195 ــ ريمون قسيس (ولد 1357 هـ / 1939 م)

ريمون قسيس (ولد 1358 هـ / 1939 م)

قال من ملحمته (الحسين) التي تبلغ (115) بيتاً:

(كربلاءٌ) تـطـيّـــــــبـتْ بدماها     فــغـدت موئلَ البكا والتأسي

أعصــــــرٌ ثم أعصرٌ قد توالتْ     والحسينُ الشهيدُ ثاوٍ برمسِ

فخضيبُ الجهادِ أمسى ضجيعاً     لبقـــــــاءٍ حـديثَ جنٍّ وأنسِ (1)  

ومنها:

نصرةً للأنــامِ ذي (كربلاء)     من يزرها يكن دحـوراً لبخسِ

يا بني هـاشــــمَ وصفوةُ قومٍ     من قريشٍ حسينُكم هو مُرسي

جرأة في شجاعةٍ، جودُ كفٍ     لا يجــــارى ونبعُ فهمٍ ونـدسِ (2)

ومنها:

وكراماتٌ لـلـحـسـيـنِ تـجـلّـتْ     وتـفشّـــــــت من (كربلاء) لنرسِ

كيف ترجو لأمةٍ نـورَ شـمـسٍ     وهـــــــيَ دوماً تعيشُ دجيةَ غلسِ

كيف تصحو على عبيقٍ بوردٍ      وحوالي الروضِ اصفرارٌ بورسِ (3)

الشاعر

جان ريمون قسيس، شاعر مسيحي ولد في زحلة بلبنان، درس في الكلية الشرقية ومارس التدريس والعمل الإداري في دائرة التربية الوطنية في البقاع، شارك في أمسيات ولقاءات ومهرجانات شعرية، كما شارك في حلقات إذاعية وندوات ومؤتمرات عبر (حركة الحوار والثقافة في لبنان) وكتبت عنه بعض الموسوعات والمعاجم اللبنانية وهو:

عضو مجلس قضاء زحلة الثقافي

عضو اتحاد كتاب لبنان

عضو مؤسس في حركة الحوار والثقافة في لبنان

نائب رئيس واحة الأدب في البقاع

يكتب الشعر باللغتين العربية والفرنسية (4)

صدرت له ثمانية دواوين شعرية منها:

علي، الفارس، الفقيه، الحكيم ــ 1991

قصائد أولى باللغة الفرنسية ــ 1997

أوراق شاعر ــ 2004

منائر ــ 2005

ملحمة الحسين ــ 2010

الشعر ــ 2010

قسّيس ــ 2011 (5)

وله عدة مخطوطات شعرية بالعربية والفرنسية، منها:

1 ــ غسق الآلهة

2 ــ قارورة الذكرى

3 ــ قصائد متطورة (بالفرنسية)

4 ــ حلم زورق

5 ــ أهازيج

6 ــ عبير

7 ــ مزامير

8 ــ قصائد معربة

 مُنح عدّة أوسمة من مراجع لبنانية. (6)

تعد ملحمته (الحسين) التي تبلغ (115) بيتاً على وزن واحد وقافية واحدة إشراقة روح شاعر تفجّرت فيها المشاعر معبّقة بدماء كربلاء..

يقول الدكتور ميشال كعدي في المقدمة التي قدمها للملحمة: (الحسين هو القتيل في سبيل الله، والإيمان والعقيدة والإسلام، وهو الشهيد الذي ترك من نثير طلعته الغراء على أرض البطولة ــ كربلاء ــ قدرة بحجم المستحيل، مدتها يراعة شاعر الإبداع ريمون قسيس ملحمة عدت فوق العادة وتشارف القدر

بين شاعر ملحمة الحسين وأهل البيت حكاية مودة، وعهد وذمة، فهو يعلي من صولة الأبطال والشهادة ليحلو صدى الصليل يوم الشجاعة

الحسين وجه رسولي لم يكن إلا وعداً فهو كالإمام علي الذي وجد في الأمة العربية ليتلو إيمانها وحد طموحها وثباتها). (7)

ويقول عن الشاعر: (أعاد كربلاء ملحمة عرض مشاهدها كاملة الفصول بطلها من أعظم خلق الله على الأرض هو الحسين بن علي بن أبي طالب الذي استنزفنا المهج والأوصال للحاق بحياته الملئية بألغاز الدنيا وأسرار النفوس والتحامل على الذات التي ثقل عليها البذل، فداوت الأمة بالجراح ليبقى الدين الحنيف المجد المرصع برضى الخالق، أما قبول الشهادة فهو إرضاء لأسلام ثبتته الإرادة الربانية ليظل قطبا للإنسانية والشعوب..) (8)

ويقول أيضا: (ملحمة قسيس تشير إلى عزم كربلائي ما تضاءل إزاء قدرات مجتمعة وشدة كبيرة فبقي الحسين البطل القادر في معركة تفوق حجم المعارك كلها على أرض كربلاء). (9)

ويقول: (ولا غرو فخطى الحسين مطرزة بالدم ومعفرة بأطياب بني عبد مناف والرجولة التي تدعو المرء إلى الإباء والاقتداء بفرح الشهادة الحاملة طريق الهداية ونصرة الأنام المرسومة بنجيع الطهر وخير أهل المكرمات المعرفين في النسب والأصل وإن قصدت السجية وجدتهم من الأصلاب الشامخة وأيكة الصفات والسمات الحسينية الملأى بالنخوة وعلو الشأن والفروسية وملامح من الله والأنبياء والرسول وسيد الأئمة علي ...) (10)

ويقول في نهاية مقدمته: (ملحمة الحسين لشاعر الإبداع ريمون قسيس تمثلت فيها حقيقة كربلاء وأضافت إلى تراث البشر أبهى المعاني الإنسانية التي تخلد على مر الأزمان) (11)

حملت الملحمة قافية (السين) في كل أبياتها وقد كان الحافز الذي دفع الشاعر إلى استعمال هذه القافية رغم صعوبتها هو هذا الحرف الذي ورد في عشر سور قرآنية كريمة (12)

ويقول أيضاً: أحببت أن تأتي الملحمة سينية ولو كانت على قدر كبير من الصعوبة، وأعتبر نفسي قد وفقت في هذا الإختيار وقد أغنيت الملحمة بمفردات نادرة الإستعمال ولكنها صائبة الدلالة (13)

ولنستمع إلى قسيس وهو يفتتح ملحمته كربلاء التي صاغَ لها الحسين تاريخاً معبقاً بالشهادة:

يا حسيـنُ الفداءِ تفديكَ نفسـي     أنتَ نوري المضئ يضحي ويمسي

قد دعا موسى والمسيحُ تجلّى     وأتى أحـــــــــــمـدٌ لــربٍ بـخـمـسِ

وعـلـيٌّ ونـــــهـجُـه مـتـســامٍ     مـتـغـاوٍ بـمــــــــــجـدِ قـولٍ وتـرسِ

ومنها:

قـمـرٌ فـي الترابِ وهوَ دفيــــــــنٌ     يـا لــــــرامٍ رمـاهُ رمـيـةَ نـحـسِ

ما دروا أنّه الحقيـــــــــــــقةُ تبقى     قد دحرت الزمانَ يدجي ويغسي

يا لعمري من يصرعَ البُطلَ دوماً      لا يلاقي غيــــــر الحقيقةِ ترسي

ولقد عشتَ للرمــــــــــاحِ العوالي     فـي سـبـيـلِ الإلــــهِ يـفدي بنفسِ

فكأنّ السهمَ المريشَ بكــــــــــــفٍّ     منكَ يبقي السهامَ مـن دون لمسِ

ليس يرضي الجهـــــــادَ إلا كميٌّ     بـسـمـاعٍ نـدسٍ ورؤيــــــة حدسِ

يا حـفـيـدَ الـنـبيِّ قد جئـــتَ تعلي     راية ترتجى لعـــــــــربٍ وفرسِ

يا مؤاخي رسالةَ العربِ طـــــرَّاً     بـكَ تُحمى من ظلمِ كــــيدٍ وحلسِ

هوَ مني ــ قد قـــــــالها ــ أنا منه     وحـسـيناً سمُّوه من غيرِ لبــــــسِ

هـوَ سـبـط مــطـهَّـرٌ كـــــــعـلـيٍّ     هــــــــاشـمـيٍّ وأمـرُه لا لـرجـسِ

هوَ روضـيُّ الأريضِ نفَّاحُ عطرٍ     فــــــــيه ينمو زكيُّ نبتٍ وغرسِ

ما له في العـــــطاءِ روضٌ مثيلٌ     كلُّ روضٍ يـــــــهفو إليهِ ويُبسي

أشـرف الـسـبــــط طـيِّـبٌ وزكيٌّ     بالغٌ أمري لا يفـــــــــارقُ حسِّي

وشـجـاعٌ شـهـمٌ أبــــــيٌّ حـبـيـبٌ     وسـيأتـي يومٌ يصابُ بفـــــــرسِ

شهرَ السيفَ لا يهابُ الأعـــادي     لا يُـبالـي بأيِّ رمحٍ وقـــــــــوسِ

راحَ يطوي القـفارَ دونَ عيــــاءٍ     لـمْ يميِّزْ بين انخفاضٍ وجلــــــسِ

قتلُ نفسٍ من أجــــــلِ ربٍّ قديرٍ     هوَ أمرٌ مِن غيرِ خوفٍ وهــجسِ

ومنها:

جئتُ أروي مسيرةً لـحـسـيــــنٍ     أتـمـلّاها نــــورَ وحيٍ وقبسِ

وسراجاً مزهوهراً ووضـــيــئـاً     ولـئـــــن كانت النجومُ لحسِّ

وسماءٌ بكت فيـــــــحيى بـكــتـه     وحـسينٌ بكته في قطعِ رأسِ

وحسيــــــنٌ كيوسـفٍ لـيـسَ إلا     شــهدتْ فـضله مواردُ خمسِ

خيرُ أهلِ الأرضِ التي أنجبتهم      خيرُ خلـقِ اللهِ العليِّ المؤسي

ومنها:

هذه بعض ســـــــيرةٍ لحسينٍ     هيَ ذكرى تبقى لأشرفِ درسِ

يوم عاشــــــوراء لَيومٌ مجيدٌ     هــو عـرسُ الدماءِ أخلدُ عرسِ

وســــواءٌ موتُ الشهيدِ بساحٍ     أو تــــراهُ مـيـتـاً بظـلِّ الدرفسِ

هــــيبةٌ قلْ حـلـمٌ وعـلـمٌ جليٌّ     في مضـــاءٍ وفي شـدائدِ حمسِ

نجدةٌ للرسولِ ليست تضاهى     أريحيٌّ نجيــــــــدُ جريٍّ وغسِّ

هو نـورٌ وحـجَّـة واقــــتـدارٌ     وشـبيهُ الرسولِ ليـــــسَ بخنسِ

علي الفارس الفقيه الحكيم

وللشاعر ريمون قسيس قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) اسمها: (علي الفارس الفقيه الحكيم) وهي أول قصيدة له وقد كتبها وله من العمر أربعة عشر عاما يقول عن أجواء كتابتها:

(القصيدة الأولى التي كتبتها تعود إلى السن الرابعة عشرة وعندما دخلت الثانوية سمعت عن الإمام علي (عليه السلام) وعن أخلاقه الحميدة فأحببت شخصية الإمام وازداد حبي بالنسبة له عندما علمت أنه ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) فالتجأت إلى قراءة نهج البلاغة لمعرفته أكثر وتوقفت عند بعض الخطب والحكم والرسائل فراحت تهزّ كياني وبدأت بنظم ملحمة علي الفارس الفقيه الحكيم، وقسمتها إلى أحد عشر قسماً ...) (14)

يقول من هذه القصيدة:

بذي الفقارِ الذي لــــولاكَ ما كانا      يا فارسَ الساحِ كم أرديتَ فرسانا

وفي حنينٍ وفي صفينَ أذهـــــلهم     سيـــــفٌ أبادَ زرافـاتٍ ووحـدانـا

سيفٌ بـكـفّـكَ هـــــلْ إلاّكَ يحمله     أنـتَ الـــــــعـليُّ علـيُّ اللهِ ما هانا

أين ابنُ ودٍّ؟ يصيـحُ القفرُ مرتعداً     أصمى منيَّته كفـــــــــــراً وبهتانا

كما الشــجاعةِ في جـنبيكَ موريةٌ     يُـوري بيانُكَ أفكــــــــاراً وأذهانا

بـمــــرقـمٍ خـاذمٍ كـالـسيفِ مُكتنزٍ     فقهاً وعلماً وحكماً هــــــلَّ تـهتانا

نحا (أبو أسودٍ) لما اسـتقامَ حجىً     بـعيدَ قولِكَ نحواً في اللــــغى بانا

فـكـنـتَ رائـدهُ لــــمّـا ســلكتَ به     منهاجَ مَن ينتقي درَّاً وعـــــــقيانا

.....................................

1 ــ طبعت في دار المحجة البيضاء بيروت 2011 ص 23

2 ــ نفس المصدر ص28

3 ــ نفس المصدر ص 42

4 ــ نهاية ملحمة الحسين ص 45 ــ 46 / علي أصغر ياري، علي محمد رضائي ــ الانزياح و التكرار في ملحمة الحسين عليه السلام لـ ريمون قسيس : دراسة أسلوبية / مجلة دراسات استشراقية المجلد 2 العدد 5 بتاريخ 31 / 7 / 2015 ص 157 ــ 176 المقدمة / موقع إضاءات بتاريخ 28 / 4 / 2020

5 ــ نهاية ملحمة الحسين ص 45 ــ 46

6 ــ الانزياح و التكرار في ملحمة الحسين عليه السلام لـ ريمون قسيس : دراسة أسلوبية

7 ــ مقدمة ملحمة الحسين 7 ــ 8

8 ــ نفس المصدر ص 9

9 ــ نفس المصدر ص 11

10 ــ نفس المصدر ص 12

11 ــ نفس المصدر ص 15

12 ــ نفس المصدر ص 20

13 ــ نفس المصدر ص 21

14 ــ موقع إذاعة طهران بتاريخ 18 / 12 / 2016

كما كتب عنه:

الدكتور علي زينون / قراءة في قصيدة «خلق، حواريّة ثلاثية» للشاعر ريمون قسّيس في ديوانه: غسق الآلهة ــ جريدة الروابي العدد 183 بتاريخ 23 / 3 2017

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار