683 ــ عبد الرسول الجشي (1342 ــ 1429 هـ / 1924 ــ 2008 م)

عبد الرسول الجشي (1342 ــ 1429 هـ / 1924 ــ 2008 م)

قال من قصيدة (تحية شهداء الطف) وتبلغ (30) بيتاً:

ورأوا خلالَ وميضِ أسيافِ العِدى     نورَ الإلهِ بطورِ (كربِ بلاءِ)

فــسـعـوا إلـيــهِ يظلّهمْ جنحٌ مٍنَ الـ     ـأسيافِ مُــشتبكٌ على الأجواءِ

وعلى هداهُ لـلـخـلـودِ تـزاحــمـــوا     شـوقاً لوصـــلِ الجنةِ الزهراءِ (1)

الشاعر

عبد الرسول بن علي بن حسن بن محمد بن يوسف بن محمد بن علي بن ناصر آل الجشي، (2) شاعر وأديب ومؤرخ، ولد في القطيف بالسعودية وهاجر للنجف مع والده وعمره 10 أعوام وقد أقام بالنجف حتى عام 1367 هـ، وتولى فيها تحرير مجلة الغري، وإدارة مكتبة الرابطة الأدبية بالعراق.

شارك في الكثير من المشاريع العلمية والأدبية بالأحساء والقطيف، فأسس أول مكتبة عامة فيها، له من المؤلفات:

تاريخ القطيف ــ  1374هـ / 1955م. (3)

ومن مؤلفاته أيضاً:

الدولة القرمطية في البحرين

تاريخ النفط في العالم قبل عام 1858

بحوث تاريخية

مذكرات شاعر ــ (مخطوط)

أما بالنسبة للشعر فله من الدواوين:

الحب للأرض والإنسان

قطرات ضوء ــ رباعيات

غزل ــ ديوان شعر

شراع على السراب ــ ملحمة

قضى الجشي نصف عمره في العراق والنصف الآخر في القطيف. أتمَّ تعليمه في العشرين من عمره وتفرّغ للأدب والشعر والتاريخ والصحافة

شارك في العديد من المشاريع العلمية والإنمائية بالأحساء والقطيف، أبرزها تأسيس أول مكتبة عامة فيها سنة 1374 هـ / 1955 م.

وانتدب سنة 1380هـ/1960م للمشاركة في تأسيس وزارة العمل التي عمل بها حتى سنة 1384 هـ / 1964 م حيث عمل مديراً لمكتب المدير العام للعمل. (4)

قال عنه الأديب الأستاذ ميثم منصور الخنيزي: (عرفت منه الرأي والموقف الصَّلدَ الذي غاب عن سماءِ غيره من أقرانه فكانت الثمرةُ أنْ حلَّقَ غيرُه في سمائِه، ولم يكن جيلُ اليوم يعرفُ أن الأستاذ الجشي هو ذاك الشاعر المجدِّدُ الذي تكلمت عنه رموز الأدب المصري وعاش في ذاكرة بنت الشاطئ مناراً من منارات الوطن.

الأستاذ الجشي ليس من أولئك الذين تكلّفوا الشعر حتى صار أسمى مروءتهم، بل هو الذي منحه الله موهبةً صمتت في قلبه وتكلَّمت في لسانه، وقد نذرها لوطنه، فهو من الشعراء الذين أخذوا على عاتقهم لواء التجديد وسعوا بكل طاقتهم إلى الرقي بأدب عصرهم إلى مستوى أفضل من خلال المضي على نهج الشعراء المحدثين الذين اكتمل بناء القصيدة عندهم لفظاً ومعنى ووزناً وصياغةً وإيقاعاً وصورةً وغرضاً، وقد تم له ذلك على الرغم من معاناته وظروفه القاسية التي مرَّت عليه، وقد آن الأوان بعد طول عناءٍ ليلتذَّ في رحاب الأعواد وفي أفنية قلوب محبيه لما زرعه من زرعٍ آن وقت قِطافه، والحمد لله رب العالمين) (5)

وقد كتب الأستاذ حبيب محمود مقالاً مفصَّلاً عن الجوانب العلمية والأدبية للجشي قال فيه: (ظهر عبد الله الجشي في الحياة الأدبية أثناء مرحلة مبكرة جداً من مراحل البناء. وعلى وجه الدقة إبان التباشير الأولى لتأثير النفط في حياة المنطقة، أوائل عقد الخمسينيات. كان عائداً للتوّ من دراسته العلمية في العراق التي سافر إليها عام 1935م، برفقة والده الفقيه الشيخ علي الجشي، رحمه الله.

عاد الجشي برفقة والده مُحمّلاً بثقافة مزدوجة الاتجاه. فمن جهة تشرّب الدروس التقليدية المتركزة في علوم العربية، والفقه وأصوله، المنطق وعلم الكلام، وما يُمهد لهذه العلوم من حساب وخط ومبادئ متنوّعة.

وكان كافياً لحصيلة علمية كهذه أن تُبقي عليه «طالب علم» بين عشرات «الشيوخ» في القطيف. إلا أنه جمع إلى ذلك حصيلة ثقافية أخرى حديثة تشكّلت، أيضاً، في العراق، وتمثّلت في اطلاعه على الآداب العربية الحديثة، وخوضه التجربة الصحافية، ومعايشته للأحداث التي شهدتها الأمة العربية معايشة نفسية وأدبية.

غادر عبد الله الجشي البلاد بعد أقل من عامين على اكتشاف النفط، وعاد في وقتٍ كانت فيه البلاد تدشن أولى مراحل النموّ متأثرة بالعوائد الأولية لهذه الثروة التي غيّرت كلّ شيء في مراحل لاحقة. ليكون، بعودته عام 1948م، واحداً من الأصوات الثقافية التي تركتْ أثراً ما في الحياة الثقافية في المنطقة الشرقية، على وجه خاص.

وإبّان عودته راحت ثقافته «المزدوجة» تتفاعل في جدول يومه. فمن جهة كان إعداده العلمي التقليدي يفرض عليه الاستمرار على النسق الأسري الذي جعل من آل «الجشي» واحدة من الأسر العلمية، خاصة أن والده وصل إلى منصب القضاء الشرعي في القطيف. ومن جهة أخرى كان تطلعه الأدبي والثقافي يستفزّه للمشاركة في إرهاصات الحياة الأدبية الحديثة التي راحت تُعبّر عن نفسها في مشاريع النماء المختلفة، وتجتذب إليها الطاقات الثقافية، من سائر أنحاء البلاد السعودية...

وعن علاقة الجشي الوطيدة بالتاريخ يقول محمود تحت عنوان رائد تاريخي: فضلاً عن ذلك؛ لم يكن الجشي رائداً في أدبه وشعره فحسب، فعلى نحو جازم يمكننا القول: إنه أول باحث سعودي اهتمّ بتاريخ المنطقة الشرقية وحضارتها. وفي بحوثه التي نشرتها «الغري» العراقية، و«صوت البحرين» البحرينية، و«الخليج العربي»، ولاحقاً «العرب» السعوديتان، قدّم أولى التحقيقات التاريخية التي تناولت حضارة المنطقة وأحداثها وآدابها.

ومن المدهش، حقاً، ألا يعرف الكثيرون هذه الحقيقة التي لا يعترف بها حتى أولئك الباحثون الذي أفادوا من خطواته البحثية المبكرة ومراجعه الأولى، وطوّروا منهجيتهم في البحوث والدراسات التاريخية؛ فملأت كتباً ومصنّفاتٍ في مراحل لاحقة.

وقبل أن ينشر الجشي أبحاثه التاريخية والأدبية، لم يكن أحد يذكر «الفينيقيين» أو «الجرهائيين» أو«عبد القيس» أو «القرامطة» على النحو البحثي الذي حدث بعد نشر أبحاثه. وهذا جانبٌ رياديٌّ لم يلتفت إليه أحد من دارسي حياته وأدبه حتى يومنا هذا. والغريب أن الجشي، نفسه، لا يهتمّ بهذا الواقع في سيرته الذاتية، ويكتفي بالحديث عن نشره بحوثاً تاريخية في بعض المطبوعات العربية

ثم يقول: مارس عبد الله الجشي العمل التطوّعي منذ شبابه الأول. كان يحمل قدراً من الفضول المثمر والمطوّر. حين كان في النجف قادته الصدفة إلى الصحافة.. يقول: «كان بعض أبناء الخليج يلتقون يومياً بعد إنهاء واجباتهم الدراسية في مجلس الشيخ ياسين أبو خمسين، وكان بعضهم يشتري إحدى الصحف اليومية البغدادية ويعكفون على قراءة المهم من أخبارها.. يومذاك عرفت شيئاً جديداً اسمه الصحافة»..!

يضيف: «بعد انتسابي إلى الرابطة القلمية (جماعة أدبية) ارتقى اهتمامي من مجرد التعرف على الأحداث إلى الاهتمام بالشؤون الثقافية، ومنها متابعة الصحف الأدبية، وكانت مجلة «الغريّ» البداية في الانعطاف إلى ممارسة الصحافة».

وقد تطوّرت علاقة عبد الله الجشي من «قارئ» يشتري المجلة أسبوعياً إلى «محرر» ولكن «من دون اسم ولا راتب»..! إلا أنه كان مستمتعاً بعمله التطوّعي «وصار صاحب المجلة يسافر لشؤونه الخاصة ويترك لي الإشراف على أعداد المجلة.. وبذلك أتيح لي حق نشر ما يتوافر لديّ من أبحاث»..

هذا ما قاله الجشي لـ «القافلة»، مضيفاً: «مما أعتز به في مجلة الغري أنني استطعت احتضان الشاعرين العراقيين نازك الملائكة وبدر شاكر السياب في بداية توجههما للشعر» الحر. «وكانا آنذاك طالبين في كلية المعلمين العليا ببغداد».

التطوّع الذي مارسه الجشي في «الغريّ» كرره، أيضاً، في شهرية «الاعتدال» العراقية أيضاً، ثم «صوت البحرين»، و«العرفان» اللبنانية، و «الفجر الجديد» السعودية إضافة إلى «أخبار الظهران»، وغيرها من المطبوعات التي تعامل معها، محرراً أو كاتباً أو شاعراً، مستمتعاً بالعمل الثقافي المحض..!

وفي حقيقة الأمر لم تكن الـ 79 عاماً التي عاشها الجشي مفعمة بالعمل والكتابة فحسب؛ بل كانت أيضاً مليئة بتجارب النجاح والفشل. وفي سيرته الذاتية المخطوطة يسجل اعترافات بتجارب لم يُكتب لها النجاح على الرغم من اجتهاده فيها. إنه ينحو باللائمة، أحياناً، على عداوات مغلفة، وأحياناً على قدراته الشخصية، وأحياناً على الظروف.

«في 1950م افتتح متجراً لبيع الأغذية من أرز وطحين وسكر وشاي وقهوة وغيرها». لكن المتجر الذي سماه «الفجر الجديد» ويستورد سلعه من البحرين، كان يبيع، أيضاً، «المجلات المصرية» التي يشتريها من «متجر بايزيد بالخبر». وهذا الخلط لم يكن المشكلة.. «ولكني لم أوفق في التجارة لأن رأس مالي تحوّل إلى ديون دائمة على زبائني»..! و «ذهب رأس مالي وهو خمسة آلاف ريال أدراج الرياح»..!

كان «الفجر الجديد» تجربته التجارية الأولى، وقد تكررت عام 1967م، وعام 1993م.. لكنها مُنيت بإخفاقات موجعة. وليس من السهل على صاحب موهبة إبداعية أصيلة أن يحقق نجاحاً مماثلاً في ميدان مثل ميدان التجارة..!!

هذه هي حياة عبد الله الجشي: شاعراً وأديباً ومؤرخاً.. وموظفاً، وتاجراً. 79 عاماً من الركض في حياة صاخبة، قاسية، وتختلط فيها الآمال بالآلام، والصمت بالضجيج.. تسعة وسبعون عاماً ربما لا تكفي لقول كل شيء.. لكنها حياة عبدالله الجشي..!) (6)

نشر أعماله في العديد من المجلات العربية والمحلية والخليجية مثل البيان النجفية والبيان الكويتية وصوت البحرين والأديب والعرفان اللبنانية والعرب السعودية والعديد من المجلات والصحف المحلية والخارجية.

كُرم الجشي في مهرجان الرواد العرب الذي نظمته الجامعة العربية بالقاهرة عام 1999، واحتفت به مدينة القطيف ــ 2001، وفي عام 2005 اختاره مهرجان الجنادرية السعودي "شخصية العام الثقافية" في السعودية، وفي عام 2006 كرمه مجلس الشورى السعودي في الرياض. ودخل اسمه مادة أدبية في نحو 60 مصدراً من كتب ومجلات وصحف ومعاجم إعلامية) (7)

وقال عنه الدكتور علي العبد القادر: (عرفتك أيها الشاعر بأوجاع أمتك، حينما كنت فتى في الرابعة عشرة من العمر، اتفنن بشعرك في مجالسنا حينما نبحر في قراءة صحيفة أخبار الظهران والخليج العربي .. وهأنذا أرى فيك رمزا له مكانة رفيعة في ساحة الثقافة العربية) (8)

شعره

قال من قصيدته التي قدمناها (تحية شهداء الطف):

باللّه يا شاطي الـفـراتِ اقصصْ لنا     مِـن سـفـرِ ذكراها دروسَ ثناءِ

حدَّثْ عن الصِّيدِ الـعـظامِ فخيرُ ما     درسَ الفتى هيَ سيرةُ العظماءِ

حدّث عن الشرفِ الأثيلِ عن العُلا     والمجدُ عـن أنـصارِ خيرِ لواءِ

وعنِ البطولـةِ والـسـموِّ ومَن غدوا     في مـفـرقِ الأجيالِ رمـزَ إباءِ

عــمَّــنْ سـمَتْ بهُمُ الـنفوسُ فحلّقوا     فوقَ الـنـجـومِ بـهـمَّــةٍ شـــمَّاءِ

..................................................

1 ــ شعراء القطيف منشورات ــ دار المصطفى لإحياء التراث، راجعه السيد عدنان العوامي ج 2 ص 435 ــ 437

2 ــ نفس المصدر ج 1 ص 301 في ترجمة والده الشيخ علي الجشي، قال محقق الكتاب السيد عدنان العوامي: عُرف فيما بعد باسم عبد الله ج 2 ص 435 / الهامش

3 ــ شعراء القطيف ج 2 ص 435

4 ــ موقع ويكي زير

 5 ــ مجلة الواحة ــ العدد 36 بتاريخ 22 / 3 / 2011م

6 ــ مجلة القافلة / عبد الله الجشّي رائدٌ لم يعرفه أهـله.. منشور على الانترنت

7 ــ عبد الله الجشي.. عمر من الإبداع استحق التكريم ــ صحيفة اليوم بتاريخ 17 / 12 / 2004

8 ــ نفس المصدر

كما ترجم له وكتب عنه:

ميرزا الخويلدي / وفاة الشاعر السعودي عبد الله الجشي.. شاعر الأرض والإنسان ــ جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 12 / 3 / 2008 العدد 10697

فاضل العماني / عبد الله الجشي.. ضمير الثقافة الناطق وبلبل الشعر الصادح ــ جريدة الرياض بتاريخ السبت 2 / 3 / 2019م

أحمد عبد المحسن الجشي / الجشي شاعر الأرض والوجدان ــ جريدة الرياض بتاريخ الخميس 24 / 2 / 2005م - العدد 13394

محمد حيان الحافظ / عبد الله بن علي الجشي موقع نادي المنطقة الشرقية الأدبي بتاريخ 20 / 1 / 2014

عبد الوهاب العريض / عبد الله الجشي أمسية لتكريم الجشي تثير الشجون وتقدم سرداً لتاريخه الحافل جريدة اليوم بتاريخ 18 / 4 / 2005

جعفر الشايب / في رحيل الأديب عبد الله الجشي ــ صحيفة الجزيرة السعودية بتاريخ 6 / ربيع الأول / 1429

محمد عبد الرحمن القشعمي / عبد الله الجشي ومجلة «الغري» صحيفة عكاظ بتاريخ 26 / 7 / 2007

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار