حبيب غطاس (1308 ــ 1385هـ / 1890 ــ 1965 م)
قال من قصيدة في الامام الحسين (عليه السلام):
يا (كربلاء) سقتكِ المزنُ هـاطلةٌ على رفاةِ حـسينٍ فهوَ مـغوارُ
يلقى المنيّةَ عطشاناً ومُــــــبتسماً إنَّ المنـيَّـةَ فــي عـيـنـيهِ أقدارُ
صلى عليه آلهُ العرشِ ما بزغتْ شمسٌ وما طلعتْ بالليلِ أقمارُ (1)
المتحولون لهشام آل قطيط ــ مكتبة العقائد الإمامية الشيخ هشام آل قطيط
وقال من قصيدة أخرى:
أزينُ الـعابديـنَ عليــــــــكَ مِـنّـا سـلامُ اللهِ مـا هبَّ النسيمُ
شهدتَ بـ (كربلاءَ) وكنتَ طفلاً قتالٌ منه قد شابَ الفطيمُ
مريضاً يستـــــــقي ماءً مـبـاحاً لــتـشـربـه فـيمنعُكَ اللئيمُ
الشاعر
القائد الكبير الكولونيل حبيب غطاس المسيحي اللبناني، اعتنق الإسلام وتمسك بمذهب أهل البيت وأعلن بإسلامه بكل فخر واعتزاز، ومبدأ أمره أنه كان سائراً مع والدته وكان عمره نحو الثانية عشرة، فصادف مرورهما بشارع (البسطة) في بيروت فسمع الأذان وقت الظهر من إحدى المآذن الإسلامية فأثر فيه وقال لأمه: قفي قليلاً حتى نسمع ما يقول.
وحاولت أمه صرفه عن ذلك ولكنه أصر وجعل يردد مع المؤذن كلمة: الله أكبر الله أكبر، ثم انصرف وقد جللته الغشية وقام يصغي في أوقات الصلاة ويحب لقاء المسلمين ويرتاح للمصلين.
ويدخل مسلك الجيش اللبناني وينال المراتب ويسمو حتى استحق وسام الأرز ورتبة (كولولنيل) في الجيش اللبناني وأحبه كل من عرفه وعاشره. وكان لا يمل من مطالعة الكتب والعقائد حتى أصبح مقتنعاً بدين الإسلام متمسكاً بأوامر القرآن الكريم فأعلن إسلامه على رؤوس الأشهاد وذلك سنة 1960 م، وكان رئيس الجمهورية اللبنانية يوم ذاك الرئيس فؤاد شهاب، فأرسل إليه يستوضح منه ذلك فأجابه بصراحة بأنه مسلم وإن الإسلام هو دين الله.
قال الرئيس: إن هذا الاعتراف سيحملك حملاً ثقيلاً، فهل أنت مستعد، فأجابه القائد: لا أبالي بكل ما يكون بعد أن أكون مع الله. فقال له الرئيس شهاب: إذا كان كذلك يلزمك إما أن تتنازل عن رتبتك أو تستقيل نهائياً من سلك الجيش لأن المرتبة التي أنت فيها من مختصات المسيحيين حسب اتفاق الاستقلال اللبناني وما نص عليه الدستور، فأعلن القائد استقالته من خدمة الجيش.
وكان لحبيب غطاس وقت ذاك زوجة مسيحية وولد قد بلغ مبلغ الرجال فعرض الإسلام عليهما فأبت الزوجة وأجاب الولد، ثم أثرت عليه المؤثرات فرجع الولد والتحق بوالدته، فما كان من حبيب غطاس إلّا أنه أعرض عن زوجته وولده وتركهما وشأنهما وتزوج بإمرأة مسلمة.
توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 27 ـ 8 ـ 1965 م في المستشفى العسكري ـ الساعة العاشرة قبل الظهر
تزوج غطاس بإمرأة مسلمة وهي من أبناء السنة، وبقي يقرأ ويناظر ويطلع ويحقق في كافة فرق المسلمين حتى تحقق لديه بالأدلة القطعية والبراهين الوجدانية، إن مذهب الشيعة مذهب أهل بيت النبوة هو المذهب الحق، فعرض ذلك على زوجته فأبت فطلقها واستقل بذاته حيث رأى أنه ليس مع الله والحق وحشة
عاش غطاس بقية حياته حرّ الضمير والإرادة لأنه وجد في دينه خير أنيس بل وجد في حب أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم ما يغنيه عن الدنيا وما فيها حتى وفاته، فكان يناجيهم بشعره ويبثهم شكواه فيجد في مناجاتهم ما يفيض على قلبه وروحه طمأنينة وسلاما.
لم يكترث للمضايقات التي واجهها من قبل الناس بل واجهها بشجاعة ولكنه بث شكواه إلى أمير المؤمنين مما لاقاه:
أنينٌ أم صـراخُ المـــــــــوجعينا على جمرِ الغضى ناموا السنينا
أميرَ المـؤمـنـيـــــــــنِ أمِ الليالي أرادتْ أن نــــــــكــونَ مُـعذّبينا
تطاردُنـا الذئـــــــابُ ونحنُ قومٌ قبعنا في البيوتِ مُــــــــــسالمينا
ولكن ليسَ تـــرضى الناسُ عـنّا لأنَّ الناسَ أضحوا فـاســـــــقينا
يعيِّرُنا ســــفـيـهـهـمـمُ بــــــديـنٍ رضـــــــــــيـنـاهُ بـإذنِ اللهِ ديـنا
وهم منـــه براءٌ حيث كانــــــوا فـلا صلّوا ولا صــــــاموا يقينا
لقد تخـــذوا من الدينارِ عـجــلاً وقـد جــــــــــــعـلـوهُ للهِ الـقرينا
فضلـــوا عن سبيلِ الحـقِّ حتى رمونا بالضــــــــــــلالةِ ظالمينا
وليـــس نــــــرى بما قـالوه إلّا عُـتـوَّا بـئـسَ قـولِ الجـــــــاهلينا
فهـــمْ طعنوا بسكيــــــنٍ فؤادي لكي تجـــــــــري دمانا ما حُيينا
فـــها أن اليراعَ يسيـــــلُ حـقـاً كما شـــــــــــاؤوا ولكن لن نلينا
أمـــيرُ المؤمنينَ هـــواكَ ديني وإســـــــــــــلامي لربِّ العالمينا
فما بالُ الأولى من قد رمونـــا بكفرٍ لم يروا فــــــــــــينا الأمينا
ولستُ بعابدٍ شـمــــساً وبـــدراً لأنــــــــــــي لا أحـبُّ الآفـلـيـنـا
وإنّيَ مسلمٌ قــلـبـاً وروحـــــــاً ومـتَّـبـعٌ كــــــــــــلامَ الـمرسلينا
أميرٌ المؤمنينَ فدتكَ روحــــي فهلا كنتَ لي حــــــــــــقاً معيناً
لأحلمَ ظلمَ قومـــــــي ثم أهلي وجيراني قضى فيهِ الســــــــنينا
لقد حاربتُ ما حاربتُ عمري لأدفعَ من حـــــــــــواليَّ الظنونا
ولكنَّ الزمـــــــانَ وقد تصدّى وجاءَ مخـــــالفُ الـدهرِ الخؤونا
ليرميني بآفـــــــــــاتِ الليالي ويكســــرُ من على الظهرِ المتينا
فما لان الثباتُ وربِّ عــيسى ولكنْ زدتُ إيمــــــــــــــاناً ودينا
وجئتُ لبابِكَ العـــــالي أنادي أغثنــــــــــــــي يا أميرَ المؤمنينا
أغثني يا أبا الحسـنـــــينِ إنّي ببابِكَ واقفٌ عـــــــــــــــبداً أمينا
فمدَّ إليَّ بـاعَـكَ وانـتـشـــــلني فقد أوتيتَ سلطــــــــــــــاناً مبينا
وزدني مـن عطائِكَ ما يقوِّي على طولِ المدى قلبي الحــــزينا
فألقى وجـهَ ربي وهو راضٍ ووجهُك عندما أجدُ المنــــــــــونا
عليكَ تحيةُ الرحمنِ تُتــــرى أبا حسنٍ وخيـــــــــــــــرَ المـتقينا
ومن خلال ما طالعه من التاريخ من جرائم معاوية بن أبي سفيان وبغيه وظلمه يخاطبه قائلاً
معاويةٌ مضــى زمنُ التـــــصابي وشعرُكَ أبيضٌ رغمَ الخضابِ
وظهـرُكَ مـــنحـنٍ مــــــــمَّا علاهُ مـن الآثـامِ فـي زمــنِ الشـبابِ
وفوهـكُ فــيهِ مــــن عفنِ الخطايا جـراثـيـمٌ تـراها فـي اللــــعابِ
وقد رجــــــــفتْ يداكَ كمنْ علاهُ مـن الشيطانِ مسٌّ مـن عــذابِ
وهـــــــا رجـلاكَ إحـداهـا بـقـبـرٍ بـه الـنـيرانُ كـــالبـحـرِ العبابِ
ورجــلٌ فوقَ عرشِ الملكِ تحكي أمانَ الناسِ في طــلبِ السرابِ
خسئــتَ مخـادعـاً ربّـاً كـبيـــــراً شديدَ البأسِ في يومِ الحــــسابِ
وأنــتَ تموتُ من هلعٍ وخــــوفٍ كمنْ لاقى الأفاعي وسـطَ غابِ
ومــا هـذا الـجـحـيمُ وأنتَ حـــيٌّ بقصرِكَ تشتكي رثّ الثــــــيابِ
ألــمْ تـعـرفْ مـعـاويـةٌ عـلـيـــــاً أخـا الـمـخـتارِ في أمِّ الكتـــــابِ
صراط مـسـتقيمٌ ليسَ فـــيـه اعـ ـوجـاجٌ والـتـواءٌ عـن جـــــوابِ
وقد نزلتْ به الآيــــــــاتُ تترى كسيلٍ جاءَ من أعلا الهضــــابِ
ألمْ تـقـرأ كـــــــــتـابَ اللهِ يـومـاً فـتـعـرفُ أنـه عـالـي الجــنــابِ
فـفـي بـــدرٍ أمـاتَ الشركَ سيفٌ لـه للهِ مـن قـطـعِ الرقــــــــــابِ
وفـــــــي أحدٍ وقى المختارَ حقاً بروحِهِ صانَ والجسدِ العـجــابِ
وفي ذاتِ الســــــلاسلِ قد رأوهُ يجــــــرُّ القومَ في تلكَ الـرّوابـي
كـأنّـهـمُ نــــــــــعـاجٌ فـي قـيـودٍ تـــــؤوبُ بـذلّـةٍ بـعـدَ اقـتـــرابِ
يريــــــــدُ الموتَ حيدرةٌ ليرقى يـفـرُّ المــــوتُ منه في ارتــيابِ
وفي الأحزابِ قامَ يـريدُ عمرواً فـأقـعده النبـــــــــــيِّ بلا عــتابِ
وكلُّ القومِ في ذعرٍ ورعــــــبٍ يـــــعيدُ رقابَهم هولُ المـصــابِ
فقـــــــامَ إلـيـهِ سـاعـتـهـا عـلـيٌّ كـمــــا أنَّ الأسودَ إلى الـوثــابِ
وسيفٌ ذو الفقــــــارِ يــشعُّ ناراً فـجـنـــــدلـه عــليٌّ في التــرابِ
وكبَّـــــــــرَ أحمدٌ فرحاً وبشرى وهلـــلتِ الملائكُ في الســـحابِ
ألـمْ تـعـلـــمْ بـزوجـتـه عـلـيـهـا سـلامُ اللهِ أمٌّ لــــــــــــلـشــــبــابِ
وفي سبطي رســـــولِ اللهِ فخرٌ وجاهٌ قد علا فوقَ الســـــــــحابِ
فأنتَ سقيته سـمَّـاً ذعــــــــــافـاً لـيـشربه ويدفنُ في الرحـــــــابِ
فدى حسنٍ عيــــــــالي ثم أهلي شبيهُ المصطـــفى من ألفِ بـابِ
غدرتَ به بأرضٍ لــــــيس فيها له إذ ذاكَ غـــيــــــرُ الانسـحابِ
أبا الديـنـارِ يـا ولـدَ الأفـــــاعي فـأنـتَ جحفتــــه بالانتــــــــهابِ
يعاونُ شخصَكَ المنبوذ عــاصٍ شريكٌ في الخداعِ وفي الشـرابِ
وقد جاءَ ابنُكَ الملعونُ يومــــــاً وفـــي أحـــشـائهِ أمُّ الحبــــــابِ
فحزَّ من الحسيـــــنِ فدته نفسي نياط العنقِ مــن زيــنِ الشبـــابِ
فويلك يدِ من الديَّـــــــــانِ حـقـاً وويـلـكـمـا أيا قعـــــــتــي كلابِ
لقد خشعَ الزمانُ لهولِ جـــــرمٍ خشوعَ الناسِ في يـــومِ الحسابِ
وأنتَ يزيدُ شيطانٌ رجـيــــــــمٌ عن الإسلامِ والقـــــــرآنِ حــابي
وقد كتب غطاس لكل من المعصومين الأربعة عشر (صلوات الله عليهم) قطعة شعرية أفاض بها قلبه من حب وولاء لهم يقول في مناجاة النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم):
أحبُّكَ يا رســـــــولَ اللهِ حبّاً برى جسدي وفتَّتَ لي عظامي
وما أبـقـى بـقلبي غيرَ روحٍ تـــــــــودّ لقاكَ في دارِ الـسلامِ
عشقتُكَ مذ رأيتُ النورَ يبدو من القـــــــرآنِ للعربِ الـكرامِ
ووحّدتُ الذي سـوَّاكَ أحـلى من القمرينِ يـــــــا بدرَ الـتمامِ
جمالكَ سـالـبٌ عــقلي ولبِّي وحسنُكَ ماثلٌ دومــــــاً أمـامي
وكلُّ جـوانـحي لبـهاكَ تهفو فـعـجِّـل بالشهادةِ والحـــــــمامِ
عليكَ صلاةُ ربِّكَ مـعْ سلامٍ تضوَّعَ منهما مسكُ الخـــــــتامِ
وفي أمير المؤمنين (عليه السلام):
أبا الحسنينِ حيَّتكَ الســــماءُ فأنتَ لهـا وللأرضِ الضياءُ
وأنتَ دعامـةُ الملـهوفِ حقّاً بمشــــــرقِها ومغربِها سواءُ
لقدْ وحَّدتَ ربَّـــــكَ مُذ تبدّى من الدينِ الحنيفِ لكَ البهاءُ
ولمْ تـــــسـجـدْ لمعبودٍ سواهُ ولم يغرركَ فـي الدنيا علاءُ
وأحمدَ سرُّ هذا الكـونِ طرَّاً أخوكَ فمهجتــي لـكما الفداءُ
أنا أسلمتُ والمـــولـى شهيدٌ لـحـبِّـكـما وعــــادنيَ الوفاءُ
سألتُ اللهَ أن يرضاني عبداً لأهلِ البيتِ بيعٌ أو هبــــــاءُ
وفي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام):
أفاطمةُ الزهراءِ إنَّ مـحـمــــــداً أحـبَّـــــــــكِ حباً لا يفيهِ التصوُّرُ
فلا غروَ أن دانتْ بحبِّكِ شيــعةٌ تفــــاخرُ أهلَ الأرضِ فيكِ وتكبرُ
فأنتِ من المختارِ حبَّةَ قلـــــــبِهِ وأنتِ من الأطهارِ أصفى وأطهرُ
حفظتِ لنا نسلَ النبيِّ ومـن بهمْ عـلى كــــــلِّ مخلوقٍ نتيهُ ونفخرُ
هوَ الحسنُ المغـوارُ من بجبينهِ مهابةُ أهلِ البيــــتِ تزهو وتزهرُ
وثانيةٌ مولايَ الحسيـنُ وسيدي ومن فيهِ أخلاقُ النبــــــــوَّةُ تظهرُ
عليكـمْ صـلاةُ اللهِ ثـمَّ ســـلامُـه بـكـلِّ أذانٍ فـيــــــــــــهِ اللهُ أكـبـرُ
أدب الطف ج 10 ص 200
وفي السبط المجتبى الإمام الحسن (عليه السلام):
حسنٌ مـحـيَّـاكَ البديعُ المــــشرقُ وجـبـيـــــنُك الوضَّاحُ والمُتألّقُ
سمَّتكَ زوجُكَ وهي تطمعُ بالعلى فإلى الجحيمِ مصيرُها المتحقّقُ
ومصيرُ مــــن قد دسَّ سماً قاتلاً بالشهدِ فهـــوَ منَ الحمـيمِ ليلعقُ
روحـي فـداكمْ أهـــلُ بيتِ محمدٍ فـجـمـالـكمْ للخــــافقيـنِ الرونقُ
وحّـدتـمُ اللهَ العظيــــمَ فأشـرقـتْ شـمسُ الرسالةِ شــــهبُـها تتدفقُ
فأنا لكمْ عبدٌ وكـــــلُّ جـوانـحـي بـغـرامِكم في كلِّ وقـــتٍ تخفقُ
وفي سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):
روحي فداكَ حسيــــــــــــنٌ ما بدا قمرٌ بالليلِ أو أشرقتْ في الصبحِ أنوارُ
أنـتَ الـشـهـيـدُ الـذي أدمـيتَ أفئـــــــدةً لــــــــولاكَ لـم يـدمِـهـا واللهُ بـتّـارُ
صدّوكَ عن موردِ الماءِ المبــــــاحِ فلا سـالــــــتْ بأرضِهمُ سحبٌ وأنهارُ
وما أرعوى عن حياضِ البغي سادتُهم حتى رمـــــــوكَ بسهمِ الحقدِ غدّارُ
يا (كربلاء) سقتـــــــــكِ المزنُ هاطلة عـلـى رفـاةِ حسيـــــنِ فهوَ مغـوارُ
يلقى المـنـيّـةَ عـطشاناً ومُــــــــــبتسماً إنَّ الـمـنـيّـةَ فـي عـيـــــنـيـهِ أقـدارُ
صلّى عليهِ آلهُ العرشِ ما بــــــــزغتْ شمسٌ وما طلعتْ بالليـــــــلِ أقمارُ
وفي الإمام زين العابدين وسيد الساجدين (عليه السلام):
أزيـنُ الـعـابـديــــــــنَ عليكَ مِنّا سـلامُ اللهِ مـــــا هبَّ النسيمُ
شهدتَ بـ (كربلاءَ) وكنتَ طفلاً قتالٌ مـنه قـــد شابَ الفطيمُ
مريضـاً يستقي ماءً مـــــــــباحاً لـتـشـربـــه فــيـمنعُكَ اللئيمُ
ومـاتَ عليٌّ البكـــــــــرُ المفدّى بـسـيــــفٍ سـلّه رجـلٌ أثيمُ
ومـاتَ عـلـيٌّ الثاني بســــــــهمٍ رمــــاهُ عليهِ شيطانٌ رجيمُ
وقد نجَّاكَ من تلــــــــكَ الرزايا إلهُ العرشِ والمرضُ الأليمُ
عليكمْ أجمعينَ ســــــــلامُ ربّي هـوَ الرحمنُ واللهُ العظيــــمُ
وفي الإمام محمد الباقر (عليه السلام):
أبا جـعـفـرٍ مـنّـي إلـيكَ تحيــــةٌ تـدلّ عـــلـى حـبٍّ يخالطه دمي
فقد كنتَ قديساً يحاسبُ نــــفسَه بكلِّ شــؤونِ العيشِ حتى التكلمِ
ويدعو إلى الخيرِ العميــمِ مُبيِّناً هدى اللهِ من أمرٍ حلالٍ ومحرمِ
وتتَّبِـعُ الـقـرآنَ فـــــي كـلِّ آيـةٍ بعينِ الخبيــرِ الفاحصِ المُتوسِّمِ
ويستنبط التفسيرُ ممَّا رواهُ عن جـدودٍ كرامٍ مــــــن نبيٍّ وملهمِ
وطلعتُه من زهدِه خيرُ طلـــعةٍ كأنه في الدنيا المسيحُ بنُ مـريمِ
عليكَ سلامُ اللهِ ما هبَّت الصـبا وأذّنَ داعٍ لـلـصـلاةِ بــــــمـسـلمِ
وفي الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
صدقتَ القولَ كالرجلِ العفيفِ وقلتَ الصدقَ في الدينِ الحنيفِ
وأنـــتَ إمامُـنـا فـي كـلِّ حـالٍ ولـــــو جـاءونـا بالقولِ العنيفِ
فـمـذهـــبُـنـا كنورِ الشمسِ بادٍ وفـيـه كــــــلُّ تـفـسـيـرٍ طـريفِ
يـراهُ الـمرءُ من معنىً ومبنى كـأنـه بـاقـــــــةُ الوردِ الظـريفِ
أجعفرُ قــد أبـنـتَ الـحقَّ حتى تـتـلـمذَ مـالـكٌ وأبــــــو حــنيفي
وغيـرُهـمـــا عـليكَ فأنتَ حقاً مـعلّمـهم وأنتَ ابنُ الـــــشريـفِ
عليكَ تحيّة الـــرحـمـنِ تترى تـفوحُ عليكَ بالعطرِ اللطــــــيفِ
وفي الإمام موسى الكاظم (عليه السلام):
كظمتَ الغيظَ حتى كدتَ تبكي من الكتمانِ في أمرِ الإمامة
وأنّـكَ لـو كــتـمتَ الأمرَ حيناً فـــــــكـلُّ إمـامةٍ ولها علامة
أموسى كنــــتَ لا تلهو صبياً وتـسجـــدُ خاشعاً يوماً تمامَه
وتتلو سورةَ الـــــقـرآنِ لـيـلاً فيبكي كـــلُّ عاصٍ من ندامه
فقدْ أوصى أبوكَ بــــها خفاءً إليكَ وقد وعـــى جمعٌ كلامَه
عليكَ تحـيـة الـرحـمــنِ عـنا فأنتَ إمامُنا وبــــــكَ السلامة
وفي الإمام علي الرضا (عليه السلام)
أرضـــــيتَ ربَكَ عابداً مُتستِّرا زمنَ الرشيدِ ولم تشأ أن تـــــظهرا
والــجـورُ يـأبـاهُ الكريمُ تحاشياً لا خشيةً من أن يمــــــــوتَ ويُقبرا
فــــأبوكَ ماتَ مكبَّلاً في سجنِه كالليثِ تــــــخشاهُ الذئابُ إذا انبرى
ولقيتَ أنتَ من الأذى من بعدِهِ ما يجعلُ الأرواحَ أن تــــــــــتفطّرا
ولقد عجــبتُ لأهلِ بيتِ محمدٍ يجري الشقــــاءُ عليهمُ دونَ الـورى
روحي فداهــــمْ من كرامِ أئمةٍ قُتلوا وماتوا في الحبوسِ وفي العرا
فعليهمُ صلواتُ ربّي قد قضى فــــــــــــي حـكمةٍ لدمائِهمْ أن تُهدَرا
..................................................
1 ــ ترجمته وشعره في كتاب: لماذا اختار هؤلاء العظماء مذهب اهل البيت (ع)، للشيخ محمد حسن القبيسي العاملي. مؤلف كتاب (ماذا في التاريخ، في التاريخ حكم وعبر لأولي الألباب) 75 مجلداً.
ونقل الترجمة والشعر كاملين هشام آل قطيط في كتابه: المتحولون حقائق ووثائق ــ نشر على موقع المكتبة الإسلامية الشيعية
كما نقل الترجمة وبعض الأشعار السيد جواد شبر ــ أدب الطف ج 10 ص 198 ــ 200
اترك تعليق