مسلم بن عقيل

ينجح مسلم بن عقيل بدعوته إلى بيعة الحسين في بداية الأمر حتى دخول ابن زياد إليها ليقلب الأمر لصالحه, ويستميل الناس بالترغيب والترهيب, ويستدل على مكان مسلم بالاستعانة بجاسوس, ويستعمل كل وسائل الغدر والمكر للقبض على مسلم, ولا ينتهي الأمر بمسلم إلى قتله وقطع رأسه ورمي جثته من على سطح قصر الإمارة مع مناصره هانئ بن عروة, بل وتسحب جثتيهما بالحبال في شوارع الكوفة !! وهذا ما عناه عمر بن سعد وغيره من أنصار الأمويين عندما كتبوا إلى يزيد بتنصيب حاكم (قوي) على الكوفة !!

ويتحرّك الحسين نحو العراق, وفي الطريق يصل إليه خبر مقتل مسلم لكنه لم يرجع, بل صمم على المضي وصمم معه سبعون رجلاً على ما صمم عليه ! ورغم اتضاح الموقف فقد أرسل قيس بن مسهر الصيداوي فلقي مصيراً مثل مصير مسلم, وأيضا لم يرجع ! ثم أرسل عبد الله بن يقطر فلاقى نفس المصير, ولم يرجع ! لقد نذر نفسه للمواجهة مهما كلف الثمن, وأصر على المضي على نهج أبيه..

وفي الطريق تنقشع سحائب الوعود وتزأر رياح الغدر فعندما يسأل الحسين أحدهم في الطريق عن خبر الكوفة يأتيه الجواب:

ــ أن الناس قلوبهم معك وسيوفهم عليك !

هذا ملخص الجو العام الكوفي، لقد تناهى إلى أسماعهم قوله: ما خرجت إلا لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي رسول الله و....أبي علي بن أبي طالب

وفي الفقرة الأخيرة ما يجعل طبقة كبيرة منهم يشهرون سيوفهم عليه كما شهروها على أبيه, فالحسين هو الآن مصدر خطر يهدد مناصبهم, وهو عدو طبقي, وهم الآن خائفون على ثرواتهم ومراكزهم من الزوال إذا نجحت ثورة (ابن علي) فهو بالتأكيد سوف يوزّع بيت المال كما كان يوزّعه أبوه فيتساوى أحدهم مع من يملك من عبيده في العطاء !!

وهناك طبقة أخرى أنسلتها خدعة ابن العاص في صفين فألقت تبعة ذلك على أمير المؤمنين فجاءت تثأر من ولده, إضافة إلى طبقة كانت تريد إثبات ولائها للسلطة واعتبار من يخرج عليها خارجياً كائناً من كان, وطبقة أخرى جاءت طمعاً بما وعد ابن زياد, وهكذا كان يجتمع الناس عند ابن زياد ويسيّرهم لمنع الحسين من دخول الكوفة وقتاله في المكان الذي يجدوه فيه, وكان الحسين يعلم كل ذلك ولكنه بقي يسير في طريقه... !!

وفي تلك الصحراء اللاهبة يصل الحسين إلى منطقة تدعى (ذات حسم)، وقد أنتصف النهار فيكبّر أحد اصحابه فقال له الحسين (عليه السلام): لِمَ كبّرت ؟ فقال: رأيت النخل. لكن من معه أنكر أن يكون بهذا الموضع نخل فلما تحققوا النظر تبيّن أنها أسنة الرماح وآذان الخيول !!

لقد جاء الحر بن يزيد الرياحي مع ألف فارس بأمر أبن زياد ليحبس الحسين عن الرجوع إلى المدينة أينما يجده أو يقدم به إلى الكوفة بأمر ابن زياد.

المرفقات