396 ــ محمد بن موسى: توفي (1076 هـ / 1666 م)

محمد بن موسى: (توفي 1076 هـ / 1666 م)

قال من قصيدة تبلغ (80) بيتاً في رثاء أمير المؤمنين وولديه الإمامين الحسن والحسين (عليه السلام):

وإن مصابَ السبطِ في طفِ (كربلا)      تـطـوفُ بـه عـقـبـانُـهـا ونسورُها

يـزيـدُ عـلـى كـلِّ الـمـصـائـبِ لوعةً     وحزناً وناراً فـي الـقـلــوبِ تثيرُها

وقـد صـحَّ عـنـهـمْ أنَّ من قـامَ مُنشداً     قـصـيـداً لـتـبكيهِ بشجوٍ حضورُها

ولـو كـانَ بـيـتـاً مُـبـكـيــاً وأحداً ولو     تباكى به تصحبُه في الخلدِ حورُها (1)

الشاعر

أورد اسمه وتاريخ وفاته وقصيدته المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي، نقلها عن المجموعة الحسينية الأولى المخطوطة بمكتبة الإمام الحكيم في النجف الأشرف بالرقم (53) ولم نعثر على شيء من سيرة الشاعر، ولكن يظهر من خلال القصيدة الوحيدة التي عثرنا عليها من شعره أنه كان شاعراً معروفاً وكان أبوه موسى كذلك كما يتّضح من قوله:

ودونكَ يا ابنَ الـمـرتـضى من محمدٍ     قـصـيـدٌ عزيزٌ في المراثي نظيرُها

بـهـا أرتـجـي يا ابـنَ الـبـتولِ شفاعةً     لـحـطّ خـطـايـا حـطّ جـاهي كثيرُها

وأقـفـو طـريـقـاً كـانَ من قبلِ والدي     ولـيِّـكـمُ مـوسـى يُـقـالُ خــبــيـــرُها

شعره

قال في قصيدته:

دَعِ الـكـبـدَ الــحــرَّاءَ يـعـلـو زفيـرُها      وقُلْ لشؤونِ الـدمـعِ يهمي غزيرُها

ونُـحْ مـا اسـتـطـعـتَ النوحَ آلَ مـحمدٍ      فأرزاؤهــمْ تُـنسي الرزايا يسيرُها

ولا تـبـكِ إطــلالاً لــمـيِّـــتِ طـمـسِها      مـحـا آيَـها بالرغمِ مــنـكَ دثــورُها

ولا جــيــرةً بـانــوا ولا زمـنَ الـصِّبا      ولـذّاتِــهــا الــلاتـي تولّى سرورها

وإن جـفَّ وكّــافُ الــدمــوعِ عـلـيهمُ      فـدعْ عـبراتِ الدمعِ تشجي عبورُها

فـيـا ويـحَ نـفـسـي مـن أراها تـنـوحُه      إذا عـزَّ رزءٌ مـنـهـمُ يـسـتـطـيــرُها

الـلـبـضـعـةِ الـزهــراءِ فاطمَ إذ غدتْ      حـزيـنـةَ قـلـبٍ والــهــوانُ مـبـيرُها

وقــتد دُفـعـتْ عـن إرثِـهـا مـن محمدٍ      وكـانـتْ بـه الآيـاتُ تُـتلى سطورُها

ولـم يــكُ فـي مـنـعِ الـــبــتـولـةِ حُجَّةٌ      لأمَّتِـهِ إلّا افــتـــراهـــــــــا وزورُها

بأنَّ رســـولَ اللهِ قـــــالَ بـــمــشــهـدٍ      من الناسِ والأصواتُ خالٍ ظهورُها

ألا أنــنـــا كــلُّ الــنـبـيـيــــنَ إرثـــنـا      لـكـمْ صـدقـاتٌ لا تـضـيـعُ أجــورُها

وما لـبـنـيـنـا فـيه حـــظ وكــــــان ذا      عـنـاداً وبـغــضاً أضمرَته صدورُها

ونـحـلـتـهـا ابـتُـزتْ وكُـــذّبَ شــاهـدٌ      لـهـا شـبَّــرٌ والـمـرتـضـى وشبيرُها

وقَنَّعَ منها الرأسَ بـالــســوطِ قــنـفــذٌ     بــأمـرِ أبـي حـفـصٍ فـسُــرَّ حبورُها

وردَّ عــلـيـهـا الـبـابَ عمداً فأسقطتْ      جـنـيـنـاً لـهـا قـبـل الـتـمـامِ كــفورُها

ومــزَّقَ صــكّــاً في يديها وأضرموا      بـمـنـزلِـــهـا نــاراً تــشــبُّ سـعـيرُها

وقـد قـالَ فـيــها أحـمدٌ إنَّ فــاطــمَ الـ     ـكريمةَ منِّي بضعةٌ مـا يــضــيـــرُها

يضيرُ بجسمي والـــفـــؤادِ وخاطري     يُسرُّ إذا ما سُرَّ مــنها ضـــمــيـــرُها

أمِ المرتضى إذ أخَّــروه وقـــدّمــــوا      عُـتـلّا نــمـــاهُ فـــي الـــلــئامِ أجيرُها

وأرداهُ فـــي مــحرابِـهِ ابــنُ مـلـجَــمٍ      بكفٍّ دعاها لـلـشـقـــاءِ فـــجـــــورُها

أمِ الـحـسـنِ الـمـقـتولِ بالسمِّ من يَدَي      جعيدةَ إذ وصّى إلــيـــها مــشــيــرُها

فـكــلٌّ غــدا أهــلاً لأن تُـمــزجَ الدما      بدمعِ الأسى لو فــارقَ الـــعينَ نورُها

وإن مصابَ السبطِ في طفِ (كربلا)     تـطـوفُ بـه عـقـــــــبـانُـهـا ونسورُها

يـزيـدُ عـلـى كـلِّ الـمـصـائـبِ لوعةً     وحزناً وناراً فـي الـقـلــوبِ تــثــيــرُها

وقـد صـحَّ عـنـهـمْ أنَّ من قـامَ مُنشداً     قـصـيـداً لـتـبكيهِ بشــجـوٍ حـضــورُها

ولـو كـانَ بـيـتـاً مُـبـكـيــاً وأحداً ولو     تباكى به تــصـحـبُــه في الخلدِ حورُها

خـلـيـلـيَّ هـلْ مـن نـدبـةٍ تـســعدانني      وإلّا فـهـلْ مـن عَـبـرةٍ أسـتـعـيــرُهــــا

فـقـلَّ وفــاءً مـن مصــابِ ابـنِ فاطمٍ     دمـوعـي ولــو أوفـى يـســحُّ كـثــيـرُها

سـأبـكـيـهِ مـكـروباً يُــكـابدُ حرقةَ الـ     ـظـمـا ومـيـاهُ الأرضِ ظــامٍ نــمـيـرُها

يـكـرُّ عـلـى الأعداءِ طــوراً وتـــارةً      يـقـولُ ألا يــــــــا أمَّــةَ قــلَّ خــيـــرُها

أمـا أنـتـمُ كــاتــبـتمـونــي بــأنَّـــنـــا      لكَ الآنَ أنــصــارٌ كـثـيـرٌ ظـهـــيـــرُها

فـأيـنَ عــهــودٌ أوثقـتْ لـي عـلـيـكـمُ      وأحَــكـمَ إذ بـــايـــعـــــتـمُ لَأمــــيـــرُها

فـقـالـوا لـه دعْ عــنــكَ ذا ثـــمَّ بـعده      أدارَ رحـى الحربِ الزبــورِ مــديــرُها

وطافتْ بـمـولايَ الـحــسينِ وصحبِهِ      جـيــوشُ الأعــادي وابــنُ سعدٍ أميرُها

فـألـفـوهـمُ آسـادَ حــربٍ إذا الــوغـى      تــداعــتْ بـنوها هــاجَ مـنـهـا زئـيرُها

إلى أن وهى مـن شـــدَّةِ الكرِّ والظما      وحـامتْ عليهم بـالــمــنــايا طــيــورُها

فـيـا لـهـفَ نـفسـي للحسينِ تنوشُه الـ     ـرمـاحُ إذ الـهـيـجــاءُ وهـــوَ هصورُها

ولهفي له إذ خرَّ مـن فـوقِ سـرجِـــهِ      طريحاً على الرمضاءِ وهوَ عـفـيـــرُها

ولهفي لأنصارِ الحسينِ جـسـومُــهـم      لدى الطفِّ صرعى والوحوشُ تزورُها

ولهفي لجسمِ الـسبطِ ملقىً تـرضُّه الـ     ـمـذاكـي وفــي قـدِّ الــسـمـاءِ قـتـيـــرُها

ويقول في نهايتها:

ويـحـزنـنـي تــذكــارُ نــدبِ سـكـيـنـةٍ      أبــاهــا بشجوٍ في الـملا وذخورُها

تـقـولُ أبـي يـا غـائـبـاً لـيـسَ يُـرتجـى     له أوبةٌ مـن بعدِ هـجرٍ يــضـيـرُها

أبي هجرتْ عيني الكرى مُذ هجرتني      وزوِّدتُ أدواءً عـــبــيّـــاً وجورُها

وأضحتْ دراري المصطفى وحريمُه      عطاشا حيارى لم تـجدْ من يجيرُها

وسـاقـوا عـلـيَّ بـن الـحـسـيـنِ مُـكبَّلاً      عـلـيـلاً عـلى الأقتابِ وهوَ أسيرُها

وسـاقـوا الـسـبـايـا والرؤوسَ كـأنَّـهـا      نجومٌ غـشتْ وجهَ الظلامِ زهورُها

إلـى ابـنِ زيـادٍ ثــمَّ مـن بـعــدِه إلـــى      يزيدَ الـذي قـدمـاً غـشـتـه خمورُها

تـغـشّــاهـمُ لـعـنـاً مِـــن اللهِ مــــا دعا      مـنـيـبٌ ومـا هـبَّتْ صباً ودبـورُها

وزادَ ابـنَ سـعـدٍ والــضـبـابـــيَّ بعدَه      لعائنَ تُترى للأصـيـلِ بـــكــــورُها

وضـاعـفَ ربُّ الــعـالـمـيــنَ صلاتَه      مـتـى سـجعتْ ورقا وطالَ هديرُها

عـلـى أحـمـدَ الـمـبعوثِ أكرمِ مُرسلٍ      وعـتـرتِـــه الـمـتـلوِّ نـصَّاً ظهورُها

ودونكَ يا ابنَ الـمـرتـضى من محمدٍ      قـصـيـدٌ عزيزٌ في المراثي نظيرُها

بـهـا أرتـجـي يا ابـنَ الـبـتولِ شفاعةً      لـحـطّ خـطـايـا حـطّ جـاهي كثيرُها

وأقـفـو طـريـقـاً كـانَ من قبلِ والدي      ولـيِّـكـمُ مـوسـى يُـقـالُ خــبــيـــرُها

............................................................

1 ــ دائرة المعارف الحسينية ديوان القرن الحادي عشر ج 2 ص 106 ــ 114

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار