عبد الرزاق نعمة الخفاجي (1360 ــ 1442 / 1941 ــ 2020 م)
قال من قصيدة (وقفة عند شهداء الطفوف) وتبلغ (15) بيتا:
قولُ الحسينِ هوَ الحقيقةُ ما أرى عيشي مع النفرِ الوضيعِ سديدُ
تـاللهِ لا أعـطـي كــإعـطـاءِ الإما بـيـدي لأوبـاشٍ فــذاكَ بـعـيــدُ
فبـ (كربلاءَ) مــنــازلٌ قـدسـيـــةٌ يـرتـادُهـا من ماتَ وهوَ شهيدُ (1)
وقال من قصيدة (تأملات على أرض كربلاء) وتبلغ (17) بيتا:
ولقد وقفتُ بـ (كربلاءَ) مُناشداً تـربـاً بـهـا يـا لـيـتـهـا تـتـكـلّـمُ
إذ أنَّـهـا كـانـتْ لـيـومِ كـريـهةٍ ساحاً بها حَلَّ الـبـلاءُ الـمُـبـرمُ
لكنني شغفاً أصيخُ مـسـامـعـي لـصـعـيـدِهـا فـأخـالـهـا تـتـرنَّمُ
وتقولُ من مثلي ويا فوزي لقدْ طهرتْ جزيئاتي فصارتْ تَلثمُ
فهنا جرى زاكي الدماءِ مؤكّداً أنَّ الـمـنـيَّـةَ لـلـعـقـيــدةِ سُـلّـــمُ (2)
ومنها:
وبأنَّ موقفَ معشرٍ في (كربلا) إكـلـيـلُ نورٍ للأباةِ ومغنمُ
أكـرمْ بـهـمْ وقـفوا وفي جنباتِهمْ فكرُ النبوَّةِ والإمامةِ مُلهمُ
ثاروا على زمرِ الـطغاةِ وكلّهمْ عزمٌ بـأنَّ عروشَها تتهدّمُ
ومنها:
لم أنسَه إذ قـامَ يُـعـلـنُ لـلـملا لا لـن نـسـاومَ فالعقيدةُ أعظمُ
أنـا فـاتـحٌ إن تلحقوا فبرفقتي ومقطَّع في (كربلاءَ) ومخذمُ
فذوو البصائرِ يفهمونَ مقاله ويرونَ فيه كلَّ جـرحٍ بـلـسـمُ
الشاعر
الشيخ عبد الرزاق بن نعمة الخفاجي، شاعر وخطيب، عمل معلماً في المدارس الابتدائية حتى تقاعده، فانصرف للدراسة الدينية في جامعة النجف الأشرف الدينية، ومارس الخطابة، يكتب الشعر بالفصحى والعامية وله ديوان شعر. (3)
شعره
قال في الإمام الحسين (عليه السلام) :
حُبِيَ الحسينُ ومَن يضاهي فضلَه بـمـكـارمٍ هـيَ لـلأنامِ ضـيـاءُ
ذو تـربـةٍ يـشفى المريضُ بـمسِّها فـهـوَ الـنـجـاةُ ونـسله الشفعاءُ
تُربٌ سما شـرفـاً بـأفـضـلَ فـتـيـةٍ قد عانقتهم في السما الجوزاءُ
إذ لامسَ الجسدَ الشريفَ فشعَّ في ذرَّاتِهِ لـلـعـالـمـيــــنَ رجـــاءُ
أكُماتُ أرضٍ طـيـبـاتٍ قـد سمتْ قــدسـيـةٌ هـيَ لـلمريضِ دواءُ
لِمَ لا تـكـونُ كـمـا تـراهُ وفــوقـها سقطَ الأحبَّةُ فاسـتـقـامَ بِــنــاءُ
مِن دونِهِ بذلوا النفوسَ رخـيـصةً ولـيـوثُ غـابٍ كـلّـهــم نجباءُ (4)
وقال من قصيدة في رثائه (عليه السلام) أيضاً:
ذكـرى لآلِ مــحــمـدٍ تـتـجــدَّدُ وعـمـيـقُ جـرحٍ نـارُه يـتـوقّدُ
يا يومَ عاشوراءَ رزؤكَ خــالدٌ بـنـفـوسِ أقــوامٍ لــه تــتـــعهَّدُ
جرحٌ له السبعُ الشدادُ تدكدكتْ وأنينُ وجدٍ في الحشا لا يَخمدُ
حبُّ الحسينِ لذي العقيدةِ مبدأ أرسى قواعدَه الرسولُ الأمجدُ
فحسينُ فرعٌ من سـلالةِ أحمدٍ ورسـالـةُ الـمـخـتـارِ فيه تُجسَّدُ (5)
وقال من قصيدة في الإمام الحسين وفيها يصف أهل بيته وأصحابه الشهداء (عليهم السلام):
بـذلـوا الـنـفـوسَ رخيصةً مَعَ عزِّها وقـلـوبُـهـم عندَ النزالِ حديدُ
لبسوا القلوبَ على الدروعِ شعارُهمْ هيهاتَ يحكمُ في البلادِ يزيدُ
وتسارعوا لـلـمـوتِ مـا أحـلـى الفدا إن كان مــجـداً لـلأبـاةِ يـعيدُ
أكـرمْ بـأصـحـابِ الـحـسـينِ فإنّـهـم أملٌ على مـرِّ الدهورِ فـريـدُ (6)
وقال من قصيدة تبلغ (29) بيتا يصوّر فيها مشهداً من مشاهد حادثة الطف وهو موقف المرأة العظيمة أم الشهيد سعيد بن مرّة التميمي، وكان سعيد شاباً من أهل البصرة له من العمر تسعة عشر سنة، فلما سمع بأن الحسين (عليه السلام) يستنصر أشراف أهل البصرة في كتبه أقبل إلى أمه في صبيحة عرسه واستأذن منها المسير إلى نصرة الحسين (عليه السلام)، فلمّا استأذنها بكت وقالت له: ولدي جزاك الله عن الحسين خيراً، ولكن يا ولدي أما حملتك في بطني تسعة أشهر؟ قال: بلى, قالت: أما سهرت الليالي في تربيتك ؟ قال: بلى, وأنا لست بمنكر لحقّك عليّ. قالت: إذاً عندي وصية, قال: وما هي يا أماه؟ فقالت له: ولدي إذا أدركت سيد شباب أهل الجنّة إقرأه عني السلام وقل له فليشفع لي يوم القيامة.
ثم ودّعها وخرج من البصرة, وهو يجد السير في الليل والنهار، حتى وافى الحسين يوم العاشر من المحرم وأوصل سلام أمه ووصيتها إلى الإمام الحسين فقال له (عليه السلام): يا سعيد إن أمّك وأمي في الجنة. ثم قاتل سعيد دون الحسين حتى استشهد (رضوان الله تعالى عليه) (7)
يا بنيَّ الـعزيزَ انصرْ حـسـيـنـاً فـفـداهُ بـالـنـفـسِ هـذي قـلـيلُ
فـتـيـةٌ قــدمـتْ قــرابــيـنَ شتى زمرٌ يتبعُ الـرعـيـلَ الـرعـيلُ
شـهـداءٌ مـن أجـلِ شـرعـةِ طهَ رفضوا الـذلَّ فهوَ عبءٌ ثقيلُ
قد تـيـقّـنـتُ أنَّ دربَ حــسـيــنٍ لا يـسـاويهِ أيُّ دربٍ طـويـلِ
إنّه الدربُ من رأى الحقَّ نوراً وطـريـقٌ لـه الــدمــاءُ تـسيلُ
قد تـعلّمتُ من دمِ الطـفِّ درساً كيفَ يحيا الشهيدُ وهوَ القتيلُ (8)
وقال من قصيدة (نفثات مع الحسين):
شفّني الوجدُ للحسينِ فأضحى مـنّـيَ الـجـسـمُ نـاحلاً وعليلا
أرتجيهِ الوصالَ فـهوَ لروحي بردُها العذبُ طعمُها زنجبيلا
يا حبيبي أرجوكَ عطفاً ورفقا فأنا الصبُّ هاكَ قـلـبـي دليلا
إنَّ حـبَّ الـحـسـينِ خيرُ شفيعٍ ومِن الـنـارِ واقـيـاً وكــفـيــلا (9)
وقال من قصيدته (تأمّلات على أرض الطف) وتبلغ (17) بيتا:
بدمائِهمْ فُديتْ شريعةُ أحـمدٍ لــولاهـمُ مـا قـيـلَ هـذا مــسـلـــمُ
لمْ ينسَ إنسانٌ لـديـهِ مروءةٌ صوتَ الحسينِ السبطِ فهوَ المعلمُ
في كلِّ جيلٍ للحسينِ نموذجٌ يهوى الـشـهـادةَ فـارسٌ لا يحجمُ
فـالـثـائـرونَ بـنـهجِهِ يفدونه بنفوسِهمْ وهوَ الزعـيـمُ الـمـلـهــمُ (10)
........................................................
1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 333
2 ــ نفس المصدر ج 3 ص 47
3 ــ نفس المصدر ج 4 ص 193
4 ــ نفس المصدر ج 1 ص 26
5 ــ نفس المصدر ج 1 ص 315
6 ــ نفس المصدر ج 1 ص 333
7 ــ ثمرات الأعواد للسيد علي بن الحسين الهاشمي النجفي ــ تقديم هادي الهلالي / المكتبة الحيدريّة ج 1 ص 169 ــ 172 باب: في من حظي بالشهادة من أهل البصرة
8 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 366 ــ 367
9 ــ نفس المصدر ج 2 ص 392
10 ــ نفس المصدر ج 3 ص 47 ــ 48
اترك تعليق