766 ــ وحيد خيون (ولد 1386 هـ / 1966 م)

وحيد خيون (ولد 1386 هـ / 1966 م)

قال من قصيدة (الماء والحسين) وتبلغ (36) بيتاً:

وأنا القتيــــــــلُ وإنْ تأخرَ موقفي     قدْ قطعَتْ في (كربلا) أعضائي

أتــــراقُ في أرضِ العراقِ دماؤهُ     وأنــــا أُوَفرُ ما استطعتُ دمائي

أيعيشُ يضحكُ في المدينةِ عاشقٌ     وحبيبُـــهُ ضيفٌ على الصحراءِ (1)

وقال من قصيدة إبان الانتفاضة الشعبانية المباركة:

خاطِرْ بنفسِكَ مــا الوجو     دُ بغايةٍ إنْ لم تُخاطِرْ     

هيَ (كربلا) عادتْ وإنَّ     يزيدَها لَهوَ المُعاصرْ

وقال من قصيدة (ليالي كربلاء) وتبلغ (26) بيتاً:

خُذِيني يـــــا ريحُ إلى (كربلا)     فإنّ عـــــــاشوراءَ قد أقبَلا

أطيرُ فوقَ الريحِ مِثلَ السّحابْ     أرنو على بُعْدٍ لتلكَ القِبابْ

يا ليتـــني قد كنتُ ذاكَ الترابْ     أُقــــــبِّلُ الأقدامَ والأرْجُلا

ومنها:

خُـــــــذِيني يا ريحُ إلى (كربلا)     وفـرِّقيني في عنانِ السماءْ

أَهْوِي على الأصْقاعِ دمْعاً وماءْ     على غريبٍ جاءَ كي يُقْتَلا

بالأمــــــــسِ قدْ كانَ حسينٌ هنا     فــــلم يَجِدْ أهلاً ولا موطِنا

ومنها:

يــــــا (كَـرْبَلا) أَفديكِ بالمُقْلَتَيْنْ     طوفـي لنا ليلاً بقبْرِ الحُسينْ

عَـيْنٌ إلــى الطفِّ تناءَتْ وعَيْنْ     تــــجري لهُ دَمْعاً دَماً مُثْقَلا

قـد أشرَفَ العُمْرُ على الإنتِهاءْ     واقـترَبَتْ مني خُيوطُ البلاءْ

يا (كَرْبَلا) رُدّيني يا (كَرْبَلاءْ)     أحْبَبْتُ مِنْ ماضيكِ مُسْتَقْبَلا

وقال من قصيدة (فداؤكَ روحي) وتبلغ (44) بيتاً:

فلمّــا وصَلْنا إلى (كَرْبَلا)     دَخَـــلْنا مِنَ المدْخَلِ الأسْبَقِ

ونهْمِسُ هَمْساً إلى بعضِنا     إذا جاءَنا المـوتُ لن نَسْتَقي

ألـسْنا شَرِبْنا مِنَ الأُمّهاتِ     لذيذَ الـــــــــتَشَيُّعِ والمَوْثِقِ؟

ومنها:

فما عُدْتَ في (كَرْبَلا) واحِداً     بلِ الـكونُ في (كَرْبَلا) يَلْتَقي

فــــلولاكَ ما دارَ مِنْ كوكَبٍ     وكــــــلُّ الكواكبِ في مأزِقِ

ولولاكَ لا شرقَ مِنْ مَغْرِبٍ     ولولاكَ لا غَرْبَ مِنْ مَشْرِقِ

الشاعر

وحيد خيون مهنا منخي خنياب حرابه جحيل طربوش الخفاجي، ولد في سوق الشيوخ بالناصرية وهو عضو في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين والعرب، عمل صحفياً في مجلة آفاق عربية ببغداد 1988 ــ 1991 وعندما اندلعت الانتفاضة الشعبانية شارك فيها، ومن قصائدِهِ الشهيرةِ في ذلك الوقت والتي ألقاها على المنتفضينَ:

خاطِرْ بنفسِكَ ما الوجو     دُ بغايةٍ إنْ لم تُخاطِرْ

هيَ كربلا عــادتْ وإنَّ     يزيدَها لَهوَ المُعاصرْ

غادر العراق إلى هولندا ومنها إلى لندن حيث يقيم هناك.

نشر خيون في العديد من الصحف العراقية والعربية في الوطن العربي وخارجه وشارك في العديد من المهرجانات الأدبية

صدرت له من المجاميع الشعرية:

مدائن الغروب ــ 1988

طائر الجنوب ــ 1996

أغاني القمر ــ 2000

موت تحت المطر ــ 2013

وله من الكتب:

حقيقتي

المؤثرات السلبية في فصاحة الشعر العربي المعاصر ــ رسالة ماجستير

وسائل الاتصال في الإعلام الإلهي

عمل خيون في اللجنة الاستشارية لمجلة ديوان العرب، وشغل منصب رئيس الديوان الثقافي العراقي – لندن، ومدير عام مجلة بابليون.

وهو يتقن من اللغات إضافة إلى العربية: الإنكليزية, والهولندية (2)

شعره

قال من قصيدة (الماء والحسين):

أبْصَرْتُ وجهكَ في بَريــــــقِ الماءِ     عــــــطشاً تموتُ إذنْ أبا الشهداءِ

وأنا وهــــذا الماءُ صـــــافٍ هــادرٌ     قد صرتُ أحسَبُهُ من الـضوضاءِ

أنا كلما ظــــــمِئَ الفـــــؤادُ ظــننتهُ     هَجَرَ الحُسينَ وصارَ مـن أعدائي

وفرِغتُ من مــاءٍ شـــــرابٍ بــاردٍ     فأسِفتُ فـــــي دائي يـكونُ دوائي

ماتَ الحُسينُ وعــينُــــهُ منصـــوبةٌ     للماءِ والأنهــــــــــــارُ في إغماءِ

قلّبْ معي صوَرَ الحيـاءِ جميــــعَها     هَلاّ عرَفتَ حقيقةَ الأحـــــــــياء؟

إنْ كانَ قتلكَ للبلادِ ســــــــــــــعادةً     فأنا بقتلِكَ أتـــــــــــــعسُ التعساءِ

وأنا القتيلُ وإنْ تأخَّـــــــــرَ مـوقفي     قدْ قطعَتْ في (كربـلا) أعـضائي

أتراقُ في أرضِ العــــــراقِ دماؤهُ     وأنا أُوَفرُ ما استطــــــعتُ دمائي

أيعيشُ يضحكُ في الــمدينةِ عاشقٌ     وحبيبُهُ ضيفٌ على الـــــصحراءِ

قضَتْ السقيفةُ حـــــــرقَ آلِ محمّدٍ     لولا مُبـــــــــــــادرةٌ من الشرَفاءِ

حتى استوَتْ أُسُسُ الـــخلافةِ جيداً     قتلوكَ حَسْبَ مبـــــــــادئِ الخلفاءِ

في كـلِّ يومٍ يقتلونَ مــحــــــــــمّداً     ما أشبهَ الخلفاءَ بالزعـــــــــــماءِ

إنّ الـفتوحاتِ التي كــــــــبروا بها     كانت لأجلِ دراهمٍ ونــــــــــساءِ

اضـــــــربْ لهم مثــلاً من الخلفاءِ     مَنْ كانَ مقبـــــــرةً من الأخطاءِ

يُفتي إذا مــــــــا أخـــطأَ المُفتي لهُ     أجرانِ والجنـــــــــــاتُ للجُهلاءِ

يُفتي الخليـفةُ ما يــــــــشاءُ وأجرُهُ     ضِعفانِ والنيرانُ لـــــــــــلعُقلاءِ

إنْ كانتْ الأخـطـاءُ أجـــراً مُغرِيا     فأنا كفــــــــــــــرْتُ بعالَمِ الإفتاءِ

دِينٌ تقاسَمَهُ الجـنـــودُ بجَــــــهلِهمْ     حتى غدا حِكــــــراً على العرَفاءِ

ومُفسِّرُ القرآنِ جـــــيشٌ كامــــــلٌ     والجُندُ همْ خــــــيرٌ من الوزراءِ

ولهذهِ الأسبـــــــــــابِ صرنا أُمّةً     مهزومةً ومـــــــــــــطِيّةَ الأعداءِ

أبصرتُ وجهكَ فــي رقيقِ الماء     والعينُ قد جفتْ وطــــــالَ بُكائي

وإذا هَـوَيْتُ لشُــــــرْبِ ماءٍ باردٍ     هَوَتْ الـدّموعُ معي لشُــرْبِ الماءِ

جسَدٌ عـلى الفلــواتِ ظـلّ مُقطعاً     والـرأسُ عندَ أراذِلِ الأُمَــــــــراءِ

أسَروا الـنِساءَ وأحرَقوا خِيَماً بها     صلّـى الحُسينُ وعِيــثَ بالضعفاءِ

ماتَ الحُـسينُ وظلّ يحكمُ ناقصٌ     والمـوتُ للشجعانِ لا الـــــــجُبَناءِ

كـــــــــانت زيـارةُ قبرِهِ سَكناً لنا     واليومَ مَـــــــــنْ للشيعَةِ الغرَباءِ؟

في أكثرِ الأوقـاتِ بُؤسُكَ زائري     وأنا كبيرُ البــــــــــؤسِ والبُؤساءِ

ومُترجـــــمٌ معنى الحياةِ وطبعُهُ     مُتذلّلٌ مِنْ أعظمِ العُــــــــــــظماءِ

أشكو لكَ الذكرى التي أحيى بها     وهي التي تقضي على أحــشائي

طالَ الفِراقُ ولا سِــواكَ مُؤرّقي     يا مَنْ أعَزُّ عليَّ مِنْ أبنـــــــــائي

قد أدمَنتْ أعضاؤُنا أحــــــزاننا     حتى بَدَتْ بمَــــــــــــلابسٍ سوداءِ

والفائزونَ همُ الذينَ بفقـــــــــدِهِ     عَدّ تهمْ الدّنيا مِن الغـــــــــــــرَباءِ

والفـــــــــائزونَ هم الذينَ بحُبِّهِ     قد شرِّدوا وبــــــــهمْ غنى الفقراءِ

والفائـــــــزونَ همُ الذينَ بذِكرِهِ     لطموا الصدورَ بــــيومِ عاشوراء

وقال من قصيدة (محمّدٌ يا أيّها الحبيبْ):

محمّدٌ يا أيّها الحبيبْ

يغيبُ هذا القلبُ في ضلوعِهِ ...

يغيبُ هذا القلبُ عن قلوعِهِ ...

وأنتَ فيهِ حاضِرٌ ولنْ تغيبْ

محمّدٌ يا أعذبَ الأسْماءْ

يا أروَعَ الأسْماءْ

يا مَنْ بدونِ ذكرِهِ ...

لنْ يستجيبَ اللهُ مِن داعِيَةٍ دُعاءْ

يا مَنْ بدونِ صوتِهِ ...

لنْ يسْتقِرَّ كوكبٌ في مِحْوَرِ السّماءْ

لنْ يَسْتقِرَّ في بقاعِ الأرضِ مَاءْ

أحبَبْتُ فيكَ كلَّ شيء دونَ انتِقاءْ

يا شجَرَ الزيتونِ والنخيلِ والحِناءْ

ويا أبا الزهْراءْ

آمَنتُ فيكَ قبلَ أنْ أراكْ ...

وقبْلَ أنْ تزورَني ...

وقبلَ أنْ تبْعَثكَ السّماءْ

آمَنتُ فيكَ قبلَ أنْ أكونْ ...

وقبلَ أنْ تبْصِرَكَ العُيونْ

وقبلَ أنْ تعْرِفني الأضواءْ

آمَنتُ فيكَ عندَما احْتضَنتني ...

وقلتَ لي لا تبْتئِسْ ...

فالنصْرُ لي ...

والموتُ لِلأعْداءْ

مُحَمّدٌ يا أيّها الحبيبُ والصَديقْ

يا أيّها المُخلِصُ للصَدِيقْ

طريقنا وعْرٌ وما مِنْ عاقِلٍ ...

لم يَعْترِفْ بوحشةِ الطريقْ

وأنتَ يا مُحَمّدٌ ...

ما طالَ أو غالَ بنا الطريقْ ...

لن تخذلَ الصّديقْ

لن تترُكَ الصّدِيقْ

مُحَمّدٌ يا أوّلَ الآباءِ في أوراقِنا ...

و آخِرَ الآباءْ

ما زِلتَ أنتَ بيننا فنحنُ أقوياءْ

مُحَمّدٌ أنتَ هو اختِيارُنا

هذا هو القرارْ

لو وضعوا الشموسَ في يَمِيِنِنا

ووضعوا النجومَ والأقمارَ في اليَسارْ

لو بدّلوا الليلَ لنا وألبَسونا حُللَ النهارْ

لن نترُكَ أختِيارَنا

أنتَ اختِيارٌ لن يكونَ بعدَهُ اختِيارْ

أخطاؤُنا ظلتْ على متونِ دهرِنا كِبارْ

ذنوبُنا أكبَرُ مِنْ كِبارْ

أوزارُنا أقبحُ مِمّا رسَمَتْ أشكالها الأوزارْ

وقد هدانا اللهُ كي نبدِّلَ الأشواكَ بالأزهارْ

وأنْ يكونَ صافِياً فضاؤُنا

رغمَ الترابِ والعواصفِ الهوجاءِ والغبارْ

وقد أرادَ اللهُ أنْ نختارَكمْ

يا آلَ بيتِ أحمَدٍ ...

وكانَ هذا أصوَبَ اختِيارْ

وهكذا قدْ أُنزِلَ القرآنُ فيما بيننا

وهكذا قدْ وُلِدَ النهارْ

وقال من قصيدة (ليالي كربلاء)

خُذِيني يا ريــــــــــــحُ الى كـربلا     فــــــإنّ عـاشوراءَ قـد أقبَلا

أطيرُ فــــوقَ الريحِ مِثلَ السّـحابْ     أرنو علـى بُعْدٍ لـتلكَ القِبابْ

يا ليتنـــــــي قد كنتُ ذاكَ الترابْ     أُقبِّلُ الأقــــــــدامَ والأرْجُــلا

يـــــــا ليتني لو كنتُ فوقَ المُشاةْ     لِقبْرِهِ ظِـلاًّ يُغَـــــطّــي الفلاةْ

أو كنتُ ضوءاً في طريقِ السُّراةْ     أو كـنتُ في دربٍ لــهُ منْزِلا

أدورُ فوقَ الزائرينَ الـــــــــمدى     أهـوي عليهـم واحــداً واحدا

أقبِّلُ الجبـــــــــــــــــــهةَ ثمّ اليدا     إذ فـارَقَتْ فــي حُبِّــهِ الأنْمُلا

خُذِيني يا ريــــــــــحُ إلى كـربلا     وفــرِّقيني في عنــانِ السماءْ

أَهْوِي على الأصْقاعِ دمْعاً وماءْ     على غريــبٍ جــاءَ كي يُقْتَلا

بالأمسِ قدْ كانَ حسيــــــــنٌ هنا     فـــــلم يَجِدْ أهـــلاً ولا موطِنا

قد غَـــــــالَهُ الفاجرُ وابْنُ الزنى     لأنــــــــــهُ قـــد قالَ للظلْمِ لا

داستْ عليهِ الــخيلُ حتى قضى     والشّمْرُ ولّــــى فرِحاً راكِضا

كم يُشْبِهُ الحاضِــرُ ما قد مضى     ألا ترى في الحاضِرِ الأوّلا؟

في كلِّ يومٍ يقتلــــــون الحـسينْ     ويـــــــفقدُ العباسُ فيهِ اليدينْ

قد قتلونا بعدكم مرَتــــــــــــــينْ     تأريخُهُــــــمْ كان لهم مُخْجِلا

عباسُ مَنْ أنهى حديثَ الـــنهارْ     وأطفأَ البدرَ بـــــــــكلِّ الديارْ

لو شَهِدَتْ يومَ الطفوفِ الــبحارْ     لأَغْرَقَتْهم وجـــــــرَتْ أسْفَلا

خُــــذيني يا ريحُ بجُنْحِ الـظلامْ     أُريـــــدُ أنْ أُلقي عليهِ السلامْ

الى مـــــــتى نبكيكَ عـاماً بعامْ     قد حـــــانَ للمهدِيِّ أنْ يَسْألا

آهٍ لقد ضــــــاقتْ علـينا الـبِقاعْ     تَكاثَرَتْ فـــيها علينـا السِباعْ

لقدْ قَضَيْناها مــعاً فـي صِراعْ     لأنّنا كُنّا لكــــــــــــــــم مَنْزِلا

يا كَرْبَلا أَفديـــــــــكِ بالمُقْلَتَيْنْ     طوفي لنا ليلاً بقبْرِ الـــحُسينْ

عَيْنٌ الى الطفِّ تنـاءَتْ وعَيْنْ     تجري لهُ دَمْعاً دَماً مُـــــــثْقَلا

قد أشرَفَ العُمْرُ على الإنتِهاءْ     واقترَبَتْ مني خُيوطُ الـــبلاءْ

يا كَرْبَلا رُدّيني يــــــا كَرْبَلاءْ     أحْــبَبْتُ مِنْ ماضيكِ مُسْتَقْبَلا

وقال من قصيدة (زينب)

وقفَ الغريبُ وما الــــوقوفُ الأغربُ     إلا لأمْــــــــــــرٍ بالحُشاشةِ يَذْهَبُ

رجَـــــــفَتْ يداهُ وصارَ أصــــفَرَ لونُهُ     ودمـــــــــــوعُهُ مسجورةً تَتَصَبَّبُ

ذهَبَ الجـــــــــــميعُ وظلَّ يبكي وحدَهُ     لا شـــــيءَ ينفعُ إنْ جفاكَ الأقْرَبُ

ورَقٌ هيَ الدُنــــــــــــــــيا بلونٍ أسْوَدٍ     وتُنيـــــــــــــرُها الأقلامُ فيما تَكْتُبُ

يا كلَّ شيءٍ لي وأعْــذَبَ مَــــا مضى     إنْ لـــم تَعُدْ فالمَوتُ عندي الأعْذَبُ

دَقّاتُ قلبِي في الوصــالِ تلاصَــــقَتْ     حتى وكادَ العُمْـرُ صُــــــبْحاً يَغْرُبُ

أنا يا وحيدُ أنا فؤادُكَ زِدْتَـــــــــــــني     ثقْلاً وإنِّــــــــــــــي قبلَ ذلكَ أحْدبُ

وقفَ الغريبُ وكانَ أوّلَ نــــاكِـــــثٍ     عَـــــهْدَ الوفاءِ أخوهُ بلْ حـتى الأبُ

ومِنَ الوضاعَةِ في الجــــماعةِ قولُهُم     نصْفُ الشجاعَةِ في القِتالِ المَهْرَبُ

وعَرَفْتُ والأيامُ آخِــــــــــــــرُ شاهِدٍ     أنَّ الشُجاعَ مِنَ الرِّجــــالِ الأعْزَبُ

كانَتْ مؤامَرةً عـــــليَّ وإنَّــــــــــــما     يبقى الكتابُ إذا تــــــــولّى المَكْتَبُ

ولقدْ كَسَبْتُ مِــــنَ المُســـــيءِ بأنّني     حتى النِّهايــــــــةِ مُحْــسِنٌ ومُؤَدَّبُ

للهِ أنتَ وفيــــكَ قلبٌ صـــــــــــارِخٌ     ذابَ الحـــــديدُ وأنتَ قــلبُكَ أصْلبُ

ولقدْ صبَـــــــرتَ وكنتَ ناقةَ صالحٍ     ذبحوا الفصيلَ وأنتَ ضَــرْعٌ يُحْلَبُ

زَهِــــــــــدَ الأحبَّةُ بي وكنتُ مُعاتَباً     وزَهِدْتُ بالدُنيا فمالي أعْــــــــــــتِبُ

وجَلَسْتُ في الصَحْراْءِ أنْطُرُ ركْبَهُمْ     حتى سَمِعْتُ الريحَ مِثْـــلي تتـنْـــدُبُ

ووقـــفتُ أذْكُرُ كلَّ شَخْصٍ ضاحِكٍ     يوماً وأذكرُ كلَّ شخْـــــصٍ يلْــعَـــبُ

ولقدْ شـرِبْتُ المـاءَ شُرْبَ مُصارِحٍ     فإذا الترابُ هوَ الصـديـقُ الأنْسَــــبُ

وأقولُ أيــــــــــنَ الأصْدِقاءُ وكُلُّهُمْ     كَذِبٌ كما أنَّ الصـــــــــــداقةَ أكْــذَبُ

هذا الزَّمانُ نَدِمْــــــــتُ منذُ عرَفْتُهُ     مــا عُدتُ مِــــــــــنْ أفعالِهِ أتَعَــجَّبُ

خذ مِن فَـمي عسَلَ الزّمانِ وطَعْمَهُ     واسْـألْ دَمِي المَبْعوثَ مِمَّنْ جــرَّبوا

إنّ الدّليلَ عـلى صديـــــقٍ مُبْغِضٍ     هُــــــوَ في قليلٍ مِنْ عتابِكَ يَغْــضَبُ

وقفَ الحسينُ ولـيسَ إلاّ زيـــــنبٌ     وأنــــــــــــا وقفتُ وليسَ إلاّ زيــنبُ

وقال من قصيدة (فداؤكَ روحي) وهي في الإمام الحسين (عليه السلام):

فداؤُكَ روحي مــــــــــــــــعَ المُرْفَقِ     وما راحَ منِّـي وما قد بَقِي

فداؤُكَ مـــــــــــــــــــاءُ العيونِ الّذي     مِنَ المَوتِ قَدْ عُدَّ مِمَّا يَقِي

حُــــــــــــسيْنٌ لأنّا لبعْضٍ نكـــــونُ     ففي كلِّ ما لــــم يَكُنْ نَلْتقي

مَشَيْـنا على الرّمْلِ مَشْيَ الضمــــيرِ     على اللوْمِ والعَتَبِ المُحْرِقِ

فــــــــــــــــلمّا وصَلْنا إلى كَرْبَــــلا     دَخَلْنا مِنَ الـــمدْخَلِ الأسْبَقِ

ونـهْمِسُ هَمْـــــــــساً إلى بعضِــــنا     إذا جاءَنا الموتُ لن نَسْتَقي

ألـسْنا شَرِبْنا مِنَ الأُمّــــــــــــــهاتِ     لذيذَ التَشَيُّـعِ والمَــــــــوْثِقِ؟

فلا أشـــــــــــربُ الماءَ إلاّ وقـــــدْ     تنَهّدْتُ تَنْـــــــــهيدَةَ المُشْفِقِ

ومرّتْ أمامـــــي خيامُ الحُســيــــنِ     وزينبُ مِنْ خِدْرِها المُشْرِقِ

تُقبِّلُ آثارَ أقدامِــــــــــــــــــــــــــها     جِراحي التي قبَّلَتْ مِــفْرَقي

وكفّا أبي الــفَضْـلِ مَرّتْ عــــــلى     عيوني بتوديـــــــعِها الألْيَقِ

وكانتْ تُعاتِـــــبُ مـاءَ الفــــــراتِ     أما زلتَ في لونِكَ الأزرقِ؟

تعسَّرَ في النَّهْرِ مَجْرى الـــــــمياهِ     فسالتْ دمــــاكَ إلى الأعْمَقِ

فمِنْها توضَّأَ وجْــــــهُ الفـــــــراتِ     وصبَّ الدِّمــاءَ إلـى المِرْفَقِ

ومنها تسَرَّبَ ضــــوءُ الـــنَّهــــارِ     فمِنْها الصَّـــفِيُّ ومنها النّقي

ومنها تحَقّقَ وَعْدُ الـــــــــسّمــــاءِ     لكي يَرِثَ الأرضَ عبدٌ تقي

ومنها تفرّعَ غُصْـنُ الحـــــــــــياةِ     لِيُعْرَفَ بالمُثْمِـــــرِ المُورِقِ

رشَفْناكَ أيامَ كُنّا نـــــــــــــــــدورُ     على الذرِّ مِـــنْ بابِهِ المُغْلَقِ

ومِنْ وَهْنِ أُمٍّ لـضيقِ القِمــــــــاطِ     إلى يومِ عـــاشِـرِنا الأضْيَقِ

تعلَّمْتُ منهُ فنـــونَ الوصـــــــولِ     إلى اللهِ مِــــنْ نورِهِ المُطْبِقِ

أحاديثُ نـــــــــفسي أحـاديــــــثُهُ     إذا جـــــــــاءَ بالأدَبِ الشَيِّقِ

أرى النّفسَ تغرقُ فـي عِــــــشْقِهِ     فيا نفسِ فـــي عِشْقِهِ إغْرَقِي

وعِيشي حياتَكَ رَهْنَ الحُــــــسينِ     وكُوني معَ السِّبْطِ في خَنْدَقِ

كأنّكِ ما عِشْــتِ قبلَ الحُــــــسينِ     ولا تَـــــــعْشقِينَ ولم تُعْشَقِي

فشَتّانَ ما بينَ عـشقِ الـــحُـــسينِ     وعشقٍ مشـــــى بكَ للمَزْلَقِ

ويا رئتي لا لغيرِ الـــــــحُـــسينِ     تردّي وتُـــــخْفي وتستنشِقي

ويـــا عينِ لا تُبصِري غــــــيرَهُ     ويـــــــا قلْـبِ للغيْرِ لا تَخْفِقِ

ويا عَـــــــقْلَ حُرٍّ أنــــا بـعْـضُهُ     هو الكُلُّ فاسْـبَحْ ولا تَـــغْرَقِ

ويا كَفِّ لـــو مــــالَ عنْ مُــهْرِهِ     تَلَقِّيهِ قبلَ المـــــــــنايا وَ قي

ويا جِسْمِ أعْــــطيْتُ روحــي لهُ     وأَعْطيكَ كالمُرْسَلِ الـــمُرْفَقِ

إلى سيِّــــدي وإمـامي الحُــسينِ     إلى حضْرَةِ الزّاهِــــدِ المُتّقي

إذا ســــرَّحَ القلبُ تـــــــسريحَهُ     وجدتُكَ في حُـــــــبِّهِ المُطْلَقِ

تُنادي وتصْرَخُ هلْ مِـنْ مُـغيثٍ     وحيداً وفـــــــي موقِفٍ مُقْلِقِ

نعمْ نــحنُ جِئْناكَ مثلَ الـلــيوثِ     كتَبْنــــــــــا على دَفَّةِ الـبيْرَقِ

حسينٌ أتــــــــيناكَ مُسْتَنْـــفِرينَ     يـــــزيدُ الـفَصِيلُ على الفيْلَقِ

مِن الشّوقِ فيـــنا إلى مُلــتــقاكَ     إلى المـوتِ أشوقُ مِنْ أشْوقِ

فــــما عُدْتَ في كَرْبَـــلا واحِداً     بلِ الكــــونُ فـي كَرْبَلا يَلْتَقي

فلولاكَ مــــا دارَ مِنْ كــــوكَبٍ     وكلُّ الكـــــــواكبِ في مأزِقِ

ولولاكَ لا شـــــرقَ مِنْ مَغْرِبٍ     ولولاكَ لا غَرْبَ مِنْ مَشْـرِقِ

جديرٌ بكلِّ الـــــذي أنتَ فـــــيهِ     مِنَ النّورِ والـــلَّهَبِ المُـحْرِقِ

وتَبّاً لأعدائكَ الخـــــاسريـــــنَ     ولَعْناً على النّاصِـبِ الأحْـمَقِ

ويا دهرُ مَزِّقْ نيـــــــاطَ الفؤادِ     إذا قامَ مِنْ حُزنِــــــهِ المُـسْبَقِ

وتسألُني النّاسُ عنْ حــــــــالةٍ     تُمَيِّزُني عنْ دَعِيٍّ شَـــــــــقي

ســــتَعْرِفُنِي مِن فريقِ الحسينِ     مِـــنَ الوجْهِ واللَّوْنِ والمَنْطِقِ

وقال من قصيدة (نطق العراق) وهي في الحشد الشعبي وتبلغ (54) بيتاً:

جـــــئناكَ مِن كنَفِ الحسينِ لنـلتقـــي     ونُريكُمُ الــــــــــتهليلَ والتكبيرا

نطقَ العراقُ فصارَ دهرُكَ أخــــرَساً     ودَعا فأصبَحـــتِ الحياةُ نصيرا

نطقَ العراقُ فجاءَ يوسفُ راكِــــضاً     والشمسُ والقــمرُ المنيرُ ظَهيرا

نطقَ العراقُ فجاءَ موسى غاضِــــباً     وعصى النبُـوَّةِ لا تهابُ شُرورا

نَطَقَ الـــــعراقُ فأصْبَحتْ قامــــاتُنا     للعابرينَ إلــــــى الجِهادِ جسورا

نطقَ العـــــراقُ فـكلُّ حيٍّ حـاضـــرٌ     ولقدْ رأيـــــتُ الميتينَ حضورا

نطقَ العراقُ فــــــجاءَ أحمدُ قـائـــلاً     كنْ يــــا عراقُ مُسيطِراً وقديرا

كنْ يا عراقُ أبا الحياةِ وأصــــــــلَها     شـــيخَ الزَّمانِ وسيِّداً وحَصُورا

نطقَ العراقُ فكانَ صوراً صـــارِخاً     صَعِقَ الزّمانُ فكانَ حقّاً صُورا

ما كنتُ أعرفُ أنَّ صوتَكَ وحـــــدَهُ     يكفي لجَعْلِ العالميـــــنَ دُحُورا

أنتَ الذي صيّرْتَ شـــــــعْبَكَ كـــلَّهُ     جيشاً وإنْ شحَّ الغيــــورُ غَيورا

وكأنَّ جيشَكَ وهو يزحَـــفُ واقِـــفاً     جبَلٌ يسيرُ إلى القِـــتــالِ حَسيرا

وبمِثْلِ ما ملأَ القلوبَ مخــــــــــافةً     منْ بأسِهِ ملأَ الــــسّمــاءَ سُرورا

ما أعظمَ الرجُلَ العراقَ نهـــــــارُهُ     أسَداً يكونُ وفي الظلامِ بُــــدُورا

مَنْ قالَ أنكَ لستَ أنتَ فكــــنْ على     صفَحاتِهِمْ حِجْراً وكُنْ محــجورا

كانتْ حروفُكَ في أشدِّ صــــروفِها     ريحَ المَعادِ وللصديقِ عـــــــبيرا

نحنُ العراقَ إذا الزيارةُ أشــــرَفتْ     صارَ العِراقُ لِمَنْ يزورُ قُـــدُورا

وإذا دنا يومُ الحسينِ ولم نَــــــــجِدْ     أعداءَهُ سنُغَيِّرُ الــــــــــــــــتَعْبيرا

في كلِّ يومٍ للحسينِ خــــــــــطابُنا     يا ليتَنا كــــــــــنّا هناكَ حُــضورا

واليومَ جاءَ إلى العراقِ بــرِجْـــلِهِ     مَنْ حـــزَّ رأسَكَ يا حسينُ مُــغِيرا

الطائِفِيَّةُ أنْ تكونَ مُحايِـــــــــــــداً     فــــــي حَرْبِنا أو أنْ تكونَ أجــيرا

إخْتَرْ طريقَكَ لا تكُنْ متَذَبْــــــــذِباً     أمّـا العِراقَ أو انصرفْ مَدْحُــورا

نحنُ البصيرةُ والعيونُ كـــتــــابُنا     سَلِسُ الحروفِ ولا نريدُ ضــريرا

حتى الطيورُ معَ العراقِ صفوفُها     صفّتْ وأصْبَحَتِ الحصاةُ طيــورا

...............................................................

1 ــ قصائده عن: موقع بوابة الشعراء

2 ــ موسوعة ويكيبيديا

كما ترجم له:

إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ج 3 ص 1379

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء من العصر الجاهلي إلى سنة 2002م ج 6 ص 101

معجم البابطين / ج 5 ص 170

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار