754 ــ عبد الحسن زلزلة: (1347 ــ 1440 / 1928 ــ 2018)

عبد الحسن زلزلة: (1347 ــ 1440 / 1928 ــ 2018)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (27) بيتاً ألقاها في الصحن الكاظمي الشريف في يوم عاشوراء في منتصف الأربعينيات ولاقت صدى واسعاً في الأوساط الأدبية ونشرتها الصحف كاملة:

يا سائرينَ إلى الطفوفِ تطهَّروا     وإذا وصلتمْ (كربلاءَ) فأحرِموا

فــــــــــي كلِّ ذرَّةِ تربةٍ يعلو فمٌ     بالجــــــهدِ يلعنُ ظالميكَ ويشتمُ

شطّ الفــــراتِ كأنَّ ماءكَ لمْ يثرْ     يوماً ولــــم يغضبْ بنوكَ النوَّمُ (1)

الشاعر

الدكتور السيد عبد الحسن بن علي بن محمد زلزلة الحسني الكاظمي، شاعر وسياسي وكاتب واقتصادي، ولد في الكاظمية، وتخرج من كلية الحقوق ببغداد عام 1948، وفي عام 1954 حصل على الماجستير من جامعة أمريكا، ثم حصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1957.

شغل منصب رئيس دائرة الأبحاث في البنك المركزي العراقي حتى عام 1963، ثم نائب محافظ البنك حتى ثمَّ عيِّن سفيراً للعراق في طهران عام 1963، ثم اختير وزيراً للصناعة عام 1964، فوزيراً للتخطيط في نفس العام حتى عام 1965.

عيِّن بعدها سفيراً للعراق في فيينا ثم القاهرة ومونتريال حتى عام 1968، ثم عُيّن محافظاً للبنك المركزي حتى عام 1973، ثم عيّن بطلب من الجامعة العربية أميناً عاماً مساعداً للجامعة العربية للشؤون الاقتصادية حتى عام 1987. (2)

وقد ساهم زلزلة في مناصبه بالعديد من الأعمال وحقق كثيراً من الإنجازات على الصعيد المحلي والعربي والدولي، حيث وضع خطة متكاملة للتنمية الاقتصادية العربية المتكاملة وعكف على تطبيقها خلال عمله في الجامعة العربية وشارك بوضع إستراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك وميثاق العمل القومي الاقتصادي وعقد التنمية العربية المشتركة وتقديمها إلى أول قمة اقتصادية عربية عقدت في عمان عام 1980

وله العديد من البحوث والمؤلفات الاقتصادية منها:

السياسة النقدية في العراق ــ 1960

ميثاق العمل الاقتصادي القومي

الحوار العربي الأوربي

الخطة الاقتصادية القومية في العراق

العراق في المنطقة الاسترلينية

استراتيجية العمل العربي المشترك

أما على الصعيد الأدبي فقد كان لقصائده الدينية والوطنية صدى كبير في الأوساط الأدبية والاجتماعية وقد منحته جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة شهادة الدكتوراه الفخرية وذلك في مؤتمرها السنوي الثالث في بيروت بحضور نخبة من الشخصيات الأكاديمية والدبلوماسية والقضائية من الوزراء والسفراء والأدباء ووقع مجموعة دواوينه الشعرية (صهيل القوافي ــ 2006)، وله ديوان شعر مخطوط وضخم لم يطبع بعد بعنوان (ما قبل الرحيل)

أقام أخيرا في كندا حتى وفاته فيها (3)

وقد كتب عنه الدكتور سعد ناجي جواد مقالاً قال منه: (فقد العراق والأمة العربية قامة علمية ووطنية وعروبية كبيرة هو الدكتور عبد الحسن زلزلة. لقد كان الفقيد من القلائل الذين تمتعوا بمواهب وكفاءات كثيرة وبرع فيها جميعا....

وبعد أن يتحدث عن الجانب الاقتصادي في حياة زلزلة يقول جواد: الموهبة الأخرى التي امتلكها الدكتور زلزلة هي موهبة قرض الشعر بنوعيه العامودي والحر، ولقد كان لبيئته العائلية وبحكم تنقلها بين الكاظمية في بغداد ثم العمارة في الجنوب والنجف والعودة إلى بغداد، وحضوره مع المرحوم والده المجالس الأدبية العديدة، اثر كبير في صقل موهبته هذه التي تمخض عنها نشر دواوين عديدة لعل أشهرها ديوانه (صهيل القوافي). كما أن الذي لا يعرفه الكثيرون في العراق وخارجه أن بعض قصائده الوطنية، التي كان يكتب قسم منها باسم مستعار في ظل النظام الملكي، ألهبت حماس الناس، وأدت إلى محاكمة الصحف التي نشرتها وغلق قسم منها لفترات مختلفة) (4)

شعره

قال في قصيدته:

هذي دماكَ على فمي تتكـــــــــــــــلمُ     ماذا يقولُ الشعرُ إن نــــطقَ الدمُ

هتفتْ وللأصفادِ فــــــــــــي اليدِ رنّةٌ     والسوط في ظهرِ الضعيفِ يُحكّمُ

هل في النفــــــــــــوسِ بقيةٌ من عزّةٍ     تغلى وتغضـــــــبُ إنَّ أنفاً يُرغمُ

أتعرّتِ الأعرابُ عن عــــــــــــاداتِها     وعفت كرامتَـها فلا تتظــــــــــلمُ

أفترتضي ذلَّ الحـــــــياةِ وفي الورى     لبني العروبةِ ألـفَ حقٍّ يُهــــضمُ

أم ترتــــــــــــــــجي عدلاً وهذا بيتُها     بين الذئابِ مُوزَّعٌ ومـــــــــــقسَّمُ

الله أكبرُ لا حيـــــــــــــــــــــــاةَ لأمّةٍ     إن لم تُرق فيها المـــــدامعُ والدمُ

قل للدماءِ وقد أريـــــــــــــــقتْ عنوةً     لا طابَ بعدكِ مشـربٌ أو مطعمُ

خطّي لهذا الجيـــــــــلِ أروعَ صفحةٍ     تُوحي العزيمـــــةَ للشبابِ وتُلهمُ

دوِّي بقلبِ المستكينَ وجـــــــــــلجلي     صوتاً يُريـــــــعُ الظالمينَ ويُلجمُ

وتفجَّري حـــــــــــــمماً على مستعبدٍ     بمصيرِ شعبٍ بائـــــــــسٍ يتحكّمُ

مَن كان يعهدُ أنَّ في الـــــــــــدمِ قوةً     تبني الصروحَ الـشامخاتِ وتهدمُ

حدّثْ أبا الشهـــــــــــــداءِ أيّ رسالةٍ     بدماكَ سطّـــــــــــرها إلينا اللهذمُ

كُتبتْ على لــــــوحِ الخلودِ وسُيِّرتْ     لحناً فمُ الدنيا بهِ يتـــــــــــــــــرنّمُ

حدِّث ويومُكَ للبريةِ شـــــــــــــــاهدٌ     أفأنتَ عيدٌ للهــــــــــــدى أمْ مـأتمُ

عيدٌ يئنُّ من الــــــــــــــجراحِ ومأتمٌ     فيهِ الضحـــــــــايا والثواكلُ تبسمُ

عـــــــــــــــيدٌ تضرَّجَ بالدماءِ ومأتمٌ     بعلاهُ زغــــــردتِ الظبا والأسهمُ

مولايَ عفوكَ إن شططتَ فـما عسى     يشكـــــــــــو إليكَ الشاعرُ المُتألّمُ

عـــــــــــذري إليكَ أبا عليٍّ إن يـكنْ     يُدمـــــي جراحَكَ صوتيَ المتبرِّمُ

الشعبُ شـــــعبُكَ يا حسينُ وإن يكنْ     فـــــــيهِ الطغـاةُ الظالمونَ تحكّموا

والقومُ قومُكَ يـــــا حـسينُ وإن يكنْ     عن نهجِ شرعتِكَ القويمةِ قد عموا

يا سائرينَ إلى الطفــــــوفِ تطهَّروا     وإذا وصلتمْ كــــــربلاءَ فأحرِموا

في كلِّ ذرَّةِ تربةٍ يعــــــــــــــــلو فمٌ     بالجهدِ يلعنُ ظالمـــــــــيكَ ويشتمُ

شطّ الفراتِ كـــــــــأنَّ مـاءكَ لمْ يثرْ     يوماً ولم يغضبْ بنـــــــوكَ النوَّمُ

قسماً بــــــــــــمائِكَ وهوَ شهدٌ سائغٌ     للمعتدينَ وفي فمي هوَ عــــــــلقمُ

عـــــــذري إليكَ ولستُ أوّلَ عاجزٍ     عن خوضِ بحرِكَ والقضا يـتهجمُ

من ضامنٍ لي حينَ تعصفُ هوجَها     إنَّ السفينةَ في بحارِكَ تـــــــــسلمُ

ومن قصائده «تمثال العبودية» التي أثارت ضجة كبيرة في بغداد سنة 1947، وفيها انتقد أن يكون في العراق تمثالاً لمحتله الجنرال مود وقال فيها:

لمَن التمثالُ فـــــي الكرخِ تباهى وتبخترْ

وازدرى بالــشعبِ فاستعلى عليهِ وتكبّرْ

ألمَن قادَ جــيوشَ العربِ للنصرِ المؤزّرْ

أمْ لمَن قـد داسَ وجهَ البغي بالنعلِ وعفّرْ

أيّـــــها الشامخُ في الجوِّ على مَن تتجبَّرْ

أنـــــــتَ رمزٌ للعبودياتِ والحقُّ المعفّرْ

إن تكـــــبَّرتَ على مجدٍ هوى فاللهُ أكبرْ (5)

.........................................................

1 ــ القصائد الخالدات ــ مطبعة الانتصار، بغداد ــ 1988 ص 139

2 ــ آليات السبك النصي في ميمية عبد الحسن زلزلة للدكتور حيد أحمد حسين ــ كلية العلوم الإسلامية ــ جامعة ديالى / مجلة الجامعة العراقية العدد 55 ج 1 ص 295 ــ 296

3 ــ موفق الربيعي شخصية من بلادي .. عبد الحسن زلزلة ــ وكالة المرسى نيوز بتاريخ 17 / 1 / 2021

4 ــ الدكتور عبد الحسن زلزلة في ذمة الخلود مجلة الكاردينيا بتاريخ 29 / 3 / 2018

5 ــ مدونة الدكتور عبد الكريم العلاف بتاريخ 2 / 3 / 2015

كما ترجم له وكتب عنه:

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 2 ص 224

يوسف عز الدين / شعراء العراق في القرن العشرين ص 377

حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 2 ص 137

كاظم عبود الفتلاوي / المنتخب من أعلام الفكر والأدب ص 209

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 3 ص 75

الدكتور إبراهيم خليل العلاف ــ الدكتور عبد الحسن زلزلة الأكاديمي والاقتصادي والشاعر والسفير والوزير

موفق الربيعي / شخصية من بلادي. .... الوزير الدكتور عبد الحسن علي زلزلة، موقع المرسى نيوز بتاريخ 17 / 1 / 2021

لمى محمود رشيد العبيدي، عفراء عطا عبد الكريم الريس ــ عبد الحسن زلزلة ودوره الاقتصادي والدبلوماسي

مهدي شاكر العبيدي / عبد الحسن زلزلة شاعراً ــ موقع الحوار المتمدن بتاريخ 1 / 8 / 2018

الدكتور صالح جواد الطعمة / في تأبين الراحل الدكتور عبد الحسن زلزلة: دعوة إلى توثيق أعماله المنشورة وغير المنشورة ــ موقع الناقد العراقي بتاريخ 6 / 5 / 2018

مها هلال محمد ــ مستويات التشكيل الأسلوبي في قصيدة للشاعر عبد الحسن زلزلة (وهي الميمية في الإمام الحسين عليه السلام) مجلة آداب ذي قار ــالمجلد 1 العدد 2 (31 ديسمبر/كانون الأول 2010) ص 99 ــ 106 بتاريخ 31 / 12 / 2010

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار