الإمام علي (عليه السلام) في سطور

هو امير المؤمنين وسيد الوصيين وأول خلفاء النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) المهديين بأمر من الله ونص من رسوله، وقد صرح القرآن بعصمته وتطهيره من كل رجس، ولد الإمام عليّ (عليه السلام) في مكَّة المكرّمة في البيت الحرام، يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل. نشأ الامام في حجر النبي الاكرم محمد(صلى الله عليه واله)، وكان يركّز في نفسه كلّ أخلاقه التي ميّزت شخصيته، فربّى الامام علي على أن يكون الصَّادق الأمين، وهذا ما أكده الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)، عندما قال له بعض أصحابه: "أريد أن تعلّمني شيئاً أبلغ به المنـزلة العليا عندك"، قال(عليه السلام):"انظر إلى ما بلغ به عليّ من المنـزلة عند رسول اللّه فافعله، فإنَّ عليّاً بلغ ما بلغ لأنَّه كان الصَّادق الأمين"، فكان الامام (عليه السلام) المتعلم الوفي والاخ الزكي، واول من آمن وصلى وضحى في سبيل انجاح رسالته في احرج لحظات صراعها مع الجاهلية في كل صورها، اما أبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وكانت للنبي الاكرم بمنزلة الأم حيث ربته في حجرها وكانت من السباقات الى الايمان وهاجرت معه الى المدينة وكفنها النبي الاكرم بقميصه ليدرأ به عنها هوام الارض وتوسد في قبرها لتأمن بذلك من ضغط القبر ولقنها الاقرار بولاية ابنها.  وبعد ان خطا النبي الاكرم لتغير المجتمع الجاهلي خطواته المدهشة في تلك المدة ، كان الطريق امام الاسلام لبلوغ اهدافه الكبرى شاقا وطويلا يتطلب التخطيط الكامل والقيادة الواعية التي لا تقل عن شخصية النبي الاعظم ايمانا وكمالا واخلاصا، فكان اذ اختار النبي الاعظم بأمر من الله تعالى شخصا رشحه عمق وجوده في كيان الدعوة حتى تفانى في اهدافها ، منذ بداية الدعوة وجاهد معه جهاداً لا مثيل له في تاريخ البشرية، فكان صدقه(عليه السلام) هو الذي ربطه بالحقّ، وكانت أمانته هي التي تربطه بالمسؤولية الكبرى، لأنَّه (عليه السلام) كان يشعر بأنَّ تلك المسؤولية تمثِّل أمانة اللّه عنده. ويذكر ارباب السير والتاريخ، أنَّ الامام علي ابن ابي طالب كان أوَّل من أسلم من الصبيان العرب، يريدون من ذلك أن يوحوا بأنَّ عليّاً كان إسلامه إسلام صبي. ولكن النبي الاكرم محمد عندما دعاه، كان يجد في عقله عقل رجل كبير، وإلاَّ كيف يدعوه؟ وكيف يخاطبه؟.  كان علي ابن ابي طالب يتعلَّم من النبي الاعظم كيف يكون الصَّابر عندما يحتاج كيان الدعوة الاسلامية إلى صبر، وكيف يكون الشَّديد عندما تحتاج الرسالة  الاسلامية إلى شدَّة، فكانت أخلاقه (عليه السلام) هي صورة من الصور اخلاق النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله)، حتَّى إذا جاء نصارى نجران ليباهلوا النبي الاكرم، بأمر من الله تعالى نزلت هذه الآية ﴿فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقُل تعالوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثُمَّ نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين﴾، فجاء النبي الاكرم بعليّ ابن ابي طالب(عليه السلام) وبابنيه الحسن والحسين(عليهما السلام) وابنته الشهيدة المظلومة فاطمة(عليها السلام)، كأنَّه اراد ان يقول للعالم إنَّ علي ان ابي طالب هو نفسي، وهو البديل الذي اعده النبي الاعظم اعدادا رساليا خاصا ليحمله المرجعية الفكرية والسياسية من بعده، في الوقت نفسه كان النبي الاكرم يقدّم الامام علي للناس، حتّى يجعله في ضمير كل انسان كإنسان يعيش في مركز القيادة، كان يريد أن يجعل المسلمين يشعرون بأن الامام علي ان ابي طالب هو يملك من العلم يستطيع أن يغني الساحة الفكرية والعلمية كلها، وفيما تحتاجه في مواجهة التحديات .  ولكن الجاهلية المتجذرة في أعماق المجتمع ما كانت لتندحر في بدر وحنين والاحزاب وخلال عقد واحد من الصراع الفكري والكفاح المسلح، وكان من الطبيعي ان تظهر من جديد متسترة بشعار اسلامي كي تستطيع ان تظهر على المسرح الاجتماعي والسياسي من جديد ، ومن هنا كانت الردة الى المفاهيم والعادات الجاهلية من خلال الالتفاف على القيادة المحمدية الشرعية للمجتمع، وهكذا اجهضت السقيفة التخطيط الرائد للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله)، الا ان الامام علي (عليه السلام) حاول ارجاع الامور الى مجاريها بإدانة السقيفة ونتائجها وبالامتناع من البيعة والتصدي للمؤمرة فيقول الإمام عليّ(عليه السلام) "ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطّاعة"، وهو يشير إلى الانحراف والتمرّد الّذي كان لها طوائف من المسلمين في عهده يأخذون به، فلا يلتزمون الإسلام في صفائه ونقائه، بل يتحركون انطلاقاً من الأوضاع المعقَّدة التي كانت تحكم ذلك المجتمع، وتسيطر على علاقاته وانتماءاته.  واستطاع الامام بعد عقدين ونصف من الصبر ان يقتطف ثمار سعيه، وبعد ان تكشفت حقائق كانت وراء الستار وتجلى للامة بجيليها الطليعي والتابع ان الامام علي هو الجدير بالخلافة دون غيره، وانه هو الذي يستطيع اصلاح ما فسد بالرغم من تعقد الظروف وتبليل القلوب واشتداد زاوية الانحراف عن نهج الحق القويم حتى قال (عليه السلام" والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية اربة، ولكنكم دعوتموني اليها وحملتموني عليها" . فسلام عليك يا أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين يوم ولدت ويوم رُبيت في حجر الرسالة، ويوم جاهدت من اجل ان تعلو راية الاسلام خفاقة، ويوم صبرت ونصحت، ويوم بويعت وحمكت.   اعداد  جعفر رمضان 

 

المرفقات