557 ــ علي جليل الوردي (1337 ــ 1430 هـ / 1918 ــ 2009 م)

علي جليل الوردي (1337 ــ 1430 هـ / 1918 ــ 2009 م)

قال من قصيدة (نشيد الدم) وقد ألقاها الشاعر ليلة العاشر من محرم في الصحن الكاظمي الشريف عام (1365 هـ) وتبلغ (48) بيتاً:

أينَ يا (كربلاء) والمجدُ والنجـ     ـدةُ والنورُ في ثرى (كربلاء)

يـقـبسُ العـزّ مِن سناكِ ومن أر     ضِـكِ يـسـمو بأطيبِ الأشذاءِ

لا تـهـونــي إن لم تكوني سماءً      فـبـمـعـنــاكِ أنتِ أسمى سماءِ (1)

ومنها:

نـزلوا (كربلا) يـرفُّ عـليهمْ      مِن شعاعِ الإيمانِ خيرُ لواءِ

واستزادوا مِن الـعقيدةِ عزماً      ومـضـاءً يزري بكلِّ مضاءِ

يا بقايا الأطيابِ مِن آلِ عدنا     نَ وذخـرَ الأجـدادِ والآبـــاءِ

وقال من قصيدة (صوت الثورة) وقد ألقاها الشاعر ليلة العاشر من محرم في الصحن الكاظمي الشريف عام (1366 هـ) وتبلغ (39) بيتاً:

هذا الصراعُ الذي أجَّجتِ جمرتَه      وضاقَ من (كربلاءَ) عنه مضطربُ

لـمَّـا يـزلْ مـسـتـمراً أو يقامَ على      أنـقـاضِ طـاغـيةٍ صرحُ الإبا العجبُ

ويـا شـهـيداً له في كـلِّ مـجـتـمـعٍ      شذا يضوعُ وعـرفٌ طـيِّـبٌ رطـــبُ

وقال من قصيدة (شهداء الطف) وقد ألقاها الشاعر ليلة العاشر من محرم في الصحن الكاظمي الشريف عام (1363 هـ) وتبلغ (42) بيتاً:

نزلَ الركبُ (كربلا) وعلى الركـ     ـبِ عـيونُ الأقدارِ بالمرصادِ

يـا شـبـابـاً تزوَّدوا من طموحِ الـ     ـنفسِ للهولِ والردى خيرَ زادِ

أفـتـغـفو سـيـوفُـكـمْ عـن نـداءِ الـ     ـحـقِّ والـظلمُ عابثٌ في البلادِ

الشاعر

السيد علي بن عبد الجليل بن عبد الحسين بن باقر بن عبد الحسين بن هاشم بن جواد الوردي الحسيني، شاعر وسياسي ومجاهد، ولد في بلدة (بيشتكوه) وهي بلدة تقع على الحدود العراقية الإيرانية وكان يقيم فيها جده لأمه العالم الكبير السيد جعفر الأعرجي النسابة

أما سبب ولادة الوردي في تلك البلدة فيقول الأستاذ سلام إبراهيم عطوف كبة: (كان أبوه قد هرب إلى هناك من السلطات العثمانية في السفربر وعاد به والده إلى بغداد فالكاظمية عام 1921 حيث نشأ وترعرع فيها) (2)

درس الوردي في بداية حياته على يد الكتّاب – الملة، وكان في السادسة من العمر فختم القرآن الكريم وتعلم الكتابة ومبادئ الحساب ودرس الأجرومية وقطر الندى وألفية ابن مالك على يد بعض علماء الكاظمية، كما عمل مع أبيه في مهنة الصياغة، وإضافة إلى دراسته هذه فقد أكمل دراسته الرسمية وتخرج من معهد الفنون الجميلة عام 1942 ثم حصل على البكالوريوس في القانون عام 1949، وعمل في المحاماة ثم تركها ليعود إلى مهنة أبيه في الصياغة

 مارس النشاط السياسي منذ عام 1943 وكان من رواد حركة أنصار السلم في العراق التي تأسست مطلع خمسينيات القرن الماضي واعتقل لمرات عدة وقد عُيّن مفتشاً ماليّاً وهو عضو الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين

يقول عنه كبة: (كان علي جليل الوردي مرجعية حقة لتاريخ الحركة الديمقراطية في العراق ومن رواد التيار الديمقراطي في نشر الثقافة الوطنية الديمقراطية، والتي هو أحد رموزها! إلا أنه عاش بمرارة في زمن مشعلي الحروب ومدمني سفك الدماء كان عاملاً زاهداً ومنتجاً مبدعاً مترفّعاً عن دنايا السلطة رغم تميزه الإداري المالي ونزاهته التي أوقعته في أنياب محكمة الثورة عام 1968، لأنه رفض تغيير تقرير عن الفساد المالي لدائرة السياحة التي كان يرأسها برزان التكريتي آنذاك

لم يساوم علي جليل الوردي على مبادئه إطلاقاً وظلَّ وفياً لأفكاره ومبادئه ومنحازاً بمواقفه إلى جانب الطبقة العاملة والكادحين في العراق والعالم عرفه الشعب العراقي عن كثب عبر انتفاضاته ووثباته واضراباته واعتصاماته!،عرفه اتحاد الطلبة العراقي العام في مؤتمره التأسيسي عام 1948 وعرفته الشبيبة الديمقراطية ورابطة المرأة العراقية وحركة انصار السلم،مثلما عرفه الشارع العراقي وعرفه الكادحون والفقراء وعمال كاورباغي!عرفته مجلة الرابطة وصحف الوطن والاهالي وصدى الاهالي العراقية ومجلات الرسالة والفجر الجديد والثقافة المصرية ومجلة الغد الفلسطينية ومجلتا الالواح والاتحاد اللبنانية منذ اوائل اربعينات القرن العشرين،عرفته الحركة الوطنية العراقية وثورة 14 تموز المجيدة..وعرفه آل الورد والاعرجي بأسرهما وعوائلهما) (3)

وقد عانى الوردي من ضغوط دكتاتورية البعث لأنه كان معارضا لسياستهم الهمجية ومؤمنا شديد الإيمان بأهل البيت ولم يداهن على حساب عقيدته ومبدئه، يقول من قصيدة (توضيح موقف) والتي قرأها في مجلس الخاقاني في الكاظمية عام (1997):

أنا لـم أخـفْ ســجـنـاً ولـــم      أرهــبْ مـدى الأيـامِ غــلّا

زرتُ الـسـجـونَ مــكــبّــلاً      مِن نِــصفِ قرنٍ أو أقـــلاّ

وقضيتُ في السجنِ الفصو     لَ معـانياً فصلاً فـفـــصـلا

وخـبـرتُ أحــكــامَ الـقـضا     ةِ ومَــنْ لِـسـلـطـانٍ تـــوَلّى

ورأيــتُ فـيـهـمْ جــائـــــراً     ورأيتُ مَن قـد كـــانَ عدلا

خـمـسـاً أحـاكـمُ مـا انـحنى      رأسي ولا استـــحذيت ذلاّ

شِـيَـمُ الأبـــاةِ وإنـــنـــــــي     أخـطـو خطاهــمْ لـيـسَ إلّا

لـكـنـه الـصـبـرُ الــجـمـيلُ      بـه أخـو الـــجَـلّــى تــحَلّى

وفُـصـلـتُ مــن كُـــلّـــيّتي     عـامـاً عــقــابُ فتىً أضلّا

كـلاّ وأيــم الـحـــقّ مــــــا      كنتُ الفتى الخطِرَ المُضِلّا

ومنها:

كــلاّ وَلا بــعـتُ الـضميـرَ     وَلــم أخُــنْ لــلــشــعبِ إلّا

بل كـنــتُ عنه مــدافــعــاً     فــي كــلِّ مــكـــروهٍ تَجلّى

فسَلو الــعــراقَ صـحـيـفةً     كانت لشعريَ مُــســتــهَـلّا

واصَــلـتـهـا سـبـعــاً حـسا     مــاً قــاطـعـاً لـلــحـقِّ سُلّا

دافعتُ عن شـرفِ الـعـرا     قِ بصدقِ إخلاصــي مُدِلّا

تـلـك الـقـصـائــدُ لا تــزا     لُ ذريعتي لـلـحقِّ فـصــلا

فعلامَ تــرصــدنـي العـيو     نُ خـفِـيّـةً صُـبحاً وَلــيــلا

يـأتـي إلـيّ الأمـنُ فـــــي      بـيـتي فــأسئــلةٌ وقــــــولا

ويــسجّــــلونَ صحائـفــاً      عن كلِّ مَن حولي ومَن لا

ألأنـنـي قــلــــتُ الحقـيــ     ـقة في نشيدي مُـسـتـقِــلاّ؟

أوْ قـد مدحتُ أ ئــــمّـــةً      كانوا لِـهَدي الناسِ أهـــلا؟

نشر الوردي قصائده في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية منها: (صحف الوطن والأهالي وصدى الأهالي وصوت الأحرار والفكر العراقية ومجلات الرسالة والفجر الجديد والثقافة المصرية ومجلة الغد الفلسطينية ومجلتا الألواح والاتحاد اللبنانية، والهاتف والأديب العراقيتان)

توفي الوردي في الكاظمية ودفن في النجف الأشرف، له ديوان بعنوان (طلائع الفجر) طبع عام (1960)

شعره

امتاز شعر الوردي بقوة المعنى ومتانة اللغة ورصانتها، وليس أدل على شاعريته من قصيدة الشاعر حسن عبد الباقي النجار التي ألقاها بمناسبة تكريم الوردي في الحفل الثقافي بمجلس الخاقاني في الكاظمية عام (1993) والتي تبلغ (43) بيتاً وقد أشار فيها النجار إلى شاعريته الفذة وهي شهادة شاعر كبير لشاعر كبير يقول منها:

سـلامٌ على الـشاعرِ الألـمـعـي      على منهلِ الأدبِ المترعِ

على الوردِ يـعبقُ في غـصـنِـه      على الناظمِ الناثرِ المُبدعِ

قصيــدُكَ سـحـرٌ يـهـزّ الشعورَ      بـأسـلـوبـهِ الرائقِ المُمتعِ

ونهجكَ في الشعرِ نهجُ الفحولِ      تــألّــقَ بـالأفـقِ الأوسـعِ

ومنها يشير إلى شاعريته:

وشعرُكَ من نفحةِ الـبـحـتريِّ     وفيضِ فرزدقِها اللوذعي

تضوّعَ من نسماتِ الـرضـيِّ      وفـارسِ حمدانِها الأروعِ

يلوحُ امرؤُ القيسِ في موضعٍ     كذا المتنبيُّ فـي مـوضـعِ

وأطـربَ شـوقـيّــهـا نــشــوةً      رنينَ قـوافـيـكَ والمـطـلعِ

ومنها يشير إلى ديوانه (طلائع الفجر) وأغراض شعره وهي الانتصار للعدالة ومحاربة الظلم والاستعمار:

طـلائـعُ فـجـرِكَ والـذكــريــــاتُ      مــرَرنَ عـلى ليلِكَ الأسفعِ

وكـنـتَ الـمُـغـرِّدَ شـأن الـهــزارِ      لـتوقظَ مَن نامَ في المخدعِ

وكـنتَ الضياءَ المُـشـعَّ الـمـنــيرَ      لـمـوطِـنِكَ الزاهرِ المُمرعِ

وكنتَ الحسامَ الصقيلَ الرهيـفَ      على عنقِ الأجـنـبيِّ الدعي

وكـنـتَ مـعَ الـشـعـبِ في زحفِهِ      إلى النورِ تسعى ولـمْ تهجعِ

وقد تنوّعت أغراض شعر الوردي، وإن غُلب عليها الطابع الديني وقد اخترنا نماذج من قصائده فيما يخص أهل البيت (عليهم السلام):

قال الوردي من قصيدة في مولد فخر الكائنات محمد (صلى الله ليه وآله) تبلغ (45) بيتاً:

فيا ليلةً تزهو بأكرمِ مولدٍ      لطلعتِه تهفو القلوبُ وتخفقُ

يتيمةُ دهرٍ أنتِ يا لـيـلــةَ الـمُـنـى      بـنورِ يتيمٍ بالمروءاتِ مُـعرِقُ

وهلْ كانَ في دنـيـا العلى كمُحمدٍ      ولـيـدٍ بـهِ غـرُّ الـملائكِ تحدقُ

بمولدِهِ طافتْ على الـكـونِ نـفحةٌ      ترفُّ بروحِ المُكرماتِ وتعبقُ

تسنَّمتِ يا أمَّ الـقـرى ذروةَ العلى      فمجدُكِ محبوبٌ وعزُّكِ يُومقُ

لـئـنْ فـاخـرَ الشرقُ البلادَ بنورِهِ      فنورُكَ بالفيضِ الإلهيِّ مشرقُ

سما بكِ فردٌ ليسَ في الدهرِ مثله      عظيمٌ له المجدُ الأثيلُ مُـطوَّقُ

وقال من قصيدة (علي عديل القرآن) وتبلغ (41) بيتاً:

إن تـغـنّـى بـــكَ الزمـانُ غـرامـا      فلأنَّ الـزمـانَ فـيكَ اســتــقاما

أيّـهـا الـمـرتــضـى خصالاً سلامٌ      فـلـقـد كنتَ للـحـيـاةِ ســـــلاما

يا عليَّ المعنى أيـرقـى إلـى مـعـ     ـناكَ ذهنٌ يـحــاولُ الإلــــماما

أو يـفـي مـقـولٌ بـإحدى مـعـالـيـ     ـكَ بـيـانـاً فـيُـعـجزُ الأقــــلاما

لا وسـيـفٍ شـدَّ الـرسولَ وهدَّ الـ     ـشركَ هدَّاً وكسَّرَ الأصــــناما

لا وكــــفٍّ دحـتْ لـخـيـبـرَ بـابـاً      لمْ يزحزحهُ أربـعــــونَ هُماما

لا ولـيـلٍ قـد بتَّ فـيـه عـن الـهـا     دي فكنتَ الـمـفـــــدّيَ المقداما

لا ونـهـجٍ يـشـعُّ فـي حـلـكِ الدهـ     ـرِ فـيـجـلـــــو بـنـورِه الأيـاما

لا ويـومٍ قـد أكـمــلَ اللهُ فــيـهِ الـ     ـدينَ للناسِ وارتضى الإسلاما

مَن يحاولْ إدراكَ كـنـهَـكَ أعـيـا     هُ سموُّ المعنى الذي لنْ يسامى

يا ولـيـدَ الـبـيتِ الـمـحـرَّمِ نـوراً      مــيــزةٌ جــلَّ شـــأنُها أن تراما

يا شهيدَ الـمحرابِ فجراً تـعـاليـ     ـتَ شــهــيــداً مُـصـلّـياً صوَّاما

يا أخا المصطفى وخيرَ ابنِ عمٍّ      خـيـرَ صـهـرٍ وخـيرَهم أرحاما

يـا مـثـالَ الـكـمـالِ يـبـقى فريداً      يـتـحـدّى الأجـيـــالَ والأقـوامـا

وإمـامـاً أولـى جـمـيـعَ الـبـرايـا      بـعـدَ طـهَ بـأن يـكـونَ الإمـــاما

وعـديـلَ الـقـرآنِ عـلـماً وحكماً      لا يـبـالـي فـي عـدلِـه أن يُــلاما

وحـنـانـاً مــن ربِّـــــــهِ وزكـاةً      ومـلاذاً ومــلــجــأ لـلـيـتــامـــى

ما لـمَـن قدّموا سواكَ وأنـتَ الـ     أوّل الأوّل الــذي لــن يُـسـامـى

أوّلُ بالإبـاءِ، بــالـجـودِ، بـالنجـ     ـدةِ، بــالـعـزمِ، أولٌ إقـــدامـــــا

أولٌ بــالــقـضـاءِ بـالـعـلمِ بالعفّـ     ـةِ بــالــزهــدِ، أوَّلٌ إســـلامـــا

أيّ أمرٍ من الـسـقـيـفـةِ لـلـيــــو     مِ ســيــبــقـى عاباً عليهمْ وداما

أنـتَ مـنـهـمْ أغـنى وأخلدَ ذكراً      في قلوبِ الــورى وأعلى مقاما

وهــمُ أيــنَ هُـــمْ وزائــــلُ مـلـ     ـكٍ لم يدوموا له ولا الملكُ داما

وقال من قصيدة (توضيح موقف) وتبلغ (54) بيتاً:

آلُ الـنـبـيِّ وَخـيرُ مَــن      وَطأوا الثرى قدَماً وَظِلاّ

تـحـنـو الملوكُ مـهابــةً      لصغيرِهمْ أنّـــى تجلّـــى

سفـنُ النجاة لِمن بــــهمْ     مُـتـمَـسّــكٌ قـولاً وَفِـعـلا

ملأوا الزمانَ فضــائلاً     ومكارماً وَهدىً وَعـــدلا

وَســمـــاحةً وَرجــاحةً      وَ تقىً ومـجداً ليس يُعلى

وَمَناقِـباً لم يَـــألـــها الـ     ـتاريخ تِـبْـيانـاً وَ نـقــــلا

وَ شهادةً تـعـــيـي العقو    ل ضخامةً وَ تُثير سُـؤلا

هـيهات مــا بلغتْ أميّـ     ـة هـاشماً شــرَفاً وَنُــبلا

هيهات ما ساوى يـزيـ     ـدٌ منْ حسين السِبْطِ نَعْلا

لكـنّــــها الــدنيـــا لِـمَنْ      فيها تـنــمّرَ وَاٌسْتــحـَــلاّ

وقال من قصيدة (نشيد الدم):

أينَ يا (كربلاء) والــمــجــدُ والنجـ     ـدةُ والنورُ في ثرى (كربلاء)

يـقـبــسُ الــعـزّ مِن سناكِ ومــن أر     ضِـكِ يـسـمو بأطيبِ الأشذاءِ

لا تـهـونــي إن لم تــكــونــي سماءً     فـبـمـعـنــاكِ أنتِ أسمى سماءِ

أيـنَ مـن نـورِكِ الـسـمـاءُ ومِن رفـ      ـعـةِ عُــلـياكِ هـــامةُ الجوزاءِ

فـلـكُ الـمـجـدِ دارَ فـــيــكِ بـــأقــمـا     رِ عـلاءٍ عــديــمــــةِ النظراءِ

أيّ أفــقٍ يــضـمُّ مــثــلَ حـــســيــنٍ      وبــنــيــهِ والـفـتـيــةِ الأمــناءِ

فـتـيـةُ الـوحي مِن بني مضرِ الحمـ     ـراءِ مـن كـلِّ كوكــبٍ وضَّاءِ

أنــجـبـتـهـمْ أحــرارُ هــاشــمَ لـلـعلـ     ـيـا فـكـانـوا مـنــارةَ الـــعلياءِ

نـزلوا (كربلا) يـرفُّ عـلــيــهـــــمْ     مِـن شعاعِ الإيمانِ خيرُ لــواءِ

واسـتـزادوا مِـن الـعــقـيـــدةِ عزماً     ومـضـاءً يـزري بكلِّ مــضاءِ

يـا بـقـايـا الأطـيــابِ مِـن آلِ عـدنا     نَ وذخــرَ الأجـــدادِ والآبـــاءِ

 وانتقاصُ السيوفِ أزعجها الضيـ     ـمُ فـهـبَّـتْ مـن نشــوةِ الإغفاءِ

لا تـقـرّي عـلـى الـهـوانِ فـمـرعـا     هُ وبــيـلٌ يــكـتــظّ بـــالأوبــاءِ

قـسـمـاً لـم يـمـتْ أبــــيٌّ ولـــكـــنْ      ماتَ من عاشَ عيشـةَ الأدنياءِ

مَن أرادَ الـبـقـاءَ أرخــصَ بــالـنفـ     ـسِ وذاقَ الرَّدى لنيـلِ الــبـقاءِ

لا يُـنـالَ الـحـقُّ الـمضاعُ من الظا     لـمِ إلا بـالـطــعـنـةِ الـــنـجــلاءِ

ذاكَ درسُ الحياةِ خُـطّ عـلـى الأفـ     ـقِ ببيضِ الظـبا وحمــرِ الدماءِ

وقال من قصيدة (صفوة الفداء) وهي في ذكرى استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (59) بيتاً:

عظمَ الرزءِ فـالـوجـودُ كـئيبُ      ومُـحـيَّا الزمـانِ دامٍ خـضـيـبُ

وبـرأسِ الإيمانِ ضربةُ سيفٍ      جَـلـلٌ وقـعُـهـا وجـرحٌ رهـيـبُ

أيّ فـعـلٍ لـخـارجــــيٍّ شـقـيٍّ      كانَ منه اليومَ الشجيُّ العصيبُ

طعنَ الـمـسـلـمينَ حـبَّاً لأنثى      فهوى وهـوَ مـجـرمٌ مـرعــوبُ

أيّ فعلٍ أقرَّ عـيـنَ ابــنِ هـندٍ      ذلكَ الـغـاشـمُ الـدعيُّ الغصوبُ

أيّ فعلٍ من وحي حـقدٍ قـديـمٍ      كانَ فيه لـعـبدِ شمـسٍ نـصـيـبُ

هوَ حقدُ الوجهُ القبيـحُ لــوجهٍ      مشرقٍ تـسـتـنـيـرُ منه الـدروبُ

يا عليٌّ وقد تمادى عــلـيكَ الـ     ـقومُ قسراً كأنّـكَ الـمـطـلـــوبُ

أخذوا فيكَ حيفهمْ مـن رسولِ     اللهِ إذ أنــتَ سـيـفُـه الـمـرهوبُ

وحسينٌ مضى شـهــيداً وزيدٌ      ثم يحيى وهو الذبيحُ الـغـريــبُ

قطعوا رأسَه وجابوا بـه الأر     ضَ لأمٍّ ثكلى عصاها النـحـيبُ

وبجرجانَ قـد بـكـتـه دمــوعٌ      صـادقـاتٌ مـا شـابَـهـا تـكـذيـبُ

ورعيلٌ مـضى وراءَ رعــيلٍ      كـلّـهـمْ فـي الـفـداءِ فـذّ عـجـيبُ

فـهـمُ نـخـبـةُ الفداءِ لديــنِ الله      والـدهـرُ شـاهـدٌ لا كــــــــذوبُ

وهمُ الشعلةُ التي تـمـلأ الــدنـ     ـيا ضـيـاءً مـن مـطلعٍ لا يغيبُ

وسـتـبقـى أمـيّـةٌ لـعـنـةُ الــنـا     سِ إلى يومٍ أن تُـبـانَ الــذنـوب

يا عـليَّ العلى ولستُ بـبـــاكٍ      فـلـقـد غالَ كلَّ دمعي النضوبُ

وبقلبي من الزمانِ صـــدوعٌ      لمْ يُطِقْ رأبَـهـا الـعـصيَّ طبيبُ

يا إمامَ الهدى سلامٌ مــن الله      فقد صُـدِّعـتْ عـلـيــكَ الـقـلـوبُ

وقال من قصيدة (صدى الثورة) وهي في سيد الشهداء (عليه السلام):

لو احتفتْ باسمِكَ الأجيالُ والحقبُ      شرقاً وغـربـاً لـمـا قامتْ بما يجبُ

يا أيُّـهـا الـثـائـرُ الـجـبَّـــــارُ أيّ يدٍ      أسـديــتَ للعدلِ لـمَّا انتابَه الوصبُ

صـرخـتَ للحقِّ لا ترضى به بدلاً      تاجُ الملوكِ الذي من أجلِه احتربوا

ولا ثــنــاكَ عــن الإقــدامِ مُـشـتبكٌ      مِـن الـرمـاحِ ولا الـهـنديةُ القضبُ

وقــفــتَ إذ لـمْ تـجـدْ بُــدّاً لـكـالحةٍ      شـعـواءَ في دفّتيها الموتُ والرهبُ

وكـانَ طـعـمـتـهـا الأكـبـادُ ثـائـرةً      مـن الـشـبـيـبـةِ لا فـحــمٌ ولا حطبُ

فـكـانَ يـومُـكَ لـلأحـرارِ مـفـخرةً      وعـبـرةً صـانَـهـا الـتــاريخُ والأدبُ

لا يـنـصرُ الحقَّ إلّا الوعيُ يشفعُه      دمٌ عـلـى شـرفِ الإيـمـانِ يـنـسكبُ

ومَـن قـضـى رافـعـاً لـلعدلِ رايتَه      فـهـوَ الـجـديـرُ بأن تُحفى به الحقبُ

يا ثـائـراً عـلّـمَ الـدنـيـا بـثــورتِــهِ      كـيـفَ الـثـباتُ إذا ما اشتدّتِ الكُربُ

وكـيـفَ تـنـحـطـمُ الأغلالُ خاسئةً      بـعـزمِ كـلِّ أبـــيٍّ دأبُـــــه الـــــدأبُ

وكـيـفَ تـنـطـلـقُ الأحرارُ رافعةً      لــواءهـا عـالـيـاً والمـوتُ يضطربُ

وكـيـفَ يندكّ صرحُ الظلمِ تمحقه      يـدٌ بــراحــتِــهــا الأحـيـاءُ والعطبُ

أقـسـمـتُ إنّـكَ حـيٌّ في ضمائرِنا      وإن حـوتْ جـسمَكَ الكثبانُ والتربُ

وقال من قصيدة (جوهر الفضيلة) وتبلغ (31) بيتاً وهي في عيد الغدير الأغر وقد ألقاها الشاعر في الحفل الكبير الذي أقيم في الكاظمية عام (1360 هـ):

لـيـسَ في المؤمنينَ أرفعُ مجداً      مِـن عــلــيٍّ بـعـد الـنـبــيِّ الـهـادي

حيدرٌ جوهرُ الـفضيلةِ في الأر      ضِ ونورُ الهدى بعدَ النبيِّ الهادي

يومُه في الــغــديــرِ للحقِّ عيدٌ      هـوَ تــالله أســـعـــدُ الأعــــيـــــــادِ

كـبـرتْ قــــــدرةٌ أتـتْ بـعـلـيٍّ      قطبُ النصرِ في الوغى والـــجـلادِ

سورةُ الحمدِ في كتابِ المعالي      وســنــا الــفـتـــحِ في ليالي الجـهادِ

أودعَ اللهُ فـيـه أسـمـى الـمزايا      شــاهــدٌ فــي سُــمــوِّهـنَّ الأعـادي

مـا حـواهـنَّ غـيرُ حيدرةِ الكرّ     ارِ فــخــرُ الآبـــــاءِ والأجـــــــدادِ

فهوَ لولا حسـامُه ما استقامَ الـ     ـديـــنُ أركــانُــه عــلـى أوتــــــــادِ

وقال من قصيدة (شهداء الطف):

وقفَ الصيدُ من بـقـايـا رســـولِ      اللهِ في الـطـفِّ وقـفـةَ الأطــوادِ

ولـبـيـضِ الـسيوفِ في ذلكَ الـهو    لِ صــلــيــلٌ يـمـيـدُ بـالأجـنــادِ

حـفّـزتـهـمْ جـراءةُ الأســــدِ الور     د إلى الموتِ في اقتحامِ الـجلادِ

وحـسـيـنٌ يـحـدوهــمُ لـلـمـعـالي      والـمـعـالـي خـطـيـبـةُ الآســــادِ

مـرحـبـاً مرحباً بني مضرِ العلـ     ـيـاءَ فـاسـتـشـهـدوا لـنيلِ المرادِ

فـتـبـاروا عـلـى الـمـنـايـا سباقاً      عـلّـمَ الـمـسـلـمـينَ معـنى الجهادِ

خلعوا الروحَ من قلوبِ كماةِ الـ     ـحربِ بالبيضِ والرماحِ الصفادِ

فـئـةٌ جـالـدتْ ثـلاثــيــنَ ألـــفــاً      ضـيَّـقـتْ فـيـهـمـو مجالَ الطرادِ

نـسـفـتْ مـن صفوفِهمْ كلَّ طودٍ      مُـسـتـقَـــرٍّ بـكـبـريــــاءِ الـعـنـادِ

وتساقوا كــأسَ الـحـمـامِ فـيا للـ     ـكـأسِ كـمْ بـرَّدتْ غـلـيـلاً لصادِ

وهووا في رُبى الـطـفوفِ فداءً      لـحـسـيـنٍ بـل لـلـنـبـيِّ الــهــادي

وشـروا بــالــدمـاءِ مجداً أثـيـلاً     سـجّـلـتـه الـعُـلـى بـأســمى مدادِ

فـإذا الأفـقُ صـفـحـةٌ مـن دماءٍ      وإذا الـمـجـدُ سـورةٌ مــن جــهادِ      

وقال في سيد الشهداء (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (31) بيتاً وقد ألقاها الشاعر في يوم العاشر من محرم في الصحن الكاظمي الشريف عام (1360):

يا ابنَ النبيَّ لكَ الخلودُ صـحيفةٌ      مـنـشـورةٌ تُتلى مـدى الأزمـانِ

علّـمـتـنا درسَ الـفضيـلةِ والإبـا      درسينِ خُـطـا بــالـنجيعِ القاني

لولاكَ لاندثرتْ شـريــعـةُ أحمدٍ      بـيـنَ الألـى رغبـوا عن القرآنِ

فـلـتـفـتـخـرْ فـيـكَ الـفضيلةُ إنّها      بسواكَ ما عُرفتْ لـدى الإنسانِ

إذ قمتَ عن دينِ الـنبيِّ مُناضلاً      فرداً ومـالـكَ فـي نضالِكَ ثاني

شيَّدتَ في يومِ الـطـفـوفِ بـناءه      فـغـدا بـعزمِكَ شامخَ الـبـنـيـانِ

لمَّا نـهـضـتَ بــفـتـيـةٍ مـضريةٍ      تــأبــى الـحــيـاةَ بـذلّـةٍ وهـوانِ

شمِّ الأنوفِ علـى الحميَّةِ أنشئوا      فـلـهـمْ تُــقـادُ أعــنَّـةُ الـفـرسانِ

يـتـسـابـقـونَ لـنصرِ سبطِ نبيِّهمْ      بشبا الـصـوارمِ والقنا الــمـرَّانِ

يحدوهمُ حبُّ الحسينِ إلى العُلا      وهُدى الـيـقينِ وصادقُ الإيمانِ

وقال من قصيدة (هذا هو المجد) وتبلغ (54) بيتاً:

ذكـراكَ لـلـمُـبـتـلـى روحٌ وريـحانُ      ونــورُ حـــبُّــكِ فــي الألــبـــابِ إيمانُ

يا بهجةَ المصطفى يا ضوءَ ناظرِهِ      آيـاتُ مـجـدِكَ لــلأجــيــالِ فــــرقــــانُ

شـدا بـهـا الـمـلأ الأعـلــى، ورتّلها      في روضةِ القدسِ بين الحورِ رضوانُ

فـرنَّ إيـقـاعُها في الخلدِ مُـنـتـشـراً      فــهــبَّ هــاشــمُ – جــذلانـاً - وعدنانُ

قالا، ولـلـزهـوِ فـي بـرديـهِـما ألقٌ      والــكــلُّ مـن ســحـرِ هـذا النغمِ نشوانُ

تــاللهِ لـم يـتـلَ قـبـلَ الـيــومِ ملحمةٌ      كـهـذهِ فـي ريـــاضِ الــخــلــدِ جـــنّانُ

ولا رأينا كمثلِ ابنِ الـبـتولِ فــتـىً      تُـنــمـى إلـيـهِ الـعُـلـى والـعـــزُّ والشانُ

فـيـا ربـيـبَ الهدى، يا نورَ موكبِه      يــا مَــن لــعــيــنِ رســـولِ اللهِ إنــسانُ

إن كـانَ لـلـمـجـدِ عـنوانٌ فأنتَ له      - مــهـمـا تـبـايـنـتِ الأمــجـادُ – عنوانُ

.............................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: موسوعة الشعراء الكاظميين، للدباغ ج 5 ص 200 ــ 237

2 ــ علي جليل الوردي باق في الذاكرة والوجدان، موقع الحوار المتمدن العدد 2818 بتاريخ 2 / 11 / 2009

3 ــ نفس المصدر

كما ترجم له:

حميد المطبعي / موسوعة أعلام العراق ج 1 ص 143

حميد المطبعي / موسوعة أعلام وعلماء العراق في القرن العشرين ص 555

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار