تشتق الأهداف التربوية العامة من مصادر متعددة فمنها ما يتعلق بأهداف الدولة ومنها ما يتعلق بأهداف المجتمع المحلي ومنها ما يتعلق بأهداف المؤسسة التربوية، فالأهداف التربوية العامة غالبا ما تتفق مع سياسة الدولة وفلسفتها وثقافتها ومعاييرها، فالهدف التربوي هو هدف عام يختص بوصف المهارات الكلية التي يتوقع من المتعلم أن يظهرها بعد عملية التعليم لأحداث السلوك المرغوب فيه، والهدف قضية عامة، لأنه يصف الأنماط المرغوبة من السلوك المراد إحداثه عند المتعلم.
وهناك مصادر أخرى تشتق منها الأهداف التربوية العامة اضافة الى الخطوط العريضة للمنهج التعليمي ودليل المعلم نذكر منها :
1. دراسة تحليل الاحتياجات - والتي تتمثل بسلسلة من الدراسات الاستطلاعية التي تقوم بها المؤسسة التربوية للكشف عن الاحتياجات غير المشبعة التي تعاني منها المؤسسة والفئة المستهدفة فيها.
2. تحليل المهام التعليمية - فالمهام التعليمية لموضوع معين من شأنها ان تزودنا بالمعرفة الدقيقة التي يتطلب الموضوع والخطوات الإجرائية الفرعية التي تشتمل على مهارة ما وهذه الخطوات من الأهداف السلوكية التي يتوقع من المتعلم أتفانها في نهاية التعليم .
3. الخبراء والمختصون – وتقع على عاتق هؤلاء النخبة مهمة صياغة الاهداف التربوية، وذلك للمعرفة الغزيرة والخبرة الطويلة والتفحص العلمي الذي يتمتعون به، ولما كان من المستحيل تصميم مادة تعليمية تحقق جميع الأهداف التربوية العامة لدولة ما، فأن على المؤسسة التربوية أن تضع أهدافها بصيغة اكثر خصوصية من الاهداف التربوية الا وهي الاهداف التعليمية .
وتعد الأهداف التعليمية أساس العملية التربوية التعليمية فهي من أهم أركان العملية التربوية المنشودة، بل تتعدى ذلك لتمثل حجر الزاوية في العملية التعليمية ، فلولا الأهداف التعليمية لتوزعت العمليات العقليـة وتبـاينت وتاه المعنى بالتربية بين الوسائل الموصلة والغايـات المنشودة والمرجوة من العملية التعليمية، إذ انها تكون اهم عناصر مدخلاتها الرئيسية، وهي في الوقت نفسه تمثل التعليميات النهائية من كل أشكال العمل التربوي الموجه لتربية الإنسان وتنشئته التنشئة الصحيحة لخدمة وطنه في إطار بيئة اجتماعية صحيحة.
ومن المثير للاهتمام ان هنالك لبس كبير يقع فيه التربويون وبخاصة العرب منهم فهم يخلطون بين الاهداف التربوية والأهداف التعليمية فترى احدهم يتحدث عن الاهداف التعليمية وهو يقصد الاهداف التربوية او بالعكس ولازال هذا الالتباس موجودا حتى الوقت الحاضر على الرغم من التطور الحاصل في العملية التعليمية والتربوية، اذ لا بد من التفريق بين مفهومي التربية والتعليم فالتربية تهدف إلى تنمية الفرد واستعداداته وتوجيهه الوجهة الاجتماعية السليمة حتى يكون فرداً صالحاً في المجتمع الذي يعيش فيه وبعبارة أخرى فإن التربية وسيلة لتغير سلوك الطالب وتنمية شخصيته في بناء المجتمع وتطوره، اما التعليم فهوعملية يكتسب عن طريقها الفرد خبرات جديدة .
ومن ذلك نستشف ان التعليم يعد وسيلة التربية لتحقيق اهدافها ، ومنه يتضح ان الهدف التربوي بطبيعة حاله هو هدف شمولي واسع وغير محدد.. ويحتاج الى فترة زمنية اطول لتحقيقه، في حين ان الهدف التعليمي هو هدف محدد واقل شمولية من الهدف التربوي تشرف على تنفيذه مؤسسة تعليمية محددة كالمدرسة او المعهد او الكلية، وهنا نجد إن الأصل والأساس لكل مستويات الأهداف هو فلسفة التربية بما فيها من قيم، ومثل تشتق الأهداف التربوية العامة العريضة ومن هذه الفلسفة، ثم تصاغ الأهداف التعليمية بشكل سلوكي محدد.
أن النتائج التربوية كثير ما تصاغ على مستويات مختلفة وأحد هذه المستويات تحديد الغايات العريضة للتعليم مثل نقل الثقافة ، أو إعادة بناء المجتمع أو توفير أقصى نمو للفرد ، أو تنمية المسؤولية الاجتماعية عند الأفراد، فضلا عن الاكتفاء الذاتي أو الابتكار ، ومن جانب اخر فان الوظيفة الأساسية لتحديد الأهداف هي تحديد الاتجاه الغالب على البرامج التعليمية والنواحي التي تؤكد عليه، والأهداف في هذا المستوى تحدد ما يمكن أن يوصف بأنه فلسفة تربوية، وهذه بحد ذاتها تعد خطوة نحو ترجمة حاجات المجتمع والأفراد وقيمهم في برنامج تعليمي موحد، ولكن هي مرشد غير كاف لاتخاذ القرارات اللازمة لتطوير المناهج التربوية والتعليمية، فهي لا تكفي لتحديد المحتوى واختيار خبرات التعلم لوضعها في المنهج، ولا تبين على وجه التحديد أفضل طريقة لتنظيم المنهج على أخرى.
ومن الممكن أن تصاغ الأهداف بمستوى آخر.. وتكون عادة على نوعين، النوع الاول منها هي الأهداف التي تصف نتائج التعليم بصفة عامة ، اما الاخرى فهي تصف نتائج معينة وهي تتمثل بالأهداف السلوكية التي تتحقق نتيجة لتدريس وحدة معينة أو مادة دراسية أو مقرر أو برنامج ما في مستوى صف معين، وعلى ضوء ذلك يمكن اعتبار تنمية التفكير الناقد هدفا مدرسيا عاما، فكل مادة دراسية قد تسهم في تنمية الهدف منها ( عن طريق التفكير الناقد) بطريقة مختلفة ، وبالتالي فهي في حاجة إلى ما تسترشد به لصياغة الهدف صياغة خاصة بها، مثل فهم البرهان الرياضي أو إدراك العلاقة بين الحياة والأدب وما الى ذلك، وبذلك تكون ضابطة تحديد الاهداف هي أولى الخطوات لعمل أي منهج تربوي تعليمي، لان الأهداف هي التي تخلق الدوافع وتساهم في تحديد واختيار الوسائل التعليمية المناسبة لمدى تحقيق النجاح والانجاز للمنهج التعليمي مما توفره من مميزات لشخصية المتعلم العقلية والنفسية والجسمية والحركية .
اعداد
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق