154 ــ حسن بحر العلوم (1282 ــ 1355 هـ / 1865 ــ 1936 م)

حسن بحر العلوم (1282 ــ 1355 هـ / 1865 ــ 1937 م)

قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين ورثاء الإمام الحسين (عليهما السلام) تبلغ (95) بيتاً:

بالألى قد قُتلوا في (كربلا)    كـــــــــــبـدورٍ ونـجـومٍ زاهـراتْ

من رجـالٍ كـلُّ فـــردٍ منهمُ    قد حكى ليث الشرى في العدواتْ

إن دُعوا للحربِ خفّوا وهمُ    في مجالِ الحـــلمِ هضبٌ راسيات (1)

ومنها:

كم رزايـا سـكـنـت فـورتُها    وخــبـت نيرانُها المشتعلاتْ

ورزايا (كربلا) قد أودَعت    جـمراتٍ في الحشى متقداتْ

فـإذا ما رمـتَ عـنهـا سلوةً    لمْ تزلْ في القلبِ إلّا زفراتْ

الشاعر

السيد حسن بن إبراهيم بن حسين بن رضا بن السيد مهدي بحر العلوم. عالم وأديب ومؤرخ وشاعر من أسرة علمية معروفة ولد في النجف الأشرف، ودرس فيها على يد أبيه، الذي كان من أعلام الفقه والأدب، ومن أساتذته أيضاً، وشيخ الشريعة الأصفهاني، والسيد كاظم اليزدي (2)

قال فيه السيد جواد شبر: (أديب معروف وعالم جليل نشأ على والده المشهور بأدبه وفضله وعلمه وكماله، ومن يشابه أباه فما ظلم، لقد ورث أكثر سجايا أبيه من عزة وإباء وعفة وورع حضر على علماء النجف أمثال شيخ الشريعة الأصفهاني والسيد محمد كاظم اليزدي ذلك إلى جنب براعته الأدبية وديوانه يعطينا صورة عن نبله وفضله وبراعته في التاريخ مشهود بها). (3)

وقال عنه الخاقاني: (ورث أكثر سجايا أبيه من عزة وإباء وعفة وورع...) (4)

توفي بالنجف. ودفن بمقبرة الأسرة وهو والد العلامة التقي الورع السيد محمد تقي بحر العلوم والعلامة الجليل البحاثة السيد محمد صادق بحر العلوم. (5)

عُرف السيد بحر العلوم بالتاريخ الشعري وبرع فيه حتى تخصص به ونظم ديوانا سماه (التاريخ المنظوم) وهو مخطوط ويضم نحو ألف بيت أرخ فيه لأحداث وشخصيات من أعلام أسرته وعصره، وله ديوان مخطوط عند حفيده الشاعر حسين بحر العلوم. (6)

وقال السيد الأمين: (كان فاضلاً شاعراً كأبيه في التاريخ المنظوم فيما يقرب من ألف بيت فيها تواريخ وفيات بعض مشاهير العلماء) (7)

وقال عنه حسين الشاكري: (ترعرع فيها بكنف والده، وكان من فخامة نتاجه الشعري وثرائه في النظم أن خلف ما يزيد على الألف بيت في أدب التواريخ أرخ فيه وفيات بعض الأعيان). (8)

أما قصيدته (التائية) فشطر بيتين في مدح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه ‌السلام) فقال:

(قُلْ لمنْ والى عليَّ المرتضى)    نُلتَ في الخلدِ رفيعَ الدرجـــاتْ

أيُّـهـا الــمـذنـــــبُ إن لـذتَ بـه    (لا تـخـافـنّ عـظـيـمَ الـسيئات)

(حبُّه الإكسيرُ لــــو ذُرَّ عـلـى)    رمـمٍ حـلّـت بـهـا روحُ الـحـيـاةْ

وإذا مـا شـمـلـتْ ألــــــــطـافـه    (سيئاتِ الخلقِ صارتْ حسناتْ)

ثم أردفها بمدح الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ورثاء الإمام الحسين (عليه السلام) يقول منها في مدح أمير المؤمنين:

يـدُه الـبـيـضـاءُ لـو مـسَّ بــــهـا الـ    ـشـجـرُ الـــبالي زها بالـثــمـراتْ

حـبُّـه فـرضٌ عـلـى كـــــلِّ الـورى    وهـوَ فــــــي الحشرِ أمانٌ ونجاةْ

كـلُّ مـن والاهُ يـنـجــــــو فـي غـدٍ    مِـن لـــــظى النارِ وهولِ العَقَباتْ

فـهـوَ الـغـيـثُ عـــــطـاءً وهــبـاتْ    وهـــــــوَ الـلـيـثُ وثـوبـاً وثـبـاتْ

وهوَ نورُ الشمسِ في رأدِ الضحى    وهـــوَ نبراسُ الهدى في الظلماتْ

وهـوَ لـلـمـظلـومِ كهـــــــــفٌ مانعٌ    وإلى الداعـي سـريعُ الـخطـــواتْ

وإلى الـلاجـيَ أسـمـى مـلــــــــجـأ    وعـلـى الباغي شديدُ الـســـطواتْ

وإلـى الأيـتـامِ أحـــــــــــنــى والـدٍ    وكــفــيــلٍ لـلـنـسـاءِ الـمـــثكـلاتْ

وهُـوَ الـقـوّامُ فــــــــي جنحِ الدُّجى    وهـوَ الـصـوّامُ فـي وقـــتِ الغداةْ

قد أبـانَ الـشـرعَ في أحـــــــــكامِهِ    وقـضى الـدهـرَ صِــلاتٍ وصلاةْ

كم بـوحي الـذكـــــــرِ فـي تفضيلِهِ    صَـدَعَـتْ آيـاتُ فـــضـلٍ بـيّـنـاتْ

آيـة الـتـصـديـــــــــــقِ مــن آياتـه    حين أعطى في الركوعِ الصدقاتْ

هـل أتـى فيمن ســـــــواهُ هـل أتى    أو أتـــتْ فـي غـيـرِهِ والـعـاديـاتْ

هـذه الآيـاتُ بـعــــــضٌ من مئاتْ    كم لـه آيــــــاتُ فـضـلٍ أخـريـاتْ

مـا وجـــدنـــا آيـــــــــةً مـــادحــةً    لـــــسـواهُ إن يـجـدْ فـيـهـمْ فـهـاتْ

فهوَ بالنصِّ وصيُّ المصـــــــطفى    وأبـو الــــغـرِّ الـمـيـامـيـنَ الـهداةْ

أوصـيــاءٌ كـلـهـمْ مـن بـــــــــعـده    أصـــفـــيــــــاءٌ أمــنــاءٌ وثــقــاتْ

هـوَ سيــــــــفٌ من سيوفِ اللهِ إن    سَـــلّ في وجهِ العدى كانوا رقاتْ

أســدُ اللهِ وقــــــــــــــــل حــيـدرة    لا يهابُ المـوتَ إن لاقـى الـكـمـاةْ

كلما صالوا على حـــــزبِ العمى    بـالمواضي طــــعنوا الجمعَ شتاتْ

ولــــــدى الأحزابِ يهوي مرحبٌ    بحســـــامِ المرتضى حتفِ الطغاةْ

فانبرى الـشـركُ بـــمـاضي حيدرٍ    لعلى الإيــــــــمانِ وافـي الجبهاتْ

وحـنـيـنٌ حـيـنَ فــرَّ الـمـسـلـمـون    لـم يـكــــــــــن إلا عـليّ ذو ثباتْ

بأخـيـهِ السيفُ يحـــمي المصطفى    لـيــــــــــزيلَ الـكـفرَ عنه والشقاةْ

ومنها في يوم الغدير:

أنكروا ما خصَّ في يومِ الـغـديـرِ    لأبـي الـسـبطـيـنِ قـومٌ نـكراتْ

حين قامَ المصطفى بيـــنَ الورى    خـاطـبـاً تـسمــعه ستُّ الجهاتْ

قـائـلاً مـن كـنـتُ مـولاهُ فــــــقـد    صـارَ مـولاهُ أبــو الـغـرِّ الهداةْ

حـــــيدرٌ فهوَ وزيري في الوغى    ووصـيـي فـيــكـمُ بـعـد المماتْ

أسـفـــاً مـن بـعـد مـا قـد أخـذَ الـ    ـمصطفى منهـمْ عـهـوداً وثقاتْ

أن يــــــــوالــوا بــعــده أبــنــاءه    بــالـتـوالـي لـتـهـونَ الـكُـربـاتْ

جـحـدوا مـــــــا فـرضَ اللهُ لـهـم    في مزايا فضلهمْ في المحكماتْ

قـتـلـوا حـيـدرَ فــــــي مـحـرابِـه    بـحسامِ البغي فـي وقتِ الصلاةْ

ثم يذكر مصاب الحسين (ع) بقوله:

وسُقوا كأسَ الحِمامِ المجتـبى    فقضى رهـنَ الأسى والحسراتْ

وبـيومِ الـطـفِّ أبـدوا كـلــمـا    أضـمــــروه مـن عـداءٍ وهُـنـاتْ

وقعة قـد صغرتْ في جـنبها    من عظـــيمِ الخطبِ كلُّ الوقعاتْ

وقعة قد صدعت قلبَ الهدى    بـالأســــــى حتى ترامى زفراتْ

وقـعـة شابَ لها الطفلُ وقــد    أصبحتْ ثكلى جميعُ المرضعاتْ

ومنها:

بأبي أفدي رجالاً قد قــــضوا    عطشـاً مــن غـيرِ جرمٍ وتراتْ

جزّورهم كالأضاحـي وجرتْ    فوقهم خيـلُ الأعـادي العارياتْ

ثم رضوا حنـقـاً صـدرَ الــذي    فـيـه أسرارُ الـهــدى منطوياتْ

بأبي مـلـقـىً ثـلاثـاً بــالـعـــرا    عـاريـاً تـسفـي عــليه الذارياتْ

ووجوهاً مـشـرقــاتٍ نــيـرات    قد غدت تحت الثرى مختبئاتْ

وجـسـومـاً بـالــدمـا مزّمـلاتْ    ورؤوسـاً بــــالـقـنـا مـرتـفعاتْ

ورضـيـعـاً يـتـلـظـى عـطـشاً    قـد رمى منحــــرَه أشقى الرماةْ

....................................................................................

1 ــ شعراء الغري ج 3 ص 128 ــ 132

2 ــ نفس المصدر ص 124

3 ــ أدب الطف ج 9 ص 152

4 ــ شعراء الغري ج 3 ص 125

5 ــ أدب الطف ج 9 ص 152

6 ــ شعراء الغري ج 3 ص 125

7ــ أعيان الشيعة ج ٤ ص ٦٢٦

8ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج 5 ص 65

كما ترجم له:

عبد الله الخاقاني / موسوعة النجف الأشرف ــ شعراء النجف في القرن الرابع عشر القسم الأول، المجلد الثامن عشر ص 266

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 2 ص 30

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار