285 ــ نوفل الحمداني: ولد (1394 هـ / 1974 م)

نوفل الحمداني (ولد 1394 هـ / 1974 م)

قال من قصيدة (صوت الزهراء):

أبي كسرُ ضلعي زادَ مفخرتي فخرا     وهلْ ظلمَ الماضونَ كابنتِكَ الزهرا

ولـكـنَّ لي ضلعاً يُـداس بـ (كربـلا)     وما تركوا للـخيلِ ظهراً ولا نـحـرا

بـهـاجـرةٍ مُـلـقـىً ثـلاثـاً مــــرمـــلٌ     تـســحُّ عليهِ الريحُ حيث أتتْ جمرا (1)

قال من قصيدة (دماءٌ على رفيفِ السماء) وهي في سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)

أنا جئتُ من كفَّيَ ينبثقُ الصدى     لامستُ جرحَك عابـقاً مثلَ النَّدى

قـبَّـلـتُ وجـهَ اللهِ قـبــلـةَ حـــائـرٍ     مُـتـبـعـثِـرٍ عبرَ انثيالاتِ الـمَـدى

فـي وجهِكَ الذُّريِّ كنتُ رأيــتُـه     مُـتـ (كربلاً) بـصـفــاتِـهِ مُـتـفـرِّدا

ومنها:

قد كنتَ فرداً حينما مرَّ الجميـ     ـعُ بـ (كربلاءَ) وكنتَ حقاً أوحدا

يـا سـيَّـدَ الـثوراتِ أنـتَ ولادةٌ     شـعّـتْ فـعـادَ الـكونُ منها أسعَدا

يا ملهمَ الثوراتِ فكرتَها التــي     تختطّ من نهجِ الـرسـالةِ مَقصدا

ومنها:

تريدُ اعتذاراً لأحلامِ طفلٍ

رمتها السهامْ

أجلْ (كربلاء) ...

السماءُ التي وِلدتْ من دماءِ الحسين

ليورقَ منها السلامْ

(كربلاءُ) تقومُ بكلِّ صباحٍ

كطائرِ عنقاءَ

ما امتدَّ حرفٌ وناحتْ خيامْ

ومنها:

فكانَ الحسينُ

إذاً دمعةَ اللهِ

مُذْ سُكبتْ فوقَ خدِّ النبيِّ

دمعةُ اللهِ

تحضنُها (كربلاء)

وقال من قصيدة (فيا قمراً) وهي في قمر بني هاشم أبي افضل العباس (عليه السلام):

رمـتـهُ سـهـامُ الـغدرِ تطلبُ جودَهُ     فعادَ وعادَ الجودُ مـوردهُ الشهدُ

وعادَ ربيعَ الله في أرضِ (كربلا)     عطاياهُ كالطوفانِ ما وسعَ العدُّ

مـنـاراً لـكـلِّ الـنـاسِ قـبّـتُـهُ سمتْ     فيا قمراً مذ كـانَ أبراجُهُ السعدُ

وقال من قصيدة في ركب سبايا الحسين (عليه السلام):

يدري بأنّ دماً في (كربلا) مُزجتْ     قطراتُه بـجـبـينِ الكونِ فاشتعلا

وكـانَ حُـدِّث عـن طفلٍ وعنْ كهلٍ     وعـن سـبـايا وعن نهرٍ بها قتلا

وهـمْ مـسـافـةُ حزنِ اللهِ مـنذُ هوتْ     فوقَ الرمالِ أكفٌّ فاستوتْ بطلا

وقال من قصيدة (هيلُ المدائنِ حشدُنا) وهي في أبطال الحشد الشعبي المقدس:

من كلِّ تأريخِ العراقِ مزاجُه     مـن (كربلاء) اتِ الحسينِ تجَذّرا

من صولةِ العباسِ أشعلَ قلبَه     إذ بعدَ صومِ الدهرِ حشداً أفـطـرا

هبّوا عراقيينَ حـشــدُ اللهِ أجـ     ـمعهم وكان الصوتُ فيهمْ حَيْـدَرا

قال من قصيدة (أنتَ أدرى) وهي في رثاء الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام):

ها هنا موعدٌ أولٌ للبكاء

من هنا انبثقتْ (كربلاء)

من هنا..

حين مرَّ على ضلعِها الغدرُ

مدَّت سنابكَ من خيلها الأشقياء

وكان الجنين إذن..

كلّ طفلٍ رضيعٍ تساقطَ بالنبلِ من دونِ ماء

وكل حريقِ الخيامِ ابتدى من هنا

ثم مرَّ بكلِ العصورِ ليمتدَّ نحو السماء

وقال من قصيدة (عزاء .. ما زال مؤجلاً) وهي إلى شهداء مقبرة المخيم الحسيني الجماعية في كربلاء الذين استشهدوا عام 1991:

ذاتَ صبحٍ           

(كربلاء) ..

وما كانَ عندَ المخيَّمِ .. من ذكريات

سوى رفساتِ الرضيع ...

وهو يَعبُّ من السهمِ .. حدَّ ارتوائه

والنساءُ

يُولولنَ في حضرةِ الشهداء

وقال من قصيدة (دمعة على الجهات) وهي إلى شهداءِ سبايكر

وحدَهم

والرصاصُ حوافرُ خيلٍ تدوسُ الصدور

تعيدُ صدى (كربلاء)

على صفحةِ الماء

على شاطئِ الموت

حيثُ غصَّ بدمعتهِ عزرئيل

ينامونَ مُتّكِئينَ على جرحِنا والغراب

وقال من قصيدة (جسرٌ إلى الخُلد) وهي في الشهداء من زوار الإمام موسـى بن جعفر (عليه السلام) الذين سقطوا من جسر الأئمة:

أيُّها الدربُ شـمـعـةً قـد أتـيـنـا     لو تـمـهَّـلتَ فالمسافةُ عصفُ

أينه الجسرُ؟ والخطى والهاتٌ     واحتراقُ مع المصيباتِ يطفو

(كـربلا) طـفُّـنـا ولـكـنَّ دربـاً     نحوَ ذاكَ الإمامِ يا جسرُ طفُّ

الشاعر

نوفل هادي محمد الحمداني: ولد في الحلة، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من كلية التربية الجامعة المستنصرية، ويعمل مشرفاً تربوياً للغة العربية في مديرية تربية كربلاء، كما شغل عدة مناصب ثقافية منها:

مسؤول للصفحة الثقافية في صحيفة الموقف الكربلائية

أمين الشؤون الثقافية لاتحاد الأدباء والكتاب في كربلاء

نائب رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين فرع كربلاء

وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب

شارك في أغلب المهرجانات داخل العراق وله مشاركات في مهرجانات خارج العراق، وحاز خلال مسيرته الأدبية على العديد من الجوائز منها:

المركز الأول في مسابقة الشعراء الشباب العراقيين / بابل ٢٠٠١

المركز الثاني في مسابقة يوم الشهيد العراقي / النجف ٢٠٠٥

المركز الأول في مسابقة ملتقى المثقفين العراقيين / بغداد ٢٠٠٥

المركز الاول في مسابقة يوم الشهيد العراقي / النجف ٢٠٠٧

أما رصيده الشعري فقد أصدر أربع مجموعات شعرية هي:

1 ــ عينان بطعم الماء / مشتركة

2 ــ خواطر عبر مسافات قاحلة

3 ــ في الطريق إلى القلب

4 ــ يورقون

وله كتاب (العباس بن علي في الشعر العراقي المعاصر) ضم قصائد لعدد من الشعراء في حق أبي الفضل العباس (عليه السلام)

شعره

قال من قصيدة (في مدارِ الحسين):

جـرحٌ يـفـزّ وأنـتَ جـــرحُ     قـد آدهُ الــشـوقُ الـمُــلـــحُّ

حـتـى كـأنّ الـكـونَ مـــــن     وجـعٍ جـــراحاتٌ تَـسِــــحّ

حـتـــى كـأنّ الـكـونَ لـــيـ     ـلٌ فـاتــه واللهُ صـــبــــــحُ

يا سيّد الـعـطــش الـمـــؤبّـ     ـدِ هل لـفـيضِ اللهِ كــبـــحُ

ما زلتَ واســمكَ كـوثـــرٌ     عـذِبٌ وكـلّ الـكونِ مـلــحُ

أوَ بعدَ أن قـطـعـوا زمـــا     مَ الصـبـرِ من حقدٍ وبحّـوا

وتـصـارخوا بصـدى أبــا     لسةٍ شـيـاطـيـنٍ وشـحّـــوا

فـاضـتْ دموعُكَ طـيـبــةً     لـلـناسِ طـوفـانــاً يـلــــــحّ     

ومـددتّ جـسراً من دمـو     عِكَ حين أعيا القومَ نصـحُ

وأمـرتَ أن يأتــوكَ كــي     تـبـقـى تسجّلهم، وتـمـحــو

جـرحٌ يـفزُّ وأنتَ جــرحُ     يهدا على مضضٍ ويصحو

ويظلُّ يـحـمـلُ كلّ طــهـ     ـرِ الأرضِ والآهاتُ بـوحُ

هـا كــلّــمـا مرّت طــوا     غيتٌ بـحـقـدِهـمـو ولـحّــوا

كنتَ انتصارَ الدمـعِ حيـ     ـثُ الـدمعُ للضعـفـاءِ رمـحُ

كنتَ اشتعالَ الحرفِ في     شـفـتـيـنِ إذ يـدمـيــهِ بـوحُ

يـا سـيّـدَ الـعـطشِ المؤبّـ     ـدِ آده الـشـوقُ الـمـلـــــــحُّ

وقال من قصيدة (أنـت أدرى) وهي إلى عـلـيٍّ وفـاطـمـة (عليهما السلام) فـي ذكـرى رحـيـلـهـا:

ورجعتَ وحدَكَ.. دونَ بـسـمـتِها الألـقْ     جـبـلاً مـن الأحزانِ أيـقـظه القلقْ

ورجـعـتَ.. كلُّ خطاكَ يشعِلُها اصطـبا     رٌ تخبرُ النسماتِ حيّ على الأرقْ

جـبـلٌ عـلـى الـذكـرى تمـرُّ فـتـورقُ الـ     ـدمعــاتُ غـيـــــــمـاً فـي الـحـدقْ

في كلِّ زاويةٍ رأيتَ اللهَ

في عينِ الحسينِ مُبللّاً بالدمعِ

حدَّ الإخضرارِ

وحدَّ أن يَبِسَ النهارُ

وحدَّ أن هربَ الفلقْ

في كلِّ زاويةٍ رأيتَ خيالَ فاطمةٍ

وكانَ مكبَّلاً بالحزنِ

لا يقوى على حملِ الثيابِ ..

ولا العتابِ

حمامةٌ كانتْ على الأفراخِ موغلةٌ بكلِّ الحبِّ

من أوحى لها أن ترتدي ثوبَ الغياب

أوّاه يـا هـذا الـتـذكّــر صـارَ جـمــراً     سجادةٌ ..ورحىً ..ومسبحةٌ ..وذكرى

ويـدٌ تـهـدهـدُ لـلـحــســيــنِ بـــكــاءَه     ولزينبِ الكبرى جـديــلـتـهـا وأخــرى

عشرونَ لم تُكمُل، يدُ الأحزابِ مَدّت     مِـنـجـلاً لـتـحـوزَ مـن دنـيـاكَ بــــدرا

وبـأيِّ ذنـبٍ جـنَّـة الـفـردوسِ يُخفـى     قـبـرُهـا ويـكـون فـي الأسـرارِ ســـرَّا

وبـأيِّ ذنـبٍ يـمَّـحـي ذاكَ الـبـيــاض     لـكـي تعودَ الروحُ بـالأحزانِ صحرا

يـا دار قولي.. أيَّ نازلةٍ ألمتْ فـيـكِ     حـتـى عـدتِ فـي الأرجـاءِ قـفــــــــرا

لا طـيـفَ أحـمـدَ لا حـبـيــبـة قـلـبـه     من أين يجلبُ قلبُـكِ المـفـجوع صبـرا

ها هنا موعدٌ أولٌ للبكاء

من هنا انبثقتْ كربلاء

من هنا..

حين مرَّ على ضلعِها الغدرُ

مدَّت سنابكَ من خيلها الأشقياء

وكان الجنين إذن..

كلّ طفلٍ رضيعٍ تساقطَ بالنبلِ من دونِ ماء

وكل حريقِ الخيامِ ابتدى من هنا

ثم مرَّ بكلِ العصورِ ليمتدَّ نحو السماء

وكل طريقِ السبايا ابتدى من هنا..

همّه قبرها

همّه ضلعها , وجنين لها

وليس المسير كما يدعي الأدعياء

وللآن يغتالها الحاقدون

ولكنها جبهة الله

ما اعتادت الإنحناء

وقال من قصيدة (على حائط الله) وهي إلى حجة الله الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)

على حائطِ اللهِ علّقتُ كلَّ الأماني

وأسدلتُ عاماً جديداً مضى

وانكساراً بطعمِ المراراتِ

حدَّ اختناقِ الثواني

وقلتُ: سيُورقُ زهرُ المساءِ أخيراً

وتُشفى جراحُ المساميرِ... والضلعِ...والخيلِ

والطفلِ ....والسَّبي... وال...

قلتُ: سأسمعُ باسمِكَ كلَّ التّهاني

وقلتُ: سأمسحُ كلَّ الجراحِ بقلبي

وأفتحُ صدري لضحكتكَ القادمة

وأغلّقُ خلفي جميعَ الدروب

وأنفخُ صُوراً لأمَّتيَ النائمة

هيَ الشمسُ لاحت

 لأنكَ أشرقتَ في خاطرِ اللهِ كالزهرةِ الحالمة

وكنتَ كبوحِ العصافيرِ

رقصَ الفراشاتِ...حلمَ الورود

وبسمةَ طفلٍ يناغي بها أمَّه

ليرسمَ فرحتَها العارِمة

وكنتَ اصطباراتِنا والسنينُ عِجَافٌ

تمدُّ جدائلَها وجعاً

وخناجرَ غدرٍ...لنا ظالمة

عـلـى حـائـــطِ اللهِ كـنَّـا كـتـبْـنـا     بدمعِ المآقي نشـيدَ انتظارْ

عـلـى حـائـطِ اللهِ كـنّـا رسـمْــنا     بكاءَ الثكالـى بـدمـعـةِ نـارْ

وكـنّـا عـلـى جـرحِـنـا واقـفـيـن     نناديكَ يا كوكباً في المدارْ

نـنـاديـكَ يا فـرحـاً يسـتـفـيـــــقُ     ليزهرَ بالحبِّ في كـلِّ دارْ

لـتـزهرَ بـالـــحــــبِّ دولـةُ ربٍّ     فنزهو بها والسنـينُ بــوارْ

عـلـى حـائـطِ الإمـنياتِ استفقنا     وكـنَّـا بـلا شمسِنا لا النهارْ

وكـانَ الـعـراقُ خـرائـطَ مـوتٍ     تَشظّتْ مدائنُه في الجِــوارْ

خــرائـطُ مـن وجـعٍ لا يُــطـاقُ     مُـعَـارٌ لـكـلِّ وحوشِ القِفَارْ

وكـلُّ الوجوهِ التي كـيـفَ مرَّتْ     لتخطفَ بسمةَ كلِّ الـصِّغَارْ

وكانَ العراقُ على طولِ جرحٍ     وكـنَّـا شـفَا حُـفـــرةٍ أو إوارْ

وكنا ندوّنُ كلَّ صباحٍ جراحاتِنا...

وتسخو الجراحْ

تمرُّ بنا الريحُ ..نخلُ سماءٍ

فنوشكُ .....

لن ننحني للرياحْ

نمدّ ضفائرَنا للفراتْ

فيخذلنا قبل ديكِ الصباحْ

وكانت خيولُ التتارِ ببابِكَ

تشرعُ في الصدرِ سودَ الرماح..

وأمرتَ أن يَقفوا فــنادَى حشدَها     ربانُها والروحُ تـعرفُ وقـدَهـا

حشدٌ على دربِ الحسينِ مسـيرُه     قد أدّبَ الدنـيا وأوثـقَ عِــقـدَها

حشدٌ تَـدافـعَ بالصدورِ مُـدافــعـاً     للـمـرجـعـيةِ كان حقَّاً جُـنـدَهــا

حـشـدٌ تَـقـدَّس بالدماءِ طــــورةٍ     تجري على أرضٍ تُردِّدُ مجدَها

حشدٌ بكـبـرِ الأرضِ أنتَ إمامُه     وإلـيـكَ رايـتُـه تُـسـلّـمُ عـهـدَهـا

وقال من قصيدة (إضاءة في الطريق الى طوس)

سرَى بـالـشواطي يُورقُ الـماءَ طعمُه     يُـلـقِّـنُ كــونـاً كـلّـمَـا امـتـدَّ عَـــزْمُــه

يــحــوكُ مـن الأبـعـادِ غـيــمـةَ شـدوهِ     لِيمطرَ طـولَ الدهرِ في الناسِ رسمُه

مـضـى يـنـثـرُ الـدنـيـا خيـوطَ عـبـاءةٍ     رسـالـيَّـةِ الـمَـعـنـى لـيـسـطـعَ عـلمُه

عـلـى وَجَـعِ الأيَّـــامِ أشــعــلَ روحَـه     منـاراً حُـسـيـنـيَّ المَـسَـاراتِ يــومُـه

أتى الدهرُ يدري أنَّ في الدهرِ عُسرةً     تـحـدَّاهُ بـالأمـطارِ.. نـاجـتـه غَــيـمُـه

أتـى بـلـداً مـا مـرَّ يـومــاً تـرابُـــــــه     غـريباً وكـان الـبعـدَ يُــدنــيـه قــومُـه

عـصـيٌّ عـلـى طـولِ المسـافاتِ همُّه     عـلـي ابن موسى ما المسـافاتُ هـمُّه

تـنـاءى ويـدري أنَّ فـي طوسَ قـبرُه     وأنَّ الـمـنايا فـاقَــهـا الـــيــومَ حـزمُـه

ولـكـنَّـه فـي الـصـبـرِ شِـبـلٌ لِـحَـيْـدرٍ     وشِـبـلُ أبـيِّ الـضَّـيـمِ ما بانَ ضَيْـمُـه

وفـي أهـلـهِ الـمـاضين أفضلُ أســوةٍ     حُـسـيـنٌ وجـودُ الـخـلقِ يُـذكـرُ عـمُّــه

سـرَى يَخلقُ الصبحَ المُضيءَ بوقفـةٍ     يُـشـيـدُ بـهـا أفـقٌ ويَــبـرُقُ نـجــمُـــــه

يَـمـدُّ بأقـصـى الأرضِ طـيـفَ نُبوءةٍ     يُـدوزنُـه مـعـنـىً فَـيـشـرقُ حـــــلــمُـه

يُـطـرِّزُ آفـاقَ الأقـاصـي مُـــــــروءةً     ويُـورقُ مـلءَ النصرِ في الرُّوحِ سِلمُه

ستُورقُ ثوراتٌ عـلـى الـظـلمِ شـادَها     قـبـيـلَ قـرونٍ حـيـنـمـا فــــاحَ اســمُـه

وأيـقـظَ مـن أقـصـى الـخـرائطِ بـلـدةً     وأثـمـرَ شـعـبـاً صـارَ فـي الآلِ هــمُّـه

وعـادَ عـلـيـاً عـادَ فـي الـناسِ جـذوةً     رسـالـيـةَ والوحي يحنــــــــو يضَــمُّـه

وعـادَ أنـيـسـاً لـلـنـفـوسِ.. مـنـــــارةً     لـكـلِّ الـقـلـوبِ الـتـائـقــــــات تـشــمُّـه

فـيـا سـيِّـد الأرواحِ.. جـئتُ بضاعتي     قـلـيـلٌ وقـلـبـي يـأكـلُ الـصـبـرَ هــمُّـه

يـتـوقُ لأرضٍ أنـتَ بـالـحـبِّ صُغتَها     وكـانَت يـبـابـاً... علَّ يحـظـاكَ سهمُـه

قضى بانتظارِ العيدِ عمراً من الأسى     وأنـتَ الـهـلالُ الـبكرُ فانفضَّ صومُــه

وقال من قصيدة (عزاء .. ما زال مؤجلاً) وهي إلى شهداء مقبرة المخيم الحسيني الجماعية – كربلاء 1991

أثقلوا عمرهم بالأماني

وناموا على أملٍ :

 أن يجيء المعزُّون

علّ قطرةَ دمعٍ .. تؤذّنُ فيهم

وتنفخُ بوقَ قِيامَهْ

علَّ قطرةَ دمعٍ .. تكونُ مسيحاً

ستكشفُ عن كلّ قبرٍ ظلامَهْ

علَّ قطرةَ دمعٍ ستنهلُّ من عين أمٍ

 وأختٍ

 وطفلٍ صغير

ستكشفُ ذاكَ المصير

ولكنَّ دربَ المُعَزّينَ ضلَّ هداه

وظلتْ عيونٌ معلقةٌ فوق دربِ النجاة

وكادتْ تجفُّ على أملٍ

(( ليت فيها حياة ))

أثقلوا قبرَهم بالأماني ..

أثقلوا قبرَهم بال..

أثقلوا قبرَهم ..

أثقلوا ...

كان جزءٌ من القبرِ .. وسطَ الرصيف

وجزءٌ يُغطيه إسفلتُ ساحة

وجزءٌ به الباب ...

أركانُه مُستباحه

ليتَ للسائرين عيوناً ترى

ليتَهم يشعرونَ بتنهيدةٍ .. آهةٍ ..

بارتطامِ العظام

وكانتْ نُحاسية اللون

ليتهم يسمعونَ ردودَ السلام

ليتَهم يُبصرون :

((جماجمٌ معصوبةٌ)) .. ولكلٍ وشاح

أثقلتْ نومَهم همهماتُ الصباح

لماذا ينامون في ظلمةٍ ..

ويُغطّون أعينَهم بالعصائب

أخوفاً من الظلمة القبر

أم هُزُواً بالمصائب

* *  *  *

ذاتَ صبحٍ

كربلاء ..

وما كانَ عندَ المخيَّمِ .. من ذكريات

سوى رفساتِ الرضيع ...

وهو يَعبُّ من السهمِ .. حدَّ ارتوائه

والنساءُ

يُولولنَ في حضرةِ الشهداء

 والسماءُ

ركامٌ من الحزنِ والخوف

والأرضُ

جرحٌ ينزُّ الجثث

 فجأة ..

حطَّ قبالة ذاكَ المُخيَّمِ .. قبرْ

تَحَشرَجَ صوتُ النساء

تحشرَجَ صوتُ السماء

وصوتُ المُخيَّمِ يعلو

ليتَ للأرضِ أوراقُ تين

تُغطي بها سوءةَ العصر

ليتَ للعصرِ أوراقُ تين

يُغطّي بها جسدَ النائمين -

هكذا كانَ في ذاتِ صُبحٍ

توحّد فيه المخيَّمُ بالقبرِ

والصوتُ يعلو

ويعلو

ويعلو حدودَ السماء

* *  *  *

أثقلوا عمرَنا بالأماني

أثقلوا عمرَنا

كان للخوفِ في دارِنا مُتّكأ

كانَ للحزنِ ملءَ المدى ...ألفَ باب

عافنا قمرٌ

واستتبَّ بكلِّ السماواتِ شكلُ الخراب

كلُّ خطواتنا راقبتْها العيون ..

حتى تلفتنا ..

والعصافيرُ التي تلتقينا ...

وحتى السحاب     

إن غفتْ مُقلةٌ

فالكوابيسُ مِلءَ المنام

ما حرام

حينَ يُغتالُ فيكَ الأمان

ويزرعُ في جانبيكَ القلقْ

حين تغفو وما منْ فلقْ

حين لا غد تعلمه بانتظارِك غير زنزانة

حين يضطرُ جُرحُك دونَ التئامٍ يُهادِن

حينَ يثمرُ طولُ الترقُّبِ جرحاً أخير

ويسوءُ الختام

وتلقى الذي كنتَ ترجوه بضعَ عظام ..

ما حرام

( خففِ الوطءَ .. ما أظنُّ الأديم )

على هذهِ الأرضِ .....إلّا ألوفَ المقابر

...............................

*- بعد انتفاضة شعبان عام (1991) ضد نظام البعث المجرم قام البعثيون بارتكاب أفضع المجازر بحق سكان مناطق الوسط والجنوب وقاموا بدفن الشهداء في قبور جماعية تُحفر بواسطة الجرافات ويُدفن الموتى سوية ومن هذه المقابر مقبرة أكتشفت بعد سقوط الدكتاتورية عام (2003) وكانت تحت مرآب لوقوف السيارات قبالة المخيم الحسيني في كربلاء.

والمخيم الحسيني:- هو من المزارات الدينية في كربلاء وهو مكان تخييم الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في معركة الطف عام (61 هـ) وكان فيه النساء والأطفال وإليه يحمل الشهداء في المعركة. 

وقال من قصيدة (صحائفُه بوحُ السماء) وهي في الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام):

عن الحبِّ عن أشيائهِ الـ (ليسَ) تعدلُ     وعن وجعٍ في أخرِ الحزنِ يُـسدلُ

وعن ذكرياتِ الطفِّ عن دمعةٍ جرتْ     ثلاثينَ حُـزنـاً بـالـمراراتِ تَـقـتـلُ

وعـن غـربـةٍ طالـتْ وكـانَ مـزاجُـهـا     طـريـقَ سبايـا يـصطفيه ويَـذهـلُ

وعـن طـفـلـةٍ تاقـتْ لحضنِ حـسينِـهـا     لـتـلـقـاهُ رأسـاً فـوق رمـحٍ يُـرتِّـلُ

وعن صحـبـةٍ مـرَّوا سـحابـةَ مـسـرعٍ     بدورُ تمامٍ في الطفوفِ تجَـنْـدَلـوا

وعـن ليلهِ لو مرَّ إغـمـــــاضِ جـفـنِـهِ     رؤاهُ وهذي الآهُ بـالـصدرِ تُعـولُ

إذا جـنَّـه الـلـيـلُ الـطـويـلُ تــنـاثــرتْ     حـوالـيـه أهاتٌ مع الـدمـعِ تـنـزلُ

تـذكّـرُ مـن لـيــــــــلِ الــوداعِ فــراقَـه     لأهـلـيـهِ لكن هلْ يفيدُ الـتجـمُّـلُ ؟

اذا أوقـدَ الـسـمَّـارُ نـاراً.. أهــــــاجَــه      تـذكَّـر نـاراً بـالـمـخـيَّــــمِ تُـشـعـلُ

وكيفَ صياحُ الـهـاشمياتِ: (عـمَّــتـي     هـيَ النارُ) خلفَ الخائفاتِ تُهرولُ

ولـو نـزلَ الـغـيـثُ الشفيفُ بـأرضــهِ     وأبـصـرَ ماءً ضـمَّ مـسراهُ جَـدولُ

تـذكّـرَ مـــــــــاءً لـلـفـراتِ يـخـونُــه     ويتركُ زهـراتِ الـسماواتِ تَـذبُـلُ

تـذكّـرَ جـنـبَ الـعـلـقـمـــيِّ مُـقـطّــعَـاً     أخـا زيـنـبٍ ..كـفّـاهُ بالجودِ تـرفـلُ

وإن قيلَ هلْ طفـلٌ.؟؟. ترقرقَ دمـعُـه     لـطـفـلٍ فـطـيـمِ الـنـبـلِ عيناهُ تسألُ

ألا أيّها الـمـولــى لـقلبٍ... تـلــوكُــنـا     ضباعُ بـنـي سفيان ظـلـماً ونُـقـتـلُ

وإن ذُكِـرَ الآبــاءَ.... أرسـلَ حـــزنَـه     ستاراً على الـدنـيـا يَـدورُ ويـسـدلُ

ولـو مـرَّ ماءٌ بـيـن عـيـنـيـهِ لـحــظـةً     لكانَ لأهلِ الطفَّ في الروحِ منـزلُ

لَعمرٌ قضى بـيـن الـمـراراتِ شـطـرُه     وشـطــرٌ عـلـى سـجَّادةٍ الهمِّ مُثقَـلُ

مـضـى يـمـنـحُ الأبـعادَ لـونَ بـهـائهـا     يـؤسِّــسُ فـجـراً لـلـنـمـــاءِ ويَـبـذلُ

ويـمـنـحُ لـلأجـيـالِ دربَ نُـبــــــــوءَةٍ     بـأنَّ انتصارَ الروحُ للـروحِ أجـمـلُ

وأنَّ أصـولَ الـديـنِ عـتــــــرةُ أحـمـدٍ     مُـعلّقةُ فـي العرشِ ما احتزَّ مِنـجَـلُ

يـمـهِّـدُ لـلأنـسـانِ دربَ انـتــمـــــــائهِ     يُـطــــــرِّزه بـالـحـبِّ فـهـو مُـكـلّـل

صـحـائـفُـه بـوحُ الـسماءِ وعــطـرُهـا     نـسائمُ من أقصى الـفـراديسِ تَهطِلُ

..........................................

وقال من قصيدة (تفاحة الله) وهي في سيِّدةِ نساءِ العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام):

بــكِ اكـتـمـلــتْ آيـاتُ ديـنِ مـحـمَّـدٍ     فأنـتِ مـصـاديـقٌ لآيـةِ والــعـصـرِ

بـحـبِّـكِ يُـوصـى بـلْ يُـبـشّـرُ مُؤمنٌ     بـفـوزٍ وإنَّ الآخـريــنَ لـفي خُـسْـرِ

وأنـتِ نـذيـرٌ لـلـذي شــاءَ مُـؤمـنــاً     وإنِّـكِ نـهـرُ الـخُــلـدِ حـامـلةُ الـسـرِّ

وأنـتِ فـراديـسٌ ووحــيٌ مُــؤجَّـــلٌ     وأنتِ يـقـيـنٌ لـلـذي شاءَ أن يـدري

وأمُّ أبــيــهــا أنــتِ.. أنــتِ امـتـدادُه     نـبـوءتـه بـلْ أنــتِ والـــدةُ الـنصرِ

سما بكِ هـذا الـكـونُ حـدَّ ازدهـارِه     وآمنَ أنتِ الـشـمـسَ فـي ألقِ الـفجرِ

وحدَّ تـسـامـى للعُلى حـيـن أقـبـلـتْ     ولادتُكِ الـغرَّاءَ ..حـارَ فـمـا يـدري

فكانَ (ألمْ نشرَح) فصِرتِ انشراحَه     وكـنـتِ لـه قـلـبـاً لأحــرفِــهِ الزُّهـرِ

فـيـا جـنـةُ الأكـــــوانِ سـيِّـدةُ الـدُّنـا     وأمٌّ حَـبَــاكِ اللهِ لـلــشــفـــعِ والـوتـرِ

أتيناكِ فينا الـحـزنُ أورثـنـا الأســى     وأورقَ ملءَ الروحِ في دمنا يسري

فـكـونـي لـنـا فـي آخر الأمرِ شافعاً     مُـحِـبُّوكِ إنّـا والأمـورُ إلـى الـعـسـرِ

فـديـنـاكِ أوهـى الـقلبَ طولُ تصبُّرٍ     وجئناكِ نرجو الـيسرَ من آيةِ الصبرِ

لأنَّـكِ سـرُّ اللهِ فـي مُـحــكـمِ الـذِّكـرِ     وكوثرُه الـمـذكورُ في سـالـفِ الأمـرِ

وأنتِ امتدادُ الطهرِ عـبرَ عصورِهِ     وخـاتـمـةُ الـمـعـنى إلـى آخـرِ الـدَّهـرِ

وأنـتِ إذنْ تـفـاحـةُ اللهِ صـــاغَـهـا     لأحـمـدِهِ مـن سـدرةِ الـمنتهى تـسـري

وأنَّـكِ روحٌ بـيـن جـنـبـيهِ تزدهـي     فـيـلـثـمُـهـا مـا اشتاقـتْ الروحُ للزَّهـرِ

وقال من قصيدة (دمعة على الجهات) وهي في شهداءِ سبايكر:

كـلُّ الــجـهـاتِ سـواءٌ أيُّـها الـــوجــعُ     مـشـتَّـتـونَ ولا طيفٌ ولا رجــعـوا

أفـتَّشُ الـدربَ هل مـرُّوا هـنـا فـرحـاً     مثلَ الفراشاتِ ملءَ الزهرِ تــجتمعُ

وأسألُ الـريـحَ هـلْ عـطرٌ لـقـامــتِـهـم     فـي ذاتِ فـجـرٍ أمـامَ الدارِ يُـفتـرعُ

ما زالَ في الـقلبِ كلُّ القلبِ بـسـمـتُهم     صـوتٌ بـأنَّ الليالـي دونَهــم فـزعُ

مرُّوا إلى الفجرِ لونُ الفجرِ سـمـرتُـهم     شمساً تُضيءُ الليالي كلّمـا سَطعُوا

الـمـوتُ كـان عـلـى أهـدابِـهـم وطـنـاً     فـكانَ أن دارتِ الدنيا ومــا دمـعُـوا

يـدرونَ لـو رفَّ جفنٌ لانـحـنـى وطنٌ     فـيـصـبـرونَ وفـي أجـفانِـهم وجـعُ

مثلُ النخيلِ بهذي الأرضِ سِـحـنـتُهـم     سمراءَ من طينِها الحرِّي همْ طلعُوا

وأدمنُوا طعمَ هذي الأرضِ من صِغَرٍ     ثـديـاً فـراتـاً حـقـيقيان قـد رُضِـعُوا

هناكَ إذن

وسدُّوا رأسَهُم

والأماني ترابٌ غريبٌ

والعيونُ الغريبات

نعيبٌ يمزِّقُ صمتَ المنافي

هناكَ إذنْ وقفَ الأنبياءُ على جدثٍ... ذاهلين

وانحنوا يلثمون

صدى كركرات تيبَّسنَ فوقَ الشفاهِ

وأدمعِ شوقٍ

إلى الأمَّهاتِ اللواتيَ سجَّرْنَ تنانيرَ أعمارِهن

وحيدون

والأرضُ فجٌّ عميق

وكل الترابِ الغريبِ استحالَ رصَاصا

فلا سفحُ دجلةَ حيَّا

ولا نخلةٌ في الأقاصي تمدُّ جدائِلها

علّها ستهيِّئ ظِلاً لهذي الوجوهِ البريئة

لا الريحُ تحملُ أخبارَهم

وحدَهم

والرصاصُ حوافرُ خيلٍ تدوسُ الصدور

تعيدُ صدى كربلاء

على صفحةِ الماء

على شاطئِ الموت

حيثُ غصَّ بدمعتهِ عزرئيل

ينامونَ مُتّكِئينَ على جرحِنا والغراب

ناموا عـلـى هُدُبِ الأيَّـامِ يـا أملُ     وليسَ في الروحِ إلا الحزنُ يشتعلُ

مُوزَّعٌ دمُهُم في الضِّـفَّـتينِ سُدىً     على المدائنِ حتى اعتاضتِ السُّبُلُ

ناموا وفي القلبِ أعراسٌ مؤجَّلةٌ     مـلءَ الـشبابِ وحـتـى تَعشقُ المُقَلُ

بـلا وداعٍ سِـوى صيْحاتِ قاتِلهم     وكان في صدرِهِ الأحـقـادُ تَـقـتـتـلُ

لا أمَّهاتٌ فتبـكي في جـنـائـزِهـم     ولا احتراقُ حبيباتٍ بـه شُــــغِـلـوا

النهرُ شاهدُ زورٍ كيفَ يُنكـرُهــم     ما زالَ في ضفَّتيهِ جُرحُهم خَضِلُ

وقال من قصيدة (هيلُ المدائنِ حشدُنا) وهي في أبطال الحشد الشعبي المقدس:

 

 

 

 

 

 

أوقِدْ حروفَ الأمـنـيـاتِ مـن الـثـــــرى     وأضِئ شِعابَ الكـونِ فجراً أخضرا

وامـنـحْ لـكـلِّ الـعـاشـقـيـنَ عيونَـــــــهـم     كـي تُـزهـرَ الأحـلامُ نارنجَ الكـرى

الــدهــرُ كـان مـســافـةً مـلـغـــــــــومـةً     بـالعابـثـيـنَ وكنتَ أفضلَ من يَـرى

بـالـقـادمـينَ إليكَ من رجـــــسِ الـخــرا     ئـطِ يـنـسـلـونَ ليغرزُوا بكَ خنجرا

هم أدفأوا الأسرى وهم مــــلأوا الـبريـ     ـة أدعـيـاءً كـاذبــيــــن وأكـــــثــرا

هم أشعلوا الصحراءَ بـالـــــحـقدِ الـدفـيـ     ـنِ وشيَّـدوا فـي كـل شـبرٍ خـيـبـرا

جـاءوكَ يـرتـجـزون مــــلءَ نـعـيقـهــم     (يا ليتَ أشياخـي) وجـئـتَ مُـؤزّرا

بـالـعاشقين الأرضَ مـــلحَ الأرضِ هبُّـ     ـوا يحـملونكَ فـي الجوانحِ مِشـعـرا

مـن كــــلِّ تـاريــــخِ الـورودِ وكـل تـا     ريـخِ الــمحبَّـةِ مـن فراشـاتِ القرى

مـن كـل شـبــــرٍ فـي الحنينِ تأرجحوا     وجعاً فــراتيَّ الـمـلامــــحِ أســمـرا

هـم فـتـيـةٌ أقـــصـى المدائنِ جـمـعُهـم     جـاءوا وتـــسـعى خلفهم كلُّ الـذّرى

مـثـلَ الـفـــراشـاتِ اسـتـفـزَّ عـيونَـهـم     ضوءُ الـســواترِ حين لا صبرٌ يُرى

حـيـنَ اســـتـحـالَ الـنـهرُ تابـوتـاً لأخـ     ـوتِهم ولونُ الـــماءِ جـرحــاً أحمـرا

مـدَّوا لـــكـلِّ الـثـاكـلـيـــــنَ ســواعـداً     سُـمْـراً وشدُّوا بـــالمفاصلِ مَــعْـبـرا

وهــبُـوا إلـى الـغـيـمِ الـبـعـيدِ مواسماً     مـن لـونِ سـمـرتِهم فـــعـادَ وأزهـرا

وانــثـالَ يـرسـمُ فــي الوجوهِ ربـيـعَـه     نصراً بكبرِ الـرافـديـــــــنِ وأكـبـرا

مــن كـلِّ تـأريــــخِ الـعـراقِ مـزاجُـه     مـن كـربـلاءاتِ الـحسيـــنِ تـجَـذّرا

مــن صـولـةِ الـعـبـاسِ أشـعـلَ قـلـبَـه     إذ بـعـدَ صومِ الدهرِ حشــداً أفـطـرا

هـبّـوا عـراقــيـــيـــنَ حــشـدُ اللهِ أجـ     ـمـعـهـم وكان الصوتُ فيــهمْ حَيْدَرا

تُـطـوى الـمـدائـنُ طـوعَ يُمناهم كطـ     ـيِّ السجلِ حينَ الحزمُ لا بلْ أيـسـرا

هـبُّـوا عـلـى اسـمِ اللهِ حـشـدُ مـروءةٍ     قـد أدّبَ الـدنـيـــــــا وعـادَ مُـظـفّـرا

وقال من قصيدة (دماءٌ على رفيفِ السماء) وهي في سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):

أنا جئتُ من كفَّيَ يـنـبـثقُ الصدى     لامستُ جرحَك عابقاً مـثـلَ الـنَّدى

قـبَّـلـتُ وجـهَ اللهِ قـبـــلــةَ حـائـــرٍ     مُـتـبعثِرٍ عـبـرَ انـثـيـالاتِ الــمَـدى

فـي وجهِـكَ الذُّريِّ كنـتُ رأيــتُـه     مُـتـكــربــــــلاً بـصـفـاتِـهِ مُـتـفـرِّدا

قد كـنـتَ فرداً حـينـما مرَّ الجمـيـ     ـعُ بـكــربـلاءَ وكـنـتَ حـقـاً أوحـدا

يـا سـيَّـدَ الــثــــوراتِ أنـتَ ولادةٌ     شـعّتْ فـعـادَ الـكـونُ مـنهـا أسـعَـدا

يا ملهمَ الثوراتِ فـكـرتَـهـا الـتــي     تـخـتـطّ مـن نـهـجِ الرسالةِ مَقصدا

فجراً أتيتَ وكنتَ بـسـمـتَها الـتـي     لـمّـا تـزلْ مـا امتـدَّ دمـــعٌ سـرمـدا

ها أنتَ فـي شـفَـةِ الزمانِ قصيدةٌ     عـصـمـــاءَ ردَّدَهـا وظــــلّ مُـردِّدا

هـا أنـتَ تـزهرُ كـلَّ يـومٍ مـوقفـاً     وصـلابـةً فـيـنـا وتـورقُ مـــوعِــدا

تمتدُّ روحاً في عروقِ الرمل تمـ     ـنحنا الفراتَ يفيضُ ما ضاقَ النَّدى

ها أنتَ من عطشٍ ستثمرُ كلَّ ما     ءِ اللهِ من شفتيكَ كي تروي الصَّدى

أجلْ ذلكَ الرملُ صارَ مَزارا

على كلِّ ذرَّاتهِ

وبكلِّ صباحٍ

يطوفُ ويشدو باسمِ الحسينِ اليمامُ

وتمرُّ الدهورُ مطأطِئةً

فهي محضُ دهورٍ تفتِّشُ أحلاماً

حلماً .. حلماً

تريدُ اعتذاراً لأحلامِ طفلٍ

رمتها السهامْ

أجلْ كربلاء ...

السماءُ التي وِلدتْ من دماءِ الحسين

ليورقَ منها السلامْ

كربلاءُ تقومُ بكلِّ صباحٍ

كطائرِ عنقاءَ

ما امتدَّ حرفٌ وناحتْ خيامْ

وللآنَ مُذْ ألفِ شمرٍ

وسوطٍ يبلِّلها الشعرُ

يزهرُ في شفتيها ابتسامْ

لماذا تُبلّلُ كلَّ حروفِ التهاني دموع ؟

إذا قيلَ هذا الحسينُ

لماذا يطرِّزُها عطشٌ وبكاءْ ؟

لماذا تمرُّ الثواني كطعمِ الدماءِ

إنَّه الوجعُ المرُّ يزهرُ في كل حينٍ

إنَّها حسرةُ الكونِ

مرَّت بصدرِ نبيٍّ

يُبشّرُه اللهُ قبلَ الولادةِ بالموتِ

فكانَ الحسينْ

إذا دمعةُ اللهِ

مُذْ سُكبتْ فوقَ خدِّ النبيِّ

دمعةُ اللهِ

تحضنُها كربلاء

يا جُـرحَـنـا الأزلـيُّ مـا زالَ العرا     قُ بحجمِ جُـرحِـكَ شـامــخاً مُتَوقِّدا

مرَّتْ به الـطـعناتُ كلٌّ تـصـطـفيـ     ـهِ وكـلُّ نــائــبةٍ بـــه مَـــدَّتْ يـــدا

شـحـذوا على طولِ البلادِ خناجراً     سوداءَ حدَّ الـلا تـطـاقُ مع الرَّدى

لــكــنَّ فـتـيـتُـه بـطـفِّــــــكَ آمـنـوا     واستأنسوا بالموتِ وازدادوا هُدى

نشروا على طولِ السماءِ حُسينَهم     رايــاتُـهم في الخافقينِ لـها صـدى

الـحــمــــــدُ للهِ الـذي أسـرى بـنـا     للنصـرِ نحنُ بشائـرٌ تـبــــنـي غـدا

وقال من قصيدة (وأشـرق نصر السواتر) وهي في رجال الحشد الشعبي المقدس:

هـكـذا يَـرتـقـونَ فـالمجدُ صفُّ     بـلـغـــوا مــا تـلاه حـيـنـاً وخَـفُّـوا

يَـمسكونَ العُلا فهم حيث كانوا     فـالــمــعــالـي إلـى ذُراهـم تَــرِفُّ

أدمنوا طعمَها ففي الروحِ منها     شــهـقـةٌ فـي مــدى الـعراقِ تَـلِفُّ

واستداروا بكلِّ سـورةِ مـعـنـى     بالفداءِ الـعـظـيــمِ كـانــتْ تَـحِـفُّ

هـمُّـهـمْ أنْ تـعـيشَ فـيهمْ بــلادٌ     أشـربـوا حـبَّـهـا الــفـؤادَ فـعـفُّـوا

وأنـاخـوا بـبــابِـهـا ثَــــمَّ فـجـرٌ     مـن دمـاءٍ عــزيـــزةٍ يَـصــطَـفُّ

أوقـدوا فـجــرَهـمْ عـيونَ فـؤادٍ     عاشقٍ والـدموعُ لـيــسـتْ تَـجِـفُّ

عـاشـقونَ السواتـرِ الآنَ نبضٌ     عـلـويٌّ عـلـى الـمــحــبَّاتِ يغـفـو

كـلـمـا بـالحنينِ طاحَ شـهــــيـدٌ     أشعلَ الــدربَ من بـقـايـاهُ نَـزْفُ

وأضـاءَ المدى ابتكاراً وأهدى     نـجمةً فــي مـدى الـمـحـبَّةِ تـهـفـو

إنَّه الحبُّ يصطفيهمْ شـهـــوداً     قد علا صوتُهم ففي الروحِ عزفُ

يوقدونَ الحياةَ شمساً أضاءتْ     حـيـنــــمـا لـوَّحُـوا لـيُـهـزَمَ خَـوفُ

بـيـدٍ حـرَّةٍ أنـاروا الأمــــانـي     فـي عيونِ الظـمـا لـيُـزهـرَ جُـرْفُ

يعشقونَ البلادَ فهيَ حُـسـيـــنٌ     يُـثـمـرُ الآنَ مـن ثـنــــــايـاهُ طـفُّ

وعـلـى خطوِهم ستنمو قُراهُم     سُـدمـاً فـي مــــــــــدارِهـم تَـلـتَـفُّ

هُمْ معاني الوفاءِ حينَ تراهـم     هُـمْ نـخـيـلٌ مـن الـحـنـينِ وسَـعـفُ

هُـمْ بناةُ التأريخ ما كـان مـنه     مُـذْ أضاءوا الـعراقَ أزهـرَ حـرفُ

ومن الطينِ أورقتْ ألفُ دُنيا     بـبـهـاءٍ لـهـا وقـدْ حــــــــانَ قَـطـفُ

وأعادوا صولاتِهمْ فاحَ منهـا     عـنـبـرٌ ومـجـــــــــــــــامـرٌ وأكـفُّ

العراقُ الحبيبُ أورقَ نصراً     وبـعـزمٍ رايـــــــــــــــاتُـه لا تُـكَـفُّ

لـوَّحُوا حَـلّـقَـتْ بَـشائِـرَ مَجدٍ     بَـلـغـــــوا مَـا تـلاه ..دومـاً وخَـفُّـوا

وقال من قصيدة (علي ....)

وأتيتَ فجــراً بـالـمـحـبـةِ أخـضرا     دربٌ إلـى ربٍّ تـنـاثـرَ فـي الـقُـرى

دربٌ إلـــى ربٍّ تـقـمَّـصَـه الـبـغـا     ةُ فعادَ من كـثـرِ الـمواجـعِ خُـنـجـرا

متوحِّدٌ فـي الـضِّـفـتـيـنِ أحالكَ الـ     ـمعنى أساطيرَ اشـتـعـالٍ في الوَرى

يـا بــسـمـةَ الأيـتامِ كمْ مـرَّتْ دهو     رٌ وهـيَ مـــا زالـتْ تُـنـادي حـيدرا

من بـطنِها ولدتكَ, تدري كعبةُ الـ     ـدنيا بكونِك ــ ملءَ دهركَ ــ مشعرا

مـرَّتْ مــلوكٌ واستحالَ تـراثُـهـم     مـرَّاً ومــــا زالـتْ حـروفُـك سـكَّـرا

يا أنتَ يا صدقَ الزمـانِ زمـانُـنـا     رجسٌ وضوعُكَ كان طهراً أطـهـرا

يا أنتَ باسمكَ لم نزلْ نُعطى قرا     بيناً توزِّعُـنـا الـمـنـاصــبُ مـا تـرى

دمنا تُـلاقـفـه الـدروبُ وكـل نـهـ     ـرٍ ملءَ موتانا بـصــمـتٍ قـد جـرى

وبكلِّ شبرٍ من عراقِك ضجَّتِ الـ     آهاتُ بالمسرى وقــد طـالَ الـسـرى

فـي كـلِّ يـومٍ طـفُّـنـا عـبـرَ الـمدا     ئـنِ حـدَّ عـادَ الـكـــونُ مـنّـا أحـمـرا

كـثـرتْ خـنـادقُـنـا وعـبـدُ الـودِّ آ     لافٌ ولـيـلُ بـالـعــــــراقِ ولا كـرى

وتـكـاثــرَ الأحـزابُ كـلٌّ يـدعـيـ     ـكَ وجـلّـهـمْ شـادوا بـخـبـثٍ خـيـبـرا

والـبـابُ والأبوابُ مـوصـدةٌ وكـ     ـلُّ وجوهِنا صفـرٌ وسـيـفُـك لا يُـرى

فمتى تمرُّ على القـلوبِ سـحـابـةٌ     بيضاءَ تمـنـحُ مـا تـريـدُ مـن الـقِـرى

ومـتـى بـعـدلـكَ تملأ الدنيا وتـمـ     ـنحُـنـا جـوازاً لـلـمـرورِ إلـى الذرى

ومـتـى تـمـرُّ بـكفـكَ الفضلى لتقـ     ـطـعَ كفّ من سرَّقَ الـبريةِ والورى

يا سيِّداً صنعَ الثباتَ مـتـى سـنـنـ     ـهـلُ مـن ثباتِكَ كي نَعافُ القـهقـرى

ولِـد الـنـهـارُ بيومِ مـولـدِك الـبـهـ     ـيِّ وما يزالُ الدربُ فجـراً أخضـرا 

وقال من قصيدة (تنويمة) وهي في عبد الله الرضيع (عليه السلام):

وحـيـداً عـلـى رأسِ رمـــحٍ تُـــــدارُ     بهـولٍ وقــد أنـكـرتـكَ الـديـارُ

فــيـا صـغـرَ سِـنِّـكَ حـيـن فُـطـمـتَ     وهلْ فـطــمـتـكَ نبالٌ صـغارُ؟

وكـان الــقــمــاطُ دمـــــاً لـفّ جـسـ     ـمَـكَ والمهدُ رملٌ ومنه الدثارُ

وحـيــداً تــلاقــفُ بــيــن الـقــبـائـلِ     قد شـطّ عن أبـويـــكَ الـمـزارُ

فـأمّـكَ قـــامــةُ حـــزنٍ غـــريــــبٍ     وما هَـدَّ مـن صبرِها الإنكسارُ

إذا حـانَ وقـتُ الرضـاعِ أصـاخـت     لعلّك، لا شـيءَ! والصمتُ نارُ

صغرتَ على الموتِ ما زلتَ طفلاً     وفـي كـفّ مـوتِكَ طـفـلاً تـدارُ

عـصافـيـرُ حُـلـمـكَ لـلآن تــشـــدو     تعالَ صغيري.., وماتَ النهارُ 

وقال من قصيدة (فجر علي)

الليلة هزّ الصحراءَ العربيةَ فجرٌ

أيقظَ أحلامَ الأطفالِ الغافينَ بليلِ البؤس

أوقدَ في عينِ الليلِ المتربِّعِ فوقَ الأعناقِ

شموعََ الرفض

أجّلَ موتَ الأحلامِ لدنياً أخرى

زرعَ البسمةَ في قلبِ نبي

وأزاحَ ستارَ الأوجاع

ليرسمَ نصراً بعدَ سنينَ ببدرٍ

الليلةَ مرّ شهابٌ

بين الأصنامِ بمكةَ

فارتعدتْ فرقاً

وانكفأ الكهّانُ على بابِ الكعبة

حيثُ انشقَّ جُدارٌ

مازالَ وللآن الشقّ....يذكّرنا

كي تدخلَ بنتِ أسدْ

تحملُ في الجوفِ أسدْ

وتشيرُ إلى اللهِ بعينِ الأمِ التعرفُ معنى الله

الليلةُ حطّ على الأرضِ بمكةَ حيدرةُ الغالب...

الليلةُ ينتصرُ الفقراءُ بأدنى الأرض...

2-

دمعةٌ لليتيم

بسمةٌ للفقير

كسرةُ خبزٍ

وسيفٌ

وحفنةُ ملحٍ

وثوبٌ مرتق

وشمسٌ تطاوعهُ في المسير

هكذا ملكَ الخافقينِ وأدمى القلوب

هكذا صارَ في مقلةِ الدهرِ رمزاً

تخطّ خُطاه مسيرةَ كلِّ الشعوب

إنه لا فتى في الأرضين

لا سيفَ إلّاه

لا فحلَ إلّاه

لا قلبَ يبكي لحزنِ اليتامى سواه

3-

حُـيـيـتَ مـؤتـلـقـاً يـسـمـو بـكَ الألقُ     ذكـراكَ هـذي فـماذا تـفـعلُ الـحَـدقُ؟

فـي كـلِّ يـومٍ يـزيـلُ الـدهـرُ راسـيةً     وأنـتَ مـابـيـنـنـا تـأتــي كما الـفـلــقُ

يا أنتَ يكفيكَ أنّ الكون محض لـقىً     مـرمـيـةً في مـدى كـفـيـكَ تـصطفقُ

إذ قلتَ للشمسِ عودي الآن فانكفأتْ     خجلى تجرجرُ خيطاً وانطوى الأفقُ

خذْ ألفَ شمسٍ فدى كفيكَ وارمِ بهـا     فـأنـتَ قـطـبُ رحاها فـــيـكَ تّـتـسـقُ

وأنـتَ تـورثُ لـلأيـــــــامِ رونـقـهـا     بـمـقلتـيـك تـهـادى ضـوؤها الـعـبـقُ

أنـتَ الـعلي بهذي الأرض تـمـنحها     سُـورَ الأمـانِ فـلا خـوفٌ ولا فَــرَقُ

4 –

وها أنتَ مازلتَ مُذ ألفِ دهرٍ

تمرّ الليالي على شاطئيك

فتمنحها الدفءَ والضوء والعافية

يتاجرُ باسمكَ كلّ الملوكِ وأنتَ بريء

ويحكمُ باسمكَ كل اللصوصِ وأنتَ بريء

ملكتَ منَ الأرض ثوباً وسيفاً

ووزّعتَ في كلّ قلبٍ بها الضحكةَ الصافية

فهلْ ياتراكَ أقمتَ القصورَ

والفقير له خيمةٌ بائسة

وهلْ ياتراكَ ملأتَ المصارفَ مالاً

وعينُ اليتامى بها دون خبزٍ تبيت

سموتَ تعلمُنا كيف أنكَ حقٌّ ..فكنتَ علياً

وأنّكَ عدلٌ فكنتَ عليا

وأنكَ حربٌ فكنتَ عليا

وأنكَ سلمٌ فكنتَ الأمير

-5 –

إنّنا باسمك الآن نقتلُ

تشطبُ أسماؤنا

تنبشُ حتى قبور الذين أحبوكَ مذ ألف عام

إنّنا ندخل الآن عصر يزيد

ونضرب أطنابنا في مدار الظلام

إنّنا نقفُ الآن مثلك بين الفتن

لكننا مثلما انتَ لنْ نُمتهن

ستمرّ الغيومُ التي برقها خلبٌ

وتمرّ السيول جفاءً ونبقى

لأنكَ رمزٌ لكلِّ الذين أحبوا الحياة...

فكنتَ الحياة

لأنّكَ رمزٌ لكلِّ الذين أحبوا العراق

فصارَ يُسمّى بلادُ علي

وصرنا نسمّى عيالُ علي

فأنتَ عليٌ ونحنُ على نهجكَ السائرون

وقال من قصيدة (جـسـرٌ إلـى الـخُـلـد)

هكذا تُورقُ الدماءُ اخضرارا     مـا يزالون موقـفاً لا يُجارى

فوقَ كلِّ الدروبِ يُثمرُ نـبضٌ     نـبـويٌّ سما بـهـمْ واسـتـدارا

هـا هـمُ قـد أتوكَ من كـلِّ فـجٍّ     مـثـلَ رمـلٍ إليكَ أزهرَ نارا

كـلُّ عــــامٍ إلـيـكَ حـجٌّ جـديـدٌ     كـلُّ عامٍ تـدرَّعـوا أعـمـارا

**

ينثرُ الشيبُ حلمَه في خُـطـاهُم     زقزقاتٍ على الـمنائرِ تـغـفـو

أيُّها الدربُ شـمـعـةً قـد أتـيـنـا     لـو تـمهَّلتَ فالمسافـةُ عصفُ

أينه الجسرُ؟ والخطى والهاتٌ     واحتراقُ مع المصيباتِ يطفو

كـربلا طـفُّــــنـا ولـكـنَّ دربـاً     نحوَ ذاكَ الإمامِ يا جسرُ طـفُّ

**

أعلى الجسرِ نعشُه كان مُلقىً     كيفَ والـكونُ من شذاهُ تعطّرْ؟

خرزةٌ بين كـفيهِ دنياكَ هـذي     وهو أسمى ـ والله ـ منها وأكبرْ

هو كلُّ الـوجــودِ ذاكَ جـلـيٌّ     فهوَ خيرُ الأنامِ موسى بن جعفرْ

.....................................

وقال من قصيدة (يا كريم الوجوهِ الزُّهر) وهي في الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):

منْ مبدأِ الـتـيـنِ حـتـى آخـرِ الفجـرِ     مـنْ أوّلِ الـدهـرِ حـتـى آخرِ العُمـرِ

ومـنْ نـدىً مـن أغاريدٍ مـشتْ بــدمٍ     للأنبياءِ ومـنْ فـخــرٍ إلــى فـخــــرِ

كنتَ ابـنَ بـنـتِ نـبـيٍّ لـيـسَ يعـدلَـه     إلا الحسينَ فكنتَ الأصلَ للبـحــــرِ

يا سـيَّـدَ الأمـنـيـاتِ البيـضِ في شفةٍ     لـمـا تـزلْ بـانـتـظارٍ آخرَ الصـبـرِ

هَـبْ لـلـمـحـبـيـنَ أحـلامـاً مـؤجَّـلـةً     منذُ الحسين وهمْ في حاجةِ النصرِ

الـدهـرُ أوغلَ في حـزنٍ وفـي كـدرٍ     وأنـتَ بـسـمـتُـه يا سـيـدي نــدري

يا بـسـمـةً فـي شـفاهِ الدهرِ جادَ بـها     مـحــمـدٌ ذاتَ أحـلامٍ لـذي حـجــرِ

فيا كريمَ الـوجـوهِ الـزهـرِ نـعرفُـهـا     وجـوهَ بـيـتِ نبيٍّ زينةُ الـدهـــــــرِ

امنحْ رؤى الحالمينَ الآنَ ما حملتْ     ورودَ ضحـكـاتِـنا البيضاءَ للصدرِ

وصُـغْ بـمـولـدِكَ الـقـدسيِّ فرحتَـنـا     وامـنحْ جوازَ مـرورٍ مـنـكَ لـلشعرِ

نـحـنُ الـعَطاشى بـأرضِ اللهِ تسكنُنا     أحلامُنا بالـعـطـايا مـنـكَ بـالـزَّهـرِ

بالنصرِ تكتبُه فـي الـضـفـتـيـنِ يـــدٌ     بـيـضـاءَ من حشـدِنـا تـمتدُّ للحشرِ

وقال من قصيدة (حلم اليتامى) وهي إلى أبيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)

وكان اليتامى على موعدٍ..

والرغيفُ.. تأخَّرْ..

قالوا: لعلَّ الذي كانَ خيراً

وناموا جِيَاعا

وقالوا: سياتي المساءُ.. ويأتي

بلا جلبةٍ مثلَ مرِّ النسيم

يُوزِّعُ من يدِه خبزَه

دونما حملةٍ ستُسمَّى انتخابا

ودونَ مكاتبَ تُخفي وراءَ النَّوايا نوايا

سيأتي كأحلامِنا

شفقاً من مروءة

لا يميِّزُ ما بيننا حين يأتي

سوى اليُتمِ

وحينَ تأخّرَ هذا المساء..

عرفوا اليتمَ والفقرَ

أدركوا.. أنَ كلَّ بيوتِ الصفيحِ ستبقى صفيحا

يُجَلّلها الذّل

أدركوا.. أنَ طعمَ الرغيفِ معَ العزِّ

صار بعيدَ المنال

وناموا جياعا

وللآن تُورقُ ثوراتُهم حينَ تُورق

باسمِ الأميرِ الذي

كانَ يحملُ كيسَ الطحينِ على كتفٍ

ويحملُ كلّ الحنانِ على كتفٍ

ويوزِّعُ باسمِ الإلهِ مع الخبزِ

يوزِّع بسمتَه من وراءِ اللثام

وحينَ الصباح ... يكونُ الإمام

فإلى كلِّ من يقفُ الآنَ بينَ الرغيفِ ولقمةِ عزٍّ

إلى كلِّ من يدَّعي حبَّه لعلي

لكلّ المرابينَ باسمِ الأمير

أقولُ ضعوا كيسَه فوق أكتافِكم

وأزيلوا التصاويرَ عن كاهلِ الفقراء

وهُبُّوا لحربِ اللصوص

فما بينَكم وعليٍّ عهود

وما بينَكم والعراقِ عهود

أوقفوا سورةَ الدم

فالموتُ صارَ بأرضِ عليٍّ

يوزَّعُ مثلَ الهوية

والخوفُ مثلَ الهوية

واليُتمُ مثلَ الهوية 

وقال من قصيدة (بوابة الحياة) وهي إلى المدينة التي نثرت جسر المحبة لعشاق الحسين

وذرفت أبناءها شوقاً لهم وهم يعبرون منها إلى النور

إلى طويريج مدينة الكرم الحسيني

‏وحيث التفتُّ

وجدتُ القلوبَ تودِّعُ أسرارَها

موجةً في الفرات

وحيثُ نوارسُ ترسمُ خارطةً

للمحبة

تمرُّ بجسرٍ

قديمٍ على النهر

كلّما داعبته البراءة

هبَّ شوقٌ به

ينحني كي يقول:

اعبروا

وتلوجُ الأماني على وجنتيهِ

الفراتُ بها شاطئٌ من هوى

وأوجهٌ تمرٌّ بعمرِ الدهورِ لتبقى ندية

لتظلَّ بها حلماً من ندى

وانتظارٌ على الجسر

كلٌّ يغازلُ صمتَ المويجات

حدَّ انحناءِ الدموع

وكلٌّ يودِّعُ أسرارَه نورساً

أيّها الجسرُ خبِّئ أماني القلوب

وهيّأ لهم وطناً من حنين

كي يلوذوا به

إذا ازدحمَ الهمّ

تمدُّ له خضرةَ الروحِ والماء

والشجرُ المتناثر

باسقاتُ النخيل

وصفصافُها المتشابكُ جنبَ الجروف

يتوضَّأ من حزنهِ بغناءِ الحمام

ويعزفُ للناي لحنَ القصب

يعودون بالأمنياتِ خفافاً

نتوضّأ من خضرة

ونصلي صلاة المحبة عند مسناتِها

إنّها منذ أكثر من....لستُ أدري

صديقة عشّاق بيتِ النبي

كلّما عادَ شهرُ (المحرّم)

تفتّح قلباً رؤوماً

وتشرِعُ أبوابَها بانتظارِ مسيراتِ سبي تمرّ

للعابرين إلى الله من فوقِ جسرٍ قديم

حيثُ الخطى لهفة

والطريقُ التي اتّشحتْ بالسواد

تقبِّلُ اقدامَهم

وهي تسهرُ خلفَ مواقِدها

تسجِّرُ تنورَها وتعدُّ الثواب

على حزنِ صوتِ ( النوينيّ)

أو صوتِ نادبِها (جاسم)

وهي تصغي إلى دمعاتِ الإله...

(يالغزيت العالم بسبعينهة)

و(جينا ننشد كربلة مضيعينها)

تذرفُ أبناءها حيت تنعى الحسين

إنها ها هنا

في مدارِ اللهِ تمسكُ بوّابة

للحياة

وقال من قصيدة (محاولة أخرى لليتم) وهي في ذكرى جرح الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشهادته...

جـئـنـا يـمـزِّقُـنـا الأسى لـمـصـابِهِ     وِرداً نذوبُ مـضـمَّخـيـن بـبـابِـه

نـدري بـأنَّ لـدى الـجـفـونِ مـهمةٌ     أن تـذرفَ الأحـلامَ فـي أعـتـابِـه

جـئـنـا يـتـامـى لـم نـزلْ من عهدِه     متقاطرين على دروبِ خـضـابِه

دربٌ إلـيـه صـراطـنـا ونـجـــوزُه     مـتـعـلـقـيـن مـحــبــةً بـثـيــــابِـه

مـثـلَ الـفـراشـاتِ اسـتـفـزَّ عيونَنا     نـورُ السماءِ يـطـلّ من محـرابِـه

جـئـنـا وقـد دارَ الـزمـانُ يـقــودُنا     هـمٌّ ويـفـزعُــنـا نـشـيـجُ غـيـابِـه

مَن يمسحُ الأحزانَ عنّا ؟ من يـقو     دُ الكوفةَ الحمراءِ وسط سرابه؟

مَن يوقظ الموتى على بابِ المـديـ     ـنةِ ؟ من يعيدُ الحقَّ في أسبابِهِ؟

من يهزمُ الأحزابَ ؟ والليلُ الطـو     يلُ مـدائـنٌ ردّت صدى أحزابِـه

وبـكـلِّ فـجٍّ خـنــــــدقٌ ويـقــودُهـا     عمرو يصيحُ مُلـوِّحـاً بـكــتـابِـه

(عُـدنـا) وفـي كـلِّ المدائـنِ قـاتـلٌ     مـتـابِّـطٌ غـدراً يـلـوحُ بـنـــــابِـه

وقال من قصيدة (شموع في طريق علي)

وسموتَ بالعلياءِ وحدَكْ

ووقفتَ في خلدِ الزمانِ ...

تحوكُ من صخرٍ

على عينِ النواصبِ صغتَ مجدَكْ

ما زلتَ في عينِ الوجودِ

تمرُّ كلُّ ممالكِ الدنيا

وتشيخُ أسماءٌ وأرقامٌ

وأنتَ أميرُ آمالِ اليتامى

ترسمُ الأحلامَ وردَكْ

ها أنتَ في شفةِ الزمانِ الصدقِ

كيفَ أكذوباتهم يوماً تحاولُ أن تحدَّكْ

طلقتها..

وأتتكَ دنياهمْ ثلاثاً

ما ارتضيتَ...وفيتَ عهدَكْ

كثرتْ خنادُقنا

وعبدُ الودّ آلاف

فهلاّ جئتَ كيما تهزمَ الأحزابَ وحدَكْ

*

وتدري أبا حسنٍ

ما الذي خلفته الأيادي التي بايعتكَ وخانت

مالذي أورثته الحروبْ ؟؟؟

بكلِّ زمانٍ لهم جملٌ...ومعاوية ....ويزيد

بكلِّ زمانٍ لهم كاتبٌ للتقارير ...

أو مخبرٌ...

وقطامٌ...

وسيفُ ابن ملجم ما زالَ تلمعُ في جانبيهِ النيوبْ

وفي كلِّ يومٍ لنا ألفُ جرحٍ

يرنُّ صداها بكلِّ القلوبْ

تمنَّيتُ يوماً بعدلكَ فينا تؤوبْ

لنشعلَ في كلِّ ركنٍ شموعا

وفي كلِّ قلبٍ غديرا

وننثرُ أرواحَنا كالطيوبْ

تمنّيتُ لو مرَّ يومُ الغديرِ بلا أيِّ موتٍ

بلا أيِّ دمعٍ يتيمٍ

بلا أرملةٍ

فمنْ أينَ يأتي عليٌّ ليمسحَ دمعتَه

ويمسِّدَ أوجاعً همٍّ ثقيل

والدروبُ مثلثُ غدرٍ وأركانُها مقصلة

تمنَّيتُ أن ينزعَ البعضُ أسمالَه ويزيحَ النفاق

تمنَّيتُ لو مدَّ كلٌّ لصاحبِه وردةً بدلَ القنبلة

ووافقه أن يعيشَ بظلكَ كل العراق..

وقال من قصيدة (فيا قمراً) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

سـمـاءٌ بـلـونِ الـحـــزنِ لا قـــمـرٌ يـبـدو     وليس لنــجـمِ الصبحِ في صبحِها عدُّ

تـــنـــاوشـهـا الـذؤبـانُ شـرقـاً ومــغـربـاً     فكلٌّ فــضـاها الهمُّ, كيفَ غـدا يغـدو

تـدورُ بـها والـصــبــحُ حــلـــــمٌ مُـؤجَّـلٌ     بعيـنـينِ من جمــــرٍ يؤجِّجُهُ الـسُّــهدُ

وكـانـتْ بـحـجـمِ الـصـبـرِ وهـو إزارُهـا     تُـــشـدُّ بـهِ والـكـونُ أنـهـكـهُ الـشـــدُّ

تـدورُ عــلــى الأحــبـابِ كـلٌّ مــمــــزّقٌ     وكلٌّ على الأهوالِ – تعرفهُ - الفردُ

تــطــاولَ ذاكَ الــلــيــلُ بـالـهـمِّ والأسـى     فأينَ ليوثُ الغابِ أيـنَ مـضى الأُسْدُ

تـمـرُّ عـلـى الأشـلاءِ هـذا كــفــيــلــهــــا     تـنـاثرَ دونَ المـــــــاءِ وهو بهِ يعدو

فــيــا قــمــراً مـا حــانَ وقـتَ خـسـوفِــهِ     تلاقـفهُ الحـيـتانُ والأفــــــــقُ مسودُّ

هـنـا قـربـةٌ لـلـماء ظـمـأى عـلـى الـظما     ولا كفّ دونَ الـماءِ إذْ طُلِبَ الســـدُّ

أبا الفضلِ، كانَ الـجـيـشُ يُـطـوى بـكـفّهِ     ويتركهُ رهواً ويبســــمُ إذ جــــــدّوا

أتى الجـيـشَ بـحـراً مـثلَ موسى وسيـفهُ     عصاهُ, ونفسُ القــــومِ جزرٌ ولا مدُّ

تـمـورُ بـكـلِّ الـشـرِّ فــهـــو يـــقـــودهــا     تلاطمها الأضغان والخوفُ والحقدُ

هـوى ســيــفــــهُ فـوقَ الـرقـابِ فـقـطّها     وصـاحَ أنـا الـعـبّـاسُ فـانفلقَ الحشدُ

لـهُ الله لا كــفّــاهُ بــالــســيــفِ أُرهِــقـــا     ولـيـسَ هُـمـــا كـــلاّ ولا بُلِغَ الجهـدُ

وكـانَ إذا مـا اشـتـدّتِ الـحـربُ بـاسـمـاً     كدأبِ عليٍّ كـانَ لو أزبــدتْ يشــدو

عـطــوفــاً حــنـوَّ الـمـرضـعاتِ بـأهـلـهِ     وكــالحجرِ الصوّانِ إذْ أقبـــــلَ المدُّ

جلا الجيشَ عـن نـهـر الـفـراتِ وعافهم     كـأعجازِ نخلٍ وسـطها النـار تشتـدُّ

ولــمّــا بــكلّ الــحــبِّ عــبَّــأ قـــربــــةً     وهمَّ بشربِ المـــــاءِ, أو هكذا يبدو

سرتْ فيهِ من كـبدِ الـحـسـيـنِ سـخـونـةٌ     فعـــــافَ قراحَ المـاءِ واشتعلَ الكبدُ

رمـى الـمـاءَ مـن كـفيهِ ما ذاقَ طـعـمَـهُ     فصـــــارَ بحجمِ الكونِ موقفهُ الفردُ

وعـادَ وفــي جـــفــنــيــهِ حــلـمٌ مـؤجَّـلٌ     يئنُّ لأطفـــالٍ يحيّرهـــــــا الـــــردُّ

هـو الـمـاءُ يـا عـبّـاسُ وانـقطعَ الصدى     هوَ الماءُ .. يا ألله هـل يورقُ المهدُ

تـقـافـزَ مـن جـنـبـيـهِ يـهـفــو لـصـبـيــةٍ     تصـارخُ بالرمضاءِ – قلبٌ لهُ وقدُ

وسـارَ عــلـى الأهـوالِ يـحـمـلُ جــودَهُ     ويمسكُ عنقَ الدهرِ, يصحبُهُ المجدُ

ولولا المنايا تـبـتـغـيـهِ لــــمــا هــــوى     وهيهــــات سهمُ الدهرِ للقوسِ يرتدُّ

تحيّــــــــرَ لا كفّـــــاهُ تـحـتـضـنُ الـلوا     وكـــيف ؟ ولا زنداهُ بالجـــودِ تمتدُّ

هوى حيثُ لاقى الأرضَ والسهمُ نابتٌ     بعينٍ بكــــــتْ للهِ إذ مُنِعَ الــــــوِردُ

رمـتـهُ سـهـــــامُ الــــغدرِ تطلبُ جودَهُ     فعــــادَ وعـادَ الـجـودُ موردهُ الشهدُ

وعـادَ ربـيـعَ الله في أرضِ كــــــربـلا     عـطاياهُ كــالـطـوفـانِ ما وسعَ العدُّ

مناراً لكــــــــــلّ الناسِ قـبّـتُـهُ سـمــتْ     فـيا قـمراً مذ كانَ ... أبراجُهُ السعدُ

وقال من قصيدة (ألف هلا)

سـيـقـبلونَ، فرشنا الأرضَ (الفَ هلا)     وكـلُّ أحـلامِـنـا قـد أيـنــعـتْ سُــبُـــلا

مـن آخـرِ الـفـرحِ الـمـخـبـوءِ نـعـرفُهم     من أوَّلِ الأمـنـيـاتِ ال طـاولتْ جبلا

أهـلاً بـهـمْ يـعـبـرونَ الأفـقَ مـلـحـمـةً     مـن الــوفـــاءِ يــمـدُّونَ الـمـدى قُـبُـلا

هـنـا سـيـمـتـزجُ الــــتــأريــخُ أقــدمـه     يـحـدِّثُ الـكونَ يعـطي أرضَـه عِـلـلا

يـمـدُّ ذاكـرةَ الأشـيـاءِ كـيـفَ نـمـــــتْ     فوقَ الرمالِ وجاءتْ تـحـملُ الـرُّسُـلا

يحكي عن الحزنِ عن دربٍ لهمْ وجعٌ     وعن خطى أينعتْ في مـشـيــهمْ دُولا

الـقـادمـونَ مسـيــراتٌ عـلــى ولـــــهٍ     يـلـقّـنـونَ الـفـيـافـي لـو دنـــتْ غَــزلا

هـمْ أوَّلُ السعـي، شـوطٌ السعي قلّدهمْ     وكان جبريل من خلف الخطـى خجلا

يـدري بـأنّ دمـاً فـي (كربلا) مزجت     قـطـراتـه بـجـبـيـنِ الـكــونِ فـاشـتعلا

وكـان حُـدِّثَ عــن طـفـلٍ وعـنْ كهلٍ     وعـن سـبـايـا وعـن نـهـرٍ بـهـا قُــتِـلا

وهـمْ مـسـافـةُ حـزنِ اللهِ مُـنـذُ هــوتْ     فـوقَ الـرمـالِ أكـفٌّ فـاسـتـوتْ بـطلا

سـيـقـبـلـونَ، إذنْ والـسـبـيُ أنـهـكـهمْ     يـوزِّعـونَ عـلـى أحـلامِــنــا مُـــقـــلا

لـنُـبـصـرَ اللهَ في صمتِ الفقيرِ هوى     مـن ابـتـسـامـتِـهِ الـبـيـضـاءَ قـد جُـبلا

لـذا لـديـنـا بـعـاشـورا لـهــمْ وطــــنٌ     نـمـدُّ خـيـمـتَـه طـولَ الــمــدى أمَـــلا

نـعـلّـمُ الـدربَ مـعـنـى أن يكونَ لهمْ     فـي كـلِّ قـلـبٍ حـنــيـنٌ بـالـدمِ اخـتزلا

هـذي الـمواكـبُ مُـدَّتْ واسـتدارَ بها     لـزيـنـبِ الـصـبـرِ دربٌ من وفا جُعلا

يـدرونَ زيـنـبـهـم تـأتـي فتشتعلُ الـ     آفـاقُ مـن غـيـرةِ الـعـبـاسِ لـو زعــلا

فـيـفـرشـونَ لـهـا كـلَّ الدروبِ ندىً     يـوزِّعـونَ بـهـا مـهـجـاتِـهـم سُــــبُـــلا

هـا أقـبـلـوا وطـويـريـجٌ لـهمْ هتفتْ     بـكـلِّ ذرَّاتِـهـا الـخـضـراءَ (ألـفُ هلا)

وقال من قصيدة (صوت الزهراء)

أبي كسرُ ضلعي زادَ مفخرتي فخرا     وهلْ ظلمَ الماضونَ كـابـنتِكَ الزهرا

ولـكـنَّ لي ضلعاً يُداس بكربــــــــلا     ومـا تـركـوا للخيلِ ظـهـراً ولا نحرا

بهاجرةٍ مـلقىً ثــــــلاثاً مرمــــــــلٌ     تـســحّ عليه الريـحُ حـيـث أتتْ جمرا

بـهـا جـسـدُ الـعـبّـاسِ يـهـفـو لقربةٍ     ولا كفّ سدَّتْ دون رقراقِها المجرى

أبي وجعي والـضـلـعُ وابني مرملٌ     وأهـلـيـهِ سـيـقـوا فـي مدائنِها أسرى

......................................................................

1 ــ زودني الشاعر بسيرته وأشعاره عبر الأنترنيت

كما ترجم له:

الدكتور سعد الحداد / الحسين في الشعر الحلي ج 2 ص 422

تراجم شعراء بابل في نصف قرن ص 172

ديوان الحلة / أنطولوجيا الشعر البابلي المعاصر ص 313

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار