حيدر العطار (1205 ــ ١٢٦٥ هـ / 1790 ــ 1850 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (21) بيتاً:
أخي يا حسيناً كنتَ غوثاً وعصمةً كما كنتَ غيثاً ثرَّ في كلِّ مُمحِلِ
أخي كنتَ للروَّادِ أخـصـبَ مـربعٍ كـمـا كـنـتَ للـورَّادِ أعذبَ منهلِ
وما قد جرى في (كربلاء) قضيةٌ ولـيـسَ لـهـا إلا أبـو حـسنٍ علي (1)
وقال من أخرى:
فإنْ أنسَ لا أنسى الحسينَ بـ (كربلا) وحـــيداً وقد دارتْ به عصبةُ الغدرِ
ومُـيِّـزَ رأسـاً سادَ للـــــــعربِ مفخراً ولا سـيـمـا كـعـبِ بن مرَّةَ والنضرِ
وشـالَ بـه فـوقَ الـسـنــــــــانِ مكبِّراً وقد قُتلَ التكبيرُ من حيـث لا يدري (2)
الشاعر
السيد حيدر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن سيف الدين الحسني البغدادي الكاظمي الحسني، فقيه وشاعر وعالم من كبار العلماء المجتهدين، وهو جد الأسرة العلمية العلوية المعروفة بـ (الحيدرية) في الكاظمية والتي برز منها أعلام الفقه والعلم والأدب. وينتهي النسب الشريف لهذه الأسرة إلى السيد موسى بن عبد الله المحض ابن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام). (3)
ولد العطار في الكاظمية المقدسة من أسرة توارثت مقاليد العلم والفقه والأدب، فأبوه السيد إبراهيم كان من كبار الفقهاء المجتهدين، فنشأ العطار نشأة علمية في أجواء السمو الروحي والفضيلة فدرس مبادئ العلوم على يد أبيه ثم هاجر إلى النجف منارة العلم ليكمل تعليمه ودرس هناك على يد كبار العلماء والفقهاء حتى نال درجة الاجتهاد فرجع إلى الكاظمية مسقط رأسه عالماً كبيراً حتى وفاته فيها ودفن في الصحن الكاظمي الشريف في رواق الكاظمين بباب الروضة قرب قبر الشيخ المفيد (أعلى الله مقامه). ومن تلامذته السيد محمد هاشم الخوانساري، والميرزا حسين خليل وغيرهما (4)
قال السيد حسن الصدر في ترجمته: (كان سيّداً جليلاً فقيهاً نبيلاً، خبيراً بالأخبار، من أئمّة الجماعة في بلد الكاظمين، والنافعين للمؤمنين، ومرجعاً لهم ولأهل بغداد في كثير من المهمّات، وفي النذور وإقامة العشرات، له حكايات ومناظرات مع أهل الخلاف حسنة...) (5)
وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً مشاركاً، تقياً ناسكاً، مصنفاً أديباً شاعراً) (6)
وقال عنه العلامة الدكتور حسين علي محفوظ: (كان السيد حيدر من ذوائب بني هاشم، ومن سادات العراق الكبار، ومن أماثل الحسنية، وهو كاهل هذا البيت، وجمجمته وجبهته وعرنينه ..) (7)
قال عنه السيد جواد شبر في ترجمته: (آية من آيات الدهر، ومفخرة من مفاخر العصر، عالم محقق، وفقيه بارع، لسان الحكماء والمتكلمين، وصفوة الفقهاء والأصوليين، وهو على جانب عظيم من الورع والتقوى والزهد والعبادة ورسوخ الإيمان وطهارة القلب). (8)
وقال عنه أغا بزرك الطهراني: (كان سيداً عالماً فقيهاً جليلاً مرجعاً للخاص والعام، غيوراً في ذاتِ الله مناظراً مع المبدعين والمخالفين). (9)
وقال عنه الشيخ محمد أمين الخوئي: (كان من خيار رجال العلم والدين، ومن أركان الفضل والفقاهة والنباهة والجلالة، والنبالة في عصره، وكان مرجع الشيعة وملجئهم، في بغداد وما والاها وكان فقيها محدثا متتبعا محيطا بالأخبار والآثار، وسيع الاطلاع، طويل الباع، جليل القدر، حسن البيان، جيد المفاوضة، وله محاضرات مع علماء السنة والجماعة في بغداد ...) (10)
وقال عنه الشيخ جعفر السبحاني: (كان فقيهاً إمامياً، محدثاً، مناظراً، من مراجع الدين في عصره) (11)
وقال السيد محمد علي الموسوي: (كان رجلاً هماماً تقياً نقياً، مهذباً ورعاً صفياً، ساكناً في الكاظمين، جليلًا في الأنظار، له غرس عظيم بأفئدة الأبرار، لم يبرح مجدّاً في العلم، مصلياً بالناس جماعة، مواظباً على الطاعة، مأوى وموئلاً ومقلداً، لكثير من الناس) (12)
وقال السماوي في أرجوزته:
وكالـــــــــــــحفيدِ حيدرَ المجتهدِ ســــــــليلِ إبراهيمَ نجلِ أحمدِ
قد ناطَ في نجوى الإمامينِ الأملْ وجدّ في العلمِ وجدَّ في العملْ
وغرسَ الفضـــــــــــــلَ له وأسّه ونالَ مــــــا قد أرَّخوه غرسه (13)
ألف العطار في الفقه والأصول والمنطق والعقائد والأدب والأدعية والأذكار ومن مؤلفاته:
١ ـ البارقة الحيدرية في نقض ما أبرمته الكشفية.
٢ ـ العقائد الحيدرية في الحكمة النبوية.
٣ ـ المجالس الحيدرية في النهضة الحسينية. يحتوي على ثلاثين مجلساً
٤ ـ الصحيفة الحيدرية في الأدعية والأسرار، صنفها بطلب من محمد علي شاه القاجاري سلطان ايران.
٥ ـ النفخ القدسية في بعض المسائل الكلامية، صنفها تلبية لطلب (هولاكوا ميرزا) حفيد فتح علي شاه القاجاري.
٦ ـ النفخة القدسية الثانية وهي في مباحث كلامية.
٧ ـ مجموعة في الحكم والنوادر.
٨ ـ رسالة في أصول الفقه.
٩ ـ كتاب في المنطق.
١٠ ـ حاشية على كتاب التحقيق في الفقه والأصول لعمه آية الله السيد أحمد البغدادي الشهير بالعطار.
١١ ـ تعليقه على منظومة في الرجال لعمه أيضا.
١٢ ـ عمدة الزائر في الأدعية والزيارات (14)
وقد خلف العطار سبعة أولاد كرام كلهم ساروا على طريقه في منهج العلم وأصبحوا من العلماء الأعلام وهم السادة الأجلاء: أحمد وإبراهيم وباقر وجواد وعبد الرسول وعبد الله وعيسى. وكان أحمد أجلهم وقد حل محل أبيه في مقامه العلمي والشرعي. (15)
كما برز من أحفاده العلماء والأدباء يقول السيد محسن الأمين: (وآل السيد حيدر هم أهل بيت علم وفضل وتقوى وصلاح وفيهم يقول الشيخ جابر الكاظمي الشاعر المشهور:
لذا قد غدا أزكى الورى آلُ حيدرٍ وأكــــــرمُ أبناءِ العُلى آلُ أحمدِ
همُ ورثوا العلياءَ مـن كـلِّ أمـجـدٍ تــــــــوارثـها عن سيدٍ بعدَ سيدِ
وكـــــــلُّ فتىً منهم يـلـفَّعُ بالعُلى وبالعلمِ والتقوى وبالمجدِ يرتدي
وكلٌّ به فـي شرعةِ الحقِّ نقتدي وكلٌّ به فــي منهجِ الرشدِ نهتدي (16)
شعره
قال من قصيدته الأولى رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
يذكّرني فــــــعلَ ابـــنِ هـــندٍ وحـزبِه يزيدَ وقـد أنسى الورى فعلَ هرقلِ
فـكـــــمْ قـد أطــــلّـوا مـــن دمٍ بمحرِّمٍ وكــــم حـلّـلـوا مـا لـم يـكنْ بُمحلَّلِ
ولم يقنعوا حتـــى أصـــابوا ابنَ فاطمٍ بسهمٍ أصابَ الدينَ فانقضَّ من علِ
وخـرَّ عـلـى حـــــــرِّ الـثــرى مُـتبتّلاً إلـــــــى ربِّـه أفـديـهِ مـن مُـتـبـتِّـلِ
ومُذ كـان لـــلإيجـــادِ فـي الخلقِ علّةً بـكـتـه الـبـــــــرايـا آخـراً بعد أوّلِ
وخُضِّبـــتْ الســـبعُ السمواتُ وجهَهَا بـقــــــــاني دمٍ من نحرِه المُتسلسلِ
وذا الـــعالمُ العـــلويُ زُلزلَ إذ قضى كـمــــــــا العالمِ السفليّ أيَّ تزلزلِ
بنفسي وبي مـــلقىً ثلاثاً على الـثرى تـهــــــبُّ عليه من جنوبٍ وشمألِ
أبى رأسُـــه إلّا العــــلى فـســما على ذرى ذابــــلٍ يسمو على هامِ يذبلِ
بنفـــسي أباةُ الضيـــــمِ من آلِ هـاشمٍ تـؤمُّ الوغــى ما بين لدنٍ وفـيصلِ
أداروا على قطبِ الفناءِ رحى القضا فخـــــاضـوا المنايا أمثلاً إثرَ أمثلِ
فـبـــــيـنَ طــريحٍ فـي الصعيدِ مُجدَّلٍ وبـيـنَ ذبـــــيـحٍ بـالـدمـاءِ مُـزمَّـلِ
وقال من الثانية في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
فإنْ أنسَ لا أنسـى الحسينَ بـ (كربلا) وحيداً وقـــد دارتْ به عصبةُ الغدرِ
ومُـيِّـزَ رأســـــــــاً سادَ للعربِ مفخراً ولا سـيـمـا كـعـبِ بن مرَّةَ والنضرِ
وشـــــــــالَ بـه فـوقَ الـسـنـانِ مكبِّراً وقد قُتلَ التكبيرُ من حيـث لا يدري
عذيريَ من صخرِ بن حربٍ وحربهمْ بني أحمـدٍ ما ذنبُ أحمدَ من صخرِ
جزوهُ على إطلاقِــــــــــهم يـومَ فتحِهِ لـمـكّـةَ فــي أهـلـيـهِ بـالـقتلِ والأسرِ
عن السبيِ للنسوانِ يبكيــــــــنَ حُسَّراً سـوافـرَ مــن فـوقِ الجمالِ بلا سترِ
ينادينَ يا جـدَّاهُ يـا خـيـرَ مُرســـــــــلٍ أأنـتَ عـلـيـمٌ إنـنـا الـيـومَ في الأسرِ
لقد تركوا سبـــــــطَ النبيِّ على الثرى تـريـبـاً خـــضـيـبـاً شـيبُه بدمِ النحرِ
فـذا رأسُـه فـوقَ الـسـنـــــــــانِ كـأنّـه ســــنا البدرِ أو أبهى سناءً من البدرِ
.................................................
1 ــ أدب الطف ج 7 ص 34 ــ 35 / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 2 ص 381 ــ 382
2 ــ أدب الطف ج 7 ص 37 ــ 38 / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 2 ص 379 ــ 380
3 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ٢٦٣
4 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين للدباغ ج 2 ص 376 / أدب الطف ج 7 ص 37
5 ــ تكملة أمل الآمل ج 2 ص 552
6 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 296
7 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 2 ص 377
8 ــ أدب الطف ج 7 ص 35
9 ــ طبقات أعلام الشيعة ج 10 ص 447 رقم 905
10 ــ مرآة الشرق ج 1 ص 679
11 ــ موسوعة طبقات الفقهاء ج 13 ص 249
12 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 2 ص 376 عن يتيمة الدهر في علماء العصر للسيد محمد علي الموسوي
13 ــ صدى الفؤاد الى حمى الكاظم والجواد ص 62
14 ــ أدب الطف ج 7 ص 36 ــ 37 / أعيان الشيعة ج ٦ ص ٢٦٤
15 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 2 ص 378
16 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ٢٦٤
كما ترجم له:
السيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي / أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة ج 1 ص 21 ــ 22
عبد الكريم الدباغ / كواكب مشهد الكاظمين ج 1 ص 144 ــ 147
الزركلي / الأعلام ج 2 ص 290
أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 3 ص 9 / ج 19 ص 359 / ج 15 ص 336 / ج 24 ص 255
اترك تعليق