُ مِنْ خيراتـــــــهِ المِنَنُ

والصبرُ أعياهُ حـــــــــــــــلمُ اللهِ مَثَّلَهُ     صبرُ الزكيِّ على ما جَــــرَّتْ الفِتَنُ

فَكُلَّمَا جَلْــــــــــجَلَتْ منْ خصْمِهِ نُوَبٌ     بالصبرِ قابلها والحــــــــزنُ مُكْتَمِنُ

وفي الكريهةِ مغوارٌ يَكــــــــــرُّ على     فوارسِ البغيِ لا يخشـــــى ولا يَهِنُ

سَلِ العُدَاةَ بما في النهــــروانِ وفـــي     صِفِّين والجملِ الأشـــقى وما فَطِنوا

مِنْ تضحياتِ وليِّ اللهِ حـــــــــيثُ بها     ما غادرَ السَرْجَ أوْ أعيـاهُ ما كَمَنُوا

وما تردَّدَ في دربِ الـــــــــجِهادِ وما     تهواهُ لولا القضا في أمــــرِهِ الهُدَنُ

لكنَّهُ الغَــــــــــــدْرُ مِنْ أفرادِ عسكرِهِ     والغَدْرُ يُبْدِلُ ما في القلبِ مُـــخْتَزَنُ

فآثَـــــــــرَ الصُلحَ إنَّ الصلحَ كان بهِ     حَقْنُ الدمــــــــاءِ وإظهارٌ لٍما بَطَنُوا

و بانَ بالصلحِ لؤمُ القــــــومِ إذْ نَكَثُوا     وذَاعَ خُبْثُ نـــــواياهُمْ وما اكْتَمَنُوا

فَهَيَّأ الظَرفَ للــــــــــسبطِ الشهيدِ بهِ     لِيُكْمِلَ الدَربَ وهـــــوَ الكامِلُ القَمِنُ

عفواً فماذا عسى أسطــــــــيعُ أذكرُهُ     فأنتَ أنتَ الحكيمُ الـــــحاذقُ الفَطِنُ

لَمْ يَفْقَهْ الخَصْمُ والأصحابُ فيكَ معاً     معانيَ الحِكمةِ العُلْيا ومـــــــا ذَهِنَوا

عُــــــــذراً، فَقَدْ نابَنِيْ يا سيِّدي تَرَحٌ     مِنْ وَقْعِ ذا الظلمِ لا أُخْفيـكَ يا حَسَنُ

لكِنَّمَا فَــــــــــــرْحَةُ الميـلادِ تُبْهجُنِي     فَيَنْتَشي القلبُ يهواها ويَـحْتَضِــــــنُ

عَباَقةً بزهورِ الــــــــــــــــوُدِّ نَبْعَثُها     مَعَ التَبَاريكِ لِلمـــــــــــــهديِّ تَقْتَرِنُ

وقال من قصيدة في رثاء أم المؤمنين السيدة خديجة (عليها السلام):

زوجُ النبيِّ المصــــطفى وسنادُهُ     ولفاطمٍ أمٌّ، فــــــــــــما أرقاها؟ 

سبقتْ إلى الإســــلامِ كلَّ نسائها     والدينُ شِـــــــيْدَ بمالها وعطاها

هي روحُ طـــــه أنسُه وسرورُهُ     فـــــــــــــالهمُّ منه يختفي بلقاها

لولا جهـــــــادُ خديجةٍ وسخاؤها     وعميقُ نظرتِها وصدقُ رؤاها

وصمـــودُهـا ويقينُها بشريعةِ الـ     إسلامِ لانفَصَمَتْ هناكَ عُــراها

نـــــــــالتْ من اللهِ العليِّ سلامَهُ     مما يُعَبِّرُ عن عظيمِ ثـــــــــناها

 والله كَرَّمَها بــــــــــقصر فاخرٍ     لَبِــــــــناتُهُ قَــــصَبٌ فما أبهاها

هذا لعمري من عـــــلائمِ عِزِّها     وعــظيمِ شأنٍ، ربُّــــها أعطاها

عامٌ به ماتتْ تَعــــــنونَ بالأسى     فـــي قلبِ أحمدَ بعدَ أن واراها

ما اغتـــــــمَّ طه قطُّ قبل وفاتها     مِنْ بــــعدِها فَــــــقَدَ النبيُّ نَدَاها

فبكى النبـيُّ على النجيبةِ حِـرقةً     وتَــــــــــــــحَسُّراً متذكَّراً آلاها

أمَّا الــــــــبتولُ فلم تزلْ آمـاقُها     تُجريْ سـيــــولَ دموعِها بِبُكاها

فلنُرخصِ الدمعَ الهمولَ لفقـدها     ونــصـبّه كالــــسيلِ فـي ذكراها

ونقيمُ للـــــــرزءِ العظيمِ مـآتماً     نرجــــو بذاكَ نـــــوالَها ودعاها

هذا رسولُ الله فــــي تجهيـزِها     بالحزنِ والآهـــــــاتِ قدْ واراها

هلْ يا رسولَ اللهِ كُسِّرَ ضـلعُها     أوعِيبَ منـها بـــــالأذى عيناها؟

أمَّا البتولُ فعند تجـــــــهيزٍ لها     جَزعَ الوصـيُّ لـظــــلمها وأذاها

مما رأى من كسرِ ضلعينٍ لها     وللطمةٍ بـــــالعيـنِ مــــن أعداها

فقضت بغــــصِّتها التقيَّةُ فاطمٌ     تشكو المهيمنَ عُـظمَ مــــا لاقاها

قُتِلَتْ ولا حـــــامٍ وعُفِّيَ قبرُها     ويلٌ لظالمِها ومَــن عـــــــــاداها

......................................................

1 ــ زودني بسيرته وقصائده الأستاذ علي التميمي مدير مركز الدراسات الحسينية / لندن

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار