636 ــ رضا آل درويش

رضا آل درويش

قال من قصيدة (لا شيء لي):

جسدي يشيرُ لـ (كربلاءَ) وقامتي علمٌ

يرفُّ بموكبٍ ينعى الحسينَ

ومآتمي من ألفِ ذاكرةٍ يمرُّ شعاعُها في الخافقين

وأنا أنا

لا شيءَ لي غيرَ الحسينِ (1)

............................................

الشاعر

رضا عيسى درويش، شاعر بحريني، فاز بالمركز الأول في مسابقة النبأ العظيم الشعرية عام 2015 (2)

شعره

قال من قصيدة (للحسين.. وصولٌ آخر)

ضائعٌ ..

قد طرقَ الأبوابَ حتى..

وجدَ السرَّ ببابِك

وغريبٌ..

فتَّشَ الأحلامَ للآخر

حتى ضمَّه حلمُ اغـترابِك

وفقيرٌ

كلما عُذِبَ بالجوعِ

أبى إلا بأنْ يشبعَ

مِن خبزِ عذابك

وأنا العاشقُ

ما أتعبني حزنيَ إلا

جئتُ للمحرابِ

كي أقرأ فصلاً من كتابك

أو دعوتُ اللهَ

كي يرجعني قطرةَ حبٍّ

في سحابك

هكذا أنتَ

سـؤالٌ ..

وأرى في الناسِ

بعضاً من جوابك

كمْ دعاءٍ ..

عاشَ في الأرضِ وحيداً

باحثاً عن سُلَّمٍ للعرشِ

حتى وجدَ السلَّمَ

من تحتِ قبابك

وعليلٍ ..

يشبُه الموتَ كثيراً

لمْ يجدْ في كفِّ عيسى

إصبعاً تشفيهِ

قد كانتْ له إصبعكَ المبتورُ

تومي لترابك

هكذا أنتَ ..

وكم من مُعدَمٍ

عارٍ من الأحلامِ

تأتيه لكي تلبِسْه بالحبِّ

شيئاً من ثيابك

وشريدٍ نصفُه للخوفِ

والآخرُ للصحراء ..

قد أيقينَ أن يدركه غوثُ ركابك

كمْ يشيخُ الأملُ الأخضرُ

حتى ينحني عكازُهُ

ملءَ احتضارٍ

ثمَّ يرتدُّ شباباً من شبابك

هكذا عشتَ تواسي الناسَ

في كلِّ مصابٍ ..

وهمُ اليومَ يعيشونَ

على وقعِ مصابك

كم يضيقُ الرَحْبُ .. بالناسِ..

وما ضاقَ مكانٌ في رحابك

***

(سيدي ..)

لم أكن أحَسبُ

مولوداً ومذبوحاً

تساوى الموتُ والميلادُ

في حضرته ..

حتى تعلّمتُ قوانينَ حسابك

أو يكون الظمأ الغارقُ

في الله .. شراباً طيباً

حتى تعرَّفتُ

على كنهِ شرابك

لم أرى مثلك ..

من يسندُ دينَ اللهِ

كي لا يترامى

و هوَ مرميٌّ .. على حدِّ السنابك

هكذا أنت ..

حليفُ الجرحِ..

لكن تختفي كلُّ جراحِ الأرضِ

إنْ مرَّتْ بيومٍ في جنابك

هكذا أنتَ

سؤالٌ ..

وأرى في الناسِ

بعضاً من جوابك (3)

وقال من قصيدة في مولد الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام):

البدرُ في أفـــقِ الحـنـيـنِ بــيــانُ     مــن عــــاشقٍ أودت بهِ الأزمــانُ

في كلِّ (شعبانٍ) يـلوحُ رسـالـــةً     فــــي طــيِّـها يــتّــأوهُ الــعـــنـوانُ

نُظِمت بأوجاعِ السنينِ وصـاغَها     حِـبـرُ الجِراحِ وخــطَّها الولــهــانُ

ولــطـالـمـا كـانت فيوضُ بـريقهِ     مـن فـرطِ ما تـتـوهّـجُ الأحــــزانُ

الـبـدرُ أصـدقُ مُـولَعٍ قَلَبَ المدى     وتـراً يـغـنــي نــغـــمَــهُ السـهرانُ

وحـــدي أراهُ رســـالـــةً أزلــيـةً     في (النصـفِ) يرسمُ شكلَها شعبانُ

وحـــدي أراهُ رســالـــةً عـطريةً     بالـحـبِ يـــبعثُ عطـرها الحيرانُ

وحـــدي أراهُ رســالــةً روحـيـةً     قـد كـانَ يـنـفـخُ روحَـهــــا الظمآنُ

وحـــدي أراه رســالــةً مــحـنيـةً     في جـوعِـها يـتـحـيَّـرُ الحـــرمـانُ

وحدي أراهُ لسانَ حالِ قــصــيدةٍ     تـشـكــو الغـيابَ فـتـخشَعُ الأوزانُ

يا غــائـبـاً الـبـدرُ صـــارَ رسالةً     مـن عـاشـقـيهِ يــبـثـهـــــا الهذيـان

اقرأ بمـرآهُ صــــروفَ حنـيـنـهم     واسـمـعْ فـقـد تـتــنــهـــدُ الأشجانُ

يا أيها الموعودُ حــسبكَ أن ترى     جـثـثُ افـتـقـادِكَ أنــهــــا طــوفانُ

والشوقُ مـا بــينَ السنينِ كـلوحةٍ     ضـاقـت فـحارَ بـرسـمـهِ الــفــنانُ

ولـنـا وتابــوتُ الزمانِ يـضُــمنا     لــتـكــادُ أن تـتــــــوحّدُ الأكـــفـانُ

كــلٌ يتامــى والـتـغـرُّبُ موطـنٌ     والآهُ دارٌ والـجـــــــراحُ كـــيـــانُ

كـم يـنـبــغي للظلمِ أن يسعى بنا     حـتى نـراكَ وكفّــكَ الـمــــــيــزانُ

كم ينبغي للقهرِ أن يحدو السُرى     حـتى بـإسـمك تـُفـتَـحُ الأوطـــــانُ

هذا (جنوبُ) العزِ أضحى أرزهُ     جــنـداً إلـيكَ يـؤمُّــهـا (الـريحـانُ)

هــــذا لـواءكَ شـامـخٌ في كـفّهم     والـنـصــــرُ حــولهُ مِـلئُهُ اطـمئنانُ

لاذوا بطيفكَ فاستحالَ هــدوءهم     مــوجـاً بـهِ يــتــلاطـــمُ الــعرفـانُ

فأصدع بوصلكَ إن وصلكَ مُنيَةٌ      ولكــم تـُمـنّي نـفــسَهَا الأزمـــــانُ (4)

وقال من قصيدة في مولد السيدة زينب (ع):

أهرقتُ أشرعتي على مـــــــرســاكِ      وأتيتُ أرفلُ فــي ســفـينِ رؤاكِ

وبصدريَ الأزمانُ خـفــــــقــةُ ذاهلِ     يرنـــو بمــقــلتهِ عـظـيمَ سنــاكِ

من أنتِ؟ واشتبكتْ بـســــؤلي ساعةٌ     فيها ولــــدتِ وكـان بِـدءُ عُلاكِ

أشرقتِ ملء الطُهرِ حيـــن ترقرقتْ      من حـولــكِ زمــرٌ مـن الأملاك

والدارُ يسعاها (الأميـــــنُ) ورهـطُه     خدماً لــتــغــدو في نعيمِ رضاكِ

كان النبيُّ يُــحــيـكُ منـــــكِ روايــةً     للمجدِ حـــيــنَ لـصدرهِ أدنـــــاكِ

وبحيثُ (قـبَّـلَ) قامَ قطـــبُ مجـــرَّةٍ     لـلـصـبــرِ، يُكملُ دورةَ الأفــلاكِ

لكنَّ أفــقَ الــغـيبِ أفصــــحَ ســـرَّه     وبـدى إلـيــهِ مــا يحــولُ مـــداكِ

فـتـقـاطرتْ منه الدمـــوعُ بمنــــظرٍ      تـسبينَ فيه عـلـى يــدي أعـــداكِ

هوَ يومُ مولدِكِ، ولـــــكـــنَّ العنــــا     يـطـوي الــسـنينَ فيستحيلُ أسـاكِ

ولربَّما اكـتـمـلـــتْ فصولُ حكـــايةٍ     من قبلِ أن تسري بوحي الحـاكي

أعـقيلةَ الأطـــهارِ والشرفُ الـــذي     لاذتْ إليـــــهِ حــقــــيـقةُ الإدراكِ

أبداً يـــصوغُ الدهر مــنـكِ كمـــاله     وبــكــفـــهِ مـــلءَ الـيـقيـــنِ لواكِ

ذكـــراكِ سطرها الخلودُ بريشةِ الـ     ـتـقــوى وسيَّــجَها صفـاءُ هُـــداكِ

هل كان يُسْمعُ والخطوبُ مروعـةٌ     والرزءُ مزدحمٌ، ســوى نجواكِ؟؟

حتى إذا بـــلــــغَ المصابُ أشــــدَّه     كـانتْ (صلاةُ الليلِ) من سلـــواكِ

يا ذروةَ الــعــلــياءِ حسبُكِ أنَّمــــا     يـحـوي الزمانُ من العلا عَليـــاكِ

يا مَن تقاسمتِ الـبـطـولـةَ والفِـــدا     أقسمتُ ما كـانَ الــهُـدى لــــولاكِ

صلى عــلــيــــكِ الله ما أمــــلاكُهُ     طافت مُــقــدَّسةً بقدسِ حِـــمــــاكِ (5)

وقال من قصيدته (لا شيء لي) وقد قدمناها:

لا شيءَ لي

وتجرُّدي واللحنُ

والوجعُ الثمينُ ورحلةُ المعنى إلى الكلمات

والدمعُ، اللجين

هوَ للحسين

كلُّ استعاراتي التي لوَّنتها بالياسمين

وكلُّ ترميزٍ يفرُّ إلى القصيدة

كلُّ ما ارتكبَ الحنينِ من الغوايةِ في الجمال

وكلُّ حزنٍ عبقريٍّ صاغني قلباً وعين

هوَ للحسين

عمري المرصَّعُ بالجراحِ

ولهفتي الأولى

وأسئلتي الكبيرةُ والتأمُّلُ في ممراتِ الخلودِ

وكلُّ ضوءٍ سائلٌ في الوجنتين

هوَ للحسين

لا شيء لي

لا شيء

والسفرُ الطويلُ وما سأحملُ من حقائبَ

لا تعود

وما سأقرأ في وجوهِ العابرين

وما أقول وما أفكّرُ.. كيفَ.. أين

هو للحسين

لا شيء عندي أدَّعيه

فإن تصادفَ أنَّ لي شيئاً

فهذا للحسين

لا شيء لي

كلُّ الحكاياتِ القريبةِ والبعيدةِ

والبداياتُ الشهيةُ والسعيدةُ

والتدبُّرُ في القصيدة

هوَ للحسين

جسدي يشيرُ لـ (كربلاءَ) وقامتي علمٌ

يرفُّ بموكبٍ ينعى الحسينَ

ومآتمي من ألفِ ذاكرةٍ يمرُّ شعاعُها في الخافقين

وأنا أنا

لا شيءَ لي غيرَ الحسينِ

..............................................................

1 ــ وردت القصيدة في كتاب هو الحسين وهو عرض للنصوص المشاركة في أمسية (هو الحسين) الشعرية السنوية المقامة في حسينية المصطفى بقرية الدالوة بالأحساء بين عامي (1433 ــ 1442 هـ) ص 216 ــ 217 وهو من جمع مصطفى عبد الله المسيليم الطبعة الأولى (1443 هـ / 2021 م)

2 ــ صحيفة الوسط البحرينية بتاريخ 12 / 7 / 2017

3 ــ شبكة النعيم الثقافية بتاريخ 8 / 8 / 2008

4 ــ شبكة النعيم الثقافية بتاريخ 9 / 9 / 2006

5 ــ شبكة النعيم الثقافية بتاريخ 2 / 6 / 2006

كما نشرت قصائده على موقع شعراء أهل البيت

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار