301 ــ علي الدرويش: (1211 ــ 1270 هــ / 1796 ــ 1853 م)

علي الدرويش: (1211 ــ 1270 هــ / 1796 ــ 1853 م)

قال من قصيدة في مدح النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (54) بيتاً:

وأهلُ بـيـتٍ عن الدنيا قد ارتـفـعـوا     تـحـتَ الـعـبـاءةِ فـوقَ الناسِ كلّهمِ

بابُ المدينةِ حامي البيتِ صاحـبُــه     لـيـثُ الإلـهِ عـلـيُّ الـجـاهِ والـشـيَمِ

والـبـضعةُ الدرَّةُ الـزهراءُ فـاطـمةٌ     وصفوة الصفوةِ الغرَّاءِ في العصمِ

والنّيرينِ الـشـهـيديـنِ ابـنـيها حسنٌ     إذ قـالَ لـلـمـلـكِ إنَّ السمَّ في الدسمِ

ريحانةٌ ظمئتْ في (كربلا) فجرتْ     علی الحسينِ عـيـونُ الـعـينِ بالدِّيمِ

يـزيـدُ نـارَ الأسی دمعٌ عـليه جری     فـي يومِ أن خضِّبَ الريحان بالعنمِ (1)

الشاعر:

علي بن حسن بن إبراهيم الانكوري المصري، المعروف بـ (الدرويش) شاعر وأديب ولد في القاهرة، والتحق بالأزهر لكنه لم يكمل تعليمه فيه، وعمل بالتجارة ثم انتقل إلى محافظة الشرقية وفيها عمل بالزراعة وأقام فيها لأكثر من عشر سنوات كما تنقل في مدن مصر مثل: قنا وأسيوط والشرقية والفيوم وغيرها، ثم عاد إلى القاهرة وفيها توفي ودفن.(2)

له عدة مؤلفات شعرية ونثرية منها:

1 ــ الإشعار بحميد الأشعار / (ديوان شعره) جمعه تلميذه الشيخ مصطفى سلامة النجاري وطبع في مصر سنة (1284 هـ / 1867 م)

2 ــ الدرج والدرك / في مدح خيار عصره وذم شرارهم.

3 ــ رحلة

4 ــ الخيل ــ 1286 هـ / 1869

5 ــ سيفنة ــ (3)

قال تلميذه وجامع ديوانه الشيخ مصطفى سلامة النجاري: (هذا جزء صغير، وشيء يسير حصلت عليه ووصلت إليه، من صناعة وحيد دهره، ويراعة فريد عصره، ذي القدر الكريم، المرحوم السيد علي أفندي الدرويش بن حسن بن إبراهيم، جمعته تحفة لكل أريب وجعلته ذكرى حبيب، عندما قضى نحبه وجاور ربه طلبا لبقاء ذكره...) (4)

وقال عنه جرجي زيدان: (كان من خيرة شعراء عصره، وكانت له منزلة رفيعة بين الأمراء والوجهاء وكانت له منزلة رفيعة بين الأمراء والوجهاء، وقد مدحهم وعرف على الخصوص بشاعر عباس باشا الأول، واهتم تلميذه الشيخ مصطفى سلامة النجاري بجمع ديوانه وطبع على الحجر بمصر عام 1284 هـ، وأسماه: الإشعار بحميد الأشعار) (5)

وقال عنه الزركلي: (علي بن حسن بن إبراهيم الأنكوري المصري، المعروف بالدرويش: شاعر، أديب. مولده ووفاته في القاهرة. اتصل بالخديوي عباس الاول، فكان شاعره. ولم يكن يتكسب بالشعر، مكتفياً بماله من مال وعقار) (6)

وقال عنه الكاتب المصري الأستاذ محمود الدسوقي: (دوّن الشاعر المصري علي الدرويش في ديوانه الذي قام تلميذه بطبعه علي وجه الحجر الكثير من الأحداث في مصر منذ عهد محمد على باشا حتى عصر سعيد باشا، وكان من قدره أن يشير على عباس حلمي الأول بأن يُطلق على قصره القريب من بيوت المماليك اسم "الحلمية" على اسمه، لتُعرف المنطقة باسم "الحلمية" حتى وقتنا هذا.) (7)

وجاء في موقع بوابة الشعراء: (شاعر غزير الإنتاج له ما يزيد على (7000) بيت من الشعر موزّعة على ما يربو على (600) قصيدة، تنوّعت أغراضها، بين الشعر الاجتماعي والسياسي، والوصفي، والغزلي، ترسم صورة شبه كاملة للحياة في عصره، ويكاد يكون سجلاً لرجال عصره من علماء ورجال دين ونقباء الطرق الصوفية والأشراف والأعيان وغيرهم ممن شكلوا مجتمع القاهرة آنذاك، منحته شاعريته شهرة فاق بها شعراء عصره، تميّزت له قصائد في الغزل والبديع (يضم ديوانه قسماً كاملاً لما يسمى بشعر الصنعة الذي ينم على قدراته اللغوية وثقافته العربية العميقة) (8)

شعره

قال من قصيدته:

لـمـهـجـتـي ذمَّــةٌ فـي طـيـبـةٍ شـغـفتْ     فـهـلْ تـطـيـبُ بـأوفــی الـخـلقِ للذممِ

إمـامِ كـلِّ رسـولٍ عـنـدَ بـــــارئِـــــــهِ     مـبـرَّأ لا تـبـاريــهِ ذوو الــعـــصـــــمِ

سـرُّ الـحـدوثِ ومـولـی مـن لـه قـــدمٌ     صـدقٌ ومـادحـه الـمـوصـوفُ بالـقدمِ

فـتـركُ مـدحـي لـه مـدحٌ وهــلْ قـلمي     ونوني في الوصفِ تحكي نونَ والقلمِ

فـلـمْ يـبــالـغْ بــمــا أثــنـی الإلــهُ بـــه     عـلـيـه كـيـفَ نـــوفّــيــه بـمـنـتـظــــمِ

وإنَّ لــولاهُ لــم تُـخـلـقْ مــلائـــكـــــةٌ     ولا الـحـجابُ الذي عندَ العروجِ رُمي

يـكـفـي الـسـمواتُ شـريـفـاً بـوطـأتِــهِ     والأرضُ جـبـريـلُ فـيـهـا جملةُ الخدمِ

تـكـوّنَ الــكــــونُ نـوراً عـنـد مـولِــدِهِ     كـأنّـه الآنَ مـوجــودٌ مـــنَ الـــعــــدمِ

وكـانَ يـومَ استضاءَ الكونُ وهو دجیً     بـدراً بــدا ونـسـيـمـاً دبَّ فــي الـنـسـمِ

كيفَ استنارتْ قصورُ الشامِ إذ خمدتْ     نـارُ الـمـجـوسِ وبالنارِ الفراتُ ظمي

فـلـيـنـفخْ النارَ ذو الإيـوانِ إذ طـفـئِـتْ     بـمـاءِ سـاوةَ إن يــنـفـخْ علـی ضــرمِ

فـكـسـرُ إيـوانِ كـسـری مـقصـرٌ أملاً     مـن قـيـصـرٍ في بنـي التثليثِ والصنمِ

فـلا سـريـرَ ومـا اهـتـزتْ قـوائـمُـــه     ولا أمـيـرَ ومـا تــــلـقاهُ ذا وجـــــــــــمِ

والـكـفـرُ بـاتَ عـلـی حــالٍ يُـساءُ بهِ     والـعـلـمُ بـالـحــــقِّ بشــراهُ عـلـی العلمِ

مـحـمـدٌ روحُ عـيـسی وهــوَ جــثـتـه     تـكـلّـمـتْ عـن كـلـيـمٍ فـــيـــه بـالـعـظمِ

أحيا النفوسَ ومحيي الـجـسـمَ بــشرَّنا     بـأنَّ ذا رؤيــة خــيــرٌ مــن الــكــلــــمِ

إن ينكروا وصـفَـه شـالـتْ نــعـامتهم     فـإنّــهــا نـعـمٌ تـــخــفــی عــلـــی النعم

أنـارَ ظـلـمــــةَ دنـــيــانـا بـضـرَّتِـهـا     وجــازَ فـيـهـا جـوازَ الـبـــرءِ في السقمِ

وأهلُ بـيـتٍ عن الــدنيا قد ارتـفـعـوا     تـحـتَ الــعـبــاءةِ فــوقَ الــنـاسِ كـــلّهمِ

بابُ المدينةِ حــامي الـبـيـتِ صاحبُه     لـيـثُ الإلـهِ عـلـيُّ الــجــاهِ والـــشــيــــمِ

والـبـضـعـةُ الـدرَّةُ الـزهـراءُ فاطمةٌ     وصــفــوةُ الــصـفـوةِ الغرَّاءُ في العصمِ

والـنّـيـريـنِ الـشـهيدينِ ابـنـيها حسنٌ     إذ قـالَ لـلـمـلـكِ إن الـسـمَّ فــي الـدســـمِ

ريحانةٌ ظـمـئتْ في (كربلا) فجرتْ     عـلـی الـحـسـيـنِ عـيـونُ الــعـيـنِ بالديـمِ

يزيدُ نـارَ الأسـی دمـعٌ عـلـيـه جری     فـي يـومِ أن خُـضِّـبــتْ ريـحـانـــةٌ بــدمِ

يـا سـيِّـدَ الـرسلِ لـي فكرٌ يضيءُ به     لـفـظ الـمـحـبِّ ضـيــاءُ الـبـدرِ في الظلمِ

يا أكرمَ الخـلـقِ لا مُـسـتـثـنـيــاً ملكاً     ومـفـرقَ الـفـرقـتـيـنِ الـعــربِ والـعـجـمِ

هـذي قـصـيدي فإن أقْـبَـلْ فمن كرمٍ     قـد عـمَّ غـيـريْ وإن أرددْ فــوا نــدمـــي

يـكـفي الأباصيري ما نالتْ قصيدته     مـن الـمـقـاصـدَ فـي حـكـمٍ وفــي حـكـــمِ

بـبـرأةٍ أبــرأتـــه ثـــم تـــســـقـمُـنـي     بـرئـتُ مـن ألـمـي إن قــلــتُ وا ألــمــي

يـا عـالـمَ الـسـرِّ من مكنونِ مبسمِها     ومُـسـبـلَ الـسـرِّ مـن شـعـرٍ عـلـی الـقـدمِ

..................................................................

1 ــ الإشعار بحميد الأشعار / (ديوان شعره) جمعه تلميذه الشيخ مصطفى سلامة النجاري ــ طبع في مصر طبعة حجرية سنة 1284 هـ / 1867 م ص 257 ــ 259

2 ــ موقع بوابة الشعراء بتاريخ 11 / 3 / 2014

3 ــ الأعلام ج ٤ ص ٢٧٥

4 ــ مقدمة الديوان ص 2

 5 ــ تاريخ آداب اللغة العربية ج 4 ص 234

6 ــ الأعلام ج ٤ ص ٢٧٥

7 ــ حكاية الشاعر على الدرويش الذي أطلق على منطقة الحلمية اسمها، جريدة الأهرام بتاريخ 19 / 4 / 2022

8 ــ بتاريخ 11 / 3 / 2014

كما ترجم له:

الشيخ محمد صادق الكرباسي / المدخل إلى الشعر الحسيني ج 1 ص 276

محمد عبد الغني حسين / أعلام من الشرق والغرب ص 56 ــ 66

لويس شيخو / الآداب العربية في القرن التاسع عشر ج 1 ص 97

كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 4 ص 252

محمد فتح الله مصباح / تناص الشعر العربي الحديث مع بردة البوصيري ص 172

حسن السندوبي / أعيان البيان ص 46

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار