143 ــ غزوان الباوي (1399 هـ / 1979 م)

غزوان الباوي (ولد 1399 هـ / 1979 م)

قال من قصيدة (العشق الحسيني) وتبلغ (28) بيتاً:

وكيفَ يخضعُ مَنْ صارَ الحسينُ لهُ     صوتاً صداهُ الدُّنا في (كربلاء) فمُ

إنْ كـــــانَ حبُّكَ يُدعى عندَهم نَزَقاً     فـــــــــــحسبُنا أنَّها ترقى بكَ الهممُ

لولا مضـــــــــامينُهُ ما كانَ يبهرُنا     هذا الفـــــــــــداءُ بعينِ الظُّلمِ يقتحمُ (1)

الشاعر:

الدكتور غزوان بن علي بن ناصر الباوي، شاعر وناقد ولد في بغداد، وتخرج من الجامعة المستنصرية / كلية التربية، وحصل على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي العربي عن أطروحته (أبو حيان التوحيدي في الخطاب النقدي العربي الحديث) ويعمل الآن تدريسياً لمادة اللغة العربية

صدرت له مجموعة شعرية بعنوان ترانيم الفتى البغدادي عن مكتبة فضاءات الفن ــ 2019

عضو في روابط ومنتديات أدبية كثيرة منها:

1 ــ رابطة السيد مصطفى جمال الدين الأدبية

2 ــ مجموعة شعراء المتنبي

3 ــ مجموعة شعراء الرافدين

له أعمال أدبية متنوّعة منها:

شعر أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني دراسة موضوعية فنية / رسالة ماجستير

أبو حيان التوحيدي في الخطاب النقدي العربي الحديث / أطروحة دكتوراه

دراسة في شعر إبراهيم الباوي في ديوان أنا والليل

مقدمة لديوان ابراهيم الباوي اوجاع تلتهم الوسن

دراسة تحليلية في شعر إسماعيل أكبر محمّد مترجمة إلى اللغة الانكليزية

دراسة أخرى في شعر إسماعيل أكبر محمّد

المصحح اللغوي: كتاب في التصحيح اللغوي

وقد نشر بعض أعماله الأدبية من شعر ومقال وبحث في الصحف اليومية والمجلات الورقية والالكترونية منها:

1 ــ جريدة الشرق

2 ــ جريدة النهار

3 ــ جريدة البينة الجديدة

4 ــ مجلة المرايا للشعر والأدب

5 ــ مجلة عين الإمارات

6 ــ مجلة الثقافي

7 ــ مجلة ثقافية شهرية يصدرها مجموعة من المثقفين العرب

8 ــ مجلة الخياط الالكترونية.

9 ــ مجلة الهيكل.

إضافة إلى المواقع الالكترونية التي نشرت كثيراً من شعره.

شارك في بعض المهرجات الشعرية وأقام عدة معارض فنية وحاز على العديد من الشهادات التقديرية في هذا المجال.

كما شارك في أعمال ومؤلفات أدبية منها:

1 ــ وطن لا يشيخ / جمع واعداد لطيف عبد سالم، طبع شبكة الاعلام في الدنمارك، سلسلة الكتب الثقافية 2019

2 ــ على خطى الثائرين / مهرجان بغداد الشعري الدولي الأول، مؤسسة فرسان عمود الشعر الثقافية 2019

3 ــ مسابقة أقلام بلا قيود / لمجموعة كبيرة من شعراء الوطن العربي، وفيه حصل على المركز الثاني عن فئة شعراء العمود، وطبع الكتاب في مصر

تقول الدّكتورة بشرى موسى صالح من قراءتها النقدية عن ديوان (ترانيم الفتى البغدادي):

(كنتُ قد قرأتُ قصائد متفرّقة لغزوان في أوقاتٍ متعدّدة وشدّني إليها أكثر منْ سببٍ ولعلّ منْ أبرز ما شدّني إليها هو هذا النّزوع التّصويري الممتد والذي أسميته ذات مرة بالأسلوبِ الحسّي، وهو غصن قوي منْ أغصانِ الشّجرة الاسلوبية الشّعرية العربية لا يمكن لعين النّقد أنْ تغفله، وهي تتلفتُ في قسمات شعر غزوان في ديوانهِ ترانيم الفتى البغداديّ.....) (2)

وقال الأستاذ لطيف عبد سالم من قراءته النقدية لـ (ترانيم الفتى البغدادي) ديوان الشاعر غزوان علي ناصر: (ويمكن القول إنَّ السماتَ الجمالية المميزة للقصائد التي ضمها الديوان المذكور، وفي المقدمة منها اللغة الشعرية والصورة الشعرية، تكشف لنا عن شاعر وجداني عميق الإحساس، متمكن من أدواته الشعرية، ضليع باللغة ومحب لجماليتها، ولا غرابة في هذه الميزة ما دام غزوان علي ناصر يدرس اللغة العربية كونه أحد طلبة الدكتوراه في اختصاص النقد والأدب. ولعلَّ من المهم الإشارة هنا إلى أنَّ مؤلفَ هذا الديوان يشتغل على القصيدة العمودية الكلاسيكية على الرغم من انفتاحه على أجناس الشعر الأخرى، إذ يبدو بما لا يقبل التأويل أنَّه يجد قصيدة العمود أقرب إلى نفسه......) (3)

وقال الدّكتور يوسف وغليسي: (قد ينبهرُ الفتى غزوان بتجارب السّلف من شيوخ القصيدة (القدماء والمحدثين) فينسج على المنوال؛ ولا ضير أن يلاحظ القارئ حضوراً لنونية الجواهري هنا، وكافية الشّريف الرّضي هناك ...) (4)

وقال الأستاذ يوسف عبود جويعد في قراءته النقدية (الحداثة في القصيدة العمودية في... ترانيم الفتى البغدادي): (في تكوينه وتشكيله لبنية القصيدة، ونسج خيوطها، وتراكيبها اللغوية، ومفرداتها الانزياحية، واستعاراتها، وصورها، ورؤاها الفنية، يقدم لنا الشاعر غزوان علي ناصر، ومن خلال مجموعته الشعرية (ترانيم الفتى البغدادي) واحدة من الإنتقالات المهمة، في القصيدة الشعرية العمودية الكلاسيكية التقليدية، إلى حيث المتغيرات التي طرأت على هذا النمط الشعري، جعلتها تدخل عالم الحداثة والتجديد، بالرغم من كل المحددات التي قد تعيق حرية الشاعر في الإنطلاق ......

ومع كونه استطاع أن يقدم قصيدة شعرية عمودية حديثة، إلا أن الشاعر غزوان علي ناصر، ظل مرتبطاً بجذور الشعر الأصيل، ويستمد منه العمق التاريخي الأصيل، لكي تكون القصيدة ذات صلة وغير منعزلة عن حركة هذا النمط من القصائد ...) (5)

وقال الشاعر عبد الجبّار فياض: (حين تضع كلمة مكان أخرى مع استقامة المعنى وبقاء الإشعاع التّعبيري ذلك هو التّخطي لعتبة الإبداع. والفنّ التّشكيلي هو شعر في حدّ ذاته والعكس تماماً أي أن كلا الأمرين هو الحياة منظور إليها من خلال مزاج وهذا ما نلمسه لدى الشّاعر ذي الرّيشة الذّهبية غزوان علي فقد انسابت ريشته شعراً وتشكل شعره لوحات تناهت الى جمال فني مميّز). (6)

وقال الشاعر معتصم السعدون: (حين تراه يكتب قصيدة تقول إنه يرسم لوحة دافنشية وحينا يرسم بألوان جماله كأنّه يكتب قصيدة للسّحر والجمال والألق. من النّادر أن ترى رسّاماً ساحراً وساحراً شاعراً إلاّ أنه لا شيء مستحيل حين تعرف أن ذلك الكائن الجميل هو غزوان علي). (7)

وقال الدكتور الشّاعر حسنين غازي: (العراق بلد الشّعراء وهذا نخلة فارعة مثمرة من نخيل العراق). (8)

الدّكتور فاضل عبود التّميمي: (ليس غريباً أن تجد اللّوحات التّشكيليّة حاضرة في متن (ترانيم الفتى البغدادي)، فالشّاعر(غزوان) فنّانٌ تشكيليٌّ شاعر، وشاعرٌ تشكيليٌّ فنّان ...) (9)

وقال الشاعر الكبير يحيى السماوي: (قرأت ترانيم الفتى البغداديّ للشاعر غزوان علي ناصر، فوجدتني أمام شاعر حقيقي، تتوافر فيه كل مستلزمات الإبداع من سلامة لغة ومهارة في نسج جملته الشّعرية، مضافاً إلى ذلك إجادة مبهرة لقيادة سفينته وهو يمخر بحور العروض، فطوبى لبستان الشّعر بنخلة شاعر ترانيم الفتى البغداديّ). (10)

وقال الشّاعر مصطفى جميل: (غزوان.. حدّ فاصل بين بحر من المأساة والمشاهد العابرة، وبين مملكة من التّعبير الموسيقي يستمليها إليه من ذلك البحر الأزلي. كأنّه حجاب مستور للكواليس والجراح الطّرية، ولكنّه يقدّمُ المعاناة إلينا ناضجة وقابلة للتجرع بنكهة موسيقية وعذوبة إنسانية نبيلة ورائعة). (11)

وقال الدكتور سعد محمد علي التّميمي: (إنَ طبيعة التّجربة الشّعرية في مجموعة (ترانيم الفتى البغداديّ) للشّاعر غزوان علي ناصر تقوم على تدفّق وانسيابية للمشاعر، في صور شعرية تؤسّس للتّفاعل المتبادل بين الشّاعر والمتلقي، الذي لا يجد صعوبة أو مشقّة في سبر أغوار تلك التّجربة فالألفاظ والتّراكيب التي يوظفها الشّاعر تتّسم بالبساطة والعفوية من جهة والحيوية والفاعلية من جهة أخرى، وتعدّ ثيمة العشق سمة مهيمنة عكستها قصائد المجموعة، وذابت فيها موضوعات مختلفة كالأبوة (وهبتك العمر) في رثاء الأب والعقيدة (العشق الحسيني) إذ يختار الشّاعر ثيمة العشق ليعبر عن مشاعره المختلفة ...) (12)

وقال الدكتور الشّاعر إياد إبراهيم الباوي: (تعدُّ تجربة الشّاعر غزوان علي محاولة شعرية تستحق الوقوف عندها لما تحمله في طياتها من دفق شعري وعاطفي يواجه المتلقي من لحظة الإبحار الأولى في النّص بل من حدود المطلع الذي يستفتح به قصائده فمجازاته الشّعرية، وصوره المنتخبة تجعل القارئ في حالة من النّشوة التي تدفعه أحياناً إلى كسر حاجز الصمت ومحاولة ضبط النّفس أمام هذه النّصوص التي تخلق حالة التّهيج الانفعالي الإيجابي.. فالشّاعر ينجح في أكثر من موضع في نصوصه من هزّ مشاعر المتلقي بعنف وكسب الاستحسان...) (13)

كما كتب بعض الشعراء عن ديوانه تقاريظ منهم الشّاعر حيدر محسن الرّبيعي حيث يقول:

لكَ الأبــــــــياتُ أتلوها بلطفِ     وما أبــدي فوصفِكَ لا يُوفِّي

أخي غزوانُ هـذا النّزرُ عُذراً     أمَــــــــلِّي عَلَّني للودِّ أضْفي

أرى زهراً زها والماءَ يجري     أرى طيراً شدا سعداً بظُرفِ

أرى فيكَ الرُّؤى غزوانُ طُرّاً     أراها جـــهرةً تخـطو بصفِّي

وإنّــــــي اليومَ أبعثُ بالأماني     أماني الودِّ مِــنْ أنياطِ حرفي (14)

وقال الشّاعر نزار العادلي:

يسمو على قدرِ المعارفِ أهلُها      لكنْ بغزوانَ المعارفُ ساميةْ

أدبٌ وعلمٌ، شاعرٌ بالرَّسمِ رسّـ     ـامٌ إذا خـــــــطَّتْ يداهُ القافيةْ (15)

وقال الدكتور الشاعر قاسم الحسيني:

آمنتَ بِالفَنِّ، في فَحوى رِسالتِهِ     والــفَنُّ كَالدِّينِ إِيمانٌ بِإِيمانِ

الفَـنُّ لِلموتِ ضِدٌّ، في مُعاكَسةٍ     والفَنُّ ذاكرةٌ مِنْ غَيرِ نِسيانِ (16)

شعره

قال الشاعر غزوان الباوي من قصيدة (قيامة الجرح) وهي في سيد الشهداء وأبي الأحرار ورمز الثوار الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (25) بيتاً:

هذا ضريحُكَ بــــــــــــــــالسّناءِ مجلّلُ     طافتْ بهِ الأرواحُ فــــــــــيهِ تُهلّلُ

وقبابُكَ الشّمـــــــــــاءُ تـزهو في السّما      أنوارُها هيــــــــــــهاتَ يوماً تأفلُ

جئنا إليكِ بكلِّ قلبٍ عــــــــــــــــــاشقٍ     أحداقُنا في دمــــــــــــــــعِها تتبتّلُ

شبّاككَ الميمــــــــــــــونُ دارتْ حولهُ      كلّ الملائكِ والملا تتــــــــــــوسّلُ

يا وراثَ الــــــــــــــكرّارِ جئتُكَ سائلاً     يممتُ وجهي في ثــــــــراكَ أقبّلُ

ومــــــــــسكتُ شبّاكَ الضّريحِ مصلّياً      وأنا وعشقكَ بالجــــــــراحِ محمّلُ

في البدءِ كنتَ الجرحَ فـــــــي أعماقِنا      وتظلُّ فينا الحـــــــــــــبَّ لا يتبدّلُ

وسعى إليكِ الـــــــــــــماءُ في أحزانهِ      ليطوفَ فـــــــي مغناكَ كيما ينزلُ

وهوى يقبّلُ أصبــــــــــــــــعاً مبتورةً      ظمىءٌ إليكَ فكلُّ جرحٍ جـــــــدولُ

يا أيّها المذبـــــــــــــــوحُ من حدِّ القفا      رضّتْ أضالعهُ وحُــــــزَّ المفصلُ

يا مــــــــــــــالئ الدّنيا هدىً ومروءةً     سقطَ الزّمانُ وأنــتَ عمرُكَ أطولُ

ما ماتَ ذكرُكَ والـــــــــــــمآثرُ شاهدٌ     تمضي بـــــهِ الأزمانُ وهي ترتّلُ

والسّيرةُ الــــــــــــــمعطاءُ تبقى غرّةً      رغمَ الخــطوبِ سطورُها لا تهملُ

بُـــــــــــــوركتَ مـنْ مستقتلٍ ومدافعٍ     هــــــــــذي دماؤكَ للكرامةِ فيصلُ

أرعبتَ جيشاً كنتَ وحدكَ في الوغى     وزئيرُ صوتكِ في الحتوفِ يُجلجلُ

هـــــــــم ينظرونَ أليكَ ملء عيونِهم      هـــــــــــلعاً وكلُّ صدورهِم تتوجّلُ

إن حاصروكَ فـــــــليسَ ذاكَ بضائرٍ      أنتَ العظـــــــــــيمُ ممانعٌ مستبسلُ

ومقطّعٌ بيضُ السّيـــــــــــوفِ تنوشهُ      لولا الكفوفُ هـــــوتْ بكفِّكَ تخجلُ

وصبرتَ صبرَ الأنبياءِ عــلى الأذى      فكانّما أنتَ النّبيُّ الــــــــــــــمرسلُ

وتسافل الجبناءُ في أحـقــــــــــــادِهم     وبقيتَ وحــــــــدكَ شاهقاً لا تُمحلُ

وتناثروا، وعـــــــــكستَ خلقاً سامقاً      سفرٌ يضيءُ وبـــــــــالحكايا يهطلُ

ذبحوا بكَ الدّينَ القــــــويمَ وأجرموا     من غدرهِم صمُّ الصّفــــــا تتزلزلُ

وفديتَ دينَ اللهِ في أصــــــــــــقاعهِ     لمّا رأيتَ الـــــــــــــعدلَ فيهِ يُعطلُ

ووقفتَ في وجهِ الطغاةِ مـــــــكابراً     وتركتَ جرحَكَ للقيــــــــــامةِ يُثكلُ

يا سيّدَ الكلماتِ شعــــــــــري ثورةٌ      ما هادنَ الأشــــــــــــــرارَ أو يتذلّلُ

يومٌ بكى فيهِ الرّســـــــــــــولُ وآلُهُ     والأنبياءُ وصحبُهُ كمْ اعـــــــــــولوا

شرفٌ لنا حبّ النّبــــــــــــــيّ وآلهِ     إيْ والسّمـــــــــــا فيهم نذوبُ ونُقتلُ

ونفاخرُ الأعداءَ نــــــــــحنُ بحبِّهم     أنْ أجرموا في ظـــــــــلمِنا وتوغّلوا

فقراءُ نشقى والجهاتُ مــــــراصدٌ      لكنّنا عن نهجِهم لا نـــــــــــــــــعدلُ

والموتُ في عشقِ الحسينِ شـهادةٌ      تزهو بها مــــــــــهجُ النّفوسِ وترفلُ

لولا جراحٌ للحسيــــــــنِ وصحبهِ     في ديننا كانَ الطغـــــــــــــــاةُ تأوّلوا

وقال من قصيدة (منائر السناء) وهي في الإمامين العظيمين موسى الكاظم ومحمد الجواد (عليهما السلام)

مــــــــــــنائرٌ بـسناءِ اللهِ تختضبُ     قلوبُنا نحوَها بالحبِّ تنــــــــجذبُ

وما انحنى مجدُها للجورِ منكسراً     وما تزالُ بكلِّ المجــــــدِ تعتصبُ

وما تزالُ بـــوجـهِ الظّلمِ صارخةً     ونحوَها دمعةُ المظلومِ تــــنسربُ

مآذنٌ قد سمـــــتْ للعينِ شاخصةً     والعاشقون خُطاهمْ نــــحوها تثبُ

فلا تلوموا مُوالاتـــــي وخطوتَها     فكلُّ خطوٍ به بالــــــــعشقِ أنتسبُ

ولا تقولوا مُغالٍ في مـــــــــحبَّتهِ     هو الدعــــــــــــــــاءُ بهِ للهِ ننقلبُ

يا كاظمَ الغيظِ في سرٍّ وفي علنٍ     وأشفقَ النَّاسِ لو في خلقهم غَضَبُ

يا وارثَ العلمِ لا بحراً لســـاحلهِ     وأشــــجعَ الخلقِ لو للخطبِ ينتدبُ

يا قبرَهُ جنَّة في الأرضِ زاهـرةٌ     تـــفيـــضُ بالبرِّ والإحسانِ ما تهبُ

أكادُ أبصرُ أمـــــــــلاكاً تحوِّطّهُ     تساقطــــتْ حولهُ الأستارُ والحجبُ

 وقال من قصيدة (يا ملهمَ الشعرَ) وهي إلى رمز العدالة الإنسانية وميزان الحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

يا مُلهمَ الــشعرَ صوتاً ضـجَّ مختضبا     والجرحُ ينزفُ مــــثلَ النبعِ مُنسربا

ومـــــــــــنذُ ألفٍ وهـذا الجرحُ منفردٌ     ضاقتْ بهِ الأرضُ ذرعاً كلّما سَرِبا

أقِلْ فــمي صــــــوتُكَ الهدّارُ عاصفةً     شعري ضئيـــــلٌ ليرفعْ بيننا الحُجُبَا

أبا تــرابٍ.. بيَ الأحزانُ قد عَصرتْ     هذا الدمُ الملــــتظي لن ينطفي عجبا

تظــلُّ في وصفهِ الأقلامُ حـــــــــائرة     حتّى لــــــــــقد أتعبَ الأقلامَ والكتبا

أريــهموُ الحقَّ كيفَ الحقُّ منتــصبٌ     أريهمو العـدلَ كيفَ العدلُ ما احتدبا

مــولايَ من طلّقَ الدنيا بأجمـــــــعِها     كـــــــبراً ومـا نالَ من إغرائها ذهبا

جــاءتْ وفي كأسِها اللذّاتُ طـــافحةٌ     تغوي التعيسَ ويـا خسران من شربا

قد ردّها زاهداً والكـــــــونُ في يــدِهِ     تمسّحتْ فيهِ حتّى مــــــــالَ واحتجبا

لأنّه عالمٌ في غدرِها ســــــــــــــــلَفاً     ما درّتْ السـعدَ يوماً لــــــــلذي حلبا

قد يتّمَ الأرضَ حزناً يوم مـصــرعِهِ     لـــــــــــــــــكنّه لم يـزلْ للجائعينَ أبا

هذا الذي شَكَمَ الأوجاعَ مـصـــطبراً     لكنّه ظلّ مصـــــــــــــلوباً وما صـلبا

هذا الذي ظلّ رغمَ المـوتِ منتصراً     نالَ الخلودَ وعافَ العــــــــالمَ الـخَرِبا

هذا الذي ألـــــهمَ الأشعـارَ والشعَرا     وأوقدَ الفلكَ الدوارَ والــــــــــــــــحقبا

هذا الذي تـــــــــركَ الألـبابَ ذاهلةً     أنْ قلتُ شمـــــــــساً فإني لمْ أقلْ كـذبا

هذا الذي سالَ في مـــــــحرابهِ دمُهُ     فكانَ أكرمْ من ضــــــحّى ومن وهــبا

هذا الذي من نبيِّ اللهِ طـــــــــــلعتهُ     هذا الذي حارَ في أوصــــافهِ الخــطبا

هذا الذي لمْ يصوّرْ مـــــــــثله بشرٌ     فكلُّ أفعـــــــــــــــــــالهِ كانتْ لهُ لــقبا

هذا الذي يُطعمُ الأضيـافَ في كرمٍ     خبزاً لمنْ جاعَ أو ظِـــــــلّا لمنْ تــعبا

ياقبرهُ روضة للســـــــــــائلينَ غداً     ما ردّ سائلةً يوماً ولا انـــــــــــــــــقلبا

مأوى الطريدِ إذا ما الدهرُ جارَ بهِ     حصنٌ لمنْ خافَ أو عن أرضهِ اغتربا

وقال من في رحاب علي (عليه السلام)

تلألأتْ دمـــــــــــــــــــعتي فالآنَ تزدلفُ     وانّها مثلُ هــــــذا الماءِ ترتجفُ

وانّها منْ عظيمِ الــــــــــــــــــحبِّ حائرةٌ     كقَّشةٍ فــــــي ميـاهِ النَّهرِ تنجرفُ

قصائدي بضـــــــــــــــريحِ العشقِ طائفةٌ     ألفاظُــها من لحاظِ الفكرِ تقتطفُ

إلــــــــــــــــــيكَ تحملُني الأقدامُ في لهفٍ     وكـــلُّ خطوٍ إلى مرقاكَ ينعطفُ

وكلُّ جارحةٍ بالحبِّ نـــــــــــــــــــــاطقةٌ     وإنها فــــي هوى الكرَّارِ تعترفُ

مولاي خذْ دمعتي عصفورةً ذبــــــــحتْ     بها من الحزنِ ما قد يثكلُ الأسفُ

ميزانُكَ العدلُ في الأحكــــــــــــامِ قاطبةً     وتحتَ حكمِكَ كلُّ الجورِ ينخسفُ

هذي الملايينُ إذْ تأتيكَ زائــــــــــــــــرةً     حـــــــتّى تُـجدّدَ عهداً للألى سلفوا

يا رحمةَ اللهِ هــــــــــــــلَّتْ في نواظرِنا     والنَّاسُ مِنْ نبعِكَ الميمونِ تغترفُ

لولا وجـــــــودُكَ أضحى الدِّينُ مندرساً     والقومُ ما أبصروا حقًّاً ولا عرفوا

عليُّ يا منْ هواهُ فوقَ مـــــــــــا أصفُ     هذي القوافي عيـــونٌ دمعُها ذرِفُ

للهِ أنتَ كبيـــــــــــــــــــــرٌ صبرُهُ جبلٌ     وليسَ في خلقِهِ الــتَّعنيفُ والصَّلفُ

أنتَ الذي حيَّر الـــــــــــــــــــعُبَّاد كلُّهمُ     ما مثلُهُ عابدٌ بــــيـنَ الورى عرفوا

طلَّقتَ دنـــــــــياكَ مِنْ زهدٍ ومِنْ ورعٍ     إذْ كانَ غيـــركَ مِنْ كاساتِها رشفوا

جـــــــاءتْ بثوبِ الغواني وهي زاهيةٌ     تميــــــــــــلُ نحوكَ باللذَّاتِ تختلفُ

أعرضتَ عنها ومنكَ القــــــلب مغتبطٌ     بالصَّبرِ مؤتزرٌ بــــــــالحلمِ ملتحفُ

وكيفَ يَفرحُ بالدنيا وزينتِــــــــــــــــها     وعقبَ لذَّاتــــــــها الخُسرانُ والتَّلفُ

شيَّدتَ منْ فكّرِكَ الخــــــــلاّقِ مدرسةً     بها ضـــــلالاتُ كلِّ الجهلِ تنقصفُ

ومنطقاً سلسلاً كالعقدِ تسلـــــــــــــــكُهُ     واللفـــــــظُ يخرجُ درّاً ما بهِ صدفُ

أبا اليتامى ومنْ عاشــــــــــوا بلا أملٍ     كنتَ الضَّمادَ لمنْ في جرحِهم نزفوا

وكنتَ للضائــــــــــــعِ الحيَّرانِ ذاكرةً     وكنــتَ حنطةَ مَنْ في عيشِهم شَظفُ

كـــــــــــــــــفَّاكَ خبزٌ وزيتونٌ ومأدبةٌ     أكـــرمْ بكَ الجودُ والإحسانُ والكنفُ

لا زالَ بـــــــــــــيتُكَ للراجينَ منتجعاً     تعطي الجزيلَ وما في خلقِكَ السَّرَفُ

تقري الجياعَ وما في الكفِّ مِنْ ذهـبٍ     وتمــــلكُ الكونَ ما في بيتكَ الحشفُ

تكسو الفقيرَ أيادٍ مــــــــــــنكَ نـعرفُها     تجري الــــــــعطاءَ لنا ماءً فنرتشفُ

تصيرُ سقفاً لمنْ كانوا بلا ســــــــقفٍ     وضحكةً لشفــــــــــــــاهٍ ماؤها يجفُ

وترسمُ الفرحةَ العذراءَ في هُـــــــدبٍ     يغالبُ الدَّمعُ فيها ليــــــــــسَ ينذرفُ

وتحمدُ اللهَ في جوعٍ وفــــــــــي شبعٍ     والحالُ لولا صنيعُ اللهِ ينــــــــــكشفُ

عفَّرتَ بالأرضِ وجهاً أنتَ راغـــمهُ     فمنْ خشوعٍ تكادُ الأرضُ تنخـــــسفُ

محرابُكُ اللّيلُ بالنّجوى تــــــــسامرُهُ     والقلبُ منكَ بذكرِ اللهِ منشـــــــــــغفُ

مقامُكَ العرشُ والأفلاكُ تحســـــــدُهُ     فألفُ بخٍ لأرضٍ اسمها النَّجـــــــــــفُ

وجهٌ تزمّلَ بالأنوارِ مــــــــــــــؤتلقاً     يزهو بهِ الكونُ والأبصارُ تنخـــــطفُ

مولاي يا سيِّدَ الدنيا وشــــــــــاكمَها     إليكَ أشكو زماناً كلُّهُ جَـــــــــــــــــنفُ

فمنْ دعاكَ بكـــــــــــــربٍ قد ألمَّ بهِ     عنهُ الكروب بفضلِ اللهِ تنصــــــــرفُ

وقال من قصيدة (العشق الحسيني)

مقتّلونَ برغمِ الموتِ نبـــــــــــــــتسمُ     أعمارُنـــا الآهُ بالأوجـاعِ تزدحمُ

مقتّلونَ ودمـــــــــــــعُ العشقِ يصلبُنا     لـــــــكنّنا بـعظيمِ الصبرِ نعتصمُ

ممزّقونَ، ذئابُ الموتِ تــــــــــنهشُنا     مشرّدونَ بجمرِ الحزنِ نضطرمُ

قد غصّتِ الأرضُ مِنْ أشلائِنا خجلاً     حتّى التـــوابيتُ فـي أصدائِها ألمُ

ثــــــــــــــيابُنا السودُ قد باتتْ مهدّلةً     على منــــــــــــــاكبِنا لكنّنا شَـمَمُ

إنْ تُضرمِ النــــارُ في أجسادِنا حُرَداً     أو يُقتلِ العدلُ والـــطغيانُ يحتدمُ

باقونَ والعزمُ ما لانـــــــــتْ شكائمُهُ     في ساحةِ العزَّ ما زلّـــتْ بنا قدمُ

دربُ الشهادةِ ما كانتْ مـــــــــــعبّدةً     يوماً ولا بعبيرِ الوردِ ترتــــــسمُ

قد نشتكي ألمــــــــــاً أو أيَّ مـوجعة     وبأسُنا هــــــــازمٌ ما ليسَ ينهزمُ

نموتُ كالنخلِ والهامـــــــاتُ بـاسقةٌ     وأنْ بأنفاسِنا قــــــد ضاقتِ النسمُ

...............................................................

1 ــ زودني الشاعر بسيرته وأشعاره عبر الأنترنيت

2 ــ مقدمة ديوان ترانيم الفتى البغدادي ص 5

3 ــ تجليات الحب والجمال في ديوان ترانيم الفتى البغدادي للشاعر غزوان علي ناصر (قراءة نقدية).. موقع الناقد العراقي بتاريخ 30 / 7 / 2019

4 ــ مقدمة ديوان ترانيم الفتى البغدادي ص 10

5 ــ جريدة وتريات جواهرية عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.

6 ــ ديوان ترانيم الفتى البغدادي ص 193

7 ــ نفس المصدر والصفحة

8 ــ نفس المصدر ص 194

9 ــ نفس المصدر والصفحة

10 ــ نفس المصدر ص 194 ــ 195

11 ــ نفس المصدر ص 195

12 ــ نفس المصدر ص 195 ــ 196

13 ــ نفس المصدر ص 196 ــ 197

14 ــ نفس المصدر ص 198

15 ــ نفس المصدر ص 198

16 ــ نفس المصدر ص 199

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار