عبد المنعم الفرطوسي: (1335 ــ 1406 هـ / 1917 ــ 1986 م)
قال من قصيدة (زينب الحوراء):
وشريكةُ السبطِ الـشهيدِ وأختُه في (كربلا) بالصبرِ والأرزاءِ
وكـفـيـلـةُ الأيـتـــامِ بـعد كفيلِها فـي سـاعـةِ الـتوديعِ والإسراءِ
هيَ زينبُ الكبرى عقيلةُ حيدرٍ بـثـبـــاتِـهِ فـي وجـهِ كـلِّ بلاءِ (1)
وقال من قصيدة (ضحية المجد) وتبلغ (38) بيتاً:
فإنَّ الألى حــلّوا بعرصةِ (كربلا) هووا في ثراها مشرقاً بعد مشرقِ
قضوا وجـلالُ العزِّ يعلو وجوهَهم وماتوا كراماً ما لـووا جيدَ مطرقِ
فلا عذرَ حتى تلفظي القلبَ حسرةً بفيضِ دمٍ من ماءِ عــيـنيكِ مهرقِ
وقال من قصيدة (عميد لؤي) وتبلغ (80) بيتاً:
يؤمُّ بهم من يثـربٍ أرضَ (كربلا) إلى غايــــــةٍ فيها يلوحُ له النصرُ
بـهـالـيـلُ فـيـهم تـزدهي ندوةُ العلا وكــــــلُّ ضـنينٍ منهمُ بالندى بحرُ
فراعنةٌ في الحـربِ بطشاً وصولةً وكل فتىً في السلمِ منهمْ هو الحبرُ
ومنها:
أأعظمُ من قتلِ الحسينِ بـ (كربلا) يمرُّ علــــــــــــى آلِ الهدى حادثٌ إمرُ
وأفظعُ من أن يقطعَ الـشمرُ رأسَه من الخلفِ ما جاءتْ به البيضُ والسمرُ
وأوجعُ من ذبحِ الرضيــعِ مرفرفاً عــــــــلى صـدرِه كالطيرِ ما ولدَ الدهرُ
وقال من قصيدة (ساعة الوداع):
وكأنني بــــــــكَ يا بنيَّ بـ (كربلا) تمسي ذبيحاً بالسيوفِ مُبضَّعا
ولـــــــــقـد رآهُ بـمـشهدٍ من زينبٍ هوَ والوصيُّ وأمُّه الزهرا معا
ملقىً برمضاءِ الهجيرِ على الثرى تـطأ السنابكُ صدرَه والأضلعا
وقال من قصيدة (منابت العز) وتبلغ (73) بيتاً:
و(كربلا) والخطبُ في (كربلا) أمضُّ وقعاً من مواضي الشفارْ
نـيـفٌ وسبعـــــــــونَ شهيداً لكم قـضـوا بهـا صـبـراً بـحدِّ البتارْ
فاطـلبْ دمــاءً لـهــــــــــمُ حـرَّةً تــحــلّــبـوهــا كــمُـدرِّ الـقـطـارْ
وقال من قصيدة (مولد سيد الشهداء) وتبلغ (69) بيتاً:
ونشرتَ رايةَ فتحِ مكّةَ بعدما طُويتْ ولولا (كربلا) لم تنشرِ
أنتَ المجدِّدُ والنبـــيُّ مُؤسِّسٌ وأبـــــوكَ للإسلامِ خيرُ مُعمِّرِ
قـبـرتـه آلُ أمـيَّـةٍ فــــبـعـثـتـه حـيّـــــاً ولـولا كفرهمْ لم يقبرِ
وقال من قصيدة (عيدان) وهي في افتتاح ضريح أبي الفضل العباس (عليه السلام) وصادف يوم مولد الإمام الحسن (عليه السلام):
وحملتَ رايـــــــتَه بمشهدِ (كربلا) وأبـــــوكَ حاملها بأعظمِ مشهدِ
وصـــــــدرتَ ظمآنَ الفؤادِ مُواسياً للسبطِ حينَ ملكتَ أحسنَ موردِ
حامي الفواطمَ أنتَ في يومِ السرى وأبــــــوكَ حـامـيها بخيرِ مهنَّدِ
ومنها:
ساقي عطاشى الطفِّ أنتَ بـ (كربلا) والمرتضى ساقي العطاشى في غدِ
هـذا ضريحُكَ قد تســــــــامى رفـعـةً فـوقَ الـضـراحِ بـمـجـدِهِ الـمُـتـجـدِّدِ
هـوَ جـنةٌ قد زُيِّـنـتْ بـزخـــــــــارفٍ مـن فـضَّـةٍ وصـفـائـحٍ مـن عـسجـدِ
وقال من ملحمته التي تبلغ (50000) ألف بيت:
ولقد قــــــــامَ خاطباً سبطُ طه بعَد جمعِ الأصحابِ في (كربلاءِ)
قــــــــال أُثني علىٰ إلهِ البرايا شـــــــــــــــاكراً فضلَه بخيرِ ثَناءِ
وله في البلاءِ حَمدي وشُكري مثل حَمدي لــــــــــه على السرَّاءِ
ومنها:
سوف تمضي لـ (كربلاءَ) فَتغدو بـعدَ سَوقٍ لها من الشُهداءِ
وأظـنُّ الـيـومَ الــذي فـيـه نـلـقى هؤلاءِ الخصومَ ليس بنائيِ
فَـجُـزيـتـم عـنّـي بـخـيـرِ جــزاءٍ فـي مواساتكمْ وأسنىٰ حباءِ
الشاعر
الشيخ عبد المنعم بن حسين بن حسن بن عيسى بن حسن الفرطوسي (2) عالم وأديب وشاعر، جمع بين فضيلتي العلم والأدب، عرفته الأوساط العلمية في النجف الأشرف مدرساً للفقه والأصول، كما عرفته شاعراً بارزاً من شعرائها الكبار وفي طليعة مدرستها الشعرية، كما عرفته أيضاً مجاهداً صلباً في مواقفه الدينية والوطنية المشرفة، ومصلحاً في الأمور الاجتماعية.
ولد الفرطوسي في قضاء المجر الكبير بمدينة العمارة وكان والده الشيخ حسين قد هاجر في السنة التي ولد فيها مع أفراد أسرته من النجف الأشرف إلى العمارة إثر الاضطرابات والحوادث الناشئة من احتلال الانكليز بغداد ولكنه لم يلبث أن عاد ثانية الى النجف ومعه ابنه الصبي بعد أن قضى مدة في العمارة (3)
وتنتمي أسرة الفرطوسي إلى (آل فرطوس) وهي قبيلة عربية تقطن في مناطق جنوب العراق وترجع في النسب إلى آل غزي (4) وكان أول من هاجر من هذه الأسرة من العمارة إلى النجف الأشرف هو جدها الأكبر الشيخ حسن مؤسس الأسرة العلمية، على عهد الشيخ صاحب كشف الغطاء (5)
وقد برز من هذه الأسرة الكريمة العديد من أعلام الفقه والأدب منهم: الشيخ حسن الفرطوسي النجفي، المعروف بالفرطوسي الكبير صاحب كتاب (الشرائع)، المدفون في رحبة مقام الإمام زين العابدين عليه السّلام في الطرف الغربي من محلّة العمارة (6)
وكان الشيخ حسن عالماً كبيراً قال عنه الشيخ محمد حرز الدين: (فقيه عالم محقّق جليل القدر رفيع المنزلة. إشتهر بالفقاهة وحسن الاستنباط بين معاصريه، وصار مرجعاً للتقليد في أواخر أيامه عند سواد العراق. وقد تقدّم سنة 1259 هـ سفره مع الشيخ حسن نجل كاشف الغطاء إلى كربلاء لملاقاة الوالي العثماني نجيب باشا حينما عزم الوالي على الإنتقام من أهل النجف كما قتل أهالي كربلاء وأرضخهم لجوره. له كتاب الشرايع في الفقه في ثمانية أجزاء) (7)
وذكر الشيخ الطهراني كتاب الشيخ حسن: الفقه الاستدلالي وهو في تسعة أجزاء أخرجه إلى البياض ولداه، الشيخ علي والشيخ حسين في ثلاث مجلدات كبار وضخام، موجود عند الشيخ حسين المذكور في النجف، وبعد وفاته في 1350 انتقل إلى ابنه الشيخ عبد المنعم بن الحسين. (8)
ويظهر من ترجمة حرز الدين إن هجرة هذه الأسرة كانت في القرن الثاني عشر الهجري لأن وفاة الشيخ كاشف الغطاء كانت عام 1228هـ وكان الشيخ حسن الفرطوسي ــ جد عبد المنعم ــ الذي ترجم له الشيخ حرز الدين من مشايخ إجازة الشيخ كاشف الغطاء في الاجتهاد.
أما والد الشيخ عبد المنعم، الشيخ حسين الفرطوسي، فيقول عنه الشيخ جعفر محبوبة: (كان من فضلاء عصره ورجال اسرته الأعلام. هاجر إلى سامراء وأقام فيها ما يقرب من عشر سنين. تلمذ فيها للشيخ باقر حيدر، والسيد محمد الأصفهاني، وغيرهما من تلاميذ المجدد الشيرازي. وبعد وفاة السيد المجدد عاد إلى النجف وحضر بحث العلامة الشربياني، والشيخ محمد طه نجف، والشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية) (9)
وقال عنه الشيخ الطهراني: (هو من الفقهاء الصلحاء والأتقياء الأخيار، رأيته كثيراً وجالسته مراراً، وكان يسافر الى قبيلته آل فرطوس في لواء العمارة كل عام للهداية والارشاد ونشر الأحكام) (10)
النشأة العلمية
نشأ عبد المنعم في محيط علمي ــ أدبي وترعرع في أحضان أسرته العلمية فكانت بداياته على يد والده ومعلمه الذي شمله بعناية فائقة ولكن عبد المنعم سرعان ما فقد هذا العطف الأبوي فقد توفي والده وهو في الثانية عشرة من عمره فكفله عمه الشيخ علي الفرطوسي، الذي كان: (من أعلام أسرته وهو عالم جليل على جانب عظيم من الأخلاق العالية) (11)
كما شملته أمه بحنانها. وكانت هذه المرأة الصالحة قد بذلت كل جهدها في سبيل تعليمه وإكمال مشواره العلمي رغم ضيق المورد المالي الذي يصل هذه الأسرة من نتاج الأرض الزراعية والذي كان عبد المنعم يجمعه ويدفعه لوالدته فكان العبء ثقيلاً عليه بعد وفاة عمه فكان يلاقي مشقة كبيرة في أسفاره إلى المجر الكبير لجمع نتاج أرضه التي ورثها عن أبيه والذي هو كل مورده ومورد أفراد أسرته الخمسة.
ورغم هذه المعاناة فقد كان متميزاً بين أقرانه، ففي الخامسة عشر من عمره تقلّد الزيّ الديني (العمامة) فأصبح أكثر مسؤولية تجاه أسرته ومجتمعه، وأخذت دراسته تظهر تقدّماً ملحوظاً فدرس على يد كبار العلماء في ذلك الوقت، حيث درس (كفاية الأصول) للمحقق الخراساني على يد أستاذه الشيخ مهدي الظالمي، ودرس (الرسائل) و(المكاسب) للشيخ الأنصاري على يد أستاذه السيد العلامة المحقق محمد باقر الشخص الإحسائي كما حضر في عدة بحوث علمية خارجية في الفقه والأصول على يد كبار العلماء والمحققين منهم السيّد أبو الحسن الأصفهاني، والسيّد محسن الحكيم، والسيّد عبد الهادي الشيرازي، والسيّد أبو القاسم الخوئي، والشيخ محمّد طاهر الخاقاني
ولم تمض فترة طويلة حتى أصبح مُدَرِّساً يشار إليه بالبنان فأخذ يدرس المنطق وعلم المعاني والبيان ومبادئ علوم الفقه. ومنذ ذلك اليوم بدأت شاعريته بالانتشار فأصبح من كبار شعراء النجف ودخل مضمار التأليف فألف وصنف العديد من الآثار العلمية والأدبية.
يقول الأستاذ حيدر المحلاتي: (احتفظ الشيخ الفرطوسي لنفسه من الخصال الحميدة والسجايا القويمة مالا نجدها إلاّ في سيرة السلف الصالح ــ رضوان الله عليهم ــ فقد تجسدت في شخصيته المثالية، وسلوكه الأخلاقي الرفيع تعاليم الإسلام السمحاء وقيمه المثلى المستوحاة من روح التربية القرآنية) (12)
وقال عنه السيد محمد حسين فضل الله: (صاحب الخلق الرفيع في ابتسامته المشرقة، وفي احتضانه الشعوري للناس الذين يلتقيهم، وفي اقباله على محدثيه.. وفي الدقة الروحية في مراعاة شعورهم وعواطفهم.. وفي تواضعه الذي يخجل كل إخوانه وتلامذته وعارفيه) (13)
يقول عنه الأستاذ علي الخاقاني: (أديب شهير، وشاعر مجيد، فاضل محقق... برز في الأندية العلمية كفاضل أتقن المقدمات وطائفة من الفقه والأصول وهضم ما تلقاه من أساتذته حتى عد من أوائل فضلاء الشباب وله آثار علمية شاهدتها تعرب عن مقدرته وطول باعه في تلك العلوم ). (14)
وقال الخاقاني أيضاً: (مترسل إلى أبعد حد في سيره وجلسته وتواضعه وحسن خلقه وميوعته الاجتماعية، الميوعة التي حدته على أن يساير نفراً تفوَّق عليه بجميع القوى والفضائل، ولكنه لوداعته وعدم شعوره بشخصيته، أو بتعبير أصح نكرانه لذاته نكراناً غريباً حداه على هذه المشايعة، غير انه في الوقت نفسه احتفظ باتزان نفسي وعزة وإباء جعلته محترماً في نفوس الناس وبالأخص في نفس من اطلع على غرائزه) (15)
وقال عنه الأستاذ غالب الناهي: (كان ـ رضوان الله تعالى عليه ـ شديد الإباء والأنفة حتى أنه كانت تهدى إليه الهدايا إعجاباً به وبشاعريته الاّ أنه لم يكن يقبلها مع احتياجه الشديد إليها) (16)
ويقول الشيخ جعفر آل محبوبه: (هو من الشعراء المجيدين والأدباء النابغين، سريع البديهة، كثير الحفظ) (17)
وقال عنه الشيخ محمد هادي الأميني: (عالم فاضل مجتهد جليل، من كبار الشعراء والأدباء النابغين). (18)
دراسته وآثاره
ترك الفرطوسي سبعة آثار علمية خطية هي:
شرح موجز لحاشية ملا عبد الله في علم المنطق.
شرح شواهد مختصر المعاني للتفتازاني
شرح كفاية الأصول للشيخ محمد كاظم الخراساني ويقع هذا الشرح في ثمانمائة صفحة
شرح الرسائل الأصولية للشيخ مرتضى الانصاري
شرح رسالة الاستصحاب: من رسائل الشيخ مرتضى الانصاري يقع في ١٠٠٠ صفحة.
شرح مقدمة البيع من كتاب: المكاسب، للشيخ مرتضى الانصاري
شرح المطالب
مواقفه الوطنية والسياسية:
للفرطوسي سجل حافل في الجهاد والاصلاح السياسي فقد (سجّل الفرطوسي مع الثائرين من أبناء أمته حضوراً فاعلاً وتواجداً حيّاً في ميادين النضال والكفاح الشعبي. ففي الوقت الذي حمل المجاهدون أسلحتهم للدفاع عن شعبهم ووطنهم راح الفرطوسي يؤجج لهيب الحماس في نفوس أبناء جلدته ويشعل جذوة الثورة في قلوبهم بقصائده الحماسية الرائعة وأشعاره الثورية الجياشة. وقد حدا بهذه الروح الحماسية العالية التي بثّها الفرطوسي في نفوس الناس أن راح الكثير منهم يطالبون في تظاهراتهم ومسيراتهم بقراءة قصائد الفرطوسي الثورية واعادتها مرات ومرات) (19)
قال الشاعر الشيخ جعفر الهلالي معبّراً عن مواقف الفرطوسي السياسية:
والساسـةُ العملاءُ كنتَ عليهمُ ســــوطـاً تزيدُ عذابَهــا وهوانَها
ألمسـتهمْ مِن حرِّ قـولِكَ جمره مثلَ الصواعقِ أرسـلتْ نيرانَهـا
أنكرتَ ما قد أحدثوا مِن منكرٍ بفعــــالِهم فـي كـلِّ مـا قد شانَها
وبذاكَ قد جاهدتَ شرَّ عصابةٍ ورميتَ بالسهمِ المصيبِ جنانَها
ما أقعدتكَ لضعفِهـا شيخوخـةٌ عـن وقفـــةٍ فـرضَ الإلهُ مكانَها (20)
ديوانه
أما آثاره الأدبية فقد ترك ديواناً ضخماً مكوّناً من جزأين وقد نسقه الشاعر على سبعة أبواب طبع في النجف 1957 ــ 1966 والأبواب هي:
1 ــ من وحي العقيدة، وقد اشتمل على مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام).
2 ــ صور من المجتمع، وضم القصائد الوطنية والسياسية والتي صور فيها الشاعر الحياة الطبقية في المجتمع والتعاليم الاصلاحية ومعالجة الفساد الإداري.
3 ــ دروس، وضم من الشعر ما قاله الشاعر في التوجيه والأخلاق والعرفان.
4 ــ في محراب الطبيعة، وضم صوراً من مناظر الطبيعة وحياة القرية وأخلاقها وعاداتها.
5 ــ طلائع الآمال، وهي قصائد ألقاها الشاعر في استقبال وفود العلم والأدب ورجال الإصلاح الذين زاروا النجف الأشرف.
6 ــ شعر عاطفي وجداني.
7 ــ دموع وعواطف، وهي قصائد ألقيت في مآتم رجال العلم والأدب وقادة الاصلاح.
ويبلغ عدد أبيات الديوان بجزئيه مع أبيات الإهداء ٧٣٨٥ بيتاً توزعت على أكثر من مائة وثمانين قصيدة ومقطوعة شعرية. والديوان هو ليس جميع منظوم الشاعر فقد اقتطف الشيخ الفرطوسي من نتاجه الشعري الضخم هذه القصائد المثبتة في الديوان بينما تناثرت قصائده الأخرى في الصحف والمجلات (21)
رحلاته ووفاته
في سنة ١٩٥٢ سافر الفرطوسي إلى إيران لزيارة مرقد الإمام الرضا عليه السلام وفي عام 1957 حجّ بيت الله الحرام وعرّج على المدينة المنورة فزار مسجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ومراقد ائمة أهل البيت عليهم السلام في البقيع وفي سنة ١٩٦٥ سافر إلى سويسرا لعلاج بصره فمكث مدة في العاصمة جنيف ثم انتقل إلى مدينة لوزان لتلقي العلاج في جامعتها الطبية. وبعد فترة قضاها في سويسرا قرر الذهاب إلى لبنان فبقي مدة هناك ثم توجه بعدها إلى سوريا حيث كانت محطته الأخيرة في هذه الرحلة فعاد إلى العراق.
وفي أواخر السبعينات وإثر الأزمات السياسية التي شهدها العراق في تلك الفترة غادر الفرطوسي العراق نهائياً وأقام في لبنان. وبعد مدة توجه إلى جنيف لمعالجة بصره حيث نزل عند أخيه الدكتور محمد حسين الفرطوسي وذلك في سنة ١٩٨٠ م. ومكث ستة أشهر قضاها بين العلاج الطبي والانصراف إلى التعبد وعقد المجالس العلمية. وبعد هذه الفترة انقطع أمله بالتوصل الى أعادة بصيص من بصره فعزم على الرحيل إلى بيروت والإقامة هناك. وفي عام ١٩٨٢ م عاد إلى جنيف ثانية وبعدها قرر الانتقال إلى الإمارات العربية المتحدة فأقام في أبو ظبي حتى أيامه الأخيرة (22) ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف ودفن فيها (23)
وقد أبَّنه ورثاه العديد من الأعلام والشعراء منهم السيد حسين الصدر الذي قال في تأبينه: (لقد انطوت شخصيته الفذة على أبعاد شامخة من العلم والعبادة، والخشوع والزهادة والذود عن العقيدة والرسالة، بلآلئ البيان، وكنوز البلاغة، وباهر الألوان، ورائق الافكار والمفاهيم، ونقي المشاعر والعواطف ... ومن هنا كانت وفاته خسارة فادحة ، التاعت لها القلوب، واهتزت لها الأعماق، فسلام عليه في الخالدين) (24)
وقد أرّخ الشاعر الشيخ عبد الغفار الأنصاري وفاته فقال:
قد قلتُ (عبد المنعم) المتَّقي هـوَ الـزكيُّ الزاهـدُ الخيّـرُ
لــقد جـزاهُ اللهُ خيـرَ الجـزا معَ النبيِّ المصطفى يُحشـرُ
وآلــــهِ الأطهـارِ أهـلِ العبا مَن كـانَ في مدحِهم يشعـرُ
في جـــنَّةِ الخلدِ لـه أرِّخـوا: (بها المنى شرابُه الكوثرُ) (25)
شعره
تميَّز شعر الفرطوسي بالرصانة والمتانة والصياغة اللفظية وقوة المعنى وقد عده الشيخ محمد هادي الأميني من كبار الشعراء في عصر يعج بالشعراء الكبار وفي مدينة زخرت أجواؤها بالشعر والأدب.
يقول الخاقاني: (والفرطوسي في شعره لا يحتاج إلى ثناء كثير فقد حاز على إعجاب كل من سمعه ما أكثر من سمعه، فقد نحا فيه مناحي قربت إلى الواقع، وعالجت كثيراً من المشاكل الاجتماعية التي ينشدها كل مصلح تسرب حب وطنه له فشعر بضرورة الاصلاح، وشاعريته ينبوعاً ثراً ومعيناً لم يعتره النضوب ولا أحس بعطل في الانتاج. قوي اللفظ جزله، مليح المعنى رقيقة، حسن السبك والايقاع، قد تخللت عناصر الحياة فيه فأوجدت منه نغماً ملذاً، ونبضاً حياً، ومشاعر حساسة مشفوعة بحسن العرض والمران وقد طرق فيه كثيراً من الأنواع والفنون..) (26)
وقال المحلاتي: (لم تعرف النجف على مرّ عصورها مثيلاً له من حيث غزارة الشعر ووفرة النتاج الأدبي. فقد بلغت أبياته الشعرية التي نظمها طوال مسيرته الأدبية خمسين ألف بيت، الحدّ الذي لم ينازعه فيه شاعر لا من قديم ولا من حديث.) (27)
يقول الفرطوسي من قصيدة (أبو الشهداء) وهي من أشهر قصائده:
ناجيتُ ذكراكَ حتى عطّرتْ كلمي كأنّ ذكراكَ قـــــــــرآنٌ جرى بفمي
وهزّني لـكَ من أرضِ الحِمى وترٌ جسَّ العواطفَ في ضربٍ من النغمِ
قد أرقصَ الـقلـبَ حتى خلته حــبباً على كؤوسِ الولا يطفو من الضرمِ
فرحت ألثمُ مـــثوىً فيه قد عكــفت روحُ البطــــــــولةِ والإقدامِ والشممِ
قبَّلتُــــــــــــه بــفمي حتى أسلت به قلبي فضّرجته من أدمعــــي ودمي
وهذه القصيدة هي من أروع قصائد الشاعر وهي وتربو على السبعين بيتاً وقد قرأها في جمعية الرابطة الأدبية في ذكرى عاشوراء عام (1371هـ / 1952م) فكان لها صدى كبير وواسع في الأوساط الأدبية وهزت كبار شعراء النجف حينها.
يضع الفرطوسي في باب (من وحي العقيدة) من ديوانه وهو يتضمن قصائده الولائية في مدح ورثاء أهل البيت مقدمة لكل قصيدة فيه ففي مقدمة قصيدته (المبعث النبوي) التي ألقاها في جمعية الرابطة الأدبية يوم المبعث النبوي وقد كتبها عام (1370 هـ /1950 م) يقول:
من أفق الغار المظلم، وفي تلك الصحراء المجدبة تتفجر أنوار من المعارف، وينابيع من الحضارة الخصبة من فقير يتيم يغزو العالم بدعوته الإلهية ونهضته الإصلاحية الاجتماعية فيطوف صداها في أجوائه هو النبي الكريم محمد صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين، يقول من هذه القصيدة:
صوتٌ من الحقِّ يطوي السهلَ والحدبا ذوى فـــــــأرجفتِ الدنيا له رهـبا
وبـــــــسمةً من فـمِ التوحيدِ قد سطعتْ على الحياةِ فأضحى الشركُ مكتئبا
ويقظة مــــــن سباتِ الجهلِ قد كشفتْ عن العقولِ بـأنوارِ الهــــدى حجبا
من أرضِ مـــكةَ مهدُ البدوِ قد سطعتْ لنا الحضارةُ فـــانشدْ عندها العجبا
من ظلمةِ الغـــــارِ والصـحراءُ مجدبةٌ تفجّرَ النورُ كالبــــــركانِ وانسـكبا
من اليتيمِ تعالى الــــــيتمُ مفخـــــــــرةً أهكذا تخضـــــــــعُ الدنيا لمن وثـبا
ويقول منها:
بُعثتَ بالعدلِ والتوحيدِ محتـضــــناً رســالةً كنـــــتَ فـيها مشفقاً حدبا
رسالة تسعدُ الدنيـــــــــــا وتنــقذُها من الشقـاءِ وقـد أودى بــها نصبا
رسالة مهدُها قلبُ الرسولِ وفــــي أنصارِهِ حين ضـاقتْ آنستْ رحبا
رسالة تتبنّى كل مــــــــــــــــوهبةٍ غُذيت فيها فكنــــــتَ ابناً لها وأبا
بعثتَ والحقُّ من عيـــــنيكَ منبعثٌ نوراً ومن شفتيـكَ الصدقُ قد لهبا
وبين جنبيــــــــكَ نفسٌ في عقيدتها تجاهدُ الشـركَ والـتضليلَ والريبا
وبين جنبيكَ من نورِ الهدى وضحٌ دمُ الجهادِ عـــليهِ قـد جــرى ذهبا
ومنها أيضاً:
يا هادياً بلســـــــــانِ الذكرِ أمَّتَه فليسَ ينطــقُ تضليلاً ولا كذبا
أنتَ الأمينُ على وحي بعثتَ به للدينِ أكــــمل فيه كل ما وجبا
نصَّبتَ فيه علياً للــــورى علماً يومَ الغديرِ بخمٍّ رغمَ من نصبا
بلّغت ما جاءَ نصَّاً فـــي ولايته فبانَ من فضلِهِ ما كان مُحتجبا
أما عن (عيد الغدير) فيقول الفرطوسي في مقدمة قصيدة حملت هذا العنوان والتي تبلع (65) بيتاً:
(صوت من الحق، ونداء من الوحي يهبط به الروح الأمين على النبي محمد (ص) لإتمام دعوته وإكمال رسالته: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ.
الوحيُ أنزله فيــــها وطافَ به صوتٌ من الحقِّ في أجوائِها انطلقا
يا أيها المصطفى بلّغ جموعهمُ نـصَّ الغديرِ ولا تخشَ الورى فرقا
فقام فيهمْ كما أوحــــى الإلهُ له مبلّغاً خــــــــــــــاطباً في نطقهِ ذلقا
هذا عليٌّ إمامُ الحــــــــقِّ بينكمُ وفي إمـــــــــــــامتِهِ القرآنُ قد نطقا
وفي (مولد الحق) وهي قصيدته في مولد سيد الشهداء والتي تبلغ (58) بيتاً يقول
قدوةُ النــــاهضين في كلِّ جيلٍ وإمـامُ الأحرارِ فـي كل حيِّ
أنتَ روحٌ من الجهادِ عـصوفٌ يتلــــظّى مـــن الدمِ العربيِّ
مضريٌّ له التفـــــانــــي شعارٌ والتفاني من شيمةِ المضريِّ
سنَّ للعزَّ والإباءِ نـــــظامــــــاً هوَ درسٌ لكــــــــلِّ حرٍّ أبيِّ
وفي مقدمة قصيدته (الباب الذهبي) في حق أمير المؤمنين وسيد الوصيين والتي تبلغ (70) بيتا يقول:
(عدل صارم لا تضام في ظله نملة في حبة من رزقها، ولا تطمع رحم بسوى حقها، حياة مخصبة من المعارف مجدبة من المغريات، بيت بسيط مظلم ما فيه غير سرير وحصير ورحى وأقداح من الطين ومدرعة بالية، يشيد الحق على أساسه صروحا من الذهب، وشموعا تنافس الشهب، هذا علي وتلك حياته وهذه عقباه وهي المثل الأعلى للإنسانية.
أبا الحــــــقِّ والحـقُ يسمو عُلاً إذا كان فيكَ اسمه يـــشـفعُ
حياتكَ وهي حيـاةُ الفقيــــــــــر يحيط بها فقرُه الـــمــــدقعُ
وقوتك قرصُ الشعيــــــرِ الذي تسدُ به الرُّمَـــــــقُ الجوّعُ
وكلُّ إدامِــــــــكَ بعد المخيض جريشٌ من الملحِ لا يجرعُ
ومدرعة الصوفِ وهي النسيج وفي كل آونــــــــةٍ تـــرقعُ
ومن جنسِ هذا النتاجِ الشريف إزارُ الــــــــزكيةِ والبـرقعُ
وهاتيكَ عقبــــاكَ وهـي الخلود وعـــقبى سواكَ هي البلقعُ
هو العدل إن الأصـــــولَ التي على العدلِ تغرسُ لا تقطعُ
ومن قصيدة (مولد الزكي) والتي كتبها عام (1952) وتبلغ (53) بيتاً يقول:
إمام هدىً قد أصـــلحَ الله أمة به أفســـدتها المغرياتُ مراميا
غداة أطالَ البغيُّ منها قوادماً تســـفُّ بها من جهلها وخوافيا
وكشر عن أنيـابهِ الظلمُ مالئاً صدورَ الفيافي أذؤباً وضواريا
كما ضم هذا الديوان قصائد كثيرة يطول الحديث عنها فالحديث عن شعر الفرطوسي يحتاج إلى دراسة مطولة في خصائصه ومميزاته
وإضافة إلى هذا الديوان فللفرطوسي ثلاثة دواوين أخرى هي:
1 ــ ملحمة أهل البيت عليهم السلام: تقع في ٢٨٢٠٤ بيتاً طبعت للمرة الاولى سنة ١٣٩٧ هـ ١٩٧٧ م في ثلاثة أجزاء وقد قدّمها السيد محمد باقر الصدر. وفي سنة ١٤٠٧ هـ ١٩٨٦ م أي بعد وفاة الشاعر بثلاث سنين طبعت الملحمة بكامل أجزائها الثمانية وقد قدم لجزئها الثامن السيد محمد حسين فضل الله)
2 ــ الوجدانيات: وهي مجموعة شعرية لا تزال مخطوطة تحتوي على ألوان وصفية وغزلية من شعر الفرطوسي.
3 ــ الفضيلة: رواية شعرية من الأدب الحزين نظمها الفرطوسي في ثمانين صفحة وبلغ عدد أبياتها ستمائة بيت. وأصل الرواية للكاتب الفرنسي برناردين دي سان بيار (١٧٣٧ ــ ١٨١٤ م) ونقلها إلى العربية الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي (١٨٧٦ ــ ١٩٢٤ م). وقد فرغ الفرطوسي من نظمها سنة ١٣٦٦ هـ
وله أيضاً أرجوزة شعرية في المنطق، وهي منظومة في الاشكال والضابطة في علم المنطق من «الحاشية» التي وضعها المولى نجم الدين عبد الله اليزدي المتوفى سنة ٩٨١ هـ على كتاب «تهذيب المنطق والكلام» لسعد الدين التفتازاني المتوفى سنة ٧٩٢ هـ. وتقع الأرجوزة في مئتي بيت تقريباً (28)
..........................................................
1 ــ القصائد عن: ديوانه ــ مطبعة الغري الحديثة ــ 1376 هـ / 1957 م تقديم الشيخ محمد علي البلاغي / ملحمة أهل البيت ج 1 ــ 8 مؤسسة أهل البيت عليهم السلام ــ بيروت ــ لبنان 1407 هـ / 1986 م تقديم السيد محمد باقر الصدر وتبلغ (50000) ألف بيت وقد وردت لفظة (كربلاء) فيها كثيراً جداً فاكتفينا بما قدمناه من نماذج
2 ــ شعراء الغري ج 6 ص 3
3 ــ مقدمة الديوان / موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ــ حميد المطبعي ج 1 ص 137
4 ــ موسوعة العشائر العراقية، ثامر عبد الحسن العامري ج ١ ص ١٢٥ / عباس العزاوي، عشائر العراق ج ٣ ص ١٢٣
5 ــ ماضي النجف وحاضرها ج ٣ ص ٦٢
6 ــ تاريخ النجف الأشرف، عبد الزراق حرز الدين ج 3 ص 82
7 ــ معارف الرجال ج 1 ص 255
8 ــ الذريعة ج ١٦ ص ٢٨٦
9 ــ ماضي النجف وحاضرها ج ٣ ص ٦٣
10 ــ نقباء البشر في القرن الرابع عشر ج ٢ ص ٥٦٥
11 ــ ماضي النجف وحاضرها ج ٣ ص 67
12 ــ الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.. حياته وأدبه ــ المكتبة الأدبية المختصة ــ رسالة ماجستير في الأدب العربي من كلية اللغات بجامعة اصفهان. ١٤١٩ هـ / ١٩٩٨ ج 1 ص 63
13 ــ مقدمة الجزء الثامن من ملحمة أهل البيت عليهم السلام للفرطوسي ص ٣
14 ــ شعراء الغري ج 6 ص 3 ــ 4
15 ــ نفس المصدر والصفحة
16 ــ دراسات أدبية ج ١ ص ٧٤
17 ــ ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 65
18 ــ معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 937
19 ــ غالب الناهي / دراسات أدبية ج ١ ص ٧٣
20 ــ الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.. حياته وأدبه ج 1 ص 84
21 ــ الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.. حياته وأدبه ج 1 ص 75
22 ــ مقال لمحمد حسين الفرطوسي في مجلة الموسم: العددان ٢٣ ــ ٢٤ لسنة ١٩٩٥ ص ٣٥٢
23 ــ الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.. حياته وأدبه ج 1 ص 87
24 ــ مجلة الموسم: العددان ٢ ــ ٣ لسنة ١٩٨٩ ص ٧٢٢
25 ــ الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.. حياته وأدبه ج 1 ص 88 ــ 89
26 ــ شعراء الغري ج 6 ص 7
27 ــ الشيخ عبد المنعم الفرطوسى حياته وأدبه ج 1 ص 77
28 ــ نفس المصدر ص 77
كما ترجم ل: وكتب عنه:
حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 1 ص 137
رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 2 ص 256 ــ 267
كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 4 ص 147
الشيخ عبد الله الحسن / ليلة عاشوراء في الحديث والأدب ص ٢٨٧
مدونة الدكتور ابراهيم العلاف / الشاعر عبد المنعم الفرطوسي والغرب بتاريخ 23 / 3 / 2014
الحاج حسين الشاكري / علي في الكتاب والسنة والأدب ج 5 ص 249 ــ 251
تحسين فاضل عباس المشهدي، رضية عبد الزهرة كيطان الابراهيمي ــ شعر عبد المنعم الفرطوسي: دراسة في القافية أنواعها وعلاقتها بالأصوات اللغوية ــ الديوان أنموذجا، مجلة اللغة العربية وآدابها / المجلد 1، العدد 23 في 30 / 6 / 2016 ص 150 ــ 170 جامعة الكوفة كلية الآداب بتاريخ 30 / 6 / 2016
حسن عبد عودة الخاقاني ــ ملامح من الرومانسية في شعر عبد المنعم الفرطوسي: دراسة موضوعية، مجلة اللغة العربية وآدابها، المجلد 2، العدد 8 جامعة الكوفة كلية الآداب بتاريخ 31 / 10 / 2009 ص 236 ــ 272
اترك تعليق