739 ــ علي عبد الأمير الحيدري (1354 ــ 1440 هـ / 1936 ــ 2018 م)

علي عبد الأمير الحيدري: (1354 ــ 1440 هـ / 1936 ــ 2018 م)

قال من قصيدة (باب الحوائج) وهي بمُناسبة ميلاد أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين (عليهما السلام) وتبلغ (40) بيتاً:

سَلْ (كربلاءَ) تَجِبْ كم حَدُّ صارمهِ     قد راحَ يفتكُ بِالهاماتِ وَالهِـــــــمَمِ

أقامَ ساحتَها قَسْراً وأقـــــــــــــعدَها     والشوسُ ضاقَتْ بِها ساقاً على قَدَمِ

يَلفُّ رايـــــــــــــــاتِها لفّاً ويوردُها     حَوْضَ المَنونِ فيُردِها بِقَلْـــبِ كَمِيْ

الشاعر

السيد علي بن عبد الأمير بن حسين الحيدري، أديب وشاعر وخطيب ومؤرخ ونسابة موسوعي، ولد في الرفاعي بمحافظة الناصرية وفيها أكمل دراسته الرسمية كما نشأ فيها على أجواء المجالس العلمية والأدبية التي كانت تقام في مجلس والده وأخواله آل عبد العباس وغيرها من المجالس كمجلس آل السوز وغيرها التي كان يحضرها العلماء الأدباء والخطباء الذين كانوا يتوافدون إليها من نواحي الناصرية.

كتب الحيدري الشعر في سن مبكرة وكان يكتبه باللهجتين الفصحى والعامية، كما خاض ميدان التأليف وبرع فيه ومن أبرز مؤلفاته:

موسوعة: المدخل إلى حوض الغراف، وهي موسوعة آثارية، تأريخية، اجتماعية، أدبية عن المنطقة الممتدة من شمال الكوت حتى شمال الناصرية، وهذه الموسوعة تقع في أحد عشر جزءاً، تناول فيها تاريخ المنطقة لخمسة آلاف سنة من للفترة من ٢٥٠٠ ق م -٢٠٠٠ ب م استعرض خلالها المواقع والأحداث التاريخية والقيم الاجتماعية بما فيها المواهب العلمية والأدبية والمراكز المهمة للشعوب التي سكنتها والأسر الكريمة والشيوخ والقادة ورجال العلم والفكر والسياسة وقد طبعت هذه الموسوعة عام 2006

وله أيضاً كتاب (الإمام الصادق ومدرسة آل البيت)، و(طالب فليح شاعر مجالس بغداد).

أما في مجال الشعر فله عشرة دواوين شعرية طبع منها ستة أبرزها: أريج القوافي، عبير القوافي، لمى القوافي، وشذى القوافي، وله ديوان خاص بأهل البيت بعنوان البحور الزاخرة في مدح العترة الطاهرة، والعشرات من الكتب المخطوطة في الأدب الشعبي والنقد، وبحوث عن المدن، وعن الأنساب، خاصة أنساب العلويين، وأنساب العشائر، وتعليقات عن الكتب التي صدرت في النواحي الأدبية والتاريخية. (1)

كُرّم لجهوده الأدبية والعلمية الكبيرة بعدة دروع منها: الدرع الثقافي والتاريخي والشعري، ودرع أمانة بغداد، ودرع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ودرع محافظة واسط، ودرع جامعة واسط، ودرع دائرة الشؤون الثقافية ودروع مجالس بغداد الثقافية، ودرع مجلس الخاقاني. (2)

قال فيه العلامة الدكتور حسين علي محفوظ: (شاعر مقتدر، خطيب ماهر، متتبع بارع، مؤرِّخ الغراف، شاعر أهل البيت عليهم السلام) (3)

وقد عُرف الحيدري بقوة شعره ولغته ورصانة مفردته حتى قال عنه العلامة بهجت الأثري:(إذا سمعت شعر علي الحيدري سمعت الشعر الجاهلي) (4)

كما أشاد بثقافته الموسوعية وأدبه الدكتور طاهر البكاء فقال: (يعد الأستاذ علي الحيدري بحق موسوعة متنقلة) (5)

ويستعرض الدكتور حميد مجيد هدو بعض خصائص شعر الحيدري في المقدمة التي كتبها لكتاب (بغداد في شعر السيد علي الحيدري) وهو من تأليف الدكتور طاهر الأسدي والذي يضم ما كُتب وقِيل في حق الشاعر وقصائد كتبها الحيدري عن بغداد، ورسائل خطية ومقاطع شعرية للحيدري، حيث يقول:

(إن الغزارة الشعرية التي وهبها الله تعالى للشاعر الحيدري كانت اداة فعالة لينظم أكثر من ثلاثين الف بيت من الشعر، كما إن في مقدرته نظم تواريخ الأحداث على طريقة حساب الجمل، وهو فن صعب المرتقى عزف عنه معظم شعرائنا المعاصرين بينما الشاعر الحيدري استطاع أن ينظم تاريخين في آن واحد، ففي الشطر الأول مثلا يؤرِّخ بالميلادي، وفي الشطر الثاني بالهجري وكثيراً ما صدر التاريخ بكلمة واحدة وهو ما لا يمكن لشاعر آخر أن يفعله، أما شعره في أهل البيت عليهم السلام والذي ضمّه ديوان مستقل أطلق عليه (البحور الزاخرة في مدح العترة الطاهرة) وقصائد هذا الديوان اتسمت بالعاطفة الصادقة والولاء المطلق لآل البيت عليهم السلام وقد وصفه أحد الشعراء المعاصرين الكبار (بأن شعر الحيدري ممهور بآل البيت، منذور لهم شعره فيهم، شعر انتماء لا شعر مديح ورثاء)

شعره

قال عصام القدسي: (يتجسد حبه المطلق وولائه لأهل البيت (عليهم السلام) إذ أوقف معظم شعره على مدحهم والتغني بمآثرهم العظيمة فنسمعه يقول:

منذُ الطفولةِ أرضـعتني حبَّهم      أمِّي فصرتُ بحبِّهم مشغــــــولا

كانت تناغيني وتمسحُ ادمعي      وتصوغُ من حبِّ الوصيِّ هديلا

وكذاك لقّنني أبـــــــي أقوالهم      والطفلُ يحفظ كل قـــــولٍ قِيــلا

فغدا على حبِّ النـــــــبيِّ وآلِهِ      قلبي برغمِ شجونِه مـــــجبــولا (6)

وقال من قصيدة (باب الحوائج):

أطَلَ في دارةِ العليــــــــــــــــاءِ وَالشِيَمِ     بَدرٌ لِهاشِـــــــــــــمَ يَجلو حـالِكَ الظُلَمِ

بَدْرٌ بِبَيْتِ أميرِ الأوصيـــــــــــــــاءِ بَدا     يَــــــــــرويْ الفُتوَةَ والإيـثارَ عَنْ أَمَمِ

بابُ الحَوائجِ نِبراسُ الفـــــــداءِ أخو الـ     ـسبطينِ ساقيْ العَطاشـى كافلُ الحَرَمِ

لِحَيْدَرٍ رابِعُ الأشبــــــــــــــالِ حازَ عُلاً      ما حازَهُ بطَلٌ في الـــــــرَّوعِ مِنْ قِدَمِ

أتَيْتُ أنثــــــــــــــــرُ شِعْريْ يَوْمَ مَوْلدِهِ     ومدمعيْ في المآقي غَيْرُ مُـــــــنْسَجِمِ

إذْ جَفَّ دمعيَ إجــــــــــــــــلالاً لِمَوْقفِهِ     يُزَلزِلُ الأرضَ في صَمصـامِهِ الخَذِمِ

أعادَ بَدْراً وصفّيــــــــــــــــــناً وذكّرَهُم     بِذي الفَقارِ وكفِّ الفَــــــــــاتِكِ الشَهِمِ

فَراحَ مَولدُهُ الوضّــــــــــــــــاءُ يُلهمُنيْ     صِدقَ العقيدَةِ والإيفـــــــــــــاءَ بِالذِمَمِ

كيَوْمِ مَصرَعِهِ الداميْ يُذكّـــــــــــــرُنيْ     بِالبَذْلِ والوَقفَةِ الشَمّاءِ وَالـــــــــــــقِيَمِ

بَذَّ الفَوارسَ في الميْـــــــــــــدانِ تَـرفدُهُ     عزيمةٌ مِنْ عَليٍّ مَعــــــــــــدنِ الكَرَمِ

أخو الحُسَيْنِ الذي ردَّ الطغـــــــاةَ على     أعقابِها بحُسامٍ صـــــــــــــــــادقٍ وَفَمِ

وما انحنَتْ لِرؤوسِ البغيّ قــــــــــامتُهُ     كلّا وَلَمْ يَخشَ ما رامَتْ بنـــــو الحَكَمِ

فَلَنْ يمدَّ لجَيْش الظـــــــــــــــــالِمينَ يَدَاً     ولنْ يقرَّ لهُ مهــــــــــما رَمـى ورُمي

وَلَنْ يُبــــــــــــــــايعَ للطاغيّ اللئيم وَلمْ     يَرضَخْ لِحُكْمِ طليقٍ غَــــــــيْرِ مُحتَشِمِ

وَشَدَّ فَرداً على خَـــــــــــيْلِ البُغـاةِ كما     يشدّ فَحْلُ الذئابِ السِّيْـــــــــــــدِ بِالغَنَمِ

مُنادياً مِثْلَ صَوْتِ الرعدِ صَيحــــــــتُهُ     أكلُّكمْ عَنْ مَياديــــــــنِ الرشادِ عَـمِيْ؟

إنْ كانَ ينصرُ دينَ اللهِ سَفْــــــــكُ دميْ     فيا سيوفَ الــــــــعِدى هيّا لِسَفْكِ دَميْ

فلم يجدْ صاغياً منْهمْ لِنُصـــــــــــــرتِهِ     كــــــــــــأنَّما قَد أُصيْبَ القَومُ بِالصَمَمِ

حتّى تَعانقَ والبيــــــضَ الصّفاحِ وأطـ     ـرافَ الرّماحِ على سُوحِ الكِفاحِ ظَمي

فَخَـــــــــــــطَّ أروعَ ما خَطّتْ يدٌ لِفَتىً     عقيــــــــــدةً نَدَرَتْ في العُربِ والعَجَمِ

أخا الحُــــــــــسَيْنِ رعاك اللهُ مِن بطلٍ     يُعانقُ المَـــــــوتَ لا يخشى مِنَ العَدَمِ

قد كُـــــــــنْتَ شُعلةَ إيمانٍ وفيضَ نَدىً     لكلِّ مَنْ عَشِقَ العَــــــــــــــليا بِلا بَرَمِ

سَلْ كــــربلاءَ تُــــجِبْ كم حَدُّ صارمهِ     قد راحَ يفتكُ بِالهاماتِ وَالهِــــــــــــمَمِ

أقامَ ساحتَها قَسْراً وأقــــــــــــــــــعدَها     والشوسُ ضاقَتْ بِها ســـــاقاً على قَدَمِ

يَلفُّ رايــــــــــــــــــــاتِها لفّاً ويوردُها     حَوْضَ المَنونِ فيُردِها بِقَلْـــــــبِ كَمِيْ

كأنّهُ الليثُ يعلو فوقَ ســـــــــــــــابِحهِ     والطفُّ يسبَحُ في مَوْجٍ مِنَ الضَـــــرَمِ

فَزَلزلَ القاعَ حـــــــــــتى ضَجَّ ساكنُها     من دافِقِ الدَمِ لا مِنْ سَيْــــــــلها العَرِمِ

حتى غَدا مَضربَ الأمثالِ فاصطَرخوا     مَن الفَتى الفارسُ الحانيْ عَلــى العَلَمِ؟

عقيــــــــــــــدةٌ تتحدّى الدهرَ صارخةٌ     لا خَيْرَ في عِيشَةٍ تُفضيْ إلى الــــــندَمِ

فكُنْتَ للطيّبيــــــــــــــنَ الطّاهرينَ أخَاً     وللعقيلةِ والأشبــــــــــــــالِ خَيْرَ حَمِيْ

ولم تَزَلْ ناصراً حقَ ابـــــــــنِ فاطمةٍ     حتّى تدكدَكتَ صَرْحاً هُدَّ كــــــــــالعَلَمِ

ولم يَزَلْ يَوْمُكَ الـــــــــــــداميْ يُذَكّرُنا     بالعزِّ والمَجدِ والإقدامِ والشَــــــــــــمَمِ

يا مَنْ سَمَوْتَ سُمُوَّ النَجْــــــــمِ إنّ فَميْ     أعياهُ مدحكُمُ بِـــــــــــــــالشِعْرِ وِالكَلِمِ

يا حامِلَ الرايةِ الحَمراءِ شــــــــــامخةً     مَليئةً بالفِدا والبَذْلِ وَالحِـــــــــــــــــكَمِ

رفعتَها بِيَدٍ مقطـــــــــــــــــــوعةٍ فبَدَتْ     خفّــــــــــــــــــــاقةً تتحدّى قِمَّةَ القِمَمِ

جُزيتَ خَيْراً عَنِ الهـــــــاديْ وَعـترتهِ     ونلتَ مَرضاةَ ربِّ الـعَرْشِ ذِي الِنـعَمِ

إنّيْ بِكمْ مؤمنٌ يا سيّديْ عَـــــــــــــــلَنَاً     وناصِرٌ لكُمُ بالسيفِ والــــــــــــــــقَلَمِ

أشدو إذا ما شدا الحــــــــــاديْ بحُـبّكمُ     وإن نُعيتُمْ فإنّ الدمـــــــــــعَ فَيـضُ دَمِ

يا ابنَ الوصيَ إليكم جئتُ مُــــــبتسـماً     بل جئتُكمْ باكياً في وجهِ مُبـــــــــــتَسِمِ

نَصَرتُمُ السبطَ إيمــــــــــــاناً وتضحيةً     وصُنْتُمُ دينَ طه ســـــــــــــــــيّدِ الأمَمِ

...................................................

1 ــ وكالة الأنباء العراقية / رحيل "مؤرخ الغراف" وشاعر أهل البيت السيد علي عبد الأميرالحيدري بتاريخ 12 / 11 / 2018

2 ــ نفس المصدر

3 ــ نفس المصدر

4 ــ الشاعر علي الحيدري: الفترة التي تسمى بالمظلمة كانت مزدهرة أدبياً / حوار مع الشاعر أجراه عصام القدسي / موقع الناقد العراقي بتاريخ 6 / 2 / 2017

5 ــ نفس المصدر

6 ــ نفس المصدر

المرفقات

: محمد طاهر الصفار