231 ــ علي بن حماد الأزدي توفي : (900 هـ / 1494 م)

علي بن حماد الأزدي (توفي 900 هـ / 1494 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (75) بيتاً:

ولي في (كربلاء) غليلُ كربٍ      يواصلُ ذلكَ الكـربُ البلاءَ

غـداةَ غـدا ابـنُ سـعـدٍ مـستعدّاً      لـقـتلِ السبطِ ظلماً واعتداءَ

فـأصـبـحَ ظـامـيـاً مع ناصريهِ      فـكـلٌّ مـنـهـمُ يشكو الظماءَ (1)

وقال في رثائه (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (70) بيتاً:

فكأنِّي بصحبِهِ حوله صر     عى لدى (كربلا) شباباً وشيبا

فـكَـأنـي أراهُ فَـرداً وَحـيداً      ظـامـيـاً بـيـنَهُمْ يُلاقي الكُروبا

وكـأنّي أراهُ إذْ خرَّ مطعو     نـاً على حُرِّ وجـهِـهِ مَـكـبُـوبـا (2)

وقال من أخرى تبلغ (25) بيتاً:

وقفتُ بـ(كربلاء) فهيّجتْ لي      كـروبـاً لـيـس يـشـفـيـها طبيبُ

ومـثَّـل لي الحسينُ بها غريباً      بنفسي ذلـك الـنـائـي الـغـريـبُ

فلا سَعِدَ ابن سعدٍ حيـن حثتْ      إلى حربِ الحسينِ به الحروبُ (3)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (44) بيتاً:

يا طول كربي لـ(كربلاء) فقد      أطالَ كربي وزادني حزنا

أفنى دمـوعـي فـلو بكيتُ دماً      كـان قـلـيـلاً وما وفيتُ أنـا

نفسـي فـداءٌ لـمـن فـجعتُ بـه      لمن غـدا بالطفوف مرتهنا (4)

الشاعر

علي بن حمَّاد الأزدي البصري، قال عنه السيد الأمين: (شاعر مجيد مكثر من شعراء أهل البيت عليهم السلام، والمخلصين في ولائهم والمجاهدين بمدحهم وتفضيلهم وتقديمهم) (5)

ولم ترد ترجمته مفصّلة في المصادر لسبب الخلط الذي وقع كثيراً في نسبة شعره إلى سمِّيه الشاعر علي بن حمَّاد العدوي العبدي وكلاهما بصري، والشاعر محمد بن حمَّاد الحلي وهؤلاء الثلاثة يطلق عليهم لقب (ابن حمَّاد).

يقول السيد الأمين في ترجمة الأزدي: (ذكره القاضي نور الله في مجالس المؤمنين في أثناء ترجمة علي بن حمَّاد العدوي البصري ورجّح أن يكون علي بن حماد اثنين أحدهما: العبدي وثانيهما الأزدي هذا، واستشهد لذلك بما وجده في بعض المجاميع في عنوان بعض قصائده أنها لعلي بن حمّاد الأزدي البصري فدلّ على أنه غير علي بن حماد العدوي أو العبدي قال وعلى كل حال إنهما من المخلصين والمادحين لأهل البيت عليهم السلام).(6)

ويؤكد الأمين هذه الحقيقة بقوله: (أقول الظاهر أنهما اثنان كما استظهره وكلاهما بصري وقد صرح هذا في تائيته الآتية بأنه بصري، وقال في المجالس: انه وجد هذه القصيدة في بعض المجاميع منسوبة لعلي بن حمَّاد الأزدي البصري وهي في مدح أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام).(7)

وقد فصّل القول في هذا الموضوع الشيخ محمد صادق الكرباسي فقال: (ويضم هذا الديوان مجموعة من القصائد المنسوبة إلى ابن حمَّاد تلك الشخصية التي طالما اكتنفها الغموض وظلّ اسمها مورد جدل بين أرباب القلم وأصحاب المعاجم فوقع الخلط في اسم هذه الشخصية واسم الأب واللقب إلى جانب الانتماء، وعليه اختلف في الفترة الزمنية التي عاشتها وعلى أثره أيضاً وقع الخلط بين نتاجهم الأدبي فنسب شعر أحدهم إلى الآخر.

وظلَّ هذا الخلط فترة طويلة يراوح مكانه دون أن تكتشف الحقيقة بشكل تام إلى أن تمكنا بحمد الله ولطفه، بعد دراسة حياة جميعهم ثم دراسة جميع الأشعار المنسوبة إليهم، إلى تمييز شخصياتهم وفصل بعضها عن البعض الآخر ثم تمييز أشعارهم بشكل يرتفع معه الغموض مشفعين ذلك بالأدلة والبراهين، وإذا لم تكن هي الحقيقة فهي الأقرب إليها.

وتمخضت الدراسة إلى اختيار ثلاث شخصيات عرفوا بنظم الشعر وممارسة الأدب وهم:

1ـ علي بن حمَّاد بن عبيد الله بن حماد العدوي (العبدي) الأخباري البصري المتوفى حدود عام 400 هـ

2ـ علي بن حمَّاد الأزدي البصري المتوفى حدود عام 900 هـ

3 ـ محمد بن حمَّاد الحويزي الحلي المتوفى حدود عام 1030 هـ

وقد اختلط شعر هؤلاء بشعر من لا يحمل هذه الكنية أيضاً مما زاد الأمر إرباكاً، ولكن الله منَّ علينا بفكّ هذا الخلط ...) (8)

وقد اعتمد الكرباسي على ما نقله ابن شهر آشوب المازندراني المولود سنة (488 ــ 1095 م) والمتوفى سنة (489 ــ 1192 م) والذي نقل قصائد علي بن حمَّاد العدوي العبدي فقط، لأن الشاعرين الآخرين ــ الأزدي والحلي ــ قد جاءا بعد ابن شهرآشوب، كما اعتمد على نهايات القصائد والتي كان الشاعر ابن حمَّاد العدوي يذيل قصيدته باسمه في طلب الشفاعة.

كما أوضح الدكتور نضير الخزرجي ذلك فقال:

(يكثر في دواوين الشعر وفي الكتب الأدبية اسم الشاعر "ابن حمَّاد"، وقد اكتنفت هذه الشخصية الأدبية الغموض، ولم يتم التثبت من شخصه واسم الأب واللقب والانتماء، فبعض يرجعه إلى القرن الرابع الهجري ويصفه بأنه علي بن حمَّاد بن عبيد – الله – بن حمَّاد العدوي (العبدي) الأخباري البصري المتوفى حدود عام 400 هـ، وبعضهم يرجعه إلى القرن التاسع الهجري ويصفه بأنه علي بن حمَّاد الأزدي البصري المتوفى حدود عام 900 هـ، وبعضهم يرجعه إلى القرن الحادي عشر الهجري ويصفه بأنه محمد بن حمَّاد الحويزي الحلي المتوفى حدود عام 1030 هـ، ولذلك فإن نتاجات ابن حمَّاد الشعرية وقع الخلط في نسبتها إلى أحد هؤلاء الثلاثة.

بيد أن المحقق الكرباسي استطاع بالأدلة والبراهين أن يفكّ طلاسم هذه الشخصيات الثلاث ويرجع كل نتاج شعري إلى صاحبه، وبخاصة إرجاع الكثير من القصائد إلى علي بن حمَّاد الأزدي البصري الذي ميّزه عن علي بن حمَّاد البصري). (9)

وقد اعتمدنا في ترجمة ونقل أشعار كلا الشاعرين على ما ذكره الكرباسي في موسوعته في ديواني القرن الرابع بجزأيه الأول والثاني والقرن التاسع

شعره

قال علي بن حمَّاد الأزدي من قصيدة في مدح أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (41) بيتاً:

واعــلــمْ بـأنَّ ولاءَ آلِ مـحـمـدٍ      رزقٌ لـنـا من ربِّـنـا ومـواهـبُ

سبقتْ لنا من ربِّنا الحسنى بهم      أفـلا نواصلُ شـكــرَنا ونواظبُ

وعلى الصراطِ المستقيمِ أقامَنا      والخلقُ عنه مـا ســوانـا نـاكـبُ

فـلـذاكَ إن ذُكـروا تـلينُ قـلوبُنا      وهـواهـمُ فــيـــهـا مـقـيـمٌ لازبُ

طـابـتْ مـوالـدُنـا بـحـبِّ أئـمةٍ      همْ طاهرونَ من العيوبِ أطائبُ

ومنها في أمير المؤمنين (عليه السلام):

وإذا أتـيـتَ إلى الغريِّ معاوداً      فـي كـلِّ عـامٍ زائـرٌ تـتـواثـبُ

طفْ حولَ مشهدِهِ وعفِّرْ فوقَه      خـديـكَ والثـمه ودمعكَ ساكبُ

وقُلِ السلامُ عليكَ يا من حـبُّـه      فـرضٌ على كلِّ البريةِ واجبُ

واللهِ ما لكَ في الفضائلِ مشبِهٌ      كلا ولا في المكرماتِ مقاربُ

ما هبتَ مخلوقاً ولستَ بهائبٍ      لكن لـبـأسِـكَ كـلُّ شـيءٍ هائبُ

ومنها في زواجه من سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليهما):

زُوِّجـتَ فـاطـمـةً لأنّـكَ كـفـؤهـا      والـنورُ للنورِ المضيءِ منـاسـبُ

واللهِ كـان ولــيُّــهـا فـي عـرشِـهِ      والروحُ جبريلُ الأمينُ الخـاطـبُ

فالبدرُ والشـمـسُ الـمـنـيرةُ أنتما      وبـنـوكـمـا لـلـعـالـمـيـنَ كـواكـبُ

إن الذي يرجو مكانَكَ في العُلى      هـوَ فـي الـبـريَّةِ لا مـحالةَ خائبُ

بهرتْ دلائلُكَ الـعـقـولَ فـما لها      محصٍ وهلْ للرملِ يوماً حاسبُ؟ (10)

وقال من أخرى في أهل البيت (عيهم السلام) أيضاً تبلغ (50) بيتاً:

بقاعٌ في الـبـقـيـعِ مـقدّسـاتٌ      وأكـنـافٌ بطـيـبةَ طيِّـباتُ

وفـي كـوفـانَ آيـاتٌ عـظـامٌ      تضمَّـنـها الغريُّ موثّـقاتُ

وفي غـربيَ بغدادٍ وطـوسٍ      وسـامـرا نـجومٌ زاهـراتُ

مشـاهدُ تشهدُ البركاتُ فيها      وفيها الباقياتُ الـصالحاتُ

ظـواهـرُهـا قبورٌ دراسـاتٌ      بـواطـنُـهـا بـدورٌ لامعاتُ

جـبالُ العلمِ فـيـها راسـياتٌ      بحارُ الجودِ فيها زاخراتُ

معارجُ تعرجُ الأملاكُ فيها      وهـنَّ بكـلِّ أمـرٍ هـابطاتُ (11)

وقال من قصيدته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) التي تبلغ (39) بيتاً وقد قدمناها:

بكته الأرضُ والـثـاوي عـليها      أسىً وبكاهُ من سكنَ السماءَ

وقدْ بكتِ السـمـاءُ عليهِ شجواً      وأذرتْ مِـن مـدامعِـها دمـاءَ

سيفنى بالأسى عـمري عـلـيه      ولـسـتُ أرى لـمـرزاتي فناءَ

ســأبـكـيـه وأسـعِـدُ مـن بـكـاهُ      وأجـعـلُ نـدبَــه أبــداً عــزاءَ

وأمدحُ آلَ أحمدَ طولَ عمري      وأوسعُ من يـعـاديـهـم هـجاءَ

وقال في رثائه (عليه السلام) أيضا من قصيدته التي تبلغ (70) بيتاً وقد قدمناها:

إن يـومَ الـطفوفِ لم يُبقِ لي من      لـذّةِ الـعيشِ والـرقـادِ نـصـيبا

يومَ سارتْ إلى الحسينِ بنو حر     بٍ بـجـيـشٍ فـنـازلوهُ الحروبا

وحـمـوهُ مــن الــفـراتِ فـمـا ذا     قَ سوى الموتِ دونه مشروبا

في رجالٍ باعوا الـنـفـوسَ على      اللهِ فـنـالـوا بـبـيعِها الـمرغوبـا

وقال من حسينيته التي تبلغ (25) بيتاً وقد قدمناها:

سأبكي ما حُييتُ لهم وأبـكـي      وقـلَّ لــهــمْ بـكـائي والـنـحـيــبُ

صـلاةُ اللهِ والأمـلاكِ تُـتـرى      عليهم ما سرتْ في الأرضِ نيبُ

سأنـشـرُ فضلَهم سرّاً وجهراً      وألـعـنُ ثـمَّ مَــن لــهــمُ يــعـيــبُ

وحسـبـي مدحُ ساداتي حبيباً      بـهــم أرجـو الـنجـاةَ ولا أخــيـبُ

همُ نجباءُ خيرِ الـخـلـقِ طرّاً      ولـيـسَ يــحــبّـــهـــمْ إلا نـجـيــبُ

وذكـرهـمُ يـبـيّـنُ كــلَّ أصلٍ      بـهم عُـرفَ الـمـطـهّـرُ والمشوبُ

لـعـبـدِكـمُ ابنِ حمَّـادٍ قريضٌ      يـلــذّ سـمـاعُـه الـفــطـنُ الـلـبـيـبُ

وقال من قصيدة تبلغ (41) بيتاً:

فــإذا زرتَــه فـــزُرهُ بـــإخـــبـا     تٍ ونسكٍ وخشـيـةٍ ووقــارِ

وادعِ من يسمعُ الدعاءَ من الزا     ئـرِ فـي جـهرةٍ وفي إسرارِ

و يـردُّ الـجــوابَ إذ هــوَ حــيٌّ      لم يمـتْ عـنـدَ ربِّـه الـقهـارِ

ثم طـفْ حـولَ قـبـرِهِ والتثمْ تر     بـةَ قـبـرٍ مـعـظـمِ الـمـقــدارِ

فـيـهِ ريـحـانةُ الـنـبـيِّ حـسـيـنٌ      ذلكَ الطهرُ خامسُ الأطـهارِ

وهـوَ خـيـرُ الـورى أبـاً ثم أماً      وأبـو الـسـادةِ الهـداةِ الخـيارِ

جـدُّه الـمـصـطـفى ووالدُه الها     دي عليٌّ من مثله في الفخار (12)

.......................................................

1 ــ ذكر منها الكرباسي في ديوان القرن التاسع ص 43 ــ 47، 39 بيتاً نقلاً عن أدب الطف ج 2 ص 177 وذكر مطلعها الشيخ الأميني في الغدير ج 4 ص 170 وقال إنها تبلغ 75 بيتاً

2 ــ ديوان القرن التاسع ص 66 ــ 72 / المنتخب للطريحي ص 339 / أدب الطف ج 4 ص 309 / أعيان الشيعة ج 9 ص 263

3 ــ ديوان القرن التاسع ص 88 ــ 90 / المنتخب للطريحي ص 105

4 ــ ديوان القرن التاسع ص 326 ــ 330 عن ديوان المراثي ص 33

5 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ٢٢٨

6 ــ نفس المصدر والصفحة

7 ــ نفس المصدر والصفحة

8 ــ ديوان القرن التاسع من موسوعته الحسينية ص 38

9 ــ أشرعة البيان ــ قراءة موضوعية في الموسوعة الحسينية ص 63

10 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص 228 ــ ٢٢٩

11 ــ الكنى والألقاب ج 1 ص 265 / أعيان الشيعة ج 8 ص 229 / عن مجالس المؤمنين ج 2 ص 562 / وذكر الكرباسي في ديوان القرن التاسع ص 99 ــ 100 ثلاثة أبيات فيما يخص الإمام الحسين عليه السلام

12 ــ ديوان القرن التاسع ص 195 ــ 199 / أدب الطف ج 2 ص 138 عن ديوان ابن حماد للسماوي، مخطوط / المنتخب للطريحي ص 270

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار